{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أبكار السقـّاف(( بنت اليمن))-تلميذة العقاد المنسية- أهدي هذا الموضوع لكل بنات الخليج
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #2
أبكار السقـّاف(( بنت اليمن))-تلميذة العقاد المنسية- أهدي هذا الموضوع لكل بنات الخليج

الدين فى هذا الجانب المتضوع بشذى الإرهاف، والسابق بأرج الحرية والطلاقة، والمحتضن شمالا بادية الشام، والمحتضن بالمياه من جهات ثلاث، شرقا بالخليج الفارسي وبحر عمان، وجنوبا بالمحيط الهندي، وغربا بالبحر الأحمر، رواية ترويها للزمن أنفاس راوية:

إنّ للدين تاريخًا بدأ على هذه الناحية من الدنيا مذ بدأ العقل الإنساني يحفر بين تهم تهامة وأنجاد نجد وسهوب الجنوب وسهول الشمال خطاه متمثلاً بالعنصر العائد بأصله إلى سام بن نوح، والعائد بسكنه شبه الجزيرة إلى آباء قبليين دفعهم إلى هذه الفدافد والفيافى للفرات في "جنّات عدن" هدير "الطوفان"( ) ونشرهم مرور الزمن على هذه الأرجاء قبائل تجمع العمائر، وعمائر تجمع البطون، وبطونًا تجمع الأفخاذ، وأفخاذًا تجمع الفصائل، فعلى صفحة "اليمامة" انتشرت القبائل من أبناء جديس وطسم وفى "الأحقاف" سكنت القبيلة التى تفرعت من أبناء عاد وفي "الحجر" و "وادى القرى"، فيما بين الحجاز والشام، ترابطت الفروع التى انحدرت من أبناء ثمود، وأما فى الشمال الغربى، بين تهامة ونجد، فمرحت فى استعلاء قبائل تعود بأبوتها إلى مالق بن لاوذ وهم من نعرفهم فى سجلات التاريخ القديم بالعمالقة غداة أضيفت كلمة "عم" العـبرية وهى تؤدى معنى أمة إلى أبناء مالق، بينما راحت قبائل أخرى من نفس العنصر تذرع البوادى وتجوب السباسب من جنبات هذه الرمال وكل منها تحمل اسم أبيها القبلى وتضفى بدورها اسم هذا الأب على ما قد اختارته من مكان فى فسحات هذه الأرجاء.. ومن هؤلاء كان أبناء عبيل وكانت ديارهم "بالجحفة" بين مكة ويثرب، كما أن من هؤلاء أيضاً كان أبناء أميم ومدين وثابر وجاسم وحضوراء وحضرموت.










ولكنْ! يد الزمن التي امتدت، والتاريخ ليلاً، فدفعـت من وادى الرافدَين هؤلاء الآباء القبليَين وعلي هذه الأرجاء، نشرت منهم هذه الفروع إنَما كانت كأنَها قد اختطَت خطة وحدَدت هدفًا وكأنّما في مخيلة الزمن كانت حاضرة وبدقة مرسومة أحداث الآتي! فهي بينما كانت تنشر وتطوي هذه القبائل، ليعرفهم التاريخ من بعد " بالعـرب البائدة " كانت تلقي بهم فى تربة الآتى بذور "العرب الباقية " من "عرب عاربة" و "عرب مستعـربة" مختارة، من بين كل هؤلاء الآباء القبليين العائدين بنسبهم إلى سام بن نوح، قحطان بن عابر، وعابر هو هود بن شالح بن ارفخذ بن سام بن نوح، فليس إلا من قحطان قد انداح الليل عن هذه الناحية من الدنيا غـداة أشراق التاريخ بابنيه:
يَعـرب ... مؤسّس مملكة اليمن، حيث سطعت على الدنيا حضارة بعد حضارة توالت وولت بتوالى الدولة المعـينية فالسبائية فالحميرية، ومن أضفى اسمه على شبه الجزيرة فأصبحت تٌعـرف ببلاد العـرب.
وجُـرهم مؤسّس مملكة الحجاز حيث فى هذا الوادى المحجوز بجبال خندمة شرقًا والمعـلَّى شمالاً والحجون غـربًا ومنحنيات أبى قبيس جنوبًا، أسّس ملكاً حجبته العمالقة بظلالها لفترة انتهت برواحهم عن هذا وانتشارهم فى أرجاء الشرق القديم، فمنهم كان "الجبابرة" فى الشام المعروفين باسم الكنعانيين، ومنهم كان الملوك الرعاة الذين عرفناهم فى التاريخ المصرى القديم باسم "الهكسوس"، هذا بينما راحت يد الزمن تدفع مرة أخرى جُـرهم أو هذه القبيلة القحطانية التى ما لبثت أن هبت ومن جديد احتلت هذا الوادى، ومن ثم كان التفريق التاريخى بين جُـرهم الأولى وجُرهم هذه الآخرة التى نعرفها فى التاريخ السياسى العربى القديم بجُـرهم الثانية.

وبجُـرهم عَمَر من أودية شبه الجزيرة هذا الوادى الحاجز بين تهامة ونجد، والحائل بين اليمن والعروض فصيغت بهذه القبيلة القحطانية حلقة وصلت الشام بالمحيط الهندى عن طريق سلسلة من القوافل التجارية، فالمركز الجغرافى للوادى قد جعل منه، منذ حلكة التاريخ، طريقاً مطروقاً للتجارة، لأنه لما كانت القوافل فى تسيارها بالقادمين من اليمن على فلسطين، وبالمصادرين من فلسطين إلى حضرموت تسير فى محاذاة البحر الأحمر متجنبة هضبات نجد ولوافح هجيرها تجنبها لصخور الشاطئ ووعورة مسلكه كان الوادى – بما كان يتخلله من الآبار، وبما كانت متفجرة فيه من العيون – المهبط الطبيعى الذى اجتذب إليه هذه القوافل التى اتخذته بادئاً ذى بدء للراحة مناخاً، ثم سوقاً للتجارة يقع فيه التبادل بين الصاعدين من الجنوب والمنحدرين من الشمال.






