ذكرت في القسم الأول أن عدد السجون العلنية المعروفة في مدينة دمشق ومحافظتها فقط بلغ 27 سجنا نورد أسماءها على سبيل المثال لاالحصر ..؟
وساذكر مواصفات بعضها الداخلية التي كنت نزيلا فيها في شتى العهود الديكتاتورية منذ عام 1950 حتى اّخر اعتقال لي بتاريخ 31 -اّذار - 1980 إبّان إضراب المحامين الأخير إبان معركة النقابات العلمية السلمية دفاعا عن الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان وضد نظام القمع والإرهاب والقوانين والمحاكم الإستثنائية الفاشية .. ومواصفات السجون الأخرى التي لم أتشرف أن أكون نزيلا سياسيا فيها خصوصا وأنني إقطاعي من هواة النزول بفنادق الخمسة نجوم الحديثة التي أنجز بناءها ( المغفور له ) حافظ الأسد بعد تهجيرنا من الوطن منذ ربع قرن وقرأ العملاء الفاتحة علينا وقالوا للأصدقاء والرفاق أننا في عداد الأموات لأن الحياة ملك خاص بهم مادام الوطن كله مزرعة خاصة لهم .. هذه السجون المنجزة أسديا لتشجيع السياحة مصدر التنمية الأساسي في النظام الأسدي العتيد نقل لي أوصافها أصدقاء ومناضلون أبطال قضوا زهرات شبابهم خلف قضبانها ورسموا لي مخططا تقريبيا لأكبر وأضخم مسلخ بشري بناه الطاغية الأب وأطلق عليه إسم ( سجن صيدنايا ) مغتصبا اسم بلدتي الحبيبة مشوها تاريخها مغتصبا أراضي فلاحيها وفلاّحي بلدتي تلفيتا ومنيين على تلة تدعي ( عابا ) وهو اسم سرياني قديم يعني - غابة كانت ملعبا لطفولتنا أثناء موسم الحصاد ..
وأهم هذه السجون في مدينة دمشق ومحافظتها كما يلي ..؟
1-
سجن المزة العسكري بناه المستعمرون الفرنسيون بعد احتلالهم لدمشق عام 1920كإحدى قلاع تلال المزة المشرفة على دمشق من الغرب ومنها قلعة غورو كمرابض للمدفعية لقصف دمشق عند الحاجة كما حدث ابّان الثورة السورية الكبرى عام 1925 وأبّان العدوان الفرنسي على دمشق بتاريخ 29 أيار 1945
وأول من استعمل هذه القلعة كسجن سياسي الديكتاتور حسني الزعيم زعيم أول انقلاب عسكري في سورية صنعته المخابرات المركزية الأمريكية وشركة أرامكو والتابلاين الأمريكية السعودية لتمرير خط البترول الأمريكي من الظهران الى الزهراني على الساحل اللبناني مرورا بالأراضي السورية بعد أن رفض الشارع الوطني السوري والصحافة والأحزاب السورية ذلك
وبنىحافظ الأسد مهاجع وزنزانات جديدة في هذا السجن منها زنزانات خاف الباب الرئيسي على الجانبين طول الواحة منها متران بعرض متر واحد أطلق عليها السجناء اسم المقابر . وأذكر أن المساحة المخصصة للمعتقل لاتزيد عن مساحة فراش محشو بالقش والبق طبعا طوله متران وعرضه 70 سنتيمتر أما في مواسم حملات الإعتقالات الواسعة كان يحشر في المهجع الذي يستوعب 30 معتقلا أكثر من 70 معتقلا ويجري النوم بالتناوب ويتحول المهجع إلى علبة سردين اعتقلت فيه مرتين الأولى في عهد الشيشكلي 1953 والثانية في عهد حافظ الأسد 1974 - 1978
أغلق هذا السجن عام 2002 وطبّل إعلامهم التافه لللإنجاز الكبير لتسليم السجن والتل القائم عليه كله لتجار البناء وشركات مخلوف - الأسد وشركاوْهم بعد أن باعوا الوطن كله ... وبنوا عوضا عنه سجنا عسكريا جديدا ملحقا بسجن صيدنايا وكان يستوعب هذا السجن في الأحوال العادية ألف معتقل تقريبا
