الحكيم الرائى كتب
اقتباس:قولى بقى الله عليك ماهو تاريخ الشيعة واسهاماتهم فى تاريخ المسلمون
نورد لك هنا علماء الشيعة الذين ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية
مما احصاهم الشيخ جعفر السبحاني , و نقول قاتل الله الجهل و التعصب اللذيان يعميان البصيرة قبل البصر
هذه اسماء بعض علماء الشيعة في مختلف العلوم
قدماء الشيعة و علم النحو :
1- ابو الأسود الدؤلي
يقول الشيخ أبو الحسن سلامة الشامي النحوي : إن علياً دخل عليه أبو الأسود يوماً . قال : فرأيته مفكراً ، فقلت له : ما لي أراك مفكراً يا أمير المؤمنين ؟ قال : ( إني سمعت من بعض الناس لحناً ، و قد هممت أن أضع كتاباً أجمع فيه كلام العرب ) .
فقلت : إن فعلت ذلك أحييت أقواماً من الهلاك .
فألقى إلّي صحيفة فيها : الكلام كله إسم و فعل و حرف ، فالإسم ما دل على المسمى ، و الفعل ما دل على حركة المسمى ، و الحرف ما أنبأ عن معنى و ليس بإسم و لا فعل . و جعل يزيد على ذلك زيادات .
قال : و استأذنته أن أصنع في النحو ما صنع ، فأذن ، و أتيته به فزاد فيه و نقص .
و في رواية : أنه ألقى إليه الصحيفة و قال له : ( انح نحو هذه ) فلهذا سمي النحو
2- الخليل بن احمد الفراهيدي
و إذا كان أبو الأسود الدؤلي واضعاً للنحو ، فالخليل بن أحمد الفراهيدي هو المنقح له و الباسط له . قال أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي : و الخليل بن أحمد ، أوحد العصر ، و فريد الدهر ، و جهبذ الأمة ، و أستاذ أهل الفطنة ، الذي لم ير نظيره ، و لا عرف في الدنيا عديله ، و هو الذي بسط النحو و مد أطنابه و سبب علله و فتق معانيه و أوضح الحجاج فيه ، حتى بلغ أقصى حدوده ، و انتهى إلى أبعد غاية
و من قدماء الشيعة في هذا العلم
عطاء بن أبي الأسود : قال الشيخ الطوسي في باب أصحاب الحسين بن علي : و منهم ابن أبي الأسود الدؤلي .
و قال الحافظ السيوطي في الطبقات : عطاء ، أستاذ الأصمعي و أبو عبيدة .
2- أبو جعفر محمد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي : قال السيوطي : و هو أول من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو و سماه الفيصل ، و هو أستاذ الكسائي و الفراء .
قال النجاشي : روى هو أبوه عن أبي جعفر و أبي عبدالله (ع) و له : كتاب الوقف و البتداء ، و كتاب الهمز ، و كتاب إعراب القرآن .
3- حمران بن أعين ، أخو زرارة بن أعين : كان نحوياً إماماً فيه ، عالماً بالحديث و اللغة و القرآن ، و أخذ النحو و القراءة عن ابن أبي الأسود ، و أخذ عنه الفراء ، و كان قد أخذ الحديث عن الإمام السجاد و الباقر و الصادق . و آل أعين بين كبير بالكوفة من أجل بيوت الشيعة ، و لأبي غالب الزراري رسالة في ترجمة آل أعين قال : كان حمران من أكابر مشايخ الشيعة و كان عالماً بالنحو و اللغة .
4- أبو عثمان المازني ، بكر بن محمد : قال النجاشي : كان سيد أهل العلم بالنحو و العربية و اللغة و مقدمته بذلك مشهورة ، و كان منن علماء الإمامية ، قد تأدب على يد اسماعيل بن ميثم ، و له في الأدب : كتاب التصريف ، كتاب ما يلحن فيه العامة ، التعليق . مات سنة 248 هـ .
5- ابن السكيت ، يعقوب لن إسحاق السكيت : كان مقدماً عند أبي جعفر ( الجواد ) و أبي الحسن ( الهادي ) (ع) و كنا يختصانه . و له عن أبي جعفر (ع) رواية و مسائل ، و قتله المتوكل لأجل تشيعه عام 244هـ ، و أمره مشهور . و كان وجيهاً في علم العربية و اللغة ، ثقة ، مصدقاً ، لا يطعن عليه . و له كتب : إصلاح المنطق ، كتاب الألفاظ ، كتاب ما اتفق لفظه و اختلف معناه ، كتاب الأضداد ، كتاب المذكر و المؤنث ، كتاب المقصور و الممدود و .
و سبب قتله : عن المتوكل سأله يوماً و هو يعلم ابنيه و قال : يا يعقوب أيهما أحب إليك ، ابناي هذان أم الحسن و الحسين ؟ فأجابه ( إن قنبراً خادم علي خير منك و من ابنيك ) فأمر المتوكل ، فسلوا لسانه من قفاه فمات ، و قد خلف بضعة و عشرين أثراً في النحو و اللغة و الشعر .
6- ابن حمدون ، أحمد بن ابراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون : قال فيه النجاشي : الكاتب النديم شيخ أهل اللغة و وجههم . أستاذ أبي العباس.و كان خصيصاً بسيدنا أبي محمد العسكري و أبي الحسن قبله . له كتب . ثم ذكر كتبه .
7- أبو اسحاق النحوي ، ثعلبة بن ميمون : قال عنه النجاشي : كان وجهاً في أصحابنا ، قارئاً ، فقيهاً ، نحوياً ، لغوياً رواية ، و كان حسن العمل ، كثير العبادة و الزهد ، روى عن الصادق و الكاظم . و بما أن الإمام الكاظم توفي عام مائة و ثلاث و ثمانين ، فهو من أهل المائة الثانية .
8- قتيبة النحوي الجعفي ، الكوفي : قال النجاشي : المؤدب ، المقرئ ، ثقة عين ، روى عن الصادق (ع) .
و ذكره السيوطي في بغية الوعاة ، و وصفه في تأسيس الشيعة بأنه إمام أهل النحو و اللغة.
9- ابراهيم بن أبي البلاد : قال النجاشي : كان ثقة ، قارئاً ، أديباً روى عن الصادق و الكاظم (ع) .
10- محمد بن سلمة اليشكري : قال النجاشي : جليل من أصحابنا الكوفيين ، عظيم القدر ، فقيه ، قارئ ، لغوي : رواية ،خرج إلى البادية و لقى العرب و أخذ عنهم ، و أخذ عنه يعقوب بن السكيت . ثم ذكر كتبه . و بما أنه شيخ ابن السكيت فهو من أهل المائة الثانية و أوائل الثالثة .
11- أبو عبدالله النحوي ، الحسين بن أحمد بن خالويه : سكن حلب و مات بها ، و كان عارفاً بمذهبنا ، مع علمه بعلوم العربية ، و اللغة ، و الشعر . و له كتب ، و من كتبه : مستحسن القراءات و الشواذ ، كتاب في اللغة.
و وصفه السيوطي في الطبقات : إنه إمام اللغة و العربية ، و غيرها من العلوم الأدبية ، دفن ببغداد سنة 314 هـ .
