المفكر

( وهي تعلم حق المعرفة أن الشيعة يفتقدون فروسية المنتصر وأنهم لن يتعاملوا بوعي مع عراق جديد وإنما سينطلقون من فنتازيا تاريخية تحمل الكثير من الميثولوجيا والقليل من الواقع...)

فى السبعينيات والثمانينيات عندما كان الفكر الماركسى لا زال نشطا فى المنطقة

حاول كثير من الماركسيين العرب اعطاء تفسير اجتماعى تاريخى لظاهرة نشوء الديانة الشيعية وانشقاقها عن الاسلام

حتى فى تلك اللحظة كان واضحا ان هذه التفسيرات الماركسية للتاريخ كانت بشكل او باخر متاثرة بالمنشا الطائفى لهؤلاء الماركسيين..لكننا للاسف لم نكن نلحظ ذلك حينها

ففى تفسيرات الشيوعين العراقيين ( الذين كانوا شيعة واكراد ) كانت التفسيرات تدور حول ان الصراع بين على و معاوية كان له بعدا طبقيا بين شرائح المعدمين اللذين اصطفوا مع على وبقايا تجار قريش الذين يمثلهم معاوية.. وتفكير هؤلاء الشيوعين العراقين كان فهما خلاصيا طوباويا حيث ان الصراع الطبقى الذى مثل( على) فيه الشرائح المسحوقة قبل قرون سينتهى بانتصار البروليتاريا فى المستقبل التى ستقيم ديكتاتوريتها ( تماما كقصة المهدى المنتظر ) وبالتالى هم كانوا التعبير المعاصر لعلى

اما الماركسيين فى بلاد الشام الذين امتازوا بحياد عاطفى تجاه هذه القصة فهى لم تمثل لهم بعدا دينيا ( فقد كانوا فى معظمهم مسلمين سنة او مسيحين )
فقد كان تفسيرهم ياخذ اتجاها اكثر منطقية وهو ان الاسلام كان فى حالة اندفاع سياسى سريع فى لحظة تراجع وانهيار القوى الدولية.. فكان على الاسلام سريعا ان يبلور سياسة امبراطورية قادرة على التوسع والعمل البرجماتى وبوسائل سياسية.. وكان معاوية اكثر تعبيرا بذلك عن حاجات اللحظة التاريخية فبانتصاره على( على) فان الاخلاق الاسلامية والطيبة البدوية البسيطة تكون قد هزمت لصالح المشروع الامبراطورى والانتشار الاسلامى

وهناك تفسيرات اخرى وهى ان الصراع السلطوى بين ابناء العم الهاشميين والاموين كان قائما قبل الاسلام.. وماحدث بعد ذلك ما هو الا امتداد للعصبيات الجاهلية.. الذى انتهى بانتهاء كليهما ..لكن فى مرحلة لاحقة وبعد ذلك بقرنين تحول لفكرة نوستالجية بدون ان يفهم الناس مصدرها الاصلى..حيث التف كل المتضررين من المشروع الامبراطورى الاسلامى وتوسعه من غوغاء وشعوبين.. وبداوا يعبروا عن نفسهم بحركات احتجاجية وانشقاقية كثيرة ولم يكن ممكنا لهم ضمن ثقافة تلك اللحظة ولاعطاء انشقاقهم واحتجاجهم بعدا ايديولوجيا سوى استخدام دينى لعصبيات قبلية جاهلية وتقديسها بدون ان يفهموا مصدرها