الشأن كان شأن هذا الوادى فى العهد الجرهمى الآخر.. العهد الذى لا نسلط عليه للتاريخ الدينى أضواء إلا وعلى هدى "القلم المسند" والنقوش البابلية فى الألف الثالث ق.م التى ذكرت الدولة المعـينية، نرى رشاشاً قد أصاب هذه القبيلة القحطانية من طوفان ذلك الارتحال "العراقى – السورى" الذى اشتد إبان النهضة السامرية بين الرافدين وفى أعقابها وبالتحديد فى غضون القرن التاسع عشر ق.م.. فنحن لا نُسلط الأضواء على هذه القبيلة القحطانية التى اتخذت من هذا الوادى القائم فى ملتقى طرق القوافل التجارية المتلاقية من الشمال والجنوب مسكنًا إلاّ وتناولنا يد الزمن سجِّلات محفوفة بالقدسيّة وعليها جليًا نرى أنّ بين هذه القبيلة قد هبط إبراهيم بإسماعيل وله من العمر ثلاثة عشر عامًا مُقبلاً به من تلك البقاع التى إليها كان قد نزح فى أعقاب النهضة السامرية وعهد "أورنامو( )" غداة ترك إبراهيم "أور" وطنًا وإلى تلك الأرض التى بلغ فيها منشود الثراء المادى وأصبح مرهوب الجانب ومخطوب الودِّ بين الآباء القبليين ارتحل، فليس إلا على هذه السجلات المغلفة بالقدسية نرى أن لهذا الوادى قد اختار إبراهيم ليقيم لإسماعيل ملكاً وضع منه الأساس فقد قام فيما بعد عقد هذه الرابطة بفترة من الزمن سجلتها تلك اللحظة التى وقف فيها إبراهيم على أنقاض معالم قديمة لمعبد عتيق( ) يرسل الصوت فى الأرجاء الجرهمية ليروح بينها أصداء تدوى بأن إليه قد صدر الأمر الإلهى ليقيم للإله بيتًا.. ومن ثم كان قيام هذا "البيت" الذى حتمت لغة بانيه أن يطلق عليه اسمًا بابليًا – ولما كانت الكلمة البابلية للبيت هى "مكة " فقد عرف الوادى نسبة إلى "البيت" بالاسم البابلى للبيت – الذى بنشأته كبيت قدسي بدأت من حوله تقترب الفلول الجرهمية لتستقر بجانبه به متبركة ولتبدأ فى تاريخ المدن مدينة تحمل اسم...
"مكة"
من أنفاس الماشى يأتينا الدليل بأن مكة لم تقم كبيت، وبالتالى كمدينة، إلا غداة عاد إبراهيم لإسماعيل زائرًا بعد أن صار لإسماعيل من جرهم أولاد، إذ ليس إلا بقيام مكة قد بُنى لإسماعيل، بين من بينهم كان قد أصحر ولهم قد صاهر ومنهم قد انسل ملكاً.. فقد أصبح إسماعيل ببناء "البيت" لا فحسب زعيمًا للعرب الحجازيين وإنما مؤسس ملك ما لبث أن أصبح وراثياً، فقد ولى الجراهمة بعد إسماعيل، أكبر أبنائه ملكاً عليهم ليظل هذا الملك







وقفًا على أبناء إسماعيل حتى انتهى إلى "نابِت".. بيد أن لينتهي بنابت لنسل إسماعيل ملكًا فقد انتزع هذا الملك من نابت أخواله بنو جرهم، وبذلك راح القحطانيون يتوارثون ملك الحجاز... هذا بينما كان النسب من إسماعيل يسير باثنى عشر سبطًا حتي "أد" و "أدد" ويسترسل منهما حلقات حتى "عدنان" لتتشعـب الفروع من عدنان قبائل وشعوباً ورهوطًا وعمائر وبطونًا وأفخاذًا، وليتكون بذلك، بجانب القحطانيين، العدنانيون، ولتمرح على هذه الصفحة من الدنيا، بجانب العرب العاربة، العرب المستعربة التى بإشراقها على صفحة التاريخ تفجّر فجر غاضب لتفجره سحرٌ فى غضونه كانت يد الزمن تُسطر رواية:

التفكير الدينى فى العصر الجرهمى الآخر
من السجلات الدينية للتاريخ القديم يأتينا عن لون التفكير الدينى فى هذا العصر اليقين بأن الله إنما اسم فيه رجع الصدى لاسم إله السماء الذى كان معروفاً بين الرافدين تحت اسم إيل أو الإله... فعلى هذه السجلات نرى أن بقيام مكة فى هذه الوادى لله معبداً لم تنشأ عبادة جديدة محورها "الله" وإنما تركزت عبادة قديمة محورها "الله".. فليس إلا غداة امتزج الدم الجرهمى بالدم الكلدانى وأثمر هذا المزج المزيج من أصول عدنان التى امتزج بها اللسان البابلى باللسان القحطانى كان أن تحوّل، فى تحوير طفيف النطق من "إيل" إلى إله وبالتالى إلى الله!
"الله" إنما محور التفكير الدينى فى العصر الجرهمىّ الآخر ففى "الله"، كواحد إليه بأسبابها تعود الأسباب ومقاليد الكون وأمر الكائنات، انحصر فى العهود العربية التفكير الإلهى وانحصرت العقيدة الدينية التى سجلت ما قد كان للعرب الأول خلال هذا العصر من شريعة انبسجت أصولها من ينبوع هذا التفكير الذى جاء بدين يحمل اسم:
الدين الحنيف
كون المعتقد الإلهى لجرهم الثانية هذا الدين الذى جاء كنتيجة حتمية للعقيدة الإلهية التى رفت على العصر وانحصرت فى الاعتقاد بأن الله إنما واحد لا شريك له ولا معين ولا ظهير .. متصف بصفات الكمال من الحياة والقدرة والإرادة والعلم.. موصوف بصفات العلم من السمع والبصر لا تشبه ذاته الذوات ولا تضاهى صفاته الصفات... ليس كمثله شىء منزه هو عن كل ما يحلق به من صفات الأجسام وحوادث الأعيان وهو، والنور إنما أظهر العناصر، نور ... وهو، وهو الواحد الذى لا شريك له، المتفرد بملك ملكوت السماء والأرض تفردًا به إليه تعود أسباب الضر والنفع والمنح والمحن عودة تعود بأسبابها إلى امتلاكه لغير هذه الخاصيات من خواص الألوهية.




عن هذه العقيدة الإلهية للعصر الجرهمى الثانى تتنفس صدور الكتب الإسلامية( ) مؤكدة بأن العقل البشرى تحت صبغته العربية خلال هذا العصر كان مدركاً بأن لا معبود بحق فى الوجود سوى الله... وأنه الإله الواحد... الملتجأ إليه فى جميع الأمور ... المتوكل عليه فى جميع الشؤون... وأنه، ولئن كان متفرّداً بملك الضر والنفع، يستحيل وصفه بالظلم إذ هو الملك المقسط بالعدل... ولا يجب عليه شىء ... بل هو المتفضّل على خلقه وله الفضل عن كل شبيه ومعارض.. عالٍ على عرشه.. دانٍ بعلمه من خلقه، أحاط بالأمور، وأنفذ فى خلقه سابق المقدور.. يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.. دافعاً خلق الخلق بمشيئته من غير حاجة كانت به وأمره نافذ فيهم فلا ينجيهم حذر .. بآجالهم ميتون... وبعد الضغطة فى القبور مسؤولون، وبعد الردى منشورون... ويوم القيامة إليه، لحساب بعده الجزاء من ثواب أو عقاب، يُحشرون!

لا ثمة شك فى أن معتقدًا إلهيًا ينحصر فى الاعتراف بألوهية إله ماهيته الماهية كان حتما أن يكون نتيجته هذا الدين الذى سجل للعقل الإنسانى استقامة فى عهد باكر من تاريخ حداثته.

