صديقي العزيزي الحكيم الرائي
للأسف فإني بدأت أقتنع أن ما يكتبه بعض الإخوة هنا لا يهدف لأي أبحاث فكرية جادة في الدين بقدر تفريغ أحقاد بائتة و دفع فواتير مرّ عليها عدة قرون .

نحن حين نكتب ، نكتب لأننا نعتقد ، و أصرّ على "نعتقد" أننا نساعد في تأسيس فكر علماني لاديني يقود لمجتمعات مدنية كمجتمعات العالم الأول ، و عندها من يؤمن فليؤمن و من يكفر فليكفر ، و كلٌ يمارس معتقداته كما يشاء .

ليس هذا الطريق الوحيد لهذا الهدف ، لكنه إحدى الطرق ، و لماذا أركّز أنا شخصياً على الإسلام ؟؟
فقط لأنني أعيش في بلاد المسلمين ، و مكتوب في هويتي أن ديانتي الإسلام .

و حتى يكون لأي فكرة تأثيرها على المجتمع و الزمن و التاريخ ، لا بد أن يكون لها قاعدةً عريضة ، و القاعدة لا تجمعها إلا فكرة .

ربما نحن صوتنا ضعيف ، لكن بجانب صوت غيرنا ، يكون هناك بعض الطنين ، و الذي قد يغري أحدهم بالاتفات إليه على الأقل ، و اختبار هل حقاً هؤلاء الكفار الملاحدة عندهم شيء يقولونه ؟؟؟؟

أنا أرحب بأي نقد للأديان و حتى الفكر الميتافيزيقي بمجمله ، لأني أؤمن بأن الإنسان يعيش في عالمه لا عالم السماء ، و أن مشاكله يجدر به حلها لا السماء .

لكني أمقت من يسعى لبث روح الكراهية بين أبناء الوطن الواحد ، نحن نسعى لعلمنة المجتمع حتى يتحد الناس برابطة المواطنة ، و بعضهم يذكي روح التفرقة و الطائفية .

نعم بئس من يوقظها ، كما قال محمد ذات يوم .

نحن لا نكره محمد و لا نكره الإسلام ، أنا شخصياً أحترم أشياء كثيرة قالها محمد مثل أشياء كثيرة قالها المسيح ، أحترمهم كأناس غيّروا في ثقافة مجتمعاتهم ، لكني أختلف معهم في أمور عديدة ، و هنا تكمن المشكلة ، في مسمى هذا الفكر ، الإطار الذي يسمى "ديناً" ، فإما أن تأخذه بعجره و بجره و إما فأنت كافر ملحد مذموم .

بالإضافة لما يتبع هذا من شعور بالتحقير و الازدراء و السخرية أحياناً لأنك شيء خارج النص .

قرأت ذات يوم لمحمد في البخاري "إذا شرب أحدكم من إناءٍ فلا يتنفس فيه "
صدقوني أعجبني هذا الكلام لما فيه من علوّ سلوكي ، و قد كنت أجمع بضعة أحاديث تحت عنوان "تأديب محمد لرجاله" و كلها أفكار جميلة لا يختلف عليها الكثيرون .

لكني كما قلت لكم لا أؤمن بمحمد كنبي مُرسَل من عند الله ، و هنا تخرج المشكلة و نظرات الشزر و التوعّد و أقلها الازدراء و السخرية ممن يسمع بشيء مما تتفوّه به .

لا أدعي أننا نحن اللادينيين ملائكة في الحوار ، كلنا بشر يمكن أن نخطئ أكثر مما نصيب ، يمكن أن تأخذنا العزة بالإثم و ننتصر لأقوالنا في الوقت الذي تكون فيها واهية ، لا نخجل من هذا الاعتراف ، لكننا لا نحمل نوايا كريهة في داخلنا ، و نكتب حين نكتب لأهداف - نعتقد - أنها سامية .

أنا أعيش بين مسلمين ، أهلي و أصدقائي و مرضاي ، و أتعامل معهم بكل إنسانية ، لا أكرههم لأنهم وجدوا أنفسهم هكذا ، لكني أحاول من خلال هذا النادي و غيره أن أجعلهم لا يكرهوني أيضاً ، أن يفهموني و يفهموا عقليتي .

تحياتي للجميع