12- أبو القاسم التنوخي : قال الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب : انه من جملة الشعراء المجاهرين بالشعر في مدح أهل البيت .
علوم اللغة العربية
قد ظهر في ميدان هذا العلم المهم جملة واسعة من علماء الشيعة ، خلفوا آثاراً مهمة أصبحت زاداً لطلاب العلم و المعرفة ، و من هؤلاء الأفاضل :
1- أبو عبدالرحمان الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي الأزدي : سيد أهل الأدب و هو أول من ضبط اللغة و أول من استخرج علم العروض إلى الوجود ، فهو أسبق العرب إلى تدوين اللغة و ترتيب ألفاظها على حروف المعجم ، فألف كتابه ( العين ) الذي جمع فيه ما كان معروفاً في أيامه من ألفاظ اللغة ، و أحكامها ، و قواعدها ، و رتب ذلك على حروف الهجاء ، لكنه رتب الحروف حسب مخارجها من الحلق ، فاللسان ، فالأسنان ، فالشفتين ، و بدأ بحرف العين و ختمها بحروف العلة ( واي ) و سمي الكتاب بأول لفظ من ألفاظه.
و كان الكتاب مخطوطاً عزيز النسخة ، لكنه رأي النور أخيراً و طبع محققاً .
و الخليل بن أحمد الذي لا يشك أحد في تشيعه من أعلام القرن الثاني الهجري ، قال المرزباني : أنه ولد عام مائة من الهجرة و توفي سنة 170 أو 175 هـ ، و قال ابن قانع : إنه توفي سنة 160 هـ .
قد ألف كتاباً في الإمامة ، أورده بتمامه محمد بن جعفر المراغي في كتابه و استدرك عليه ما لم يذكره و أسماه ( الخليلي ) .
قال النجاشي : محمد بن جعفر بن محمد ، أبو الفتح الهمداني الوادعي المعروف بـ ( المراغي ) كان يتعاطى الكلام ، له : كتاب مختار الأخبار ، كتاب الخليلي في الإمامة ، كتاب ذكر المجاز من القرآن.
قال العلامة في الخلاصة :كان الخليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب و قوله حجة فيه و اخترع علم العروض ، و فضله أشهر من أن يذكر و كان إمامي المذهب.
و قال ابن داود : الخليل بن أحمد شيخ الناس في علوم الأدب ، فضله و زهده أشهر من أن يخفى ، كان إمامي المذهب .
2- أبان بن تغلب بن رباح الجريري : من أصحاب الباقر و الصادق ، قال النجاشي : كان قارئاً من وجوه القراء ، فقيهاً ، لغوياً ، سمع من العرب و حكى عنهم .
و قال ياقوت : ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الإمامية . و قال : هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة ، و قال : كان قارئاً ، فقيهاً ، لغوياً ، نبيهاً ، ثبتاً .
3- ابن حمدون النديم : شيخ أهل اللغة و وجههم و أستاذ أبي العباس ثعلب .
4- أبوبكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي : الأديب اللغوي ، صاحب الجمهرة في اللغة ، مات هو و أبو هاشم الجبائي في يوم واحد ، فقال الناس : مات علم اللغة و الكلام . و ألف كتاب ( جمهرة اللغة ) على منوال كتاب ( العين ) للخليل ، و اختصره الصاحب بن عباد و سماه ( جوهرة الجمهرة ) .
5- الصاحب بن عباد : عظيم الشأن ، جليل القدر في العلم و الأدب و أما تشيعه فحدّث عنه و لا حرج .
و كم له من قصائد في مدح أهل البيت نذكر منها :
ألم تعلموا أن الوصي هو الذي
آتى الزكاة و كان في المحراب
ألم تعلموا أن الوصي هو الذي
حكم الغدير له على الأصحاب
الشعراء الشيعة
هنا اسماء بعضا منهم , و إلا عددهم يفوق على الإحصاء
1- قيس بن سعد بن عبادة :
سيد الخزرج ، و الصحابي الجليل ، كان زعيماً مطاعاً ، كريماً ممدوحاً ، و كان من شيعة علي (ع) و من أشد المتحمسين له ، بعثه أميراً على مصر سنة 36هـ ، و هو و أبوه و أهل بيته من الذين لم يبايعوا أبا بكر و قالوا : لا نبايع إلا علياً .
و من أشعاره التي أنشدها بين يدي أمير المؤمنين (ع) في صفين :
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا و نعم الوكيل
حسبنا الذي فتح البصرة بالأمس و الحديث الطويل
و عليٌ إمامنا و إمامٌ لسوانا أتي به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مو لاه فهذا مولاه خطبٌ جليل
إنما قاله النبي على الأمة حتمٌ ما فيه قال و قيل .
2- الكميت بن زيد (60-126 هـ ) :
شاعر مقدم ، عالم بلغات العرب ، خبير بأيامها ، و من شعراء مضر . كان معروفاً بالتشيع لبني هاشم ، مشهوراً بذلك ، و قد حظى بتقدير أئمة أهل البيت لإجهاره بالحق ، و لجهاده في سبيله ، و هاشمياته المقدرة بـ 578 بيتاً خلدت ذكراه في التاريخ و هي مشتملة على ميمية و بائية و رائية و غيرها .
و إليك أبياتاً من عينيته :
و يوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية لو أُطيعا
و لكن الرجال تبايعوها فلم أر مثلها خطراً مبيعا
إلى أن قال :
أضاعوا أمر قائدهم فضلوا و أقومهم لدى الحدثان ريعا
تناسوا حقه و بغوا عليه بلا ترة و كان لهم قريعا
فقل لبني أمية حيث حلوا و إن خفت المهند و القطيعا
و لقد طبع ديوان الكميت في غير مرة و شرحه الأستاذ محمد شاكر الخياط و الأستاذ الرافعي .
3- السيد الحميري ( المتوفي 173هـ ) :
أبو هاشم اسماعيل بن محمد الملقب بالسيد ، الشاعر المعروف ، و من المكثرين المجيدين ، و من الثلاثة الذين عدّوا أكثر الناس شعراً في الجاهلية و الإسلام و هم : السيد و بشار و أبو العتاهية . و كان السيد الحميري متفانياً في حب العترة الطاهرة فلم يكن يرى لمناوئيهم حرمة و قدراً ، و كان يشدد النكير عليهم في كل موقف و يهجوهم بألسن حداد في كل حول و طول .
و من قصائده المعروفة عينيته ، و قد شرحها عدة من الأدباء و مستهلها :
لأم عمرو باللوى مربع طامسة أعلامها بلقع
تروع عنها الطير وحشية و الوحش من خيفته تفزع.
4- دعبل الخزاعي ( المتوفي 246هـ) :
أبو علي دعبل بن علي الخزاعي ، من بيت علم وفضل و أدب ، برجع نسبه إلى بديل بن ورقاء الخزاعي الذي دعا له النبي (ص) .
قال النجاشي : أبو علي الشاعر المشهور في أصحابنا ، صنف كتاب طبقات الشعراء ، و من أراد التوغل في حياته و سيرته فليقرأ النواحي الأربعة من حياته :
1- تهالكه في ولائه لأهل البيت (ع) .
