عزيزي عبد المسيح ( لو كان إلها )..

هناك في الشريعة الاسلامية ما يسمى تفسير.. هناك فقه. وهناك فقه أولويات.. وهناك أحكام.. وعقائد وشرائع.. والحكم في الأمور هذه دوما للمتخصصين.. لأنه ليس كل من يقرأ تفسير من هنا وهنا ويأتي بها ( لا أتعمد تجريح والله ) يفهم الأمر هكذا دون أن يعرف ما الذي يجب أن يفهمه أيضا.

سأعطي لك مثالا

لو كنت مهندس برمجيات.. فعار عليك أن تكون مدرك للغة برمجة فقط دون أن تدرك باقي فروع العلم.. يجب ان يكون عندك فكرة موسعة عن الكثير والكثير بداية من لغة البرمجة.. ومرورا بقواعد البيانات .. حتى تصل إلى التصميم المنطقي logic design .. وبعد أن أصبحت على خبرة لسنوات في المجال.. تجد مبتديء ناشي كل ما يدركه هو بعض قواعد لغة البرمجة يريد أن يفرض وجهة نظره في شيء ما. وأنت بخبرتك تقول له أن هناك ما لم تفهمه بعد

نفس الأمر.
الآية هذا تفسيرها.. أما ما تستخدم به في التشريع وتقرير الأحكام المنسوخة وغيرها.. شيئا آخر تماما ليس على المفسر أن يأتي به أبدا..

دوما يجب أن تعطي الأمر للمتخصصين للجواب عليه..

وفي نكاح المتعة هذا فاجأني قوة الصليب بأنه يريد أن يقنعنا بأن نكاح المتعة مباح.. في حين أن علماء الاسلام ومتخصصيهم جميعا حرموه.. ترى لماذا ؟؟
هل قوة الصليب يفهم في ديننا أكثر منا؟؟
هل هو رأي الأحاديث التي أتى بها قبل العلماء المسلمين في هذا ؟؟
وهل لو كان نكاح المتعة مباحا لتركناه؟؟ طالما نحن شهوانيين كما يدعي الكثيرين منكم.. فلماذا نحرم على أنفسنا ما حلله الله ؟؟

الحكاية ببساطة تكمن في مشكلة واحدة وهي ( الكوبي ) و ال ( بيست ) بدون علم ولا وعي..
فلا يعرف مثلا الأخ قوة الصليب أي من الأحاديث والروايات التي جاء بها صحيح.. وأيها موضوعة.. وأيها ضعيفة. وأيها حسنة.. ومتى قيلت ؟؟ وأين؟؟ ولماذا تحديدا؟؟ وما دخل الحروب في الأمر.. ومن أباح؟؟ ومن حرم ؟؟ ومتى؟؟ وما الأمثلة.

لا يعرف مثلا الأخ قوة الصليب حتى ما تعريف نكاح المتعة ..

لا يعرف مثلا أن زواج المتعةهو ارتباط الرجل بامرأة لمدة يحددانها لقاء أجر معين.

لا يعرف الأخ قوة الصليب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يستقر التشريع في الإسلام أجازه في السفر والغزوات ثم نهى عنه وحرمه على التأبيد

لا يعرف الأخ قوة الصليب أن السر في إباحته أولا أن القوم كانوا في مرحلة يصح أن نسميها (فترة انتقال) من الجاهلية إلى الإسلام.. وكان الزنى في الجاهلية ميسرا منتشرا. فلما كان الإسلام واقتضاهم أن يسافروا للغزو والجهاد شق عليهم البعد عن نسائهم مشقة شديدة، وكانوا بين أقوياء الإيمان وضعفاء

وبالطبع لا يعرف قوة الصليب أن الضعفاء منهم خيف عليهم أن يتورطوا في الزنى.. أقبح به فاحشة وساء سبيلا

وأكيد لا يعرف قوة الصليب أن الأقوياء عزموا على أن يخصوا أنفسهم أو يجبوا مذاكيرهم كما قال ابن مسعود: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل

والأهم أن قوة الصليب لا يدرك أيضا أن إباحة المتعة كانت رخصة لحل مشكلة الفريقين من الضعفاء والأقوياء وخطوة في سير التشريع إلى الحياة الزوجية الكاملة التي تتحقق فيها كل أغراض الزواج من إحصان واستقرار وتناسل ومودة ورحمة واتساع دائرة العشيرة بالمصاهرة.

ولا يعرف قوة الصليب أيضا وهذا هو المهم أنه كما تدرج القرآن بهم في تحريم الخمر وتحريم الربا -وقد كان لهما انتشار وسلطان في الجاهلية- تدرج النبي صلى الله عليه وسلم بهم كذلك في تحريم الفروج. فأجاز عند الضرورة المتعة ثم حرم النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الزواج. كما روى ذلك عنه (علي) وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. ومن ذلك ما أخرجه مسلم في (صحيحه) عن سبرة الجهني "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم يخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ من حديثه: "وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة".


ولا يعرف قوة الصليب.. أن ها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأتباعه... أتباعه.. أكرر أتباعه.. وأكثر من جاء بعد محمد فهما لدين الله وشرائعه.. ها هم جميعا عامة الصحابة أقروا بأنه تحريم بات حاسما لا رخصة فيه بعد استقرار التشريع. وخالفهم ابن عباس فرأى أنها تباح للضرورة. فقد سأله سائل عن متعة النساء فرخص له فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة أو نحوه؟ قال ابن عباس: نعم.

الوحيد هو بن عباس... ولكن المفاجأة.. أنه تراجع عن فتواه.. وأقر بحرمة زواج المتعة

ها هم المسلمون على مر العصور يحرمون هذا الزواج.. ولكن الأخ قوة الصليب له فهم آخر ورأي آخر..
هذا شأنه هو.. فلن يشرع لنا ما لا نعرف.

تحياتي زميلي العزيز (f)