جريدة الجرائد / مقالات اليوم
لمن القرار في الشرق الأوسط؟
الخليج الإماراتية
GMT 1:03:00 2010 السبت 27 مارس
عبد العزيز المقالح
منذ أيام قال نتنياهو في حالة غير مسبوقة من التبجح والانتفاخ، إن قرار الشرق الأوسط في يده وحده، تساءل كثيرون وصمت كثيرون، وكان أهم الأسئلة وجوهرها هو: من أعطاه حق امتلاك القرار في منطقة واسعة تشمل الوطن العربي بأقطاره التي تربو على العشرين قطراً، وتشمل شعوباً أخرى مستقلة من حقها في أن تملك قرارها ولا تفرط بشأن من شؤونها الصغيرة والكبيرة؟ أما أولئك الذين يفكرون بعقولهم فهم يحرصون على أن يردوا على السؤال ويقولوا إن الشلل العربي والصراعات المثيرة للسخرية بين الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي هي من أعطى هذا المتبجح المغرور حق الادعاء بأن قرار الشرق الأوسط في يده وأن قضايا المنطقة موكلة إليه، ومن حقه أن يصدر فيها القرار الذي يناسبه ويتماشى مع غروره حرباً أو سلماً أو لا حرب ولا سلم .
وإذا كان العرب منذ خمسين عاماً يدورون في حلقة مفرغة من الخصومات والتخبط في الآراء والمواقف والمبادرات التي لا ترقى إلى الحد الأدنى من مطالب الشعب الأسير في فلسطين الأسيرة،
فإن من حق أي غاصب استيطاني في المنطقة المسماة بالشرق الأوسط أن يبالغ في دوره وأن يذكر العالم بحكاية الضفدع الذي انتفخ ليحاكي الفيل فانفجر وتمزقت أشلاؤه على وجه الأرض، ومن المهم أن نتذكر أيضاً أن التصريح الأخير ل “نتنياهو” ليس جديداً، فعندما كان سابقاً في رئاسة وزراء الكيان الصهيوني ألقى الكثير من التصريحات العنترية،
لكنه في هذا التصريح الأخير وصل إلى درجة غير مسبوقة ليس في تحدي الأمة العربية وأنظمتها وشعبها فحسب، وإنما في تحدي شعوب المنطقة من غير العرب وفي الاستهانة بصانعي كيانه وردود أفعالهم تجاه ما يمكن أن يتخذوه إزاء هذا الكيان وهم من أنشأوه وتعهدوه بالماء والهواء .
ويبدو أنه بات من الميئوس منه أن تقوم الأنظمة العربية القادمة على مؤتمر قمة في ليبيا باتخاذ أي خطوة إيجابية ولو صغيرة بشأن استعادة القرار إلى هذه الأمة، لذلك فسيبقى الأمل معلقاً بتلك الشعوب التي تنتمي إلى المنطقة جغرافياً وإسلامياً والتي لا بد أن يكون التصريح المشار إليه قد أثار غضبها وأوجد حالة من ردود الأفعال الحقيقية التي لا تقف عند التصريحات المماثلة والتهديدات الكلامية التي أكل العالم منها وشبع، كما أن شيئاً من الأمل يظل معلقاً كذلك بالدول الكبرى التي من المؤكد أن مثل ذلك التصريح يؤذيها ويجعلها تدرك أن الضفدع الذي أنشأته ونفخت فيه قد بدأ يخرج عن الطوق ويسعى إلى جرها إلى حروب جديدة وهي لم تخلص بعد من الحروب التي خاضتها وتخوضها دفاعاً عنه في العراق وأفغانستان وباكستان ومناطق أخرى .
ونعود لكي نتساءل: ماذا بقي لنا نحن العرب في وطننا الكبير؟ وماذا في مقدورنا أن نصنع تجاه الإملاءات الخارجية، وتجاه هذا العدو المتغطرس الذي يواصل بهمة بالغة ونشاط أبلغ حرب الإبادة وطمس المعالم، وتحدي مشاعر كل مسلم على وجه الأرض؟ والإجابة عن هذا التساؤل تكاد تكون سوسة على شفاه كل عربي: إن في مقدورنا أن نصنع الكثير والكثير وأن نغيّر وجه الكرة الأرضية لو أحسن الحكام العرب إدراك معنى التصريح، ونجحوا في توحيد رؤيتهم الإيجابية تجاه العدو الصهيوني ومن يقف لمساندته على حسابهم وحساب كرامتهم وكرامة أمتهم .