يفتقر حضرة المعلم إلى الحب.. وبعد عناء طويل يجده عند الله، بعد أن يخفق في معرفة أسباب انعدامه.. لقد اكتفى بكتاب أخبار عن نبي بائد يتحدث عن إله مجهول يضفي عليه صفات لم يثبت منها شيء, وتتوارثه الفئة الاجتماعية التي شاء قدره أن يولد فيها.
ولو شاء حظ المعلم التناسلي أن يولد في جماعة أخرى لكان ربما من عبدة الأصنام أو الأبقار.. ومن المؤكد أنه كان سيزعم وجود عامل الاحتياج إلى الحب الذي سيجده في حضن الصنم أو البقرة.. لا تعتبن علي يا معلم.. إذ أنه من الواضح أن 99 بالمائة من المتدينين يرثون عقيدتهم كما يرثون أموالهم، وأنهم يحظرون على الواحد بالمائة الباقون تغييرها، فارضين عليه لا الاحتياج إلى الحب فقط، بل والاحتياج إلى الحياة.
ولكن هل يصل طالبوا الحب عند الآلهة شتى إلى مبتغاهم، كلا طبعاً ، فمن يطلب الحب في غير مكانه لا يحصل إلا على الوعود، والأديان كافة من هذه الناحية عقائد وعود وتسويفات وتأجيلات وتصبيرات ومخدرات.. الخ، حتى الممات وعالم آخر لاوجود له إلا في أحلام اليقظة..
ولكن لم يتقبل المتدين الوعود الحبية دون أن تكون لديه أية ضمانة عن صحة إمكانية تحقق هذه الوعود؟.. السبب هو أنه غير قادر على إيجاد البديل داخل المجتمع البشري، ولذلك ليس من حل أمامه إلا البحث عن الحب الضائع في أحضان الآلهة الضائعة على اعتبار الاحتمالات التي تقول بأنه إن لم تكن هنالك آلهة فلا خسارة في عبادتها –كما يقول المعلم- والغريق يتعلق بقشة.
إن الأديان هي أحلام يقظة عذبة لتحقيق مجتمع لا وجود له ولن يتحقق قط يمكن العيش فيه، وللهرب من مسؤولية تحقيق مجتمع إنساني هنا على الأرض باليد لا بالخيال..
إن هؤلاء يرتعبون أمام ما يحدث من بؤس أمام أعينهم فإما أن يتقوقعوا على أنفسهم في مغامرات إيمان مجهولة النتائج أو أن يمارسوا قتل الحب في المجتمع من أجل الحصول عليه في عالم آخر، فيكونون نسخة طبيعية عن تخلف المجتمع البشري في ظرفه القائم..
إنهم يفرون جميعاً إلى أوهام الآلهة التي اخترعوها ليأسهم وفقدانهم الحب والأمان وروح المغامرة.. التي يتمتع بها الملحدون فقط.
[CENTER][/CENTER]