2- نبوغه في الشعر و الأدب و التاريخ و تأليفه .
3- روايته للحديث و الرواة عنه و من يروي عنهم .
4- سيرته مع الخلفاء ثم ملحه و نوادره و ثم ولادته و وفاته
و إليك نزراً من تائيته المعروفة :
تجاوبن بالأرنان و الزفرات نوائح عجم اللفظ و النطقات
إلى أن قال :
هم نقضوا عهد الكتاب و فرضه و محكمه بالزور و الشبهات
و لم تك إلا محنة قد كشفتهم بدعوى ضلال من هن و هنات
تراث بلا قربى و ملك بلا هوى و حكم بلا شورى بغير هداة
5- الأمير أبو فراس الحمداني ( 320 – 257 هـ ) :
أبو الفراس الحرث بن أبي العلاء ، قال عنه الثعالبي : كان فرد دهره ، و شمس عصره ، أدباً و فضلاً و كرماً و نبلاً و مجداً و بلاغة و براعة و فروسية و شجاعة ، و شعره مشهور سائر بين الحسن و الجودة ، و السهولة و الجزالة و العذوبة و الفخامة و الحلاوة و المتانة.
و تبعه في اطرائه و الثناء عليه ابن عساكر .
و من قصائده المعروفة ميميته التي مستهلها :
الحق مهتضم و الدين مخترم و فيء آل رسول الله مقتسم
و الناس عندك لا ناس فيحفظهم سوم الرعاة و لا شاءٌ و لا نعم
إلى أن قال :
يا للرجال أما لله منتصر من الطغاة أما لله منتقم
بنو علي رعايا في ديارهم و الأمر تملكه النسوان و الخدم
إلى أن قال :
ابلغ لديك بني العباس مالكةً لا يدعوا ملكها العجم
أي المفاخر أمست في منازلكم و غيركم آمر فيها و محتكم
أنّى يزيدكم في مفخر علم و في الخلاف عليكم يخفق العلم
يا باعة الحمراء كفوا عن مفاخركم لمعشر بيعهم يوم الهياج دم .
و يطيب لي في هذا المقام أن أشير إلى أسماء بعض من أنجبتهم مدرسة أهل البيت (ع) في حلبة الشعر و الأدب في القرن الرابع و الخامس ، من أناس معدودين في القمة ، يمكن للقارئ الكريم أن يجد الشيء الكثير عن حياتهم في دواوينهم ، أو في كتب الأدب المختلفة .
1- ابن الحجاج البغدادي ( المتوفي 321 هـ ) صاحب القصيدة المعروفة :
يا صاحب القبة البيضاء في النجف من زار قبرك و استشفى لديك شفي
2- الشريف الرضي ( 359-406هـ) الغني عن كل تعريف و بيان .
3- الشريف المرتضى (355-436هـ) و هو كأخيه أشهر من أن يعرف .
4- مهيار الديلمي ( المتوفي 448هـ) الذي يعد في الرعيل الأول من شعراء القرن الرابع و له غديريات كثيرة منها :
هل بعد مفترق الأظغان مجتمع أم هل زمان بهم قد فات يرتجع
هذا عرض موجز لبعض الشعراء البارزين من الشيعة .
الشيعة و علم التفسير
و بما أن تفسير غريب القرآن كان الخطوة الأولى لتفسيره ، فقد ألف أصحابنا في أبان التدوين كتباً في ذلك المضمار ، نذكر قليلاً من كثير .
1- غريب القرآن ، لأبان بن تغلب بن رباح البكري ( المتوفي عام 141هـ ).
2- غريب القرآن ، لمحمد بن السائب الكلبي ، من أصحاب الإمام الصادق (ع).
3- غريب القرآن ، لأبي روق ، عطية بن الحارث الهمداني الكوفي التابعي ، قال ابن عقدة : كان ممن يقول بولاية أهل البيت.
4- غريب القرآن ، لعبدالرحمان بن محمد الأزدي الكوفي ، جمع فيه ما ورد في الكتب الثلاثة المتقدمة .
5- غريب القرآن ، للشيخ ابن جعفر أحمد بن محمد الطبري الآملي الوزير الشيعي ( المتوفي عام 313 هـ ).
و قد توالى التأليف حول غريب القرآن في القرون الماضية ، فبلغ العشرات ، و كان أخيرها – لا آخرها – ما ألفه السيد محمد مهدي الخرسان في جزئين .
/ مجازات القرآن :
إذا كان الهدف من هذه الكتب بيان معاني مفردات القرآن و ألفاظه ، فإن في الجانب الآخر منه لون آخر من التفسير يهدف لبيان مقاصده و معانيه إذا كانت الآية مشتملة على المجاز و الكناية و الاستعارة . إليك أخي القارئ الكريم نماذج قليلة مما ألف في ذلك المجال بيد أعلام الشيعة :
1- مجاز القرآن ، لشيخ النحاة الفراء يحيى بن زياد الكوفي المتوفي عام 207 هـ ، و طبع أخيراً في جزئين.
2- مجاز القرآن ، لمحمد بن جعفر بن محمد ، أبو الفتح الهمداني . قال النجاشي : له كتاب ( ذكر المجاز من القرآن ).
3- مجازات القرآن ، للشريف الرضي المسمى بتلخيص البيان في مجازات القرآن ، و هو أحسن ما أُلف في هذا الباب و هو مطبوع .
/ التفسير بصور متنوعة :
و هناك لون آخر من التفسير ، يعمد فيه المفسر إلى توضيح قسم من الآيات تجمعها صلة خاصة كالمحكم و المتشابه ، و الناسخ و المنسوخ ، و آيات الأحكام ، و قصص الأنبياء ، و أمثال القرآن ، و أقسامه ، و الآيات الواردة في مغازي النبي (ص) ، و النازلة في حق العترة الطاهرة (ع) إلى غير ذلك من الموضوعات التي لا تعم جميع آيات القرآن ، بل تختص بموضوع واحد .
و كان علماء الشيعة قد شاركوا غيرهم من علماء المسلمين في هذا الجانب الحيوي و المهم ، و رفدوا المكتبة الإسلامية بهذه الأنواع من التفاسير ، و من أراد أن يقف عليها فعليه أن يرجع إلى المعاجم ، و أخص بالذكر : الذريعة إلى تصنيف الشيعة .
/ الشيعة و التفسير الموضوعي :
إن نزول القرآن نجوماً ، و توزع الآيات الراجعة إلى موضوع واحد في سور متعددة ، يطلب لنفسه نمطاً آخر ، غير النمط المعروف بالتفسير الترتيبي ، فإن النمط الثاني يتجه إلى تفسير القرآن سورة بعد سورة ، و آية بعد آية ، و اما النط الأول فيحاول فيه المفسر إيراد الآيات الواردة في موضوع خاص ، في مجال البحث ، و تفسير الجميع جملة واحدة و في محل واحد .