-2
سجن الشيخ حسن : يقع في مدخل حي الميدان بجانب مقبرة الباب الصغير ..كان مخفرا للشرطة حوّله الديكتاتور الشيشكلي الى سجن موْلفمن طابقين يضم كل طابق ثمانية عشرة زنزانة فردية تحتوي كل منها على صنبور ماء ومرحاض الى جانب غرفة كبيرة فيكل طابق تتسع لثلاثين معتقلا إلى جانب غرف الجلاّدين والتعذيب التي أضافها الجلاّد الأوحد بعد 1970 اعتقلت ورفاقي في هذا المعتقل ثلاث مرّات مرتين في عهد الرفاق والأصدقاء نورالدين الأتاسي ويوسف زعيّن وابراهيم ماخوس وحبيب حدّاد وغيرهم في اّب 1967 بعد إصدرنا بيانا أدنا فيه تسليم الجولان دون قتال للعدو الصهيوني وطالبنا بمحاكمة العسكريين المسوْلين عن تلك الكارثة والثانية في الأول من أيار 1968 بعد إصدارنا بيانا يدعو للإضراب العام وفي المرة الثانية التقينا بالمناضل جورج حبش ورفيق بوشناق قبل تهريبه من السجن بأسبوع تقريبا وبالمعتقلين من معارضي النظام كان بينهم السادة : خليل كلاّس عبد الغني قنوت "زاهي القائد " ياسين الحافظ " سركيس سركيس " وغيرهم ولم تتجاوز مدة السجن في كل مرّ الشهرين وأذكر في المرة الأخيرة قدّم لنا رئيس الشعبة السياسية اعتذارا . كما اعتذر الرئيس نور الدين أمام الفريق المرحوم عفيف البزرة الذي كان ( والدا لكل الوطنيين ،) نعتزبه عندما عاتبه لاعتقالنا ...
والمرة الثالثة بعد نجاح أضرابنا في القصر العدلي بتاريخ 31 اّذار 1980 وانضمام عدد من القضاة الشرفاء للإضراب برفض شطب دعاوى المحامين المضربين لأول مرة في تاريخ القضاء السوري اعتقلنا من أمام القصر العدلي المطوق وكانوا قد اعتقلونا في اليوم السابق لعدة ساعات فقط في هذا السجن ثم أطلقوا سراحنا وأنجزنا الإضراب في اليوم الثاني مهما كانت النتائج وكان معي في المرتين فرسان النقابة الاّتية أسماوْهم اتمنىلمن توفي منهم الرحمة والخلود ولمن لايزال حيا طول العمر والصحة لنلتقي في دمشقنا بعد سقوط الطاغوت : الزملاء السادة نزار عرابي - هيثم المالح - ميشيل عربش -عدنان عرابي كما اعتقل معنا استاذنا الجريْ
الدكتور مصطفى البارودي أستاذ الحقوق الدستورية في كلية الحقوق . وكان رئيس الشعبة السياسية العقيد محمد الزعبي تلميذا عنده في الكلية استبقاه في غرفته وأنزلونا قبو الشعبة السياسية الذي نقلونا إليها من الشيخ حسن وبعد ساعت فقط من دعوة مجلس النقابة إلى الإضراب المفتوح في اليوم التالى أطلقوا سراحنا حوالي الساحة العاشرة ليلا بعد خروجنا ضغط الدكتور البارودي على يدي لأذهب معه ودعنا بعضنا لنلتقي غدا وبعد بلوغنا منزله في حي الميدان أخبرني بما سمعه من المكالمات الهاتفية في غرفة الزعبي قال أحدهم حرفيا : أنا ما قلت لكم هذا ما لازم يبقى طيب - طلب مني أن أنام في مكان اّمن في الحي نخرج إليه من الباب الخلفي وهو يوْمن الإتصال بعائلتي .. رجاني ألا أعود إلى المنزل أو منزل أقارب يعرفونهم وودعني بلهفة وحنان الأب وانطلقت من الباب الخلفي باتجاه بساتين القدم إلى منزل صديق وفي استضافني حتى الصباح لأغادر المدينة كلها ...
