صديقي إبراهيم ...
جميل أنت يا صديقي و قاس إلى حد الصلابة ...
إن من تستشهد به قد أوصاك قائلا: "لا تكن صلبا فتكسر أو لينا فتطوى".
أعتقد أنك تطلب المستحيل، إذ لم تكفك فلسفة "التذوق"، فانبريت تطالب صاحبك بتجاوز ما لم يرغب .... يا أخي عليك أن تشرب على القذى و إلا فالظمأ نصيبك.
"التذوق" مرشح لأن يصبح مذهبا فقد كثر مريدوه هذه الأيام. على فكرة المصطلح جميل جدا. أما ما يتعلق بدراسة نصر في هولندا، فما أعرفه من موقع الأوان، أن للرجل نصيب وافر من الدراسة الدينية و كان على وشك دخول الأزهر.
المذهب يتطلب بالضرورة نطرته الخاصة الأصيلة للشرع و تفسيره، و من يدري لربما يحررنا مذهب "التذوق" من غبار جماعة النص و الفهم الوضعي.
شكرا لعودتك فقد أنعشتني.
السيدة هالة: أعتذر إن أسأت الأدب ... و يبدو أنني أسأته حتى أستحق هجومك ... كل ما في الأمر أنني وجدت في كلامك ما أعتبره ثغرة فأشرت إليها ... أقصد موضوع المؤامرة التي أطاحت بأفغانستان ... أقصد أن الـ "الكفار" و "المجاهدون" اجتمعوا على هذه الفريسة و لم يمنعهم شيئ عن التعاون المثمر لقتلها .. أنت على ما يبدو ممن يؤمنون بأن "الهجوم خير وسيلة للدفاع" ... أنا أيتها السيدة لا أدافع و لا أهاجم فاستريحي. و إني مستعد لأن أوضح لك الأمر:

1. لست ملحدا بل مؤمن، و إيماني عميق ... لكنه إيماني الخاص الحميمي الذي أرفض أن أفرض شرائعه على أحد لأنه بذلك سيفقد جماله. في كل دين دينان، واحد من الله و الآخر اخترعته الغوغاء الشريرة (و هو دين الناس على حد قول الحلاج).
   
2. لا علاقة لعروبتي بالبعث أو غيره. أنا أسير جغرافيا و جيوبوليتيك الطوائف. عايشت حرب الطوائف في لبنان و عرفت كيف يصبح الجار ويلا على جاره بسبب دين الناس. لا أريد أن يسيل الدم بيني و بين جاري و لذلك أقدم ما يجمعني به على مايفرقنا ... من هنا جاءت عروبتي التي ولدها التوق للشعور بالأمان الإنساني البسيط. هذا المبدأ كلف أحدهم حياته التي انتهت على مشنقة عثمانية فهو يستحق الحياة (رفيق رزق سلوم 6 مايو 1916)