فيستمد المفسر من المعاجم المؤلفة حول القرآن ، و من غيرها ، في الوقوف على الآيات الواردة في جانب معين ، مثلاً في خلق السماء و الأرض ، أو الإنسان أو أفعاله و حياته الأخروية ، فيفسر المجموع مرة واحدة ، و يرفع إبهام آية بآية أخرى ، و يخرج بنتيجة واحدة ، و هذا النوع من التفسير و إن لم يهتم به القدماء و اكتفوا منه بتفسير بعض الموضوعات كآيات الأحكام ، و الناسخ و المنسوخ ، إلا أن المتأخرين منهم بذلوا جهدهم في طريقه ، و لعل العلامة المجلسي (1037-1110 هـ) كان أول من فتح هذا الباب على مصراعيه في موسوعته الموسومة بـ ( بحار الأنوار ) ، حيث أورد في أول كل باب من أبواب كتابه المتخصصة جملة الآيات الواردة حول موضوع الباب ، ثم لجأ إلى تفسيرها إجمالاً ، ثم أورد ما جمعه من الأحاديث التي لها صلة بالباب .
و قد قام كاتب هذه السطور بتفسير الآيات النازلة حول العقائد و المعارف و خرج منه حتى الآن سبعة أجزاء و انتشر بإسم ( مفاهيم القرآن ) نسأل الله تعالى التوفيق لإتمامه .
/ الشيعة و التفسير الترتيبي :
قد تعرفت على أن المنهج الراسخ بين القدماء و أكثر المتأخرين هو التفسير الترتيبي ، و قد قام فضلاء الشيعة من صحابة الإمام علي (ع) و التابعين له إلى العصر الحاضر بهذا النمط من التفسير ، إما بتفسير جميع سوره ، أو بعضها ، و الغالب على التفاسير المعروفة في القرون الثلاثة الأولى ، هو التفسير بالأثر ، و لكن انقلب النمط إلى التفسير العلمي و التحليلي من أواخر القرن الرابع . فأول من ألف من الشيعة على هذا المنهاج هو الشريف الرضي (359-406هـ) مؤلف كتاب ( حقائق التأويل ) في عشرين جزءً [12]، ثم جاء بعده أخوه الشريف المرتضى فسلك مسلكه في أماليه المعروفة بالدرر و الغرر . ثم توالى التأليف على هذا المنهاج من عصر الشيخ الأكبر الطوسي (385-460هـ) مؤلف ( التبيان في تفسير القرآن ) في عشرة أجزاء كبار ، إلى عصرنا هذا .
الشيعة و علم الحديث
إن السنة هي المصدر الثاني للثقافة الإسلامية بجميع مجالاتها ، و لم يكن شيء أوجب بعد كتابة القرآن و تدوينه و صيانته من نقص أو زيادة ، من كتابة حديث الرسول (ص) و تدوينه و صيانته من الدس و الدجل ، و قد أمر به الرسول الأكرم (ص) غير مرة ، فقد روى الإمام أحمد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده ، أنه قال للنبي (ص) : يا رسول الله أكتب كل ما أسمع منك ؟ قال : نعم . قلت : في الرضا و السخط ؟ قال (ص) : نعم ، فإنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقاً ).
إن الله سبحانه أمر بكتابة الدين حفظاً له ، و احتياطاً عليه ، و اشفاقاً من دخول الريب فيه ، فالعلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى بأن يكتب و يحفظ من دخول الريب و الشك فيه.
فإذا كان النبي (ص) لا ينطق عن الهوى و إنما ينطق عن الوحي الذي يوحي إليه [4] ، فيجب حفظ أقواله و أفعاله أسوة بكتاب الله المجيد ، حتى لا يبقى المسلم في حيرة من أمره ، و يستغني عن المقاييس الظنية و الاستنباطات الذوقية .
و بالرغم من وضوح الأمر و أهميته القصوى إلا أن الخلافة الإسلامية باجتهاداتها حالت دون ذلك ، بل و حاسبت عليه حتى أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قال لأبي ذر و عبدالله بن مسعود و أبي الدرداء ( ما هذا الحديث الذي تفشون عن محمد ؟ ) .
و لقد أضحى عمل الخليفة سنة فأتبعه عثمان و مشى على خطاه معاوية ، فأصبح ترك كتابة الحديث سنة إسلامية ، و عدت الكتابة شيئاً منكراً مخالفاً لها .
إن الرزية الكبرى هي المنع عن التحدث بحديث رسول الله (ص) و كتابته و تدوينه ، و فسح المجال في نفس الوقت للرهبان و الأحبار للتحدث بما عندهم من صحيح و باطل ، و لقد أذن عمر لتميم الداري النصراني الذي استسلم في عام تسعة من الهجرة أن يقص.
و لما تسنّم عمر بن عبدالعزيز منصب الخلافة ، ادرك ضرورة تدوين الحديث ، فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة ، أن يقوم بتدوين الحديث قائلاً : إن العلم لا يهلك حتى يكون سراً .
و مع ذلك فلم يقدر ابن حزم على القيام بما أمر به الخليفة ، لأن رواسب الحظر السابق المؤكد من قبل الخلفاء حالت دون أمنيته ، إلى أن زالت دولة الأمويين و جاءت دولة العباسيين ، فقام المسلمون بتدوين الحديث في عصر أبي جعفر المنصور سنة 143هـ ، و أنت تعلم أخي القارئ الكريم أن الخسارة التي لحقت بالتراث الإسلامي من منع تدوين السنة لا تجبر بتدوينه بعد مضي قرن و نيف ، و بعد موت الصحابة و كثير من التابعين الذين رأوا النور المحمدي و سمعوا منه الحديث ، و لم يحدثوا ما سمعوه إلا سراً و من ظهر القلب إلى مثله .
أضف إلى ذلك أن الأحبار و الرهبان و المأجورين للبلاط الأموي نشروا كل كذب و افتراء بين المسلمين .
/ اهتمام الشيعة بتدوين الحديث :
قام الإمام أمير المؤمنين علي (ع) بتأليف عدة كتب في زمان النبي (ص) ، فقد أملى رسول الله كثيراً من الأحكام عليه و كتبها الإمام و اشتهر بكتاب علي ، و قد روى عنه البخاري في صحيحه في باب كتابة الحديث ، و باب ( أثم من تبرأ من مواليه ) و تبعه (ع) ثلة من الصحابة الذين كانوا شيعة له ، و إليك أسماء من اهتم بتدوين الآثار و ما له صلة بالدين ، و إن لم يكن حديث الرسول :
1- قام أبو رافع صحابي الرسول (ص) بتدوين كتاب السنن و الأحكام و القضايا.
2- و قام الصحابي الكبير سلمان الفارسي : المتوفي سنة 34 هـ بتأليف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم بعد وفاة الرسول (ص) .
قال الشيخ الطوسي : روى سلمان حديث الجاثليق الذي بعثه ملك الروم بعد النبي (ص) .
3- و ألف الصحابي الورع أبو ذر الغفاري المتوفي سنة 32 هـ كتاب الخطبة التي يشرح فيها الأمور بعد رسول الله (ص) .
هذا ما يرجع إلى الصحابة من الشيعة ، و أما الشيعة من غير الصحابة أعني التابعين و تابعي التابعين منهم ، فقد قام لفيف منهم بتدوين السنة إلى عصر الغيبة الكبرى ، و قد تكلفت بذكرهم و ذكر تأليفهم معاجم الرجال قديماً و حديثاً ، و إليك عرضاً موجزاً من محدثي الشيعة و مؤلفيهم في القرن الأول و بداية القرن الثاني .