ولكن! لئن سجّل العقل الإنسانى لنفسه فى هذا العهد الباكر من تاريخ حداثته استقامة فليس لا ليسجّل فى نفس الوقت على نفسه كبوة كباها فى هذه الحداثة التى ليست إلا رضوخًا لها واستجابة لإملاءاتها كان أن توهجت منه العاطفة، عاربًا ومستعبرًا، بلهب ما قد قدحته المخيلة الفجّة منه فى أرجاء فكره من شرر الخيال فقد انطلق منه الشعور فياضًا تحت فيض الانفعالات النفسية يحفّ الإله، وهو الذى كان قد آمن بأن مسكنه السماء وعال عرشه، بحاشية نحوها كان حتمًا أن تجنح منه المخيلة وتعود إليه بأطياف مجنحة حاكها من مادة الوهم!... بل فى وهمه تمادى فامتد يقول بأنها، وهى حاشية الإله النورانى الطبيعة، نورانية العنصر ومن ثم اختلجت منه الشفاه تسميها بالأملاك وبالتالى: الملائكة.
وأما أين مسكن هذه الكائنات النورانية التى لها قد خلق الإله؟ فسؤال أسهر المقلة العربية وأرسلها تجوب ليلاً الآفاق مستشفة أى النواحى من كل هذه الأرجاء هو المسكن لهذه الكائنات التى تقف فى مرتبة أدنى من مرتبة الإله.
وبالأنجم فى إطار الفضاء علقت من العقل، ليلاً، الأهداب، وإليها راح فى آفاق صحرائه يصبو ويطلع على أسس ما قد كان له بها سابق علم، فقد كان له بالأجرام العلوية علم وكان له بحركة هذه الأجرام اشتغال لاشتغاله بالرصد فيما يتعلق به غرضه الذى أدى إلى



معرفته بأقسام فصول السنة والأبراج الأثنى عشر التى كان قد اعتبر الأضواء منها شاهدة على أن للكون سيدًا واحدًا عليًا مسكنه السماء هو من تناديه شفتاه!... الله! ولكن! خفق الأضواء قد ألقى فى الوجدان العربى وجدًا! وجاوب خفقها للجوانب من هذا الوجدان خفقًا فازدادت المخيلة من العقل العربى نحو هذه الأجرام المتلألئة فى آفاق صحرائه جنوًا وراحت، فى الجنوب والشمال تحت فيض هذه الانفعالات، تتخيل أن من قد اقتنعت بوجودهم من الملائكة إنما فى هذه الأنجم تسكن؛ كما تسكن الروح الجسم وبما خالته الخميلة راح العقل العربى مقتنعًا فآمن بأن الملائكة إنما تقف فى خدمة الإله مكلفة بمراقبة الكائن وحكم الكون، وعند هذا الحد من الاقتناع توقف من العقل المنطق وبه وقف فهو إلى الأنجم بالعبادة، حنيفًا، لم يتجه ذلك الاتجاه الذى سجله على نفسه بناحية من العقلية العربية أخرى غداة إلى هذه الأجرام السماوية، فى ليل البيد، صبا الخيال منه صبيًا فسجلت صبوته:
الدين الصبائي
بداية من هنا إلى "صابى" بن شيت بن نوح، وصابى اسم يعني بالبابلية "النجم" يعود بأسباب نشأته هذا الدين الذى جرى بجانب الدين الحنيف غير مختلف عنه فى الجوهر الأساسى من المعتد الإلهى إلا من صور التعبد وإلا من شكليات العبادة، فبينما كانت قد رجحت فى الدين الحنيف على الناحية العاطفية الناحية العقلية كانت الناحية العاطفية فى هذا الدين، الدين الصبائى، قد تغلبت على دعائم منطق استمد من الينبوع العاطفى مدده فجرى قائلاً:
إن الله، الإله الساكن السماء، إنما ذو كينونة سامية... ومن ثم تعالى المتعالى عن أن يتصل بالكون وبالكائنات إلا بواسطة وسطاء تقف فى المرتبة وسطاً بين الألوهية والبشرة وعلى ذلك يكون من المحال الاتصال بالإله إلا عن طريق من قد خلق من الملائكة.

ليس إلا بدافع من هذا المنطق كان أن اتجهت المقلة العربية إلى "الشعرى اليمنية" وعلى جناح الرجاء إليها ارتفعت ليظل هذا التعلق من بعد متوارثاً فى بعض قبائل لخم وقيس وخزاعة التى لردح من الزمن ظلت تتخذها واسطة إلى الله.

ليس إلا بدافع من هذا المنطق كان أن ارتفعت هذه المقلة إلى "سهيل" لينحصر، من بعد هذا الاتجاه فى قبائل طيئ ولتتوارث طيئ لأجيال اتخاذه زلفى إلى الله!..

وليس إلا بدافع من هذا المنطق كان أن علقت هذه المقلة بالثريا لتظل هذه المقلة بها عالقة حتى رسخت لأجيال فى بعض قبائل طيئ عقيدة اتخاذها زلفى إلى الله.




إلى نجم بعد نجم وإلى كوكبة بعد كوكبة صابئيًا صبا العقل العربى صبيًا فى نفس الوقت الذى اتجه فيه إلى كوكب بعد كوكب يتخذ الواحد بعد الآخر شفيعًا له إلى الله.

إلى "عطارد" اتجه ليظل هذا الاتجاه من بعد محصورًا فى قبيلة أسد التى، لأجيال، اتخذته زلفى إلى الله.
وإلى "المشترى" اتجه ليظل من بعد هذا الاتجاه محصوراً فى قبائل لخم التى، لأجيال اتخذته أيضاً زلفى إلى الله.
وإلى "زحل" اتجه ليظل هذا الاتجاه لأجيال، فى أم القرى متوارثًا ولينعقد الإيمان على أنه أيضًا شفيع إلى الله!

إلى كوكب بعد كوكب وكوكبة بعد كوكبة ونجم بعد نجم اتجه العقل العربى صبياً فى الجنوب والشمال من شبه الجزيرة العربية اتجاهه فيهما إلى القمر وإلى الشمس فى غير انحراف من الاعتقاد بأن الشمس إنما، كالملائكة، ملك له نفس وعقل، وأنه لما كان له وحده ملك النهار فهو بالتعظيم طيلة النهار جدير، وأن القمر أيضًا له نفس وعقل وهو وإن كان غير متفرد بحكم الليل إلا أنه له فى ليالى التمام ملك الليل ومن ثم فهو بالتعظيم أيضًا جدير.. فمن "القلم المسند" لآثار معين وسبأ ومن النقوش الحميرية يأتينا الدليل على أن الاتجاه إليهما قد رفّ على أرجاء شبه الجزيرة خاصة الجنوب الذى اتخذهما وسيطين إلى الله إلى جانب اتخاذه قوى مؤلّهة أخرى تحمل أسماء: مالك وعزيز ورحيم ورحمن!

