نقد المفكرين الطائفيين الفرنسيين للمفكر طارق رمضان
الوجه الآخر لطارق رمضان
برنار هنري ليفي
اللوموند اليومية الفرنسية واسعة الإنتشار.
1-11-2003
لن أقوم بالرد على طارق رمضان, و لن أقوم بالطبع, بالجدال معه.
أن يكون معادياً للسامية,أو بالأحرى أنه اقترف نصاً معادياً للسامية, حيث يلمز فيه من طرف بعض المفكرين اليهود بكونهم كذلك (أي يهود) , أن يكون من هؤلاء الذين يعتبرون أنه عندما يتحدث "برنار كوشنر" عن العراق , غلوكسمان عن الشيشان,أو أنا عن "دانييل بيرل" . فإنه ليس عقلنا الذي ينطق بل أصولنا اليهودية, أن يقوم بارتكاب أخطاء في طريقه عند إحصائه * , و يحمل فيها في عملية السطو الورقي التي يقوم بها أشخاصاً يضطرون أن يؤكدوا في البرقيات التي يرسلونها و بين قوسين مريبين أنهم ليسوا "يهوداً" , بإختصار أن تكون لديه رؤية عنصرية للعالم و أنه يجرنا جميعاً بالرغم عنا إلى "هذيانه",فإن هذا ليس إتهاماً, بل واقعاً . و ليست عندي الرغبة أن أتوقف طويلاً عند هذه الحقيقة.
لا , ليست هذه هي المشكلة, بل بالإسلام الذي يدعو إليه هذا المفكر المحتال, و البطل في كل مجالات اللغة المزدوجة. و الذي ينتقل من محطة تلفزيون لأخرى,ليظهر نفسه (و يده على قلبه) بمظهر المصلح الإسلامي – المشكلة و الضرورة القصوى ذات الأهمية, هو أن نبين لمناهضي العولمة , و الذين يدعونه للمشاركة في الملتقى الإجتماعي الأوروبي عن طيب نية بلا شك, أن نبين لهم الوجه الآخر لهذه الشخصية.
إذا كان صحيحاً , على سبيل المثال, أن الداعية الجنيفي(من جنيف عاصمة النمسا حيث يقيم رمضان) يدعو للإحترام السطحي , للمسلمين الأوروبيين لقوانين بلادهم, فإنه ليس أقل صحة بأنه يتحدى مبدأ العلمانية : "خطوة بسيطة" كما يقول و "ضمن تقليد فرنسي" , و الذي تأسس هو نفسه "ضمن عملية تاريخية لم يشارك المسلمون بها".
إن كان صحيحاً بأن لا أحد يمكن أن يؤخذ بجريرة أخطاء والده, فإنه يبقى صحيحاً أن السيد طارق رمضان و في كل مرة يطرح عليه السؤال عن موقفه بالنسبة لجده "حسن البنا" مؤسس حركة الأخوان المسلمين. فإنه يعطي دوماً نفس الإجابة, و يظهر بنفس الوقت مُحرجاً ,و مبتعد بشكل طفيف عنه . مطالباً على سبيل المثال , وضع الأفكار المتشددة و الدموية,ضمن سياقها التاريخي, لمن يعتبر المؤسس للأصولية الحديثة. و لكنه يؤكد بشكل عام وفاءه العميق و المبدئي: بين ألف مثال نجده على موقعه على الأنترنت,هذا "المعجم الإسلامي" و الذي تم رفضه في سبتمر 1998 من قبل مجلة النوفيل اوبسيرفاتور. حيث يتأسف أننا لا نعرف هذا الرجل العظيم, هذا الصوفي , المطلع الكبير على "ديكارت" و "أرسطو" , إلا "من خلال مقولات أعدائه السياسيين", لا سيما الصهاينة, و حيث يأمل أن نعيد "دراسة و تقييم أفكار أحد أكبر المصلحين المؤثرين الإسلاميين في هذا القرن".
إن كان صحيحاً أيضاً ,أن طارق رمضان كان من هؤلاء المفكرين الإسلاميين الذين أدانوا علناً في وسائل الإعلام أحداث 11 سبتمبر,فإن ما قاله في لاغريير في 22 سبتمبر 2001 يتركنا مندهشين, إذ يبقى حسب تصريحه, "أن نحدد من المستفيد من الجريمة, و أن التمثيل الشيطاني لبن لادن. يخدم ربما أهدافاً جيوستراجية أخرى,إقتصادية أو سياسية" , أو عندما نكتشف في معجمه الإسلامي السابق, كلمة "شهيد" , " أن الشهيد في دفاعه عن معتقده حين يكون مضطهداً (الشهادة) هو التعبير و الرمز الحقيقي للإخلاص و العمق".
أضيف بأن هذا المفكر الذي يزعم بأنه متحرر, و عندما يتعرض لل FIS الجبهة الإسلامية للإنقاذ, فلا يجد ما يأخذه عليها إلا بعض "الخروقات" و بعض "الأخطاء السياسية" .و يستمر بعد ستة سنوات و عدة آلاف من القتلى, بتحية "الأصوات البناءة و المتعقلة" بين قادة هذه الجبهة.