/ الطبقة الأولى :
1- الأصبغ بن نباتة المجاشعي ، كان من خاصة أمير المؤمنين (ع) روى عنه (ع) عهد الأشتر ، و وصيته إلى ابنه محمد .
2-عبيدالله بن أبي رافع ، المدني ، مولى النبي (ص) ، و كان كاتب أمير المؤمنين (ع) ، له كتاب قضايا أمير المؤمنين (ع) و تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل و صفين و النهروان .
3- ربيعة بن سميع ، له كتاب في زكاة النعم عن أمير المؤمنين (ع).
4- سليم بن قيس الهلالي ، أبو صادق ، له كتاب مطبوع باسم : سليم بن قيس .
5- علي بن أبي رافع ، قال النجاشي عنه : تابعي من خيار الشيعة ، كانت له صحبة أمير المؤمنين (ع) ، و كان كاتباً له و حفظ كثيراً ، و جمع كتاباً في فنون من الفقه : الوضوء ، و الصلاة ، و سائر الأبواب.
6- عبيدالله بن الحر الجعفي ، الفارس ، الفاتك ، الشاعر ، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين (ع) .
7- زيد بن وهب الجهني ، له كتاب خطب أمير المؤمنين (ع) على المنابر في الجمع و الأعياد و غيرها .
/ الطبقة الثانية :
1- الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين (ع) ، له الصحيفة الكاملة ـ المشتهرة بزبور آل محمد (ص) .
2- جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي ، أو عبدالله ، المتوفي سنة 128 هـ ، له كتب .
3- لوط بن يحيى بن سعيد ، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ، له كتب كثيرة ، اوردها الشيخ في رجاله و عده في أصحاب الحسن و الصادق (ع).
4- جارود بن منذر ، الثقة ، أورده الشيخ في أصحاب الحسن و الباقر و الصادق (ع) ، له كتب .
/ الطبقة الثالثة :
و هم من أصحاب السجاد و الباقر (ع) :
1- برد الاسكاف ، من أصحاب السجاد و الصادقين (ع) ، له كتاب .
2- ثابت بن دينار ، أبو حمزة الثمالي الأزدي ، الثقة ، المتوفي سنة 150 هـ ، روى عنهم (ع) ، له كتاب ، و له النوادر و الزهد و له تفسير القرآن.
3- ثابت بن هرمز ، الفارسي ، أبو المقدم العجلي ، مولاهم الكوفي ، روى نسخة عن علي بن الحسين (ع).
4- بسام بن عبدالله ، الصيرفي ، مولى بني أسد ، أبو عبدالله ، روى عن أبي جعفر و أبي عبدالله (ع) ، له كتاب .
5- محمد بن قيس البجلي ، له كتاب قضايا أمير المؤمنين (ع) .
6- حجر بن زائدة الحضرمي ، روى عن الباقر و الصادق (ع) ، له كتاب .
7- زكريا بن عبدالله الفياض ، له كتاب.
8- ثوير بن أبي فاختة ( أبو جهم الكوفي ) و اسم أبي فاختة : سعيد بن علاقة .
9- الحسين بن ثور بن أبي فاختة ، سعيد بن حمران ، له كتاب نوادر.
10- عبدالمؤمن بن القاسم بن قيس الأنصاري ، المتوفي سنة 147 هـ ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد و الصادقين (ع) ، له كتاب .
و لقد خصص أبو عمرو الكشي بابا للمحدثين المتقدمين من الشيعة ، و جعله في صدر رجاله ، و تبعه النجاشي في رجاله فخص الطبقة الأولى بباب ، ثم أورد أسماء الرواة على حسب الحروف الهجائية .
الشيعة و الفقه
فقهاء الشيعة في القرن الثاني :
تخرجت من مدرسة أهل البيت و على أيدي أئمة الهدى (ع) عدة من الفقهاء العظام لا يستهان بعددهم ، فبلغوا الذروة في الاجتهاد ، كزرارة بن أعين ، و محمد بن مسلم ، و بريد بن معاوية ، و الفضيل بن يسار ، و كلهم من أفاضل خريجي مدرسة أبي جعفر الباقر و ولده الصادق (ع) فأجمعت الطائفة عن تصديق هؤلاء ، و انقادت لهم في الفقه و الفقاهة .
و يليهم في الفضل لفيف آخر هم أحداث خرجي مدرسة أبي عبدالله الصادق (ع) أمثال : جميل بن دراج ، و عبدالله بن مسكان ، و عبدالله بن بكير ، و حماد بن عثمان ، و حماد بن عيسى ، و أبان بن عثمان .
و هناك ثلة أخرى يعدون من تلاميذ مدرسة الإمام موسى الكاظم و ابنه أبي الحسن الرضا (ع) منهم : يونس بن عبدالرحمن ، و محمد بن أبي عمير ، و عبدالله بن المغيرة ، و الحسن بن محبوب ، و الحسين بن علي بن فضال ، و فضالة بن أيوب . و أكثر هؤلاء من فقهاء القرن الثاني و أوائل القرن الثالث .
هؤلاء أعلام الشيعة في الفقه و الحديث في القرن الثاني ، و كلهم خريجوا مدرسة أهل البيت (ع) ، و لقد خلفوا آثاراً علمية باسم الأصل ، و الكتاب ، و النوادر ، و الجامع ، و المسائل ، و عناوين أخرى .
/ أصحاب الجوامع الفقهية في القرن الثالث :
لقد تخرج من مدرسة أهل البيت (ع) جملة كبيرة من أعاظم الفقهاء أوقفوا علمهم في خدمة هذا الدين الحنيف ، فشمروا عن سواعدهم ، و سخروا أنفسهم قدر ما مكنهم الله تعالى عليه ، فخلفوا جوامع فقهية مهمة كانت و لازالت خير زاد للمسلمين ، و من هؤلاء الأعلام :
1/ يونس بن عبدالرحمن ، و لقد وصفه ابن النديم في فهرسته بعلامة زمانه ، له جوامع الآثار ، و الجامع الكبير ، و كتاب شرائع .
2/ صفوان بن يحيى البجلي ، الذي كان أوثق أهل زمانه ، صنف 30 كتاباً .
3-4/ الحسن و الحسين ابنا سعيد بن حماد الأهوازي ، صنفا ثلاثين كتاباً .
5/ أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، المتوفي سنة 274هـ ، صاحب كتاب المحاسن و غيره .
6/ محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي ، المتوفي سنة 293هـ ، صاحب نوادر الحكمة و كتاب الجامع المعروف .
7/ أحمد بن محمد ، أبي نصر البزنطي ، المتوفي سنة 221هـ ، صاحب الجامع المعروف .
/ فقهاء الشيعة في القرن الرابع :
هؤلاء هم فقهاء الشيعة في القرن الثالث و تليهم عدة أخرى في القرن الرابع نذكر أسماءهم على وجه الإجمال :
1/ الحسن بن علي بن أبي عقيل ، شيخ الشيعة و فقيهها ، صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول ، المعاصر للكليني .
2/ علي بن الحسين بن بابويه ، المتوفي 329هـ ، صاحب كتاب الشرائع .
