العزيز خالد (f)

تحياتي

كلامك الاول جميل جدا ولا غبار عليه اجمالا، ولكنه يتخذ ببعض وجوهه شكل المقاربة والقياس لمفهوم الدولة ككل.. مع اسقاطه اجمالا على اميركا .. بهذا فلا ارى من باٍ ان افرق مجددا بين اميركا كجهاز دولة، وبين اميركا التي اعني.. والتي عبرت عنها بالتجسيد لماهية الحرب ..

لنبدأ ايها العزيز بما كان اولا .. اي بالبدء .. اميركا بدئيتها تمثلت اساسا بالاقصاء والحرب - على ما ذكرت في مداخلة سابقة- وكانت الروح الاوروبية تنظر الى اميركا الوليد نظرة حبور .. اذ شكلت اميركا لاوروبا حينها التجسيد العملي للانفلاش الاوروبي .. وبداية الطريق لاوربة العالم .. ولا تتعجب يا صديقي ان قلت لك ان فلاسفة كبار من امثال هيغل نفسه قد نظر الى ولادة اميركا على اعتبارها - بما معناها - نتيجة طبيعية لحالة تماس الانسان الاوروبي بالساكن الاصلي، او بمعنى اخر .. انه رأى قعل الاقصاء الذي اصاب ملايين من الهنود الحمر وترجم قتلا وتشريدا بحقهم يراه هيغل ببساطة شديدة .. احداث روحية تاريخية .. مشرعنا بذلك عملية الابادة هذه .. كما ومشرعنا حق الوصاية للاميركي الذي يراه استمرار وامتداد للانسان الاوروبي "المتفوق" عنصرا .. الشاهد .. ان اوروبا صفقت كثيرا لولادة اميركا .. فتشكلت اميركا على ما تعلم من بدئها بالاقصاء .. كانت لصيقة للاقصاء .. مؤسسة بالاقصاء .. متبلورة اساسا بالاقصاء .. وطبعا بحالة من الرضا العام من قبل رافدها الاوروبي .. فهي كانت حينها التشكيل المتحقق للحلم .. ثم وبعد هذا حالة البدئية الاقصائية هذه تمحورت في ذات الوليد ليعق مصدره .. فتحول الحلم باوربة العالم .. الى خوف رهيب مضمر من الامركة التي مثلتها الدولة الوليدة بازاء وطنها .. ولكن السؤال الذي يطرح ... هل من فرادة في ذات اميركا يفرقها عن غيرها من الدول .. ام لا فرادة مطلقا؟؟؟ الجواب ببساطة .. انه لو نظرنا مجددا الى الاقصائية الاميركية بحق الهنود .. هل كانت فعلا وواقعا كما هي هي .. يعني هل اقتصرت على كونها اقصاء للهنود ام كانت شيئا اخر ؟؟ اقول .. كانت اضافة الى هذا شيئا اخر .. ومختلف كليا عن ظواهر الاقصاء والحرب والقتل التي مرت بالتاريخ .. فمن جهة اولى ان نظرنا الى كافة الدول والامبراطوريات التي اجرت فتوحات واقصت اناس عن بلادهم .. هل كانت كاميركا؟؟ الجواب ايضا لا .. لماذا؟؟ لاسباب عديدة ببساطة .. منها ، ان هذه الدول حينما قامت بفتوحاتها الخاصة كانت بأوج ذروتها الحضارية اجمالا .. او على الاقل على شفير انفجار قدراتها العامة الكامنة .. وهذا بالطبع لم يكن عند اميركا .. فاميركا ولدت مسخا .. مسخا يفتح البلدان بدون اي مخزون حضاري سابق .. لا بل وبدون قدرات كامنة تاريخية حضارية على شفير الانفجار .. ثم وان قست تاريخيا حالة الاقصاء التي جرت على يد اميركا بمقابل السكان الاصليين .. بما جرى على يد غيرها في فتح الامم .. لن تجد امة كان لها هذا المستوى من الاقصاء .. الا في العهود الضاربة جدا في القدم .. ربما في حقبة ما قبل التدوين .. بهذا ايها العزيز .. ففرادة اميركا الاولى هي في بدئية الاقصاء .. ثم ارتدت هذه البدئية لها نفسها .. اذ زوعت بذاتها اقصاء حتى للوطن .. فوطنها الاساس هو اوروبا .. واذا ارتبطت بوطن ما فهي اذن تابعة .. وهي ترنو ببساطة الى الاستقلالية .. وعليه كان اهلاكها للهنود واقصائها لهم .. بذرة اولى لاقصاء حتى العنصر الاوروبي الزارع لها والمؤسس لها .. قال في ما سبق العزيز نيوترال انها اقرب الى الشركة .. صحيح انه كلام سليم .. فالشركة لا وطن لها ..الا مصالحها .. بهذا فقياسها الذي تفضلت به على بقية الدول قد لا يكون بمحله .. اما موضوع نهضة اميركا - ان صح تعبيرا- فهو لم ينم وفقا للشروط الطبيعية للنماء .. بل كان اصلا مسخا .. تحول بمرور الزمان الى وحش بلا مكان .. اذ ان عداء اميركا اليوم قد تجاوز المكان ..

ربما يكون في الكلام بقية ... ولكن اؤجله ان كنت ستتفضل برد ..

دمت بخير