أضيف أنه و بأحد كتبه "المسلمون في العلمانية" , و عندما يتطرق لمسألة ما يجب أن نقوله لأبنائنا , "هذا الجيل الثاني الوضيع"(نعم هكذا بالحرف) من المهاجرين.أنه عند بادية الموسم الدراسي الجديد في المدرسة الجمهورية,فإن الإجابة على هؤلاء الشباب و لا سيما الفتيات منهن, هو نوع من الكاريكاتور الأصولي المألوف : مسابح غير مختلطة, إرتداء الحجاب, تهيئة للإختلاط الذي لا يمكن إلا أن يهدد "مبادئ العفة الإسلامية" , دروس في الثقافة الإسلامية يفترض بها أن تصلح الإهانات ضد "معتقدات الفتيات المسلمات" في دروس البيولوجيا.
أضيف أيضاً , و ربما يكون هذا أسوأ الأمور, أنه و لدى إعفاء أخيه(هاني رمضان – مدير المركز الإسلامي في جنيف) من مهماته , في سبتمبر 2002 بعد مقال نشره في اللوموند الفرنسية, يذكر فيه "بأن إله المحبة هو من أمر برجم الرجال و النساء الزانيات" , فإن موقف طارق رمضان – الناقد الشرس لكل أنواع الطائفية- و تصرفه , أقل ما يمكن أن نصفه , هو أنه كان ينقصه الوضوح : لا سيما هذا اللقاء معه في جنيف و المنشور في 13 نوفمبر في دورية "لو كورييه" , حيث يكتفي بالإشارة إلى أن أخيه يقرأ القرآن بشكل أكثر "نصية" منه, ثم يضيف و هذه المرة يتحدث باسمه هو: بأن القضية جدية فعلاً, و بأن هناك "علماء" وضعوا الشروط المحددة و الدقيقة, التي يمكن أن "تبرر" الرجم, و بأنه يقترح من ناحيته, تعطيلاً للحدود الجسدية, تاركاً للزمن تحديد طبيعة الشروط لتفعيلها.
و لن أتحدث, عما كشفته الصحف السويسرية الصيف الماضي, و من المستغرب أن وسائل الإعلام الفرنسية لم تتطرق إليها إلا بشكل نادر , حول التحقيقات التي قام بها قاضي "مناهضة الإرهاب" بالتازار غارزون المكلف بالتحقيقات حول شبكة القاعدة, في إسبانيا : علاقات بين طارق رمضان و الإسلامي الجزائري و ممول القاعدة : أحمد براهيم , إتصالات بين براهيم و مكتبة التوحيد , قاعدة طارق رمضان الليونية (فرنسا) و أهم دار للطباعة لأعماله, مما يشكل تأكيداً لشكوك الأب كريستيان دولورم , رفيق درب سابق للشباب الليوني المسلم , و الذي شرح في اللوموند (11 يناير – كانون الثاني) ,"أنه بكل مكان تكون به ال UJM منظمة طارق رمضان , قوية نشهد تصلباً في الهويات الدينية".
ربما سيتطور الرجل مع الزمن.
ربما أنه في الطريق لذلك حالياً, و أنه بنهاية مسيرته سيكون كالكثير من الأصوليين,الذين اهتدوا في نهاية طريق طويل مؤلم من العمل على الذات , إلى هذا الإسلام الرحيم و الرقيق و الذي يدعو إليه القرآن أيضاً.
حتى هذه اللحظة, فنحن لم نصل بعد لهذا . فلا شيء مما يقوله أو يكتبه يمكن أن يناقض نبوءة حسن الترابي ("بابا" الأصولية السودانية) عنه , و الذي صرح في منتصف التسعينيات من الخرطوم . أن "مستقبل الإسلام هو طارق رمضان" , لذلك فإني أعتبر , مع غيري, الكثيرين غيري : مسؤوليين في جمعيات , سياسيين , مواطنين عاديين , و مناضلين في حركة ATTAC , أن قادة حركة مناهضة العولمة و بحال عنادهم و إصرارهم على إستقباله فإنهم يرتكبون خطأً فادحاً أخلاقياً و سياسياً.
الجدال يدور اليوم حول إسلامين إثنين , هو بشكل أكيد الجدال الكبير في هذه اللحظات.
الصراع , المعركة , على جبهتين , جبهة الإسلاموفوبيا من جهة , و الأصولية من جهة أخرى, ستكون معركة العصر الحديث و و كلنا متفقون على ذلك , فلا يجب علينا أن نباشر هذه المعركة بارتكاب خطأ بإختيار الحليف. علينا ألا نخاطر, من خلال خلطنا بين ورثة مسعود وورثة الأخوان المسلمين, بإضعاف من يناضل في فرنسا و في العالم من أجل إسلام الأنوار (إسلام متنور).
هناك نساء على سبيل المثال, و اللواتي في الجزائر , إيران , الباكستان ,يخاطرن كل صباح بحياتهن من أجل إظهار وجوههن بكل بساطة , و لإعطاء صورة مختلفة عن إيمانهن : إنهن هواتي من نخونهن , أعزائي مناهضي العولمة, عندما نقدم منابرنا لهؤلاء الذين يذلونها ; هواتي من نخاطر بجعلهن يائسات , عندما , إن كان بسبب الطيش , الإهمال أو أسوأ من ذلك , العناد , نقوم بإضفاء الشرعية على أعدائهن.
* يقصد "تاغييف" المذكور في مقال طارق رمضان, و هو ليس يهودياً, و لقد رد رمضان على هذه النقطة كما سنرى لاحقاً في رده على كل من ليفي و أدلر, بأنه لم يذكر في مقاله أن تاغييف يهودي.
|