3/ محمد بن الحسن بن الوليد القمي ، شيخ القميين ، و فقيههم و متقدمهم ، مات سنة 343هـ ، و لقد بلغ في الوثاقة و الدقة على حد يسكن إليه الشيخ الصدوق في تصحيحاته و تضعيفاته .
4/ جعفر بن محمد بن قولويه ، أستاذ الشيخ الصدوق ، و مؤلف كامل الزيارات ، يقول النجاشي عنه : إنه من ثقات أصحابنا و أجلائهم في الفقه و الحديث .
5/ محمد بن علي بن الحسين الصدوق (306-381هـ) مؤلف من لا يحضره الفقيه و المقنع و الهداية .
6/ محمد بن أحمد بن الجنيد المعروف بالإسكافي ، المتوفي سنة 385هـ .
قال عنه النجاشي : وجه في أصحابنا ، ثقة جليل القدر ، صنف فأكثر ، ثم ذكر فهرس كتبه و منها كتاب تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة ، و كتاب الأحمدي للفقه المحمدي .
/ مشاهير الفقهاء في القرن الخامس :
و في القرن الخامس نبغ فقهاء كبار ازدان الفقه الشيعي بل الإسلامي بأسمائهم و آرائهم و منهم : الشيخ المفيد (336-413هـ) و السيد المرتضى (355-436هـ) و الشيخ الكراجكي (449هـ) و الشيخ الطوسي (385-460هـ) ة سلار الديلمي مؤلف المراسم ، و ابن البراج (401-489هـ) مؤلف المهذب ، و غيرهم من الذين ملأت أسماؤهم كتب التراجم و الرجال .
و من أراد الوقوف على حياتهم و كتبهم فعليه بالرجوع إلى الموسوعات الرجالية ، و أخص بالذكر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة .
هذا عرض موجز لمشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية على المستوى الفقهي . و يشهد الله أن علماء الشيعة قاموا بهذه الجهود في ظروف قاسية و رهيبة ، و كانت الحكومات الظالمة و مرتزقتها لا ينفكون عن مطاردتهم و ايداعهم في السجون و عرضهم على السيف ، و مع ذلك نرى هذا الإنتاج العلمي الهائل في مجال الفقه . و الذي لو تأمل فيه علماء المسلمين بفرقهم المختلفة ، و تجنبوا أهواء التعصب ، لأٌقروا بلا ريب بما فيه من سعة الفكر ، و عمق النظر ، و غزارة الإنتاج .
هذا هو الشيخ الطوسي الذي ألف المبسوط في الفقه المقارن ( في 8 أجزاء ) في زمن كانت الفتن الطائفية على أوجها ، و الشيعة هم الضحية في هذه المخاضات العسرة ، و التي امتدت ألسنتها نحو الشيخ الطوسي نفسه ، فأحرقت داره ، و مكتبته في كرخ بغداد ، فالتجأ سراً إلى النجف الأشرف ، تاركاً بلده الذي عاش فيه قرابة نصف قرن ، و أين هؤلاء من الفقهاء الذين تنعموا بالهدوء و الاستقرار ، و استقبلتهم السلطات الحاكمة بصدر رحب ، و أجيزوا مقابل أبيات معدودة من الشعر الرخيص ، أو كتيب أو رسالة صغيرة بالهبات و العطايا .
الشيعة و اصول الفقه
1- هشام بن الحكم المتوفى سنة 199هـ ، صنف كتاب الألفاظ .
2- يونس بن عبدالرحمن ، صنف كتاب اختلاف الحديث و مسائله . و هو مبحث تعارض الحديثين .
3- إسماعيل بن علي بن اسحاق بن أبي سهيل بن نوبخت (237-311 هـ ) . قال عنه النجاشي : كان شيخ المتكلمين من أصحابنا . و ذكر مصنفاته و عد منهم كتاب الخصوص و العموم . و ذكره ابن النديم في فهرسه ، و عد من مصنفاته كتاب إبطال القياس ، و كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي .
4- أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي ، من علماء القرن الثالث ، له كتاب الخصوص و العموم و الخبر الواحد و العمل به .
5- أبو منصور صرام النيشابوري ، من علماء القرن الثالث و أوائل القرن الرابع ، له إبطال القياس .
6- محمد بن أحمد بن داود بن علي المتوفى عام 368 هـ ، قال النجاشي : شيخ هذه الطائفة و عالمها ، له كتاب الحديثين المختلفين .
7- محمد بن أحمد بن الجنيد المتوفى سنة 381 هـ ، له كتاب كشف التمويه و الالتباس في إبطال القياس .
و الطابع السائد على هذه الكتب هو دراسة بعض المسائل الأصولية كحجية خبر الواحد ، أو حل مشكلة اختلاف الحديثين ، او نقد بعض الأساليب الرائجة في تلك الأجيال في استنباط الأحكام ، كالقياس و غيره ، و لا يصح عدها كتباً أصولية بالمعنى المصطلح .
نعم : يمكن عدها مرحلة أولى ، و نواة بالنسبة إلى المرحلة الثانية .
و أما المرحلة الثانية فقد امتازت بالسعة و الشمول ، بادخال كثير من المسائل الأدبية و الكلامية في علم أصول الفقه ، و أول من فتح هذا الباب للشيعة على مصراعيه :
معلم الأمة الشيخ المفيد (336-413) ألف رسالة في هذا المضمار و أدرجها تلميذه العلامة الكراجكي في كتاب كنز الفوائد .
و ألف بعده تلميذه الجليل علم الهدى المعروف بالسيد المرتضى كتابه القيم الذريعة إلى أصول الشريعة ، و الذي طبع في جزئين ، و قد رأيت منه نسخة مخطوطة في مدينة قزوين كتب فيها : إن تاريخ فراغ المؤلف منه عام 400 هـ .
الشيخ الطوسي : (385-460هـ) ألف كتاب عدة الأصول و الذي يحتل مكانة رفيعة في هذا الميدان ، حتى أنه أعيد طبعه لمرات متكررة .
و هكذا يمكن القول بأن هذه الكتب شكلت اللبنة الأساسية التي توسعت بواسطتها و انتشرت آراء الشيعة في علم الأصول .
و أما المرحلة الثالثة من مراحل تطور علم الأصول لدى الشيعة فقد شهدت بزوغ جملة واسعة من كبار العلماء توسعوا بشكل كبير في تثبيت و شرح الأبعاد الأساسية لعلم الأصول ، فكان من نتاج تلك المرحلة :
1- التقريب في أصول افقه للشيخ أبي ليلى المعروف بسلار بن عبدالعزيز الديلمي صاحب المراسم ، توفى عام 448هـ .
2- غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع ، تأليف أبي المكارم حمزة ابن علي المعروف بابن زهرة ، المتوفى عام 585 هـ .
3- المصادر ، تأليف الشيخ سداد الدين الحمصي ، المتوفى حدود سنة 600هـ .
