{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
التقنية و " العربان "
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #3
التقنية و " العربان "
[CENTER](3)
أيــديولوجيــا الآبـــاء[/CENTER]


تكلمنا في المداخلة السابقة ، بشكل عام ، عن علاقة الأنسان ، أي انسان ، بالجديد . هنا ، سنتحدث عن علاقة إنسان محدد ، يتميز بأيديولوجيا معينة ، بجديد مخصص . هذا الأنسان ، هو " العربي " وذاك الجديد هو " التقنية " .

إن كان يمكن لنا اختصار أيديولوجيا " العربان " بكلمة ، فيمكن ذلك بتسميتها : أيديولوجيا الآباء . فهذه التسمية تحمل معها أهم خصائص هذه الأيديولوجي ؛ وهي : التقليد ، العادة والقديم . فكون الأيديولوجيا : أيديولوجية أب ؛ فهذا يعني أنها تنتمي للقديم ... للماضي . وكونها كذلك يعني ، أيضا ، أنه تنتقل عبر الأجيال بحكم العادة ، ويتم تلقيها تقليدا لها . في هذه الأيديولوجيا : الماضي ، دائما ، أفضل من الحاضر . فيها : مرور الزمن على شيء ، فقط مروره ، يكسب هذا الشيء نوعا من القداسة . فيها العادات والأعراف والتقاليد ... امتداد للدين .

مصادر هذه الأيديولوجيا متعددة : المذهب الحنبلي بصيغته الوهابية ، القبيلة والصحراء . المذهب الحنبلي : عقيدة وفقه ، نظرية في العلم والعمل . العلم ، في هذا المذهب ، يعود لمصادر ، هي : القرآن والسنة . ولكنها مصادر محاطة ، ومطوقة بالسلف . مما يعني أن النظر فيهما يتم من خلال : السلف ، لا بد أن يدور في فلكه ، وينقاد ورائه . السلف : الذي له سابقة الفضل ، الذي عاش في الماضي ، الماضي الذي كان مشرقا . السلف - بجملة واحدة : خير القرون . هذا النوع من التقييد ، تقييد النظر ، يفضي إلى القول بالتقليد في العلم . وهذا ما صرح به علماء المذهب بقولهم : لا يجوز الاجتهاد في العقيدة . والإجتهاد في العمل ، في الفقه ، جائز .. ولكن بقيود . فمصادر التشريع ، حسب المذهب الحنبلي ، نقلية أكثر منها عقلية ، تقليدية أكثر منها اجتهادية . القرآن والحديث والإجماع والعرف وعمل الصحابة والتابعين كلها : نقل ، في مقابل القياس والاجتهاد في خارج نطاق ما سبق . في هذا المذهب لا مجال لإعادة النظر ، بل تتجه طاقة النظر كلها إلى الجديد ، الذي يرتكز الاجتهاد حوله . والاجتهاد في الجديد يأتي مصحوبا بالنظرة لمصدر هذا الجديد ، الذي هو بالضرورة مخالف ، بل أدنى رتبة في سلم التسابق إلى الجنة . هذا الآخر ، لا يخلو أن يكون : كافر ، مبتدع ، فاسق ، جاهل .

تأتي القبيلة بالمقابل ، لترسخ قيم الطاعة . فالقبيلة : اجتماع فرضته الصحراء ، اجتماع غايته : البقاء . مما يعني أن تعدد الآراء قد يفضي للتفرق ، وبالتالي : لا تكافل ؛ مما يعني : الفناء . لهذا تكون الطاعة أمر ضروري ، وتنصب هذه الطاعة في شخصية شيخ القبيلة المتمتع برأس مال معنوي ، قائم على أساس القرابة والدم . القبيلة نظام يربط اجزائه : عادات وتقاليد ، بعدمها تنفرط اجزاء القبيلة . هذه العادات والتقاليد : صارمة ، حاسمة .. لا تقبل الجدل . في مثل هذا النظام الصبر ، تكون قيم البذل للمجموع أفضل من قيم البذل للنفس ، في هذا النظام : إكرام الضيف فضيلة ، والبخل رذيلة . القبيلة بهذا الشكل ، تنتج أفرادا مخلصين في انتمائهم لها ، باعتبارها : القشة التي تقيهم الغرق في الصحراء ؛ مطيعين لها ، متقيدين بعاداتها . الآخر في نظر القبيلة ، هو بالضرورة : مزاحم لها في معركة البقاء ، والمنسحب عنها : خائن .لذلك ، تقابلهم إما بالسيف ، او الحذر .

