الزميل زمان

الحديث الصحيح هو ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير شذوذ أو علة قادحة.

والشذوذ هو أن يخالف الراوي من هو أوثق منه،
والرواية اليقينية في الإسلام وغيره هي رواية التواتر بما منتهاه إلى الحس، وهي قطعية الثبوت.، وهي القرآن الكريم والسنة المتواترة حصرا.
والقطعي هو الأصل دائما وابدا في الإسلام، وإليه يرد الظني حتى يحكم القطعي عليه بالصحة أو عدمها. فما وافق القطعي كان صحيحا وما خالفه فهو شاذ، والشاذ من أنواع الحديث الضعيف.

النص قطعي الثبوت والدلالة في القرآن الكريم يقول:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ*)
فلا يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتم شيئا من الوحي، وقد كتمه في هذه الرواية عندما منعه عمر كما تقول روايتكم، أو رجل كما تقول رواية السنة. وقد تعهد الله عز وجل أن يحمي رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أي امرئ يريد أن يحول بينه وبين البلاغ المبين المفهم الموضح.
(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ
*)
هذا ونص الحديث يشير بما لا مراء فيه أن الكتاب الذي قد زعموا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد هم بكتابته هو من الوحي قطعا، فهو كتاب لا نضل بعده أبدا، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق هنا بغير الوحي (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى*).

كيف سيقف المصطفى شاهدا علينا يوم القيامة أنه قد بلغنا كل الوحي (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا*)؟

كيف سيكون شهيدا بالبلاغ؟
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ*)
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ*)

هل أرسل الله رسوله ليطاع أم ليعصى؟
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا*)

لم لم يكف الله تعالى رسوله شر الذين قد حالوا بين الله ورسوله وبين ما يريدان؟
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ*)
(فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*)

إن كان في الصلاة قد تعهد الله بحماية الرسول وبأخذ من يمنعه إلى جهنم حيا، أفلا يصنع ذلك بمن منع الرسول من كتابة وحي ربه؟
(كَلا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ* فَلْيَدْعُ نَادِيَه* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ* كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ*)

زميلي العزيز،
ليست القصة نحن أو أنتم أو هم، القصة أن الرواية المذكورة في كتبكم أو كتب السنة تطعن بالله ورسوله قبل أن تطعن بعمر.
القصة المذكورة عند الفريقين منكم تجعل عمر اقوى من الله ورسوله، وقادر على أن يمنع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من تبليغ كلام ربه بالحيلة أو بالجبر أو بالمشاغبة. وتجعل الله عاجزا عن الوفاء بوعده عن حماية رسوله حتى يبلغ، وتجعل الله عاجزا عن إيصال وحيه للناس.
القصة التي تذكر تعارض القطعي الثابت، لذا فإني أجزم من عندي هنا أن القصة هذه لم تحدث أبدا، وهي فلم مخترع لمآرب لا تعنيني.
لم تحدث لأن الله ورسوله أعز وأحصن وأقوى وأجل من أن ياتي إنسان ضعيف فقير محتاج مثل عمر ليمنع الوحي من الوصول إلى الناس.
لم تحدث لأن الله تعالى قد بين في الكتاب كل شيء، وأكمل الدين كله، ولم يكن ليتخلى عن وعده بحماية تبليغ الوحي وعصمته من أجل شوشرة ومشاغبة من عمر أو قريش أو من الناس والجان أجمعين.

لو وردت هذه القصة في الصحاح التسعة، وكتب الحديث المعتبرة عند الشيعة أيضا، وفي كل مكان روي فيه حديث، إلا أن هذه القصة ليست متواترة أبدا، ولا يليق بنا أن نترك المتواتر القطعي الثبوت والدلالة من أجل قصة شاذة تطعن في الله ورسوله ووحيه قبل أن تطعن في عمر وقريش.

في الختام أخي الكريم أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين الإسلام من قبلك، ولا نمرر حديثا يخدم المذهب من حيث يضرب دين الله، ولك في أمور أخر تثبت مذهبك مندوحة عن تصحيح حديث يتعارض مع قطعي القرآن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته