زميلنا العزيز الراعي،

على ما يبدو قد تحول البحث من إمكانية الصعود وحقيقته إلى موضوع اقتباس الأديان القديمة في الإسلام.
هو موضوع آخر وشيق على أية حال، وأدعوك أن تطبق ذات المعايير على دينك في بحثك، فلعلك ستخلص إلى نتائج مشابهة.

أما بالنسبة للتفسير، فالقرآن يفسر بالقرآن، ولا ينتطح في ذلك عنزان، أو يفسر بصحيح السنة وحال هذا مثل سابقه.
وخلاف ذلك، فقد يفسر المفسر برايه الشخصي اعتمادا على ثقافته التي استقاها من الثقافة الإسلامية أو من غيرها.
ناتج التفسير الفير معتمد على الوحي، والذي هو القرآن والسنة لا يلزم أحدا، وهو قد يكون صوابا وقد يكون خطأ، وهو رأي إنسان غير معصوم على أية حال.
أسباب النزول هي موضوع لا قيمة علمية له، حيث أنها نادرا ما تكون صحيحا، وحتى حين تكون صحيحة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

الآن، استقر على ماذا تريد أن تبحث، أهو صحة قصة المعراج، أم أثر الديانات السابقة على الإسلام في تكوينه؟

أما عن العواطف، فما عهدتني أضع عواطفي في أي بحث، بل أضن بنفسي أن تمتهن بسخرية لا أمارسها على غيري.

قولك على الشيعة لا يصح عندهم فضلا عن غيرهم، فالقرآن الذي كتبه كتبة الوحي هو ذات القرآن الذي كتبه آل البيت عليهم سلام الله. ورواية حفص عن عاصم الشهيرة بين مسلمي المشرق أحد رواتها عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو علي عليه السلام، ولم يسقط أي من المسلمين أسفارا منحولة كما صنع غيرهم.

نعود إلى أصل البحث وهو الإسراء والمعراج للرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
النصوص الشرعية تقسم لغويا إلى صنفين، صنف خبري يشكل العقيدة وآخر إنشائي يشكل الأحكام الشرعية.
الإخبار في العقيدة يحرم أن يدخله الظن بأي حال، ولا يقبل إلا إن كان قطعي الثبوت والدلالة. وذلك من أجل الآيات الكريمة التي حرمت الإعتقاد بالظن:

(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ*)
(أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ*)
(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ*)
(إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى*)

من أجل ذلك، فنحن نطلب النص اليقيني حتى نقبل أي أمر يتعلق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله بمعجزاتهم وأخبارهم، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى.
في غير ذلك، يكون نصا لا نكذبه، إلا أنه لا يعنينا أن نعتقده.

وأخيرا، فإني ألاحظ أنك ومعشر قومك تنقدون في القرآن الناحية الإخبارية على أنه كتاب تاريخ ككتابكم، وهذا ليس حال القرآن.

سلام