باريس تؤكد دعمها للمحكمة الدولية وتشدد على استقلاليتها ومهمتها
السبـت 12 شعبـان 1431 هـ 24 يوليو 2010 العدد 11561
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: أخبــــــار
باريس: «الشرق الأوسط»
أعربت باريس أمس عن دعمها وتمسكها بالمحكمة الدولية، وحرصها على أن تقوم بعملها في محاكمة الضالعين في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ورفاقه. وقالت الخارجية الفرنسية، أمس، إن باريس «متمسكة بالعدالة الدولية»، ليس فقط من خلال المحكمة الخاصة بلبنان، بل في كل بلدان العالم، حيث ظهرت الحاجة للجوء إلى العدالة الدولية. وشدد برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية، على أن بلاده تريد أن تلقي المحكمة «كامل الضوء» على عملية اغتيال الحريري، وعلى وقوف فرنسا إلى جانب اللبنانيين في «رفضهم الإفلات من العقاب» للضالعين في عملية الاغتيال. ومن جانب آخر، ركزت الخارجية الفرنسية على «دعمها» للمحكمة وللمهمة التي تقوم بها، خصوصا تمسكها بأن تعمل «بكل استقلالية وصفاء»، بعيدا عن الضغوط بكل أنواعها، وبعيدا عن السعي للتأثير على عملها. واعتبر فاليرو أن المحكمة بحاجة إلى هذه الاستقلالية، نافيا أن تكون باريس على اطلاع على أجندة المحكمة أو على مضمون المطالعة الاتهامية التي ينتظر أن يقدمها مدعي عام المحكمة دانيال برنار «قبل نهاية العام الحالي» وفق تصريحات رئيس المحكمة القاضي الإيطالي كاسيزي.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=579481&issueno=11561
ظهر السيد حسن نصر الله، بصراحة يشكر عليها، عندما طالب، في خطابه أول من أمس، خصومه من قوى «14 آذار» بوقف الاتهام المنتظر من المحكمة الجنائية الدولية ضد أفراد في حزبه وإلا...! اشتكى من أن حزب الله وحده هو الملاحق، لا سورية أو الضباط الأربعة، موحيا باستخدام القوة مرة ثانية ضدهم!
زعيم حزب الله يهدد بأنه سيأخذ كل لبنان، لا تيار «14 آذار»، إلى الهاوية ما لم يوقف الاتهام الظني الآتي ضد بضعة أفراد من حزبه، حتى من دون أن يمنح فرصة للمحكمة أن تقدم أدلتها ضدهم.
فما الذي يستطيع قادة «14 آذار» أن يفعلوه لإرضائه؟ هل يمكن أن يفعل المعني الأول، أي سعد الحريري، أكثر مما أعلنه بأنه مستعد للتنازل عن دم أبيه من أجل مصلحة لبنان واستقراره؟
لا ندري كيف ستوقف التهم. فالمحكمة، وإن كانت تستند إلى القوانين اللبنانية، أصبحت دولية. أيضا، صارت حقيقة في هولندا بمبنى وقضاة وسكرتارية، صارت في رعاية مجلس الأمن، وتحت حماية الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة لتنفيذ قراراتها. السيد حسن يريد من الحريري أن يطلب من القوى الإقليمية أن تطلب من القوى الكبرى أن توقف المحكمة، فكيف يمكنها ذلك والمحكمة افتتحت جلساتها في مارس (آذار) من العام الماضي؟ كيف يمكن تجميدها وهناك ميزانية لثلاث سنوات بقي فيها نصفها؟
وهي ليست محاكمة قتلة الحريري، بل قتلة يمثلون معظم اللبنانيين، ومن الخطأ اختزال القضية فقط في اغتيال الحريري، رئيس الوزراء الأسبق والشخصية السياسة المحورية،
بل هي محاكمة لأكبر عمليات اغتيال في التاريخ الحديث وفي العالم كله، لا لبنان وحده. لقد قُتل اثنان وعشرون شخصية أخرى فاعلة في الساحة اللبنانية في غضون 14 شهرا، واحدا بعد الآخر. قُتل حزبيون ونواب وإعلاميون ومفكرون وقيادات عسكرية، جميعهم يشتركون في انتمائهم إلى «14 آذار».
طبعا من حق حزب الله أن يشعر بالخوف والحنق. الخوف لأن محاكم دولية جلبت في النهاية أنظمة وحكومات لمواجهة قضاتها وسجونها. والحنق لأن المتهمين الآخرين تم استبعادهم من قائمة المتهمين، تحديدا سورية والجنرالات الأربعة.
المشكلة أن زعيم حزب الله، الذي دعا إلى طي الصفحة وبدء تاريخ جديد مع خصومه ويريد منهم أن ينقذوا رجاله المتهمين المحتملين، في الوقت نفسه يهددهم بسلاحه منذرا بتكرار احتلال بيروت الغربية. ليس هذا فقط،
بل طلب من اليتامى والأرامل صراحة أن يعلنوا توبتهم، ويذيعوا ندمهم! يريدهم أن يسامحوا، ويبرئوا رجاله، ويقبلوا يديه امتنانا. رائع جدا، فهذه ليست لغة المنطق أو المصالحة، بل لغة الممسك بالمسدس يملي على العزّل ما يريد.
لا ضرورة للدخول في جدل السنوات الخمس العنيفة لأنها راسخة في أذهان كثير من أهل المنطقة، وفتحت عيون الغالبية التي كانت لزمن طويل تصدق شعارات مواجهة العدو، مجرد خزعبلات افتضحتها الأحداث الماضية. ومهما ظن البعض في فريق حسن نصر الله أنه قادر على تخويف الأغلبية اللبنانية بسلاح الحزب وميليشياته، التي تزداد عددا وقوة، فإن الجميع جرب كيف أن استخدام القوة سلاح ذو حدين يرتد دائما على صاحبه.
الأحرى بالسيد أن يجعلها دعوة للمصالحة بمشروع جديد يضع فيه سلاحه وميليشياته تحت سلطة الدولة، حتى يأمن الناس على أنفسهم، لكن خطابه الأخير سيزيد من الشك والتخندق.
alrashed@asharqalawsat.com
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=579507&issueno=11561