الصحراء ، بقسوتها وقدرتها على عزل محتوياتها ، وبخلها على أهلها ، وما تحيطهم به من مجهول وعماء ؛ كل هذا يجعلها السبب في بقاء هذه الأيديولوجيا . في البداية كانت المسرح الذي التقت فيه الوهابية بالقبيلة . فالوهابية بدعوتها إلى التوحيد الخالص ، التقت برغبة القبيلة في البقاء . فلا وقت للقبيلة ، بزيادة الطقوس التعبدية ، والإلتزام بزيارات دورية لقبور وأضرحة . كما أنها - لقسوة ظروفها ، ومواجهتها للخطر على الدوام - تحتاج إلى الاتصال مع الله مباشرة ، دون وسيط أو شفيع . كل هذه الرغبات ، التي تقلق العربان ، كانت الوهابية هي المشبع لها . وهكذا ، تم الإلتقاء بينهما على هذا المسرح الصامت : الصحراء .

بعد الالتحام ، تشكلت صيغة نهائية لأيديولوجيا الآباء ، ظلت تتزعم وتتعرض للهزائم طيلة ثلاثة قرون . حتى جاء عصرها الثالث بقيادة عبد العزيز . هذا العصر الذي تم من خلاله المواجهة بين هذه الايديولوجيا والجديد . فالصحراء التي طالما حوت ما فيها ، عازلة إياه عن العالم الخارجي ، هذه الصحراء : إذا فضحت أحد أشياءها ، فضحت الكل . وهذا ما جرى عندما اعلنت عما تحويه من النفط مما جعلها محط أنظار الكل . تحولت من سجن يهرب منه ، إلى جنة يراد الانتفاع من خيراتها .

مع النفط ، جاء الغرب المتقدم بآلاته وقيمه وأيديولوجيته إلى الصحراء ، إلى أهل الصحراء . حدث التلاقي بين أسياد اليوم والمتعلقين بأسياد الأمس ، وهذا التلاقي ، هو ما سنحاول استعادة لحظته الأولى ، لأنها وحدها التي شكلت ، ورسمت ، هذه العلاقة بين " العربان " و " التقنية " .


05-04-2005, 01:18 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 04-20-2005, 12:55 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 04-26-2005, 10:23 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 05-04-2005, 01:18 PM
التقنية و " العربان " - بواسطة Arab Horizon - 05-04-2005, 06:40 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة fares - 05-09-2005, 07:01 AM,
التقنية و " العربان " - بواسطة Assyria - 05-09-2005, 09:17 AM,
التقنية و " العربان " - بواسطة المتهور برفق - 05-11-2005, 01:59 AM,
التقنية و " العربان " - بواسطة خوليــــو - 05-11-2005, 01:36 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 05-19-2005, 09:22 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة كرداس - 05-26-2005, 10:18 AM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 06-05-2005, 02:20 AM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 06-06-2005, 10:50 PM,
التقنية و " العربان " - بواسطة العاقل - 06-16-2005, 04:05 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 3,069 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  ماهو مضمون مفهوم " الحضارة"؟ طريف سردست 15 8,579 06-30-2009, 03:51 AM
آخر رد: tornado
  ومازالت مصر بالمقدمة : أوباما يختار "عالماً مصرياً بارزاً" ضمن مجلسه الاستشاري ابن نجد 63 16,075 05-13-2009, 08:21 PM
آخر رد: السلام الروحي
  اهتمام أمريكي بتعيين "أوباما السعودي" إماماً للحرم المكي ابن نجد 13 4,645 05-05-2009, 05:54 PM
آخر رد: السلام الروحي
  الهبة "المهببة" Awarfie 9 2,859 05-04-2009, 12:13 PM
آخر رد: أبو خليل

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS