(05-16-2010, 03:55 PM)ابن نجد كتب:  الزميل الاستاذ بهجت هل تراجعت عن رأيك حول استحالة الحوار بين الإطارات ؟
هل تجد ان الحوار بين الاطارات ممكن الآن ؟

الأخ الكريم ابن نجد .
هذا يتوقف على المقصود بالحوار ، لو كان الحوار هو إمكانية إجراء نقاش حول أمور عملية ، فهو ممكن طالما حسنت النوايا و توخينا أقصى درجات الموضوعية ، و لكن علينا ألا نذهب بسقف توقعاتنا عاليا ، الحوار الجاد بهدف الوصول إلى قناعات مشتركة حول قضايا محورية أو تأسيسية مستحيل تماما ، يمكنك أن تتأكد من هذه الحقيقة عندما تتابع هذا الشريط أو الحوار حول موضوع النقاب بين الأخوة هولي مان و علي نور الله ، أو أي حوار جاد مشابه . لدينا بالفعل مجموعة منتقاة من الزملاء المحترمين من مختلف المدارس الثقافية الأصولية ، و كم سعينا جميعا للحوار بمنتهى التجرد و حسن النية ،و لكن بدون نجاح يذكر . لا أريد أن أعيد طرح قضية الإطار مرة أخرى فهي معروفة لكثيرين ، و لكني أريد أن أقول أننا – كعلمانيين أو حداثيين – ننتمي لإطار واسع للغاية يشمل كل المجتمع الإنساني المعاصر تقريبا ، أما الأصوليين أو الإسلاميين فينتمون لأطر منغلقة و منعزلة ، هم يشكلون أغلبية و لكن في مجتمعات منعزلة مهمشة ، فالأصوليون أو الإسلاميون – حتى لا يغضب أحد - السنة الذين يمكن أن يطلق عليهم هذه التسمية ، يوجدون في بؤر ضمن أشد مجتمعات المحيط تخلفا ، و في منطقة الشرق الأوسط بالأساس ، ثم ضمن أقليات صغيرة متناثرة في العالم . الإسلاميون الشيعة أكثر تماسكا ،و لكنهم أيضا يوجدون في مجتمعات هامشية في منطقة بعينها . لا توجد مجتمعات أصولية ضمن دول المركز المتقدم ، ولا حتى ضمن دول شبه المحيط ربما باستثناء إيران . وجود مجتمعات أصولية متقدمة لا يمكن أن يحدث لأنه ضد المنطق ، فالأصولية ضد التقدم بالتعريف ، لأن الإنسان لا يمكن أن يتقدم بالعيش في الماضي و به .
يمكن للعلماني أن يتفاهم - يتفق أو يختلف - مع أي إنسان في العالم المعاصر ،و لكن من المستحيل أن يتفاهم مع الأصولي حتى لو كان أخاه التوأم .
يبقى هناك شريحة كبيرة تقع في منطقة وسطى بين الإنسان الديني homo religiosusو الإنسان الإجتماعي (العلماني) homo sociologicus، هذه الشريحة قابلة للفهم و لو النسبي لقيم الحضارة المعاصرة و أدواتها ، و هذه الشريحة هي المستهدفة بعملية التنوير بشكل أساسي .