إلى الأجرام الكونية فى إطار الفضاء صبا العقل العربى صابئياً على أسس ما قد سكن فى مخيلته من الاعتقاد بأن للملائكة مساكن وعلى أسس ما قد انعقد فى طواياه من استحالة الاقتراب من الله إلا بواسطة الوسطاء ومن ثم راح يتجه إليهم فى صلاته إلى الله بهم له متشفعاً ولما كان لابد للصلاة من نقطة عندها تلتقى وجوه المصلين فقد اتخذت "القطبية" فى الصلاة إلى الله قبلة!

كلا! ما شذ العقل الإنسانى صبياً على هذه البقعة من الأرض عنه فى أية بقعة من بقاع العالم عندما راح يتخذ الملائكة إلى الله زلفى وبها إليه يتشفع.. فمنه الشعـور بعظمة سيّد الكون قد اشتد حتى عمق عمقًا وجد نفسه تحت تأثيره غير جدير حتى بلفظ اسمه كما وجد نفسه أمام هيبته هياباً لا يستطيع منه الاقتراب إلا بواسطة من يحفّ به من حاشية.. ومن ثمّ كان اتجاهه إليها يتخذها إليه زلفى ويُرسل إليها تضرعاته بها إليه متوسلاً، لا يعبدها لذاتها وإنما يتعبد بها إلهاً عبادة ما انحرف بها عن الإيمان بالوحدانية إذ راح ينعتها بنعت هو صورة لفظية أخرى للمعنى من كلمة "سادة" تفرقة منه بين المعنى الدال على السادة من



الناس والمعنى الدال على السادة من هذه الكائنات التى تقف موقفًا وسطًا بين الألوهية والبشرية، ولما كانت كلمة الأرباب هى هذه الصورة الأخرى لكلمة سادة ناداها:
الأرباب...
وباتخاذ "الأرباب" شفعاء والاتجاه إليهم فى الصلاة إلى الله واعتبار الله لهؤلاء الأرباب أيضاً رباً، ومن هنا كان تعريفه بأن رب الأرباب جرى، بجانب الدين الحنيف، الدين الصبائى ليغتمر العصر الجرهمى الآخر دينان لا يختلفان فى أسس العبادة الجوهرية من الالتقاء عند عقيدة واحدة تنحصر فى الاعتراف بألوهية "الله" إلهاً مسكنه السماء، محفوفاً بهذه الحاشية من الملائكة التى خلقها من نفس عنصره النورى.. ولكن.. عند رأيين جريا فى تعارض جوهرى يتعارضان، يفترق الدينان، فبينما كان الدين الصابئي يرى بأنه لابد من وسطاء فى الاتجاه إلى الله كان الدين الحنيف معرضاً عن اتخاذ الملائكة شفعاء وزلفى إلى الله لاغياً بينه وبين الله وساطة أى وسيط إلا خلجات النفس ومواجد القلب!
هذا هو الفرق الجوهرى بين الدين الحنيفى والدين الصبائى اللذين لم يختلفا فى الماهية كتعبيرين ظاهرين فى الخارج لما يجيش فى الداخل من إحساس فطرى لوجود قوة حكمية تهيمن على الكون والكائنات واللذين حفرا فى سجل التاريخ الدينى لهما تاريخاً غداة انحسر الزمن عن بناء:
مكة، كعبة الدين الحنيف والدين الصابئى
من حول مكة أو"البيت"، كعبة تلاقى فى غير تنافر الدينان بفروع التى التفت فى تشابك من قحطان، وبالأصول التى امتدت لتكون من بعد عدنان غداة امتلكت قبضة أبناء إسماعيل الأمر من أمر هذا "البيت" الذى لصلته بالساكن السماء غدا يعرف باسم: "بيت الله"
لا ثمة شك فى أن بامتلاك "البيت" امتلك أبناء إسماعيل الحكم السياسى لهذا الوادى الذى لم يستقم لهم إلا على أسس المعتقد الدينى الذى رفّ على الرجاء الجرهمية بأنهم ولاة هذا "البيت" الذى راح من حوله منهم الصوت للأجيال يحدث بقصة إليها نصغى فنسمع:
إن "بيت الله" إنما بيت على الأرض يقوم شبيهاً ببيت آخر للإله فى السماء.. بل إن فى نفس الموقع من بيته فى السماء يقع بيته على الأرض.. وإن لبنائه كان سببًا هو:"إنه حين طرد الإله أبوى البشر من الجنة هبط كل منهما فى مكان مختلف عن الآخر، آدم على قمة جزيرة سردنيس "سيلون" .. وحواء على ضفة البحر فى جدة.. ولقرنين من الزمن ظل







كلاهما فى تيه الأرض عن الآخر تأئهًا حتى نالاً الغفران فتلاقيا على جبل "عـرفة" حيث من أعماق تملكها شجن الحزن ومن أغـوار استبد بها تبكيت الندم رفع آدم بيديه إلى السماء ضارعًا إلى الله ومتضرعًا إليه أن يهديه بيتًا شبيهًا بذلك الواقع فى السماء السابعة والمسمى "الضراح" .. فهو "البيت المعمور" الذى كان آدم نفسه من حوله يطوف فى "جنة عدن" وتطواف الملائكة فى مواكب تعددية من حوله سبعًا كان فى تقليد لصورة هذا التعبد الملائكى يطوف متعبداً من حوله سبعًا..

وتسترسل القصة فتحدث:
واستجيبت دعوة آدم وإجابة لمطلبه أنزل الإله من السماء، محمولاً على أجنحة الملائكة، بيتاً مبنيًا من النور شبيهًا تمام الشبه "بالبيت المعمور" ووضعت الملائكة هذا "البيت" فى المكان الذى يقع تمامًا تحت ذلك القائم فى السماء.
واطمأن فؤاد آدم وبدأ نحو هذا "البيت النورى" يتجه فى الصلاة كما بدأ يطوف يومياً من حول هذا "البيت" سبع مرات فى تقليد لشعائر وطقوس التعبد الملائكى لدين ملائكي هو:
الدين الحنيف
ثم .. ثم إن بوفاة آدم رفع هذا "البيت" المبنى من النور فما نزل إلا خصيصاً لآدم!.. بيد أن ليقوم مكانه "بيت" آخر به شبيه وعلى نفس الهيئة والشكل ولكن من جبلة الأرض ومادتها.. فمن الحجر والطين وعلى نفس المثل والشكل بنى "شيث" للإله بيتًا ومن حوله قام مواظبًا على أداء شعائر دين الله... وتوارث رعاية "البيت" من بعد شيث ابنه "صابى" الذى إليه يعود بنشأته الدين الصابئي.. ولكن هذا "البيت أيضاً قد دُرس بمجىء "الطوفان" الذى لم يترك إلا منه معالم ظلت قائمة على هذا الأكمة الحمراء التى لا تعلوها السيول والتى كان الناس قبل إبراهيم يعلمونه أن موقع "البيت" عليها يقع... فقد كان إلى ما قد تبقى من معالم هذا "البيت العتيق" يأتى المظلوم والمتعـوذ وعند أطلاله كان يدعوا المكروب.. ولم يزل "البيت" أمره الأمر حتى جاء إسماعيل وأصْحر بين جرهم الآخرة ولسيدها صاهر... فلم يقم على أساس "البيت العتيق" بيتاً جديدًا إلا غداة أطلق إبراهيم الصوت فى الأرجاء الجرهيمة منادياً إن الأمر الإلهي إليه قد صدر ببناء مكة( )!

