من القسم الثاني من كتابي الجديد : مملكة الإستبداد المقنن في سورية
--------------------------------------------
لماذا تقام السجون على ضفة النهر في بلد يشتهي الماء ...؟
ذهبنا إلى بردى وسألناه ..: ؟
هل أنت إمرأة زاهدة ...؟
فلم يخرجونا إلى النهر ثانية .. ؟
صاح ِ هذي زنازيننا تملأ الأرض من عهد عاد
فأين البياض وأين السواد .. ؟؟
محمود درويش
من حصار لمدائح البحر
الحديث عن السجون والمعتقلات في سورية ذو شجون واّلام لاتتسع له عشرات المجلدات . بعد أن زرعها النظام البوليسي في كل زاوية من وطننا الحبيب حتى أضحت كالوباء لم ينج من شرها أي مواطن شريف وقد تجاوز عدد المعلوم منها عدد المستشفيات ودور العلم ورياض الأطفال
وإذاخرجنا من حدود المكان في السجون الصغيرة واخترقنا أسوارها وأسلاكها المكهربة نجد أنفسنافي السجن الكبير" حيث يعيث خفافيش الظلام فسادا وإجراما على كل شبر من أرضنا الطيبة المجبولة بدماء شهدائنا الأبطال ..ويتربع فوق أشلاءشعبناجلاد وسجان أوحد فريد من نوعه في العالم المعاصر... ظن هذا السجان الأوحد أن بناء السجون وأقبية التعذيب تستطيع خنق الرأي الاّخر الحر واغتيال أبسط حقوق الإنسان خلف قضبانها وترويع الشعب خارجها ..كما صوّر لهعقله المريض والمسطّح وساديته وحقده الطائفي كما صوّرت له القوى الظلامية الموجهة له بأن إشرافه المباشر على أجهزة القمع والإرهاب ستحمي سلطانه وتمنحه سلطة القضاء على أية معارضة لنظامه الفاشي الذي اغتصب السلطة من الشعب بحراب أسياده في واشنطن أولا ومباركة المحرفين السوفييت ثانيا وتصفية أحرار سورية الحضار والعروبة ماديا ومعنويا ..
ولم يكن هذا سرا" ففي الموْتمر القطري التاسع لحزب البعث المنعقد في كانون الأول عام 1979 قدّم الجلاّد الصغير رفعت الأسد مشروعا لقرار يقضي بمنح شقيقه حافظ بالإشراف مباشرة على أجهزة القمع تحت شعار : ( تطوير أجهزة الأمن ) وقد أقره الموْتمر العتيد..؟ بالإجماع . لهذالانغالي إذا قلنا إن حافظ الأسد سجّان أوحد في سورية ولم يكن رئيسا للجمهورية ..وهو المسوْول الأول عن جميع الماّسي والجرائم التي تعرض لها شعبنا في سورية ثم في لبنان لاحقا ناهيك عن دوره في في مخطط الإستسلام والذل الذي يخرجه المسرح الأمريكي الصهيوني اليوم بالإشتراك مع بقية الأنظمة العربية ...؟
من السجن الكبير ننتقل إلى السجون الصغيرة والمعتقلات المنتشرة كالوباء في جميع محافظات سورية والتي تمارس خلف قضبانها كل الغرائز الحيوانيةوأساليب التعذيب الوحشي على أيدي مختصين تدربوا في معاهد المخابرات الأمريكية والبريطانية والسوفياتية دون أن ننسى ألمانيا الشرقية التي كان لها قصب السبق في هذا الإنجاز الوحشي الذي توّج بالكرسي الألماني الذي عذّب به الّلاف من أحرار شعبنا ...ففي كل ركن من هذه السجون دماْ بريئة وصرخات ضحايا واّهات أمهات واستغاثة أطفال سلب الطغاة من عيونهم الحلوةالأمن والطمأنينة واغتصب من شفاههم البريئة الإبتسامة وعذوبة النداء للأب والأم والأخ ...الخ
هذه السجون فاغرة فاها كوحش مفترس لاتعرف الشبع والقناعة في عهد هذا الطاغوت الرهيب الذي تجاوز ( فيعهد الطاغوت الأب ) رهبة وهمجية ووحشية منافي سيبيريا في العهد القيصري كما وصفها الكاتب الروسي الشهير دوستوفسكي - في كتابه ( بيت الموتى ) قبل قرن ونيف من الزمن ... كما تجاوزت معتقلات النازية والصهيونية إجراما وعنصرية .. أما وسائل التعذيب الجسدي والنفسي التي تمارس فيها تحتاج لدراسة خاصة لايتسع لها المجال هنا
والسجون في سورية نوعان : ؟
الأول :قديم ورثه نظام حافظ الأسدعن العهود السابقة .والديكتاتوريات العسكرية السابق ثم قام بتوسيعها وتحوبلها إلى معتقلات سياسية
الثاني : من منجزات نظام حافظ الأسد مجهّزة بالمنجزات الإلكترونية للتعذيب والوسائل الوحشية الأخرى
يضاف لها ثكنات الجيش والشرطة التي تستخدم كسجون جماعية عندما تقضي الحاجة بعد تحويل الجيش إلى بوليس ضد الشعب كما يضاف لها أقبية المخابرات المنتشرة في كل حي وضاحية والتي من الصعب جدا إحصاوْها.. لهذ ا نكتفي بتسجيل السجون الرئيسية المعروفة وفق التقسيم الإداري للمحافظات السزرية ...؟
في مدينة دمشق ومحافظتها وحدها 27 سجنا كبيرا يتراوح استيعاب عدد النزلاء فيها بين الاّف كما في سجون عذرا وصيدنايا وكفرسوسة وسجن المزّة الذي أغلق
منذ عامين فقط لمحاولة بيعه إلى تجار البناء شركاء رامي مخلوف وبين أعداد أقل في السجون الأخرى
وبلغ عدد السجون المعروفة في سورية 115 سجنا ومعتقلا " بينما عدد المستشفيات الحكومية لايتجاوز ال 45 وفق المجموعة الإحصائية السورية لعام 1988 كعينة وسطية لحكم الطاغية الأب و51 مستشفى وفق المجموعة الإحصائية لعام 1998 أما المستشفيات الخاصة فهي مشاريع تجارية باهظة التكاليف لاتستطيع الأكثرية الساحقة من شعبنا التي أوصلها النظام الأسدي إلى ما دون خط الفقر دفع تكاليفها .. وحتى المستشفيات الحكومية التي تشبه المسالخ لايدخلها البوْساء ما لم يدفعوا الرشوة
وإلى عدد اّخر _ يتبع