أطراف النهار
تعمير ماكينة "فتح".. أو تغييرها؟
حسن البطل
ما الفارق بين ماكينة "فتح" وماكينة "حماس"؟ ميكانيكياً، قد نقول ان محرك "فتح" يحتاج عملية خراطة (اعادة تعمير شاملة)، وهو ما باشرته الحركة في الدورة الـ 25 للمجلس الثوري، المنعقد في غزة.
استوقفني، من بين لجان الدورة الخمس، تكليف وزير الخارجية، الشاب ناصر القدوة، بإعادة "خراطة" برنامج سياسي للحركة، ليكون في وضوح البرنامج السياسي لـ "حماس".. ولتكون الاختلافات بين الحركتين والبرنامجين السياسيين واضحة.
الوضوح السياسي ضرورة لبقية اللجان الأربع الحركية، وبخاصة للجنة مكتب التعبئة والتنظيم، الذي تعرض، مؤخراً، لنوع من التمرد الشبابي. قد تقولون ان هذه من صور ديمقراطية "فتح"، او تقولون: بل هذه عينة اخرى من انفلاشية "فتح".
لا اعرف، بالضبط، كنه التشكيل الهرمي لجهاز التعبئة والتنظيم لدى حركة "حماس"، لكنه صار الأكثر مهارة من نظيره الفتحاوي. لماذا؟ لأنه الأكثر براعة في الاعتماد على "الدعوة".. شكلاً ومضموناً.
ستجدون عنصر "الدعوة" وافراً في نشاطات "حماس" خلال الشهر الجاري.. وفي الجامع، والجامعة.. وأيام الجمع بشكل خاص. لنقارن، مثلاً، بين "مؤتمر علمي" نظمته الجامعة الاسلامية - غزة، لمناسبة "اسبوع الشهداء"، والفوضى الضاربة اطنابها في جامعة الازهر - غزة "التي اصبحت بلا رأس، ولا رئيس، او حتى مجلس طلبة".. كما قال احد اعضاء المجلس الثوري الفتحاوي، الأخ ابراهيم ابو النجا.
لمن لا يعرف، خارج فلسطين، فهاتان جامعتان متجاورتان، بينهما حائط، وان "فتح" تسود، تقريباً في جامعة الازهر و "حماس" تسود، تقريباً، في الجامعة الاسلامية. حائط يفصل بين الفوضى والنظام، بين الدعوة والتعبئة، وبين انفلاشية التنظيم.
صورة الحال في رام الله ليست بعيدة عن صورة الحال في غزة. نحن شعب واحد، ونحن تنظيم واحد أيضاً. و "حماس" بارعة في قيادة الناس من "جامع الشهداء" الذي كان "جامع جمال عبد الناصر" الى ساحة المنارة. ومن خطبة يوم الجمعة، الى خطبة الساحة في يوم الجمعة. ويوم الجمعة الماضي، كانت الساحة غاصة لمناسبة "اسبوع الشهداء"، تكريماً للشيخ ياسين وللدكتور الرنتيسي، وشهيد ثالث.
سنرى بأي تنظيم وبأي حشد سوف تحيي الفصائل اليسارية اليوم الوطني الرسمي للشهيد الفلسطيني، الذي يصادف السابع من نيسان.
شخصياً، كنت في الساحة، كما حضرت، قبل عام، تكريم شهادة الشيخ ياسين في الساحة ذاتها.
جدران الساحة، والشوارع المتفرعة، صارت نظيفة من فوضى الملصقات. لكن، تلك المنارة مجللة بثماني لافتات عملاقة، ست منها لحركة "حماس"، وواحدة لـ "الجهاد" عن قائد سجين منذ العام 1982.. وواحدة لمنظمة نسوية تنادي بالمساواة، ولكن وفق شعار حماس الشهير: "شركاء في الدم، شركاء في القرار" ليغدو "شركاء في النضال، شركاء في القرار".
صاروا يعلقون ملصقات الدعوة بشريط لاصق حتى يسهل نزعها. جيد. سأقرأ لكم موجزاً عن ملصقات شهر آذار في ساحة المنارة.
ü في 15/3/2005دعت كلية العلوم التربوية وكلية المجتمع - رام الله الى حضور مهرجان "فرسان الشهادة".
ü من 5 - 8/3/2005دعت كلية العلوم التربوية - رام الله الى "معرض الفؤاد الاسلامي - الثاني"، في توقيت يقارب افتتاح معرض فلسطين السادس للكتاب. حقاً، لم افهم ماذا يعني "الفؤاد الاسلامي". غير مهم!
ü يوم 12/3/2005,دعا شباب حزب التحرير - رام الله الى "ندوة الخلافة في ذكرى هدمها"، لمناسبة السنوية الـ 81 لنهاية الخلافة العثمانية، ومن المحاضرات واحدة بعنوان "زحف المسلمين نحو الخلافة". مكان الاحتفال في مسجد البيرة الكبير، وهو ذاته "مسجد الشهداء" الآن، وسابقاً "مسجد جمال عبد الناصر".. وفي فترة ما "مسجد حسن البنا". ليس هذا مهماً، فالمساجد لله اولاً.
üüü
يقول نبيل شعث في المجلس الثوري ان تجديد الحركة ديمقراطياً يجعل "فتح" الأهم بين الأحزاب العربية. هذا صحيح. وأما ناصر القدوة - الذي يعرف العالم احسن من معظم رفاقه - فعلى عاتقه صياغة برنامج سياسي وطني وتقدمي واجتماعي للحركة. حتى تصبح العضوية اكثر تحديداً من "الولاء"، و "الانتماء".. وبقية المفردات الفتحاوية الفضفاضة.
بعد شهر ونصف الشهر سنرى أولى النتائج، مع نتائج المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية، وهي الأكثر تسييساً. بعد اربعة أشهر ومع نتائج الانتخابات التشريعية، سنعرف هل تحتاج "فتح" محركاً جديداً؟
http://www.al-ayyam.com/znews/site/templat...&Date=3/29/2005