بهذه القصة تتنفس صدور الكتب الإسلامية وترويها نقلاً عن شفاه العدنانيين من أبناء




إسماعيل ولكن.. عند هذا الحد من القصة لا يقف أبناء إسماعيل، وإنما هم يسترسلون فيروون رواية لها ينبغى أن ينصت، أيضًا ، منا المسمع ولها يجب أن يتنبه منا الذهن فروايتهم إنما قصة هى إذ تحدثنا بأن بناء "البيت" قد حدث بعد أن أصحر إسماعيل بين قبيلة جرهم الثانية ولها صاهر وصار له منها أولاد تعلموا العربية من قحطان العاربة وأصبحوا "العرب المستعربة" فليس إلا لتسترسل وفى شرح سارد تقول: بأن غداة جاء إبراهيم إلى هذا الوادى زائراً إسماعيل وله قال إن الله أمرنى أن ابنى له بيتاً قام إسماعيل يساعد إبراهيم فى بناء هذا "البيت" الذى قام على أنقاض ذاك البيت العتيق وأنهما لما فرغا من البناء نادى إبراهيم فى جرهم:
"أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق!".. ثم "خرج إبراهيم بإسماعيل ومن ورائهم الناس يعلم شعائر الحج إلى التروية فنزل ومن معه من المسلمين "مني" فصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ثم بات حتى أصبح فصلى بهم الفجر... ثم سار على "عرفة" فقام بهم هناك حتى إذا مالت الشمس جمع بين الصلاتين الظهر والعصر... ثم راح بهم إلى الموقف من "عرفة" الذى يقف عليه الإمام.. فلما انحدرت الشمس دفع من معه حتى أتى "المزدلفة" فجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء الآخرة، ثم بات ومن معه حتى إذا طلع الفجر وصلى الغداة وقف على قزح حتى إذا أسفر دفع بإسماعيل ومن معه يريه ويعلمه كيف يصنع حتى رمى الجمرات وأراه المنحر ثم نحر وحلق وطوف ثم عاد إلى "منى" حتى فرغ من الحج( )..."
لا ثمة شك فى أن هذه الرواية التى يرويها أبناء إسماعيل عن إبراهيم إنما رواية لا يذكرها "العهد القديم" المرجع الأول عن إبراهيم، ولكن الشىء الذى يهمنا فى هذا الصدد هو ما تطلعنا به طيات الكتب الإسلامية( ) التى تذكر أن الله كإله واحد كان معروفاً فى العصر الجرهمى وأن "البيت العتيق" قد جُدّد بناؤه فى العصر نفسه وعرف باسم "بيت الله" وأن العرب من عاربة ومستعربة وصابئة وأحناف على سواء كانت تحج إليه فى مراعاة لجميع المناسبات الدينية وفى التزام لشعائر المناسك واستمساك بمشاعر الحج من طواف ونحر ورمى جمرات إلى جانب القيام بهذه الصلوات الخمس.

وتسترسل المصادر الإسلاميّة وعن التفكير الدينىّ فى هذا العصر تحدّثنا، فهذه المصادر لا تقف عـند القول بأنّ العـرب من فروع قحطان وأصول عدنان كانت فى معتقدها الدينيّ




تؤمن بوجود الله كإله واحد وأحد ولا فحسب بأنها كانت تلتزم بما يفرضه هذا الإيمان من أصوات التعـبّد وأحكام العبادة فتؤدى الحج والصلاة ولا فحسب بأن العربى الصابئ كان يؤدى هذه الصلوات الخمس( ).. وإنما هذه المصادر تعرّج بناء على ناحية أخرى دقيقة من مظاهر التعـبد التى تطالعنا بقيام هذا "البيت" وهى تحول القبلة الصابئة من "القطبية" على هذا "البيت الذى إليه راح الوجه الحنيفى والصابئى على سواء يتخذه فى صلاته إلى الله: قبلة.
فى الصلاة إلى الله غـدا "البيت" قبلة فغدا كعبة من حولها يلتف بأصحابه الدين الحنيف وبأصحاب الدين الصابئي وهذه إنما حقيقة تتنفس عنها صدور الكتب الإسلامية التى تعرّج بنا أيضاً على الناحية الإنسانية التى تميّزت بالإرهاف، وعلى الناحية الخلقية التى تسامت إلى السمت من قمم القيم الأخلاقية، اللتين ولدهما فى النفس العربية الشعـور بأن صاحبها يجاور "بيت الله" هذا البيت الذى أضفى قدسيته على ما حوله من أرض حتى عرفت مكة بأنه: بلد حرام.

يقينًا.. لقد كان حتمًا فى "البلد الحرام" أن تنمو الحاسة الأخلاقية وأن تتخذ مظهرها الواضح فى صورة الاتجاه نحو الفضيلة.. كما كان حتماً أن ينبثق الشعور بالواجب.. نحو النفس ونحو الغير، وأن يتخذ مظهره الواضح فى صورة الاتجاه نحو الخير.. ففى "البلد الحرام" كان حتمًا أن يبطل الظلم ويقوم الحق وفى "البلد الحرام" كان حتمًا أن تحارب النفس الغرائز وأن تعلوا عليها بسلطانها، ولهذا كان التاريخ الأخلاقى فى هذا العصر تاريخ وصل الأرحام والعون على نوائب الحق وإكرام الضيف إلى غير هذه المبادئ مما يحتويه قاموس القيم الأخلاقية من مبادئ.. كما أن الناحية الإنسانية قد برزت بروزًا واضحًا كان من أبسط معالمها عدم إيذاء.. أى كائن حي.. حتى الوحش والحيوان إذا كان "بالبيت" يلوذ وللسبب رفت على الوادى هدأة من الطمأنينة وضحت آثارها غداة استعادت جرهم الحكم للوادى ومحل نابت من أبناء إسماعيل حل مضاض بن عمرو الجرهمى الذى قد ولى "البيت" وهو يقول:
ونحـــن ولّــــــينا البيـت بعــد نــابت *** نطـــوف بـذلك البيت والخـــبر حاضر

الحال كان حال الوادى غداة استعادت جرهم الحكم السياسى فيه وقبضت قبضة قحطان على مفتاح "البيت" فللبيت فى العهد الجرهمى الآخر قد أصبح مفتاحاً وعنه توارث العرب الرواية القائلة بأن "تُبعًا"، أحـد ملوك اليمن، قـدم مكة فطاف بالبيت وأقـام
أيام ينحر فيها للناس ويطعم أهل مكة ويسقيهم "العسل المصفى" وأنه قبل أن يعود إلى بلاده



كسا البيت بالملاء والوصائل، أى البرود اليمنية، وفى ذلك يروون له شعراً يقول:
وكــســــونا البيت الــذى حـــــرم الله
فأقـمـــــــــنا بــه من لشــهـر عـشــراً ***
*** مــــــــلاء منضـــــداً وبــــــــــــروداً
وجـــعــــلنا لبــــــابــه إقـلـيـــــــــــدا

