بالنسبة للمداخلة الثانية :
هناك عدة نقاط ...
1- تقول ان المسألة ليست صراعا دينيا بل ثقافيا .. بين الحضارة المصرية و الجهل أو التخلف البدوي ..
2- تقول أنه ليس المسيحيين فقط من يقولون بأن العرب كانوا غزاة محتلين و تستشهد بكتاب أجلاء على ذلك.

بالنسبة لـ (1)
أنا أظن فعلا أنه صراع ديني .. صراع أيدلوجيات و ليس صراعا ثقافيا لأنني أظن أن المسيحيين المصريين لا فارق في طبيعتهم و حياتهم عن المسلمين إلا بطريقة محدودة جدا ..
المسيحيين المصريين لا يمثلون الحضارة المصرية في مقابل المسلمون الذي يمثلون المحتل الغاصب لو كان هذا ما تقصده من كلامك ...
لان الفكر الرجعي البدوي العربجي قد إستوطن عقول المصريين .. كل المصريين على سواء في وحدة وطنية حقيقية و ليست مثل هجس التليفزيون.
و تستطيع أن تشاهد البابا شنودة و هو يستعدي السلطة على "شهود يهوة" بحجة انهم يمثلون تهديدا للنظام.
و كنت تستطيع أن تشاهد البابا شنودة (منذ فترة ليست بالطويلة) يحكي عن أنه منع الأقباط من زيارة القدس تضامنا مع الفلسطينيين و من أجل مناصرة القضية (و ليس من أجل دير السلطان المغتصب) ..
بل أنني قرأت له كلام و تعليقات قيل في أول فترة السادات يحكي فيها عن عروبة مصر ..

كطبيعة شعب و الثقافة السائدة المسيحيين لا يفترقون عن المسلمين ...
المسألة فقط هو إختلاف عقيدي و أيدلوجي لا أكثر ولا أقل هو ما يجعل المسيحيين يتحدثون عن مصر ..
المسلمين يتكلمون كثيرا عن القدس و إسرائيل و فلسطين و الغزو الأمريكي و الإسلام و تطبيق الشريعة و أشياء كثيرة جدا لا تهم المسيحيين في كثير أو قليل ..
الفكرة أن المسيحيين الآن يجترون الماضي بسبب عزل المجتمع لهم حقوقيا و ثقافيا (الثقافة المسيحية و ليس المصرية) و يتكلمون عن مصر لأن عقيدتهم فقط ليست معنية بالكعبة أو القدس و ليس لانهم أكثر وطنية أو وعيا.

و لو كان المسيحيون في مصر أكثر تحضرا أو وعيا بأي وجه من الوجوه لكانوا تمردوا و ثاروا منذ عقود طويلة.
لن أقول منذ محاولة السادات لأسلمة المجتمع أو منذ جور نظام عبد الناصر على الأثرياء و السياسيين الأقباط ..
لو كان المسيحيين المصريين لديهم وطنية أو حس مصري أقوى لكانوا حتى ثاروا من أجل حريتهم في بناء كنائسهم أو ممارسة عقيدتهم و ليس لأن هناك فتيات قررن الإسلام لسبب أو لآخر.

الخلاف عقيدي بين أصحاب عقيدتين و ليس بين التحضر و الرجعية مثلا .. لأن المسيحيين في مصر ليسوا أفضل بأي حال من المسلمين كطبع و نوعية بشر حتى لو كانت عقيدتهم افضل او أكثر إنسانية بأي وجه من الوجوه.
و طبعا كلامي هذا لا ينكر أن للمسيحيين حق مهضوم و أن الجور و الظلم الذان يتعرضان لهم موجود و أمر واقع.
أما بالنسبة لـ (2)
فانا لم انكر ان هناك الكثير من المستنيرين المسلمين الذين يتكلمون عن الغزو العربي العسكري و الثقافي الذي مسخ مصر و جعلها ولاية عربجية بقيم بدوية همجية ..
فهناك أيضا سناء المصري و كتابها "هوامش على الفتح العربي لمصر" و هناك حفيد لطفي السيد الدكتور "أحمد لطفي السيد" الذي يسعى الآن من أجل إنشاء حزب مصر الأم القومي المناهض للعروبة و القومية و الداعي للعلمانية ( و كلها مبادئ جميلة و عظيمة و انا أنتظر قيام الحزب لانخرط فيه فورا ) ..
هناك حتى د. سيد القمني الذي يعتبر نفسه صديق لحزب "مصر الأم" على حد تعبيره ..

و لكن على العموم معظم المثقفين المسلمين الآن ليسوا كذلك بل أن معظم المسلمين المصريين بشكل عام لا يعتبرون الغزو العربي إلا فتحا مباركا و بداية لعهد مجيد و ليس أيا من الأمثلة التي ذكرتها إلا النماذج التي شذت عن القاعدة و عن الجوقة الرئيسية المسبحة بإسم العرب و العروبة.

و لك سلامي