بغداد والقائم ـ القدس العربي ـ من علي العبيدي: حذر قادمون من مدينة القائم إلي العاصمة العراقية من كارثة إنسانية تهدد المدينة وأهلها نتيجة أشد عمليات محاصرة وقصف للمدينة والمناطق المحيطة بها تقوم به القوات الأمريكية والحكومية منذ حرب عام 2003. ووصف القادمون حجم العمليات والقوات المشاركة فيها وشدة القصف الجوي وبالمدفعية الثقيلة والصواريخ ومختلف أنواع الأسلحة الأخري بأنها الأعنف التي تتعرض لها مدينة عراقية بعد الفلوجة وتركت خراباً كبيراً في المدينة وأجبر الكثير من سكانها علي الهرب منها إلي الصحراء المحيطة بها أو إلي المناطق القريبة منها.
وذكر السيد مازن عبد الله السامرائي الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر العراقية أن الوضع الانساني في مدينة القائم والمناطق المحيطة بها التي تتعرض لهجوم واسع من القوات الأمريكية أصبح صعباً نتيجة لتوقف الخدمات الأساسية عن المدينة ولهروب أعداد كبيرة من سكانها نتيجة شدة القصف الذي تتعرض له أحياء المدينة، وأكد السامرائي أن المنظمة العراقية قامت بارسال شاحنات تحمل مساعدات ومواد الاغاثة الانسانية العاجلة إلي العوائل المشردة خارج المدينة، وأن الجمعية هي الجهة الوحيدة التي تمكنت من الوصول إلي المنطقة محذراً من وقوع كارثة انسانية جديدة. كما أشار مصدر في الصليب الأحمر أن هناك ما يقل عن 250 عائلة نزحت من القائم إلي مدينتي راوة وعنة القريبتين منها، وأنها تحاول إرسال مساعدات إنسانية لمعالجة الوضع الانساني في القائم الذي وصفته بأنه صعب جداً.
ووصف قادمون من القائم في مرآب العلاوي المركزي ببغداد الأوضاع المأساوية في مدينة القائم إلي القدس العربي ومنهم السيد محمد الكربولي الذي هرب بصعوبة من المدينة وجاء إلي بغداد عند أقاربه، أن المدينة تتعرض منذ ستة أيام لشتي أنواع القصف من قبل الطائرات المقاتلة والهليوكوبتر والمدفعية الثقيلة بعد فرض حصار شديد علي كافة مداخل المدينة وخارجها وقطع لكافة الطرق والجسور التي تربط المدينة بالمناطق الأخري، وهو وضع لم تشهده المدينة من قبل من حيث حجم القوات الأمريكية والحكومية المشاركة في الهجوم وعنف الهجوم الكبير علي هذه المدينة الصغيرة المسالمة، مؤكداً أن القصف تسبب في تدمير العديد من البيوت والأبنية في المدينة علي رأس ساكنيها حيث قتل أفراد عائلات بأكملها ودُفنوا تحت الأنقاض. كما أن قطع الطرق والقصف المتواصل يمنع الناس من نقل المصابين من جراء القصف إلي المستشفيات القريبة.
وتحدث السيد محمد عبد القادر السائق علي خط بغداد ـ القائم أنه لم يستطع الوصول إلي مركز المدينة بسبب قطع الطرق وشدة القصف وأن الاتصالات الهاتفية مقطوعة، وأنه شاهد سيارة مدنية أمامه علي الطريق العام قرب القائم قامت طائرة أمريكية بقصفها مما أدي إلي إحتراقها ومقتل سائقها دون معرفة السبب، كما أشار إلي أن مستشفي المدينة قام بإخلاء كافة الجرحي والقتلي إلي مستشفي عنة القريبة منها لتوقف العمل فيه، أما عن القتلي في البيوت المدمرة ومن المقاومة فيتم دفنهم في المزارع وحدائق البيوت مؤقتاً لحين انتهاء العمليات العسكرية منوهاً إلي أن عدد القتلي بين عناصر المقاومة وكلهم من أهل المدينة قليل ولكن أكثر الخسائر تكون بين المدنيين. وأكد شدة المعارك بسبب المقاومة العنيفة لأن المقاتلين هم من رجال العشائر الأشداء وذوي الخبرة في القتال الذين يعرفون ظروف المنطقة وتضاريسها جيداً.