وتسترسل القصة وتقول بأنّ "تبعًا" أوصى "بالبيت" ولاته من جرهم وأمرهم بتطهيره وإلا يقربه دمًا ولا ميلاثًا جعل لبابه مفتوحًا هو هذا الذى ما امتلكته جرهم إلا ودان تماماً لجرهم ملك مكة بينما كانت يد الزمن تنثر أبناء إسماعيل فى أرجاء البوادى وتكونهم قبائل وتسطر بهم فى السجل الدينى لوناً من التفكير جديد سجل:
نشأة الأوثان
إلى أبناء إسماعيل تعود بأسبابها نشأة الأوثان غداة انتزع منهم أخوالهم الجراهمة ملك مكة وأقصوهم عنها إلى حيث راحوا يتفسحون فى فسحات البوادى سعيًا وراء العيش.. فإنه لما كان قد علق فى أذهانهم من أن إلى أرومتهم يعود بناء "بيت الله" كان لا يرتحل منهم عن مكة مرتحل إلا واحتمل معه حجراً من حجارة الحرم... صبابة بمكة وتذكرة له بها! وحينما حل فى مكان من أرجاء شبه الجزيرة وطاب له فيه الاستقرار وضع هذا الحجر وتمثل فيه الكعبة وعكف على الطواف به كطوافه بالبيت فالعدنانى الذى كان قد فارق مكة إنما كان قد فارقها مجبرًا والقلب منه مولع بحب بيت يرى فيه الرابطة التى تربط الفروع من إسماعيل بوحدة نسبة هو عليها من الضياع أو التفكك جد ضنين، وليس إلا تحت ضغط من هذا الدافع كان احتماله لهذا الحجر فى ترحالاته فى أرجاء منفاه ولكن!.. ليؤدى ذلك والأيام تقتطع من عمر الزمن أجيالاً إلى توارث الاتجاه إلى هذه الحجارة واتخاذها قبلة لا فى الصلاة لذاتها وإنما وسيلة فى عبادة الله!

هذا هو فى سجل التاريخ الدينى لهذا العصر تاريخ نشأة الأوثان فليس إلا تحت هذا اللون من ألوان العبادة والصبابة بمكة، كما تسجل هذه الحقيقة السجلات الإسلامية، كان الاتجاه إلى هذه الأحجار التى قط لم تتخذ فى عبادتها لذاتها وإنما اتخذت قبله فى الصلاة إلى الله لأن فيها تتمثل الكعبة! فليس إلا تبعًا لقدسيّة الكعبة اعتبرت هذه الأحجار مقدّسة فليست إلاّ تلك الأحجار التى كان يأخذها العربيّ العدنانيّ معه في ترحالاته من البناء المقدّس هي ما نعـرفه بالأوثان!

وهكذا تتجلّى لنا الحقيقة المطويّة في صدور التاريخ، فنعلم بأنّه ليس إلاّ تمثلاً بالكعـبة التى كان العدنانى قد فارقها مُجْبرًا وليس إلاّ بسبب تعظيمه لبيت عنه كان قد أُبْعد اتّخذ هذه الأحجار التى حملها منه وسيلةً نحوها في صلاته إلى الله كان طيلة العام يتّجه لا يكفّ



عن ذلك إلاّ حين يقدُم ليؤدي شعائر ومناسك الحجّ كلّ عامٍ فى مكّة. فليس إلاّ لعبادة من في السماء والصلاة إليه من خلالها إتخذت الأوثان، أو على الأصح قـولاً اتخذت هذه الأحجار المكيّة وسيلة فليس هناك في أرجاء شبه الجزيرة من وثنٍ اتُخذ فى ذاته للعبادة إليه وإنّما وسيلة فى الصلاة إلى الله!

والآن.. الآن وقـد علمنا بأنّه قط لم تنشأ الأوثان إلاّ بسبب تقديس مَنْ في السماء فليس إلاّ لنعلم بالتالى بأنّه ليس إلاّ للسبب نفسه قد سجَّل التاريخ الدينيّ:
نشأة الأنصاب
إلى المخيلة العربية فى طور حداثتها تعود بأسبابها نشأة الأنصاب؛ فإن المقلة العربية التى كانت قد علقت بالفضاء إنما إليه كانت قد جنحت على جناح هذه المخيلة فتخيلتها سماء صلبة، وليس هذا فحسب وإنما راحت مؤمنة بها تسرب إليها من الخارج فقالت بأنها متكونة من طباق سبع أعلاها مكانًا لعرش عليه الإله قد استوى محفوفًا بمن يعج به ملكوته من كائنات مجنحة خلقها من نفس عنصره النورى ومن ثم علقت الأهداب بهذه السماء لها مقدسة.. ومن ثم اعتبرت كل ما يتساقط من أعالى مقدسًا! ليس إلا بعامل هذا الإيمان كان أن تخيل العقل العربى الأحجار النيازكية الهاوية من الشهب أحجارًا من أرض السماء قد تساقطت ومن ثم مقدسة وليس إلا بدافع هذا الإيمان كان أن نشأت الأنصاب.. قط ليس إلا بسبب التقديس المرهف للسماء أضفى العقل العربى على هذه الأحجار قدسية وطوف من حولها بها متبركاً لها يتحسّس وبها يتمسّح بل يدفعه سعير الحب بمن فى السماء إلى أن يهوى عليها لها لاثماً!

ولكن.. كالأوثان لم تتخذ الأنصاب فى الصلاة إلى الله وسيلة وإنما للتبرك وليس إلا قصد التبرك أقبل المؤمنون عليها، صابئة وأحنافًا، مؤمنين بأنّها من أرض السماء قد سقطت إلى الأرض ومن ثمّ فإيداعها الحرم ومن ثمّ فتطواف الزمن من حولها يُزيدها في قلوب المؤمنين قـدسيّة قـبل أنْ تمتدّ يده فتنثرها وتطويها فى طيّات الماضى ولكن في احتفاظ بحجرٍ واحدٍ كان الأهم من بين هذه الأحجار والأعظم.. هو هذا الذى يحفّ به في التاريخ الدينيّ صوت يعرفه حجرًا من السماء وينعته "بالأسعـد".. الحجر القائم حتى عصرنا الحاضر في فناء "البيت" حاملاً اسم: الحجر الأسود.