- سأوجز السجون التالية التي اتسعت له صفحات الكتاب
- 3
سجن كفر سوسة : من منجزات النظام الأسدي بعد تخريب بساتين الغوطة الغربية بنى هذا السجن النازي بمساعدة خبرة أمريكية ألمانية شرقية مشتركةتخضع جميع زنزاناته وقاعاته لنظام رقابة وتنصت الكترونية حديثة دشنه حافظ الأسد عام 1975 ووضعه تحت حراسة وحدات سرايا الدفاع بقيادة شقيقه رفعت ثم أصبح فيما بعد تحت حراسة الحرس الجمهوري يتسع هذا السجن لأكثر من ألفي معتقل تقريبا
-4
سجن قلعة دمشق : هذه القلعة من عهدالفاطميين تقريبا اتخذها الأتراك سجنا ثم الملك فيصل ثم الفرنسيين وبقيت كذلك بعد الإستقلال حتى ألغائها عام 1979 وتحويل السجناء العاديين الى سجن عذرا الذي أنجزة حافظ الأسد وخصص فيه قسما منعزلا للمعتقلين السياسيين
بينما كان السجناء السياسيون والعاديون يعيشون معا في مهاجع سجن القلعة قبل العهد الأسدي
اعتقلت في سجن القلعة عدة مرّات أولها عام 1950 بعد تظاهرة ضد العدوان الأمريكي على كوريا وكنت معلماّ ابتدائيا يومها اعتقلنا في الأول من حزيران شبابا وشابات بعد معركة مع الشرطة وخرجنا من السجن في الأول من أيّار وعدت إلى عملي كالمعتاد وكان المحاسب الطيب قد حفظ لي رواتبي كاملةثم اعتقلت عام 1953 بعد خروجنا من سجن تدمر بثلاثة أشهر وكان معي هذه المرة نورالدين أتاسي وعبد الغني قنّوت وسعيد صبّاغ وسليمان شكّور وسميح الجمالي وتوفيق أستور وخالد الكردي وغيرهم
5-
سجن عذرا الاّنف الذكر :: حل محل سجن القلعة يتسع لحوالي ألفي معتقل ونيف اعتقل فيه عدد كبير من معتقلي الرأي والضمير من مختلف الأطياف السياسية ولايزال حتى الاّن العشرات منهم في هذا السجن وفي مقدمتهم المعتقلون التسعة - رياض سيف ومحمود الحمصي وحبيب عيس ورفاقهم والدكتور عارف دليلةعميد كلية الإقتصاد الذي أشرف على الهلاك وغيره من معتقلي الرأي والضمير
..-[B]6
سجن صيدنايا : تكلمت بألم حول بناء هذا المسلخ البشري الذي اغتيل فيه المئات تحت العذيب الوحشي
ولايزال في هذا السجن أقدم معتقل سياسي في سورية المناضل الدكتور عبد العزيز الخيّر ... ويضم هذ السجن الرهيب ثلاث طبقات فوق الأرض وثلاثة أخرى تحت الأرض قام بتصميم هذا السجن خبراء ألمان على شكل علامة شركة مرسيدس يتسع في زنزاناته ومهاجعة تحت الأرض وفوقها إلى ثلاثة اّلاف ضحية ونيف وهو ثاني معتقل في الحجم ووحشية التعذيب بعد معتقل تدمر النازي محاط بسورين محاطين بأسلاك مكهربة وحقا ألغام أيضا
وتخضع هذه السجون إداريا إلى جهتين مختلفتين : المخابرات العسكرية ومخابرات ( أمن الدولة ) وكلها تابعة للسجّان الأوحد ...؟ يتبع القسم الثالث
المحامي جريس الهامس .. - لاهاي