أما السيد جمال الدليمي المدرس في القائم فقد أشار إلي توقف الحياة في المدينة وتعطل الدوام في الدوائر الرسمية والمدارس وإغلاق المحلات ونزوح أعداد كبيرة من أهالي المدينة إلي المناطق الريفية أو الصحراء هرباً من جحيم القصف الرهيب الذي تتعرض له المدينة منذ عدة أيام، مؤكداً أن الكثير من النازحين لجأوا إلي أقاربهم في المدن الأخري بينما بقي الآخرون في العراء تحت رحمة الشمس الحارقة ودون أبسط المستلزمات الضرورية للحياة اليومية ودون اهتمام أو رعاية من قبل الحكومة أو غيرها. وأكد السيد الدليمي أن توقيت شن الهجوم علي القائم يدل علي خبث كبير من قبل الأمريكان لأن هذه الأيام هي فترة الامتحانات النهائية للمدارس والمعاهد والكليات وحتماً ستؤدي هذه الأوضاع غير الطبيعية إلي عرقلة سير الأمور بالشكل الطبيعي وربما إضاعة العام الدراسي بأكمله علي الطلبة، ونوه الدليمي إلي أن المقاومة عنيفة في أحياء القائم وخاصة الرمانة والكرابلة رغم شدة القصف الأمريكي وأن الغالبية العظمي من المقاتلين هم من أبناء القائم الذين ضاقوا ذرعاً باستهتار الأمريكان وإعتداءاتهم علي المدينة وأهلها فقرروا القتال حتي النهاية دفاعاً عن مدينتهم.
وتحدث الحاج عبد الله الراوي الضابط المتقاعد الذي لديه أبناء يسكنون القائم مع عائلاتهم ولجأوا إليه هذه الأيام في بغداد هرباً من القصف الأمريكي فقال: يبدو أن كل حكومة جديدة في العراق تريد تسجيل مأثرة خاصة بها، فحكومة أياد علاوي تسترت علي قيام القوات الأمريكية بتدمير الفلوجة والنجف ومدينة الصدر، وحكومة الجعفري بدأت فترتها بالتستر علي تدمير القائم ولا ندري أي مدينة ستكون التالية في عهدها. وتساءل الراوي: ما الذنب الذي اقترفه العراقيون لكي يتحولوا إلي لاجئين في بلادهم تنتهك كرامتهم ويهربون من مدينة إلي أخري ويعيشون في مخيمات وتدمر بيوتهم وتضيع مصالحهم دون ذنب ارتكبوه سوي عجز قوات الاحتلال عن إيقاف المقاومة؟ وأين دور الحكومة الجديدة التي تدعي أنها أفضل من حكومة علاوي؟ ولماذا لم تقم بأي دور سياسي لمحاولة معالجة الموقف في القائم بغير الطرق العسكرية؟
وذكر السيد عادل عبد الرحمن الموظف القادم من حديثة الواقعة ضمن محافظة الأنبار أيضاً أن القوات الأمريكية قامت ضمن محاولتها لإيقاف العمليات العسكرية ضدها بتقطيع أوصال مدن محافظة الأنبار الواقعة غرب العراق قبل اشهر وحتي قبل البدء بالحملة الحالية علي القائم، حيث قطعت الطرق الرئيسية والجسور التي تربط مدن الأنبار مثل الفلوجة والرمادي والقائم وحديثة وعطلت سير الحياة الطبيعية فيها من خلال فرض حصار صارم علي حركة المركبات والأشخاص سواء بين هذه المدن أو حتي داخلها. وأكد أن أهالي القائم الهاربين من المدينة يجدون صعوبة ومشقة بالغة للوصول إلي المدن القريبة من القائم ويضطرون إلي سلوك طرق ترابية وسط الصحراء بالغة الصعوبة خاصة بالنسبة للأطفال والنساء وكبار السن ومع فقدان المستلزمات الانسانية الضرورية.
وكانت هيئة علماء المسلمين قد أشارت إلي قيام القوات الأمريكية والقوات الحكومية بمحاصرة مدن الأنبار (القائم وحديثة والحقلانية وغيرها) وقصفها بشتي أنواع الأسلحة المدمرة وممارسة شتي أنواع الضغوط عليها لشل كل جوانب الحياة فيها، بمثابة وصمة عار في جبين العالم الذي طال سكوته ووصل حداً لا يمكن القبول به.
http://www.alquds.co.uk/index.asp?code=qp1