عزيزي سلامات،

بغض النظر عن كيف نختلف في حكمنا على كلمات العهد القديم، بين مؤمن بحرفيتها وبين مؤمن بأنها عمل مشترك بين الله والإنسان، وخلافه... لكننا جميعا كمسيحيين ندرك جيدا أن السيد المسيح خالف صراحة وعلانية أشد نقاط الشريعة الموسوية بل وقدم نقيضها.

الأمثلة القليلة أعلاه كافية لإيضاح المبهم في الأمر.

كلمة البارقليط يا صديقي ناقشناها حتى أشبعناها تحليلا واليونانية ليست لغة مطاطية كالعربية، بحيث يمكن تحوير ما شئنا. البارقليط معناها واضح وهي الكلمة الموجودة، أما الفيرقليط أو لا أدري ماذا والتي قد/يمكن/يجوز بالعصر والضغط أن تقدم معنى شبيه بكلمة أحمد، فلا وجود لها في الأناجيل. ولكن هذا ليس موضوعنا.

عزيزي،

يسوع المسيح جاء بعد موسى بحوالي ألف ومائتي عام. ونعم، نحن نقول بأن المسيح يسوع له المجد أعلن صراحة أن شريعة موسى ليست من الله بل هي لكي يرضي البشر. "لغلاظة قلوبكم أعطاكم موسى هذه الوصية" (يقصد الله) "لكن في البدء لم يكن الأمر كذلك ...".

الكلام واضح.

ونحن أعلنا ونعلن أن الكتاب المقدس هو نتاج خبرة تعايش البشر مع كلمة الله وقبولهم لها أو رفضهم لها أو تفاعلهم معها بين الرفض والقبول وخلافه.

وهذا عادي جدا.

ولكن أن يأتي كتاب واحد صدر في 23 سنة من شخص واحد لا غير، ويحوي كل ذلك الكم الهائل من "الناسخ والمنسوخ" والذي هو ببساطة "متناقضات" ، فهذا يا صديقي ما يجب أن تبحث فيه لو كنتَ فعلاً تملك ضميراً إيمانيا حيا يبحث عن الحقيقة ويسعى إليها.

أما بخصوص شريعة المسيح يسوع، فيا صديقي، أرجوك أنت تريد إلهاً قاضيا كالميزان، يقول هذا حق وذاك باطل، ففاعل الحق إلى الجنة ومرتكب الباطل إلى الجحيم. رُفِعَت الجلسة!!!!

لو كان الله سيكتفي بأن يكون قاضيا في محكمة، فتبا لمثل هذا الإله الذي لا أومن به.

إله يمكن لكمبيوتر أن يعوض عنه ويؤدي مهامه بدقة، هو إله كاذب ، بل هو صنم من الأصنام، ولا يمكن أن يكون الله الأوحد.

لذلك اهدموا أصنامكم يا بني البشر وابحثوا عن الإله الحقيقي.

تحياتي القلبية

ملاحظة، أعتذر بصدق عن التعرض لمفهوم القرآن لديكم، واستخدام عنصر المقارنة، لكنكَ أجبرتني على ذلك. فمن السخف أن تتهم الكتاب المقدس بالتناقض ونحن نتكلم عن كتاب وضعه أحدهم قبل بضعة قرون من كتاب (أو تعاليم) جاء بها آخر ووضح بفصيح العبارة أن هناك أمور في الكتاب الأول غير دقيقة ويجب أن تصحح. ثم بعد كل هذه الفصاحة والإعراب بصراحة التي لا تحتاج إلى شخص ذكي ليفهمها، تأتيني أنت كمسلم لتنتقد هذا الأمر رغم أن كتابك كتب في أقل من ربع قرن، وضعه شخص واحد فقط، ولكنه مليء بالمتناقضات التي تسمونها "ناسخ ومنسوخ" ، وضميرك بالنظر إلى هذه القضية "في منتهى الصفاء والنقاء"!!!!!!

أنت حر يا صديقي أن تؤمن بما تشاء وأن تصدق ما تشاء وأن تعتقد ما تشاء، ولكن يجب أن تكون واعيا لمفهوم إيمانك وحقائق ديانتك وواقع كتابك قبل أن تنتقل للحكم على كتاب الآخرين وديانتهم فتسفههم بينما آخر هو الذي يستحق التسفيه.

أرجو أن تقرأ كلماتي هذه بصبر وروية وإعمال عقل وتحكيم منطق قبل أن تثور حميتك العصبية (أو بالأحرى قبل أن يثور الآخرون الذين هم كالثيران الهائجة من دون كلمات مباشرة من هذا النوع)