هذه هي المراحل الثلاثة التي مر بها علم الأصول ، و قد تلتها مراحل أخرى إلى أن بلغت القرن الرابع عشر ذروتها و قمتها و بلغ أعلى مراحل كمالها ، و يتضح ذلك من ملاحظة ما ألف من عصر الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني (1118-1206هـ) إلى يومنا ، فقد راج التحقيق في المسائل الأصولية من عصره إلى عصر الشيخ مرتضى الأنصاري (1212-1281) و عصر تلميذه الشيخ محمد كاظم الخراساني (1255-1329هـ) ففي هذه الفترة : أي القرون الثلاثة ، ألفت مئات الكتب و الرسائل في ذلك المجال
الشيعة و علم المغازي و السير
مغازي النبي الأكرم (ص) جزء من تاريخ حياته و سيرته ، و الرسول (ص) قدوة و أسوة ، و فعله كقوله حجة بلا إشكال ، و قد وضع بعضهم كتباً في فقه السيرة، فكان على المسلمين ضبط دقيقها و جليلها ، و قد قاموا بذلك لولا أن الخلافة حالت دون الأمنية ، و لكن قيض الله سبحانه رجالاً في الشيعة في ذلك المجال ضبطوا سيرة الرسول و مغازيه :
1- منهم ابن إسحاق ، محمد بن إسحاق ( المتوفي 151هـ ) عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادق . و لأجل انتمائه إلى بيت النبوة وصفه ابن حجر في التقريب ( بأنه إمام المغازي ، صدوق ، يدلس ، و رمي بالتشيع و القدر ).
و في مختصر الذهبي : أنه كان صدوقاً من بحور العلم .
و في تاريخ اليافعي عن شعبة بن الحجاج أنه قال : محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث.
و عن الشافعي : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال محمد بن إسحاق .
لما كان المترجم شيعياً مجاهراً في ولائه لأهل البيت عمد ابن هشام ( المتوفي 212هـ ) بتلخيص كتابه على أساس حذف ما لا يلائم نزعته ، فحذف أكثر ما له صلة بفضائل الإمام علي و أهل بيته .
فعلى المسلمين الغيارى الباحثين عن الحقيقة التفحص في مكتبات العالم و فهارسها ، حتى يعثروا على النسخة الأم ، و ينشروا هذا الكنز الدفين خدمة للدين و إحياءً لسيرة رسول الله (ص) ، و كان قد أعلن أحد المستشرقين أنه قد عثر على الأصل و نشره باسم سيرة ابن إسحاق إلا انه جزء من السيرة لا كلها .
و من حسن الحظ أن سيرة ابن إسحاق و إن لم تكن موجودة بصورتها لكنها موجودة بمادتها ، فقد بثها الطبرسي (470-548هـ) في أجزاء مجمع البيان ، و ابن الجوزي (595هـ) في المنتظم ، و ابن كثير في تاريخه و غيرهم . فيمكن للباحثين ، استخراج مادة السيرة متفرقة عن هذه الكتب ، و ملخصها المعروف بالسيرة النبوية لابن هشام .
2- و كان قد سبق ابن إسحاق ، عبيدالله بن أبي رافع ، و هو من أصحاب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، فقد ألّف كتاباً أسماه ( تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل و صفين و النهروان من الصحابة ) ذكره الشيخ في الفهرست ، إلا أنه ألّف في مغازي الإمام علي (ع) لا في مغازي الرسول الأكرم (ص) .
3- ألّف جابر الجعفي (المتوفي سنة 128هـ) كتباً في ذلك المجال : قال النجاشي : جابر عربي قديم . ثم ذكر نسبه و عد من كتبه : كتاب الجمل ، كتاب صفين ، كتاب النهروان ، كتاب مقتل أمير المؤمنين (ع) ، و كتاب مقتل الحسين (ع) .
4- و ألّف في ذلك المجال : أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي الذي أخذ عنه أبو عبيدة معمر بن المثنى (110-209 هـ) و أبو عبدالله بن القاسم بن سلام (157-224هـ) و أكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء و النسب و الأيام .
و له كتاب حسن يجمع المبتدأ و المغازي و الوفاة و الردة. و قد جمع فيه أخبار ابتداء أمر النبي (ص) من مبعثه و مغازيه و وفاته ، و أخبار يوم السقيفة و ارتداد بعض القبائل .
5- و من مشاهير هذا الفن من الشيعة أو مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي ، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ، روى عن جعفر بن محمد (ع) . و صنف كتباً : منها كتاب المغازي ، كتاب السقيفة ، كتاب الردة ، كتاب فتوح الإسلام .
6- و من أعلامه نصر بن مزاحم (212هـ) ألّف كتباً كثيرة في ذلك المجال ، لعل أهمها كتاب ( وقعة صفين ) الشهير .
7- هشام بن محمد بن السائب الكلبي ( المتوفي 206هـ) أعلم علماء النسب و السير و الآثار ، ذكره النجاشي و قال : الناسب ، العالم بالأيام ، المشهور بالفضل و العلم ، و كان يختص بمذهبنا ثم ذكر كتبه .
هذا عرض موجز لمن شارك المسلمين من قدماء الشيعة في بماء الحضارة الإسلامية عن طريق تدوين السيرة و المغازي و المقاتل و التاريخ ، و أما المتأخرون فسل عنهم و لا حرج ، و راجع المعاجم كأعيان الشيعة للسيد الأمين العاملي ، و الذريعة لشيخنا الطهراني .
قدماء الشيعة و علم الرجال :
اهتم علماء الشيعة بعد عصر التابعين بعلم الرجال و أولوه اهتماماً كبيراً فبرزت منهم ثلة كبيرة من سادة هذا العلم ، و سنحاول هنا أن نذكر أوائل المؤلفين منهم :
1) عبدالله بن جبلة الكناني (المتوفي 219هـ) .
قال النجاشي : و بيت جبلة مشهور بالكوفة ، كان فقيها ثقة مشهوراً . له كتب ، منها كتاب الرجال .
2) علي بم الحسين فضال ، كان فقيه أصحابنا بالكوفة و وجههم و ثقتهم ، و عارفهم بالحديث ، من أصحاب الإمام الهادي و العسكري ، له كتب منها كتاب الرجال.
3) الحسن بن محبوب السراد (150-224هـ) الراوي عن ستين رجلاً ، من أصحاب الإمام الصادق (ع) له كتاب ( المشيخة ) و كتاب ( معرفة رواة الأخبار ) .
4) أبو عمرو الكشي ، البصير بالأخبار و الرجال ، تلميذ الشيخ العياشي ، و كتابع المعروف بـ ( معرفة الرجال ) هو الذي لخصه الشيخ الطوسي و أسماه بـ ( اختيار معرفة الرجال ) و هو الموجود في الأعصار الأخيرة .
5) الشيخ أبو العباس أحمد بن علي النجاشي (372-450هـ) من نقاد هذا الفن و من أجلائه و أعيانه حاز قصب السبق في ميدان علم الرجال ، له كتاب فهرس مصنفي الشيعة المعروف برجال النجاشي .
6) و الشيخ الطوسي (385-460هـ) الغني عن التعريف ، عمل كتابين أحمدها الفهرست و الآخر الرجال ، و بعدان من أمهات الكتب الرجالية .
و توالى التأليف في علم الرجال كما في قرينه علم الدراية إلى عصرنا هذا ، و قد أنهي الشيخ الطهراني ، المؤلفين من الشيعة في علم الرجال فبلغ قرابة خمسمائة مؤلف .