التفكير الدينى كان التفكير والأيام تقتطع من عمر الزمن للعصر الجرهميّ الآخر عهودًا حتى آن، تبعًا لسُنّة الكَون المحتومة، آن مغـرب الحكم الجرهمى بمقدم تلك القبيلة التى أقبلت من جنوب شبه الجزيرة، بعد سيل العرم، من قبيلتين تحملان اسمي الخزرج والأوس



والتى، بينما كانت الأوس والخزرج قد واصلتا ترحالهما وحلتا فى يثرب، كانت قد احتلت مكة وعرفت أرجاء شبه الجزيرة أن ملك مكة قد دان لهذه القبيلة التى تحمل اسم خزاعة.. هذه التى سجل بها التاريخ السياسيّ فى شمال الجزيرة إشراقًا لعصرٍ جديدٍ في غضونه يطالعنا:
التفكير الديني في العـصر الخـزاعي (207 ـ 440م)
استهل التفكير الدينى فى هذا العصر تاريخه بعمرو بن لحي غداة تغلبت قبضته على قبضة جُـرهم فانتزعت منها "مفتاح البيت" وبالتالى مُلك مكة الذى تبدّد من يد عمرو بن مضاض الجُرهمي مَن قد فارق مكة، منفياً، يطلق فى مسمع الزمن صيحة تفجّرت بها مشاعـره من شعـر فيه الدليل الأوفي علي ما قد كانت عليه مكانة مكة في العصر الجُرهمي كما أنّ فيه أيضًا الدليل علي الناحية الإنسانية التى ولّدها الشعـور بأن صاحبها يجاور "بيت الله":
فسحّت دموع العـين تبكي لبلدة بها حرم آمن وفيها المشاعر وتبكى لبيت ليس يؤذى حمامة تظل به أمنا وفيه العصافير وفيه الوحوش لا تزال أبية إذا أخرجت منه فليست تغادر!
وإلى جانب الناحية الإنسانية التى كانت عليها مكة فى العصر الجُرهميّ والتى تطلع علينا جلية من ثنايا هذا الشعـر فإنما أيضاً تبرز الناحية الأخلاقية من خلال صيحة أخرى لمضاض فى عمرو وهو يترك له مكة حتي ليتجلّى واضحاً الأثر الأخلاقى الذى كانت عليه مكة فى العصر الجاهلى: "يا عمرو. لا تظلم بمكة!".
وفى "البلد الحرام" بدأ فى تيار الزمن مسيرة الحكم الخزاعى ليسجل أن الزمن قد إزداد إمعاناً فى نشره أبناء إسماعيل على صفحة الصحراء قبائل سارت بها الأيام وهى فى غير تيهٍ تمرح فى متاهات هذه الأرجاء وحينما كان من هذه الفسحات مكانها فهى أبداً تتجه نحو "بيت الله" وله تعظم وعن عقيدتها فى الوحدانية لا تحيد، فهى لا تحيد عن الاعتراف بأن الإله الواحد هو الله وشأنها فى هذا الإيمان كان أيضاً شأن خزاعة، فسجلات التاريخ العربى إنما تسجل بأن المعتقد الدينى الخزاعى قد انحصر فى الاعتراف بألوهية الله، ويقيناً إن الاعتراف بألوهية "الله" إنما طابع قد طبع العصر الخزاعى كما قبل قد طبع العصر الجرهمى وشأنه فى العصر الجرهمى كان شأنه فى هذا العصر عقيدة جوهرية وقط لها لم تنل بخدش ما قد استجدت خلال هذا العصر من صورة التقرب فى العبادة إلى الله التى سجلت:
نشأة الأصنام أو التماثيل:
إلى عمرو بن لُحي الخُزاعيّ، سيّد مكّة، تعود بأسبابها نشأة الأصنام أو التماثيل على هـذه الناحية من الدنيا غـداة عاد مرّة من البلقاء فى الشام يحمل تمثالاً منحوتًا من العقيق الأحمر


ويمثل شيخًا كثّ اللحية وضعه فى "بيت الله" ووقف بجانبه يعلّم الناس أنّ صاحبه إنّما صورة مجسّمة من الشفيع على الله فى طلب الغيث وأنّ اسمه: هبل.
ومن حول الشفيع إلي الله في طلب الغيث كات حتمًا أنْ تشرئب الحناجر الظمآي إلي الماء في بلدة عطشي إلي الإرتواء... ومن ثمّ كان حتمًا أنْ تروح هذه الحناجر الصادية ترتشف من ينبوع الوهم ومنه تنهل وترتوي بترديد اسم:
هـبل:
وهبل؟! إن هبل إنما اسم لا اشتقاق له فى العربية من معناه فهو اسم عبرى الأصل شطر بمداد كلدانى بحث فإنه أصله إنما "هبعـل" أو بالأصح "هـ + بعـل" ومعنى بعـل إنما "السيد" وأما "الهاء" فهى أداة التعريف فى العبرية وبإضافة هذه الأداة إلى "بعـل" يريدون "رب المدينة" .. أما "العين الزائدة" فسهل إهمالها بالتخفيف، ثم ضياعها بالاستعمال خصوصاً فى لفظ "بعـل" لأن الكلدان كانت تلفظها "بل" بإهمال "العين" ولا تعنى بها الإله المعروف لديها تحت اسم "إيل" وإنما نعـنى بها ربًا يقف بينها والإله وسيطاً!
هذا هو "هـبل" فى ضوء التاريخ الدينى، والأصل من "هـبل" كان الأصل، والاتجاه إليه فى العصر الخزاعى كان الاتجاه، قط لم يُتخذ إلهاً وإنما اتُّخذ ربًا ووسيطًا إلى الله. وليس إلا تحت هذه الصفة التى أحضره بها عمرو بن لحي عـُبد "هـبل" فى هذه الناحية من الأرض كوسيط إلى الله فى طلب الغيث وكشفيع إلى الله لنيل الغفران!
ولكن! كان لهذا التمثال عميق أثره فى العقلية العربية! فقد بهر هذه العقلية أن ترى بأن لِمَن يتخذ إلى الله شفيعًا وينادى بالرب أو السيد، صورة مجسّمة تدنيه منها إلى الأذهان.. ومن ثم سرت عبادة "هـبل" من خزاعة إلي عدنان ومن ثم بدأت القبائل العدنانية المتفرقة فى أرجاء شبه الجزيرة تنحت، من الخشب ومن الحجر، لمن كانت قد اتخذتهم من شفعاء علي الله تماثيل تطابق ما فى مخيلتها كانت قد ارتسمت لهم من صور حتي إذا ما نفضت يدها من العمل حملت هذه التماثيل ووضعتها فى رحاب "بيت الله"!
وهكذا غدا حرم "بيت الله" هذا البيت الذى كانت تلتف من حوله ثلاثمائة وستون قبيلة والذى كان قد غـدا محورًا ورمزًا لمجد هذا العـدد من القبائل المتفرقة من عـدنان، معـرضاً لتماثيل الشفعاء إلى اللهّ!.. بيد أن فى احتفاظ "لهبل" بالمقام الأعلى رضوخًا
للحكم الخزاعي فالسيادة المكية إنما لخزاعة فى هذا العصر معقودة، ومن ثم وقف "هـبل" كبيراً للأرباب أو إذا حرصنا على الدقة التاريخية قلنا بأنه قد غدا كبير الشفعاء إلي الله!

ولكن!.. "بيت الله" ولئن كان قد غـدا معـرضاً لتماثيل الأرباب أو الشفعاء إلى الله





فإن عن تمثيل الإله بتمثال قد تراجع العقل العـربى!.. وليس هذا فحسب وإنما لم يطف بالمخيلة العـربية من هذا الخاطر طائف فإنما عن الإحاطة بصورة الإله قد اعـترفت بقصورها هذه المخيلة ومن ثم نزهـته عن التصوير مكتفية بهذه التماثيل التى حشدت بها "بيته" بينما راحت بها إليه تتوسل وتتزلّف وتتشفّع!

