عزيزي سلامات،

لو كنتُ أعلم أنك ستأخذ بتعليقات "حديثي العهد بالحوار" من أمثال أخينا أعلاه، لتعاملت معك بحرص أكبر ولقدمت لك معلومات وافية وكأنني أعامل طفلا في الحوار.

عزيزي،

أعلم أنك ذو باع قديم في الحوارات. وعليه فأنت تعلم جيدا أننا كمسيحيين، نحتفظ بالعهد القديم إلى جانب العهد الجديد ليس انطلاقا من إيماننا بأحكامه التشريعية، بل حرصا على النبوات التي تتحدث عن سيدنا ومخلصنا وربنا يسوع المسيح له المجد. حتى إذا ما سألنا بعضهم أين نجد السفر الذي يستشهد به يسوع المسيح أو بطرس الرسول أو بولس الرسول أو يوحنا الرسول أو غيرهم، نقول له، انتقل معنا في الكتاب المقدس إلى سفر فلان بن علان، الإصحاح كذا وكذا، الآيات كذا وكذا واقرأ كيف أن فلان بن علان تحدث عن أمور قبل آلاف السنين فتحققت بحرفيتها مع يسوع المسيح.

اليوم، مثلا، أنتم تعانون من مشكلة وهي : نحن كمسيحيين نسألكم: أين هي الآيات التي تذكر "أحمد" أو "محمد" والتي تبشر بمجيئه؟! لا تجدون. فتقولون بتحريف التوراة والإنجيل. ونسألكم : أين هي التوراة والإنجيل غير المحرفة لتفقأوا بها أعيننا؟!؟! تجيبون: لقد فُقِدَت.

إذن، نحن كمسيحيين، قبل سبعة قرون من مجيء نبيكم، كنا حذقين وأذكياء وحريصين على رسالتنا فحفظنا الكتب التي تتحدث عن سيدنا ومخلصنا وربنا يسوع المسيح له المجد. بينما أنتم، بعد سبعة قرون من الزمن، لم تستفيدوا من خبرتنا، بل أهملتم واجبكم وفقدتم الكتب التي "تدعون" أنها تتحدث عن نبيكم محمد بن عبدالله.

هذا هو أحد الأسباب الذي جعلنا نحتفظ بالعهد القديم جنبا إلى جنب مع كتابنا : العهد الجديد.

السبب الثاني هو أن العهد القديم، رغم أنه تم تدوينه بأيدي البشر وكلماتهم وتعبيراتهم وعقليتهم على مدار بضعة قرون، إلا أنه بالتأكيد وبدون شك، يحوي رسالة إلهية جوهرية. كما وإنه يحوي أيضا تفاعلات البشر على مدار القرون مع هذه الرسالة الإلهية، بين رفض وقبول وجدل وتعنت وكبرياء وخضوع، وغيرها.

إذن، فالكتاب المقدس بعهده القديم، يقدم لنا ثمرة خبرة مئات بني البشر إزاء كلمة الله ويمكنها أن تعلمنا الكثير اليوم وغدا وإلى انقضاء الدهر. لكننا لا نأخذ بتشريع العهد القديم، وذلك لأنها تشريعات آنية زمنية ليست من صنع الله بل هي نتاج تعبدات الإنسان ورغبته في تكريس نفسه لله.

في التشريع: نحن نتبع كلمات يسوع المسيح وتشريعاته.

أما بخصوص اعتراضك بأن المسيح يسوع جاء ليكمل، فيا عزيزي: ما هو الذي جاء يكمله يسوع المسيح؟!؟!

ولماذا قال على الصليب: قد تم؟!

بالتأكيد لم يأت ليتم التشريعات أو ليعمل بها أو يؤكد عليها.

قراءة عابرة سطحية للعهد الجديد أكثر من كافية لنجد أن يسوع لم يقر شريعة موسى بل نقدها ونقضها في أكثر من قضية.

الطلاق مثلا:
في شريعة موسى مسموح
في شريعة المسيح ممنوع بتاتا وإطلاقا.

يوم السبت:
في شريعة موسى هو مقدس ومكرس على حساب الإنسان
في شريعة المسيح يسوع هو يوم مثل غيره والإنسان أهم منه كثيرا

رجم الزاني:
في شريعة موسى رجم الزاني واجب
في شريعة المسيح المغفرة تفوق كل ذنب وكل خطيئة

لا داعي لإتمام المقارنة لأن الحديث سيطول بنا بلا داعي.

إذن، قضية "جئت لأكمل / أتمم لا لأنقض"، لها مدلول آخر غير الذي تفهمه. صحيح؟!

ما هو؟!

تميم النبوات يا صديقي. فبموت المسيح تمَّ كل شيء. وتحققت كل كلمات الأنبياء التي لها صدى مسيحاني.

تحياتي القلبية