الشيعة و العلوم العقلية
قدماء الشيعة و العلوم العقلية :
جاء الإسلام ليحرر عقل الإنسان و تفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة التي توارثها قهراً من الأجيال الماضية ، فهو يخاطب العقل و يدعوه إلى التأمل و التفكير ، و يخاطب القلب و الضمير بما حوله من الأدلة الناطقة ، و يكفي في توضيح ذلك أن الذكر الحكيم استعمل مادة ( العقل ) بمختلف صورها 47 مرة و ( التفكر ) 18 مرة و ( اللب ) 16 مرة و ( التدبر ) 4 مرات ) و ( النُهى ) مرتين . فبذلك نهى عن التقليد و حث على التعقل ببيانات مختلفة .
فتارة يدعو الإنسان إلى التأمل في ما حوله من الكائنات لما فيها من دلائل ناطقة على وجوده سبحانه و صفاته . قال سبحانه : ( ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها ، رفع سمكها فسواها ، و أغطش ليلها و أخرج ضحاها ، و الأرض بعد ذلك دحاها ، أخرج منها ماءها و مرعاها ، و الجبال أرساها ، متاعاً لكم و لأنعامكم ).
و أخرى يدعوه إلى التفكير و الاستدلال المنطقي ، فقال سبحانه : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ، أو خلقوا السماوات و الأرض بل لا يوقنون ) فعالج المشاكل العلمية و الفلسفية تارة بالدعوة إلى النظر في الكون نظرة ثاقبة فاحصة ، و أخرى بالحث على التفكير في المعارف بأسلوب منطقي و برهاني ، و بذلك أيقظ عقول المسلمين و حثهم على التأمل و التدبر في العوم المختلفة ، دون التقليد الأعمى و التتبع غير المتبصر ، و جعل لأولئك المكانة المتميزة .
غير أن المسلمين سوى قليل منهم تنكبوا عن هذا الطريق ، خصوصاً في ما يرجع إلى المعارف العليا ، فصاروا بين مشبه و معطل ، فالبسطاء منهم بنوا عقائدهم بالجمود على المفردات الواردة في الكتاب و السنة ، و بذلك استغنوا عن أي تعقل و تفكر ، إلى أن بلغت جرأتهم إلى حد قال بعضهم في الخالق : أعفوني عن الفرج و اللحية و اسألوني عما وراء ذلك ، فهؤلاء هم المجسمة و المشبهة ، و أما غيرهم فاختاروا تعطيل العقول عن التفكر في الله سبحانه فقالوا : أّعطينا العقل لإقامة العبودية لا لإدراك الربوبية ، فمن شغل ما أعطي لإقامة العبودية بإدراك الربوبية فاتته العبودية ، و لم يدرك الربوبية .
فالأكثرية الساحقة في القرون الأولى كانوا بين مشبه و معطل ، غير أنه سبحانه شملت عنايته أمة من المسلمين رفضوا التشبيه و التعطيل ، و سلكوا طريقاً ثالثاً و قالوا بأنه يمكن للإنسان التعرف على ما وراء الطبيعة بما فيها من الجمال و الكمال عن طريقين :
1- النظرة الفاحصة إلى عالم الوجود و جمال الطبيعة كما وردت في القرآن الكريم .
2- ترتيب المقاييس المنطقية للوصول إلى الحقائق العليا ، و هذا أيضاً هو الخط الذي رسمه القرآن الكريم ، و سار على هذا الخط الأئمة (ع) من أولهم إلى آخرهم . ترى ذلك في كلام الإمام علي (ع) بوضوح في أحاديثه و خطبه و رسائله ، و لا يسعنا هنا أن نستعرض و لو بعضاً مما له (ع) في هذا المجال ، إلا إنا نكتفي بحديث واحد .
سأله سائل : هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن يصغر الدنيا أو يكبر البيضة ؟ فقال : إن الله تبارك و تعالى لا ينسب إلى العجز ، و الذي سألتني لا يكون .
إن خطب الإمام علي (ع) و رسائله و قصار حكمه كانت هي الحجر الأساس لكلام الشيعة و آرائهم في العقائد و المعارف ، و لم يتوقف نشاط الشيعة في ذلك المجال ، بل و نتيجة لتوالي الأئمة (ع) إمام بعد إمام ، كان يعني ذلك استمرار عين المنهج السابق الذي ربى عليه الإمام علي (ع) شيعته ، فواصل الأئمة من بعده (ع) في حياتهم تربية شيعتهم فشخوا عقولهم بالدعوة إلى التدبر و التفكر في المعارف ، حتى تربى في مدرستهم عمالقة الفكر من عصر سيد الساجدين إلى عصر الإمام العسكري ، تجد أسمائهم و تآليفهم و أفكارهم في المعاجم و كتب الرجال ، و قد نبغ في عصر أئمة أهل البيت مفكرين بارزون أدوا لعموم المسلمين خدمات لا تنكر ، و أشرعوا أبواب المعرفة للباحثين و المفكرين الذين تلوهم ، و من هؤلاء :
/ متكلموا الشيعة في القرن الثاني :
1- زرارة بن أعين : مولى بني عبدالله بن عمرو السمين بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، أبو الحسن : شيخ أصحابنا في زمانه ، و متقدمهم ، كان قارئاً ، فقيهاً ، متكلماً ، شاعراً أديباً ، قد اجتمعت فيه خصال الفضل و الدين ، صادقاً في ما يرويه .
قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه : رأيت له كتاباً في الاستطاعة و الجبر .
و قال ابن النديم : و زرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً و حديثاً و معرفة بالكلام و التشيع . و هو من الشخصيات البازرة للشيعة التي أجمعت الطائفة على تصديقهم ، و هو غني عن التعريف و التوصيف .
2- محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي : مولى الأحول ( أبو جعفر ) كوفي ، صيرفي يلقب بـ ( مؤمن الطاق ) … و كان دكانه في طاق المحامل في الكوفة ، فيرجع إليه في النقد فيرد رداً فيخرج كما يقول ، فيقال ( شيطان الطاق ) .
أما منزلته في العلم و حسن الخاطر ، فأشهر ، و قد نسبت إليه الأشياء لم تثبت عندنا .
و له كتاب ( افعل لا تفعل ) و هو كتاب حسن كبير ، و قد أدخل فيه بعض المتأخرين أحاديث تدل على فساد ، و يذكر تباين أقاويل الصحابة .
و له كتاب ( الاحتجاج في إمامة أمير المؤمنين (ع) ) و كتاب كلامه على الخوارج ، و كتاب مجالسه مع أبي حنيفة و المرجئة …
و قال ابن النديم : و كان متكلماً حاذقاً ، و له من الكتب كتاب الإمامة ، كتاب المعرفة ، كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول ، كتاب في أمر طلحة و الزبير و عائشة.
3- هشام بن الحكم : قال ابن النديم : هو من متكلمي الشيعة الإمامية و بطانتهم ، و ممن دعا له الصادق (ع) ، فقال : ( أقول لك ما قال رسول الله لحسان : لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ) .
و هو الذي فتق الكل