بغداد– سمير حداد– إسلام أون لاين.نت/ 8-11-2004
دفن عدد من القتلى الغارات الأمريكية على الفلوجة
أكثر من 300 ألف من سكان مدينة الفلوجة غرب بغداد البالغين 350 ألفا إجمالا اضطروا إلى النزوح عن المدينة المحاصرة منذ عدة أسابيع؛ تفاديا للهجوم الأمريكي الشامل عليها، وتنوعت مصائرهم وسط صمت رسمي عراقي على أوضاعهم.
من هؤلاء النازحين من لجأ لأقارب لهم ببغداد أو بمدن مجاورة للفلوجة، ومنهم من سكن المستوصفات الطبية وهياكل البيوت غير مكتملة البناء، ومنهم من لم يجد سوى المساجد والمدارس مأوى لهم في ظروف سيئة، خاصة مع اقتراب برد الشتاء القارس.
مدينة عانة الواقعة غرب الفلوجة كانت أحد المقاصد المهمة للنازحين الذين لجئوا لأقارب لهم.
واستقبلت هذه المدينة، البالغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، عشرات العائلات بأكملها بعضها يتكون من أكثر من 30 شخصا؛ حيث إن عوائل الفلوجة تمتاز بكثرة الذرية وتعتبر ذلك من عوامل قوة العشيرة.
وقال أنور العاني، من سكان عانة: إن إحدى العائلات وتدعى عائلة رضوان الحسن "استقبلت وحدها 3 عوائل فرت من جحيم القصف الأمريكي بعد أن عجزت عن إيجاد مساكن لهم للإيجار بسبب قلة العمران في منطقة عانة".
ضياع سنة دراسية
وأشار إلى أن من بين هؤلاء النازحين تلاميذ بالمدارس اضطروا لترك مدارسهم في الفلوجة وقد يتأخرون عن دراستهم سنة كاملة.
ويقول شهود عيان من المدينة لـ"إسلام أون لاين.نت": إن آلاف النازحين إلى عانة يعانون من مشكلات خطيرة من بينها عدم كفاية كميات الدواء بالنظر إلى كثرة الوافدين على المدينة الصغيرة لا سيما مع قرب حلول الشتاء؛ حيث إن عانة منطقة مفتوحة على الصحراء مما يجعل طقسها شديد البرودة شتاء.
وتشدد المصادر نفسها على أنه لا يوجد أي مظهر من مظاهر اهتمام الحكومة العراقية المؤقتة بالمشاكل الإنسانية لهؤلاء النازحين.
المدارس والدوائر
وبسبب أعدادها الكبيرة، لم تجد بعض العائلات النازحة من يؤويها، كما لم تجد من النفقات ما يمكنها من استئجار مساكن فاضطرت إلى المبيت ليلا في مدارس بالمدينة بحيث تغادرها في الصباح الباكر قبل بدء الفصول الدراسية، بحسب المصادر نفسها.
وسكن قسم آخر من هؤلاء النازحين الدوائر الحكومية بما فيها دائرة الصحة، ووجد بعضهم في المكتبات مأوى له، فيما لم يجد آخرون سوى هياكل البيوت التي لم تكتمل مرافقها بعد سكنا.
نيران الأسعار
أسرة عراقية تركت الفلوجة خشية الهجوم الأمريكي
كما تسببت كثرة النازحين في رفع الطلب على البيوت؛ الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات.
ويقول أبو سعيد من حي الضباط بالفلوجة في اتصال هاتفي مع "إسلام أون لاين.نت": إن والدته طلبت منه أن يبحث للأسرة عن سكن مؤقت خارج الفلوجة حتى تنتهي الأزمة، لكنه اكتشف أن "نيران إيجار الشقق لا تقل عن نيران القوات الأمريكية، فبعد عناء طويل وبحث مضن في العانة، لم يعثر إلا على دار مكونة من غرفة واحدة فقط بجانب المرافق وصلت قيمة إيجارها الشهري إلى 300 ألف دينار عراقي (200 دولار) ويريد صاحبها مقدما 6 أشهر".
وأضاف: "كما وجدت دارا أخرى بها غرف كافية للأسرة، لكن إيجارها الشهري وصل إلى 500 ألف دينار (325 دولارا) إضافة إلى مقدم يعادل قيمة 6 أشهر".
وأضاف أبو سعيد أنه بسبب ارتفاع الأسعار "آثرتُ البقاء في داري تحت نيران القصف العشوائي وسلمت أمري إلى الله".
ولم يبق فعليا في الفلوجة بجانب المقاتلين سوى الأهالي الذين سلموا أمرهم لله مثل أبو سعيد وفضلوا البقاء في ديارهم خاصة إذا لم يكن لديهم أقارب خارج المدينة.
بيوت تستقبل النازحين
وفي العاصمة العراقية بغداد، استقبلت العديد من البيوت العوائل النازحة، كما بادر عدد من الأهالي لتقديم يد العون لها.
ويقول "رامي" من سكان حي الخضراء ببغداد: "إننا اتفقنا كعدة بيوت في الحي أن نوزع عوائل الفلوجة على بيوتنا فكانت حصتنا من الضيوف 7 عوائل بلغ عدد أفرادها 50 شخصا".
الحرمان من التموين
أبو عاصم أحد سكان الفلوجة الذي استقر مع عائلته في بغداد لم تنته مشاكله فيقول: "خرجنا من بيوتنا ليلا إلى بغداد والأقارب الذين نحن في ضيافتهم لا يملكون من المئونة ما يكفينا ونحن أهل خلفة (كثيرو الذرية) لذلك قررنا الذهاب إلى الفلوجة لاستلام حصتنا التموينية الشهرية، وبعد تكبد عناء وخطورة الطريق وجدنا أن كل الدكاكين المسئولة عن توزيع تلك الحصص قد أغلقت وفر أهلها أيضا".
المساجد تنادي وتدعم
وتضامنا مع هؤلاء النازحين في محنتهم، بدأت مساجد بغداد ومنها جامع الشهيدين مناشدة أصحاب الغيرة من الميسورين أن يساهموا في تقديم يد العون للعوائل المنكوبة من أهالي الفلوجة من أغطية وملابس ومؤن غذائية ونقود.
وقال أحمد عبد العزيز: "وجهنا عن طريق جامع الشهيدين نداء لإسعاف المنكوبين ونحن في شهر الخير (رمضان) فقدرنا بتوفيق الله لنا على تزويد أكثر من 150 عائلة من عوائل الفلوجة بعد التحقق من بطاقاتهم التموينية أنهم من النازحين بالنقود والأغطية والمؤن الغذائية لسد حاجة إخواننا من المسلمين".
ويضيف: "غير أن جهود الأهالي الذاتية لن تكفي ولا بد من تدخل الحكومة لتقديم يد العون لمئات الأهالي الذين يعانون أوضاعا إنسانية صعبة".
وقامت مساجد أخرى بنفس النشاطات من بينها مسجد عمر المختار في منطقة اليرموك، وخالد بن الوليد في منطقة الطعمة بالدورة، والحسنين في العامرية.
ولم يتوقف دور مساجد بغداد على ذلك، بل إنها أصبحت أيضا مكانا لمبيت العائلات ليلا خاصة تلك التي تضم عددا كبيرا من النساء.
http://www.islamonline.net/Arabic/news/200...article05.shtml