من ثنايا القِدَم المطوي عن الأذهان ومن طيّات صحف التاريخ وطواياه ينبعث الصوت العربى من أعماق هذا الماضى البعـيد هامسًا فى مسمع الأجيال بقولٍ راح صداه فى مصدر العـقيدة الإسلامية من بعد يتردّد ومُنبّهاً يعلن:
ما جعلنا الأصنام إلاَّ قِبْلة لنا فى عبادتنا الله!
وما كان تضرعنا إليها إلاَّ تشفعًا بها إلي الله!

ومن ثم يقيناً إن العقل الإنسانى، عربياً بتصويره شفعائه وإحلاله تماثيلهم فى "بيت الله" لم يشذ عن قانون المنطق لهذه المرحلة الحدثة من حياته الفكرة، فإن فى الإنسان قوتين: قوة عقلية مدركة للمجردات والمعقولات، وقوة خيالية متصرّفة فى عالم الأجسام، وقلما تنفك القوة العقلية عن مقارنة القوة الخيالية ومصاحبتها، فإذا أراد الإنسان استحضار أمر عقلى مجرد وجب أن يضع له صورة خيالية يجسّمها حتي تكون له تلك الصورة الخيالية معـينة علي إدراك تلك المعانى العقلية… تماماً كالمهندس فإنه إذا أراد إدراك حكم من أحكام المقاييس وضع له صورة معـينة وشكلاً معـينًا ليصير الجسم والخيال معينين للعقل على إدراك ذلك الحكم الكلي…

الصنو كان صنو العرب فى العصر الخزاعى، فليس إلا بدافع من هذا المنطق كان أن نُحتت للشفعاء إلى الله تماثيل وأسكنتهم "بيت الله" بل ليسترسل بها هذا المنطق مداه فتبدأ فى هذه العصر بنحت التماثيل للشخصيات التى تركت تأثيرها فى العـقلية العـربية وإبداعها أيضاً حول الكعبة فى حرم "بيت الله" … فلإبراهيم قد نُحِتَ فى هذا العصر تمثال كما نُحِتَ آخر لإسماعيل وفى هذا العصر أيضاً، كأثر لانسياب المسيحية إلي هنا، نُحِتَ تمثال لمريم وآخر لعـيسى ابن مريم، وأودعت كل هذه التماثيل فى "بيت الله"!..

ومن هنا تتجلى لنا حقيقة مطوية فى مصدر التاريخ الدينى وهى أنَّ التماثيل التى كانت قائمة فى بيت الله لا تمثل إلاَّ الشفعاء إلي الله سواء منها مما حاكته المخيلة العـربية من كائنات إلهية أو قدّسته من كائنات بشرية، فقد كان العرب فى مبدأ أمرهم أنّه متى ثوي منهم من يعتقد فيه بأنّه مجاب الدعوة عند الله اتخذوا صنماً، أو علي الأصح تمثالاً، على صورته التى يتخيلونها ويقدسونه علي اعتقاد أن ذلك الإنسان يكون زلفي لهم فى قضاء



حوائجهم فى رحلة الحياة ويكون لهم شفيعًا عـند الله يوم القيامة، ومن هؤلاء كان: أساف ابن يعـلي الجُـرهمى ونائلة بنت زيد الجُـرهمية فقد عظّمتهما العـرب وبهما إلي الله كانت، أيضاً، تتوسل( ).

بهذا اللون من التفكير الدينى بدأت الأيام بالعصر الخزاعي تسير وقد طلعت الرموز فى صورة الأصنام والأوثان والأنصاب ومن ثم قام إلي جانب وثن وثن وإلى جانب نصب نصب وإلى جانب تمثال تمثال. وبهذه المظاهر بدأ يرسخ فى العـقل العـربى هذا اللون من ألوان المعـتقد الديني الذى رغم اعـترافه بالوحـدانية فإنه قد أقام بينه وبين الله هؤلاء الوسطاء الذين عرفهم بالسادة وناداهم "الأرباب" فهو بينما قد احتفظ لله بالوحدانية الخالصة فإنه قد جعـل الأرباب كثرة ومن ثم طبع العـصر الخزاعى طابع اتخاذ "الأرباب" شفعاء إلي الله!

ولكن.. لئن كان إلي العصر الخزاعيّ يعود الأثر في إرساخ فكرة تعظيم الشفعاء فى العـقلية العـربية والأثر أيضًا فى نحت الأصنام أو التماثيل لهؤلاء الوسطاء فإنّ إلي ما قبل هذا العصر يعـود لون من التفكير الدينى آخر خضب العـقلية العـربية كافة وامتد تأثيره طويلاً من بعد علي الأجيال.. فهناك كان مد عقيدى يزحف من الخارج متوغلاً فى أرجاء شبه الجزيرة العربية عن طريق ذلك الاتصال الاقتصادى الذى كان للعرب منذ القدم بالأمم التى تجاورهم وعلى الأخص الكلدانيين والمصريين، فإن لما كان من الطبيعى أن يتأثر العرب، بواسطة التجارة والترحال، بما قد كان وراء عالمهم منتشرًا من ألوان العبادات كان حتمًا أن تنساب بهم هذه الألوان ويتوالى دخولها إلي هذه الأرجاء شيئًا فشيئًا لتسري عـدواها فى القبائل واحدة بعد واحدة وفيها تتفشى حتى عمّت القبائل برمّتها.. وأبرز الأمثلة علي توغّـل هذه العبادات الدخيلة على العـقلية العـربية ثلاث شغف القلب العربى بهن وولع حتي المدى الذى سكن فيما وراء الشغاف من هذا القلب لهم حب أيي إلاَّ نعتهم: "بنات الله"!..
05-23-2005, 05:50 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
أبكار السقـّاف(( بنت اليمن))-تلميذة العقاد المنسية- أهدي هذا الموضوع لكل بنات الخليج - بواسطة إبراهيم - 05-23-2005, 05:50 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل من ردود لهذا الموضوع؟ الوطن العربي 11 1,183 05-16-2014, 02:40 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  موضوع : غير المسلم في القرآن + حوار مع الاخت "سوسنة الكنانة" حول الموضوع .. الــورّاق 0 609 04-18-2013, 10:35 AM
آخر رد: الــورّاق
  لماذا سنة الخليج يختلفون عن سنة العرب ؟ SH4EVER 56 12,735 08-28-2011, 03:09 AM
آخر رد: على نور الله
  تعامل دول الخليج مع الاحتجاجات الشعبية العربي الحر 0 910 05-14-2011, 01:42 PM
آخر رد: العربي الحر
  أرجوا من يستطيع تعميم فكرة هذا الموضوع على المنتديات مؤمن مصلح 11 2,715 10-26-2010, 09:17 AM
آخر رد: مؤمن مصلح

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS