(04-14-2010, 02:38 AM)قطقط كتب: أصل الموضوع أن السلطان بعد الغزو والفتح والغنم يعيش فاضى بدون عمل لأن الشعب المفتوح يعمل ، والفاتحين قاعدين منتظرين معركة مع بعضهم أو مع غزاة آخرين وليس لهم دخل بالحياة المدنية
وأولاد المدارس هم أولاد السلطان فبعد دراسة الحروب والفتوحات وتقديس الغزو والغزاة يحق لهم المشاركة فى الغنائم دون ممارسة العمل الحقيقى
جمال عبد الناصر تظاهر أن الجيش أقدر على إدارة المؤسسات المدنية الإنتاجية فإستولى على هذه المؤسسات من أصحابها وأعطاها للظباط لإدارتها ، فتدهورت أحوال المؤسسات والإقتصاد كله لأن إدارة الإقتصاد كان هدفها الجهاد والمجالات الإجتماعية والسياسية دون إعطاء إهتمام للوضع الإقتصادى فالمهم تقديم وظائف صورية لأولاد المدارس حتى يقدسوا الثورة ويؤيدوها
جمال عبد الناصر لم يكسب جنيهاً واحداً من الحياة المدنية ، وبالتالى فهو غير مؤهل لإدارة الحياة المدنية الإنتاجية التى لايعرف عنها شىء ، فهو يستطيع أن يعلمنا الحرب لأنه رجل حربى ولكنه لايستطيع تعليمنا الإنتاج لأنه لم يمارسه ولايعرف عنه شىء
فترة امتداد الدولة الإسلامية لمصر لم تكن سيئة بحق مصر ولا المصريين. فلقد أصبحت بعدها القاهرة مركزاً رئيسياً من مراكز الخلافة ومحل حط وترحال وتجارة وتفاعل ثقافي وحضاري مع محيط حضاري أكبر وأوسع وأعمق وأشمل من محيطها أيام الفراعنة وأيام اليونان والرومان.
بعد ثلاثة قرون من هيمنة الدولة العربية الإسلامية على مصر إستطاعت هذه أن تؤسس حكماً ذاتياً أعقبه استقلال (فاطمي) وتحكم بمصير المنطقة لمدة خمسة قرون.
القاهرة الفاطمية والأيوبية والإخشيدية وحتى "المماليكية" كانت وقتها أكثر حضارة ورقياً من أوروبا. بمعنى أن الألف سنة الأولى لهيمنة الدولة العربية الإسلامية على مصر، كانت فيها مصر من أكثر دول العالم تحضراً وعزاً وجاهاً وثروة (بمعايير ذلك الوقت).
كبت "مصر" مع آخر أيام المماليك وتحت حكم "بين عثمان" حتى عصر "محمد علي" الذي أعاد إليها وهجها من جديد فأصبحت تناحر السلطنة العثمانية نفسها. وحتى بعد أن دمر الأسطول المصري في "نافارينو" ولم يستطع "محمد علي" أن يحقق حلمه الكبير، فإن مصر بقيت مصدراً للإشعاع الفكري والحضاري في محيطها حتى آخر عهد "عبدالناصر" وجزءاً من عهد "ابن ست البرين".
عبدالناصر، وأي حاكم آخر، ليس بحاجة أن يكون "خبيراً اقتصادياً عسكرياً اجتماعياً سياسياً تنموياً ... إلخ"، إذ يكفي من أجل عمران البلد أن "يستشير الحاكم" أهل الرأي من المتخصصين والمختصين وينفذ ما يجمعون عليه.
تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إتاحة الفرصة لابن الفلاح وابن البيه أن يتعلم وإعادة توزيع الأراضي في بلد تملك فيه أقلية قليلة رقاب نصف شعب مصر ونصف أراضيها ليس بحاجة لكثير من الفذلكات الفلسفية، ولكنه بحاجة لمن يقوم ويستشير ويضع الخطط ويحقق ما كانت البلد بحاجة إليه، وهذا ما فعله عبدالناصر.
طرد المستعمر وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي ليس بحاجة لرجال أعمال ولا لديمقراطية حتى، ولكنه مطلب وطني واقتصادي حيوي كان على النظام المصري أن يحققه، ولم يحققه هذا إلا في عهد عبدالناصر، فنظام الباشوات كان "مأزوماً" في البدء والنصف والخاتمة. أما الديكتاتورية التي يأخذها البعض على عبدالناصر اليوم فهي لم تكن جديدة. فمصر، منذ الفراعنة يحكمها "فرعون"، وبعض الحراك السياسي الذي حققته ثورة 19 لم يكن إلا "ضراط على بلاط" لم يخدم المطالب الوطنية المصرية كثيراً من ناحية، وتبين مع حادثة 4 فبراير ومحاصرة عابدين إنه ليس إلا "إرخاء اللجام" قليلاً للوطنية المصرية كي تتفجر ثورة على الاستعمار.
أخيراً، عبدالناصر ابن "وقته وعصره" ومحاكمته على أساس "الحريات والديمقراطية" هي "مهزلة فكرية وتاريخية"، فالنظم الحاكمة في ذلك الوقت كانت تتجه بمعظمها إلى النهج "الاشتراكي" الديكتاتوري وتنظر إلى "الديمقراطية" "كاستلاب بورجوازي" محكوم عليه بالموت. ولا جناح على عبدالناصر أو غير عبدالناصر عندما يعيش عصره ويفكر من خلال فلسفات عصره.
بالنسبة للنظر "القصيرة المدى" التي تحدث عنها زميلنا "مواطن مصري" فعندي أن "عبدالناصر" كان من خلال "القومية العربية" ذو نظرة طويلة المدى ومرعبة للعالم أجمع. فقفز الحاكم المصري على عربة القومية العربية هيأ لمصر دوراً فاعلاً لم تعرفه في تاريخها جميعه. فاللمرة الأولى كانت القاهرة تقبض على دفة القيادة بين العراق والمغرب دون منازع. وبالمناسبة، لو لم يكن "لعبدالناصر" إلا إنجاز فتح مصر على الدول العربية وتسيّدها فيها، فهذا يكفي وحده كي يضع عبدالناصر كأهم حاكم عرفته مصر في تاريخها أجمع؛ منذ "مينا" موحد القطرين حتى "اللافاش كيري" حسني مبارك. فالمشكلة لم تكن في فتح مصر على العرب ولكن في "خيانة السادات" وإعادة مصر إلى خانة التقوقع على نفسها، المشكلة هي في "الثورة المضادة" حتى اليوم.
واسلموا لي
العلماني