هذه قصة حقيقية و لأن نهايتها ليست سعيدة فسوف اعتذر مقدما .
قريبي هذا كان شابا مدللآ ، فهو الإبن الوحيد لسيدة ثرية من قريتنا ، تزوجت تاجرا أكثر ثراء ، فانتقلت ثروة كلاهما لرأفت ( اسم مستعار ) ، هبط رأفت بتلك الثروة على الأسكندرية ليصبح أقدم طالب في كلية الزراعة ، فرغبة منه في العلم و الإستزادة منه ، كان يمضى في السنة الدراسية 3 أعوام كاملة ، خلال تلك المرحلة الطويلة أصبح رأفت ليس فقط مدمنا لأفلام الميلودراما ، بل بطلآ حقيقا لها ، حيث كان الصدر الحنون لكل فتيات الليل بالثغر الجميل ، و لأنه عاطفي فكان ضحية لكل قصصهن المختلقة ، فهذه تصرف على أخيها في التعليم ،و الأخرى على أمها المريضة التي تحتاج عملية و .... ، و لم يكن رأفت بالذي يترك الجنس البشري لكل هذا العذاب ، عقب كل دراما كان رأفت ينطلق بأسرع مواصلة إلى البلد ،وهناك يبيع فدانا من أرضه الزراعية الخصبة كي ينقذ تلك الفتاة أو الأخرى . في هذه الحالات تجتمع الأسرة ، وهذه المرة قررت أن يتزوج رأفت فورا ، و اختاروا له زيزي بنت خاله ،و هي أقبح فتاة يمكن أن يشاهدها إنسان في الكابوس ، فما بالك برأفت العاطفي .
في البداية حاول رأفت اقناع العائلة أن حالته ليس ميؤوسا منها إلى حد الزواج ،و لكن قرار العائلة كان نهائيا .. رأفت لازم يتجوز زيزي . و لأن رأفت توقف عن زيارة خاله ، بل و كل أقربائه ، قررت العائلة الإسراع بالزواج ووضع رأفت المسكين أمام الأمر الواقع ،و تحدد اليوم بالفعل .
مر الوقت بطيئا و لم يحضر رأفت في الموعد ، توجه ثلاثة من شباب العائلة بقيادة سيد البطش فتوة البلد كلها لإحضاره حيا بالطبع . طرقوا الباب ففوجئوا بفتاة تفتح لهم ، أزاحها البطش و اقتحم الشقة مناديا رأفت ، الذي ظهر لهم سكران طينة و منكوش الشعر و لحيته متدلية كالتيس . لم تفلح محاولات رأفت الذي وجد نفسه عريانا تحت دش الماء المثلج ، و قاده الشباب بعد ذلك إلى الحلاق الذي اعده ليومه الموعود ،و أخيرا صحبه الشباب في سيارة تاركسي مخفورا إلى العروس الذي تنتظره كالقضاء ، يبدوا أن رأفت لم يكن غبيا كما تدل نتائجه الدراسية . فلم يكد الركب يتحرك قليلآ حتى أخبرهم أنه لا يحمل بطاقته الشخصية ( الهوية ) ، و بالتالي لن يمكن كتب الكتاب ، و هكذا غارد الركب التاكسي عائدين لإحضار البطاقة ، محيطين رأفت إحاطة الأيام السودا بابن الحلال ، و هنا أدرك رأفت أنه أمام الفرصة الأخيرة ، فسرعان ما أطلق ساقيه للرياح ، بينما سيد و صحبته يتعثرون خلفه في جلاليبهم الريفية .
في النهاية اختفى رأفت تماما ،ولم يعد أحد من العائلة يذكره سوى مصحوبا بلقب ابن الكلب أو الخسيس ، كان القدر رحيما بزيزي كعادته مع الدميمات فتزوجت أزهريا يعمل في ليبيا و أنجبت مجموعة من القردة و الخنازير . بعد سنوات طويلة بينما كنت على مقهى البوريفاج القديم ، و جدت أمامي رأفت بشحمه و لحمه ، كان قد فقد كل اناقته القديمة ، و بعد التحيات و القبلات المعهودة ، سحبني من يدي بتردد ليقدمني لسيدة عجوز ضخمة تشبه معلمات حلقة السمك قائلآ .. المدام !