أنت تسأل و قداسة البابا شنودة يجيب
س 25: كيف أستطيع أن أقاوم الأفكار التي تضغط علي أحيانا بشدة , وتحاول أن تخضعني لاستسلم لها ؟
ج:
اشغل وقت فراغك بفكر آخر اقوي منه , يحل محله
لا تنتظر حتى ترهقك الأفكار هكذا , وبعد هذا تحاول أن تقاومها , بل الأفضل – إن استطعت – انك لا تعطيها مجالا علي الإطلاق للوصول إليك .... وكيف ذلك ؟
اشغل فكرك باستمرار بما هو مفيد , حتى إن أراد الشيطان أن يحاربك بالفكر , يجدك مشغولا وغير متفرغ لأفكاره , فيمض عنك .....
ما أصعب الفكر , حينما يأتي إلي الإنسان فيجد أبوابه مفتوحة , وعقله مستعدا للقبول !!
إن جاءك فكر ردئ , استبدله بفكر آخر يحل محله , لان عقلك لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق .
لذلك يشترط في الفكر الجديد الذي تريد أن تغطي به فكر المحاربة , أن يكون عميقا حتى يمكنه طرد الفكر الآخر .
كالتفكير في لغز أو مشكلة أو مسألة عقائدية أو موضوع يهمك أو تذكر شيء نسيته .....
الفكر السطحي لا يطرد الأفكار المحاربة لك , إنما يطردها أفكار أخري يمكنها أن تدخل إلي عمق ذهنك أو إلي عمق قلبك .....
كأن تفكر في مشكلة عائلية هامة , أو في سؤال عويص ليس من السهل حله أو في موضوع محبوب إلي قلبك يسرك الاستمرار فيه .
ويمكنك أن تطرد الفكر بالقراءة كطريقة أخري للإحلال :
علي ان تكون قراءة عميقة يمكنها أن تشغل الذهن , لان القراءة السطحية تعطي مجالا للسرحان , فيسرح الفكر في نفس الوقت قيما يحاربه .
لذلك قد يحارب إنسان بفكر شهوة , فلا تصلح له قراءة روحية عادية , بقدر ما تصلح له قراءة عن حل مشكلات في الكتاب المقدس أو في الخلافات العقائدية والرد عليها , أو قراءة في موضوع جديد لم يسبق له معرفته , أو في موضوع علمي يحتاج إلي تركيز .
وقد ينطرد الفكر بالصلوات والمطانيات { سجود متتالي مع صلوات قصيرة }
إذ يستحي الإنسان من التفكير الخاطئ في وقت مخاطبته لله , كما انه يأخذ معونة من الصلاة , علي شرط ان تكون الصلاة بحرارة وعاطفة , ومقاومة للسرحان , والصلاة المصحوبة بالمطانيات تكون اقوي ....
وقد يمكن طرد الفكر بالانشغال في عمل يدوي :
لان هذا العمل يشغل الفكر أيضا فيلهيه عن محاربته , بقدر ما يكون عملا يحتاج الي انتباه وتركيز .
العمل أيضا يشغل الإنسان ويريحه من حرب الأفكار , بعكس الفراغ الذي يعطي مجالا لحرب الفكر , لذلك قال الآباء أن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد , أما الذي لا يعمل فتحاربه عدة شياطين , لاحظ أن الله أعطي أبانا ادم عملا يعمله وهو في الجنة , مع انه لم يكن محتاج للعمل من اجل رزقه .
فان لم ينطرد الفكر بكل هذا , فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر .
لأنه من الصعب عليه أن يتكلم في موضوع معين , وهو يفكر في نفس الوقت في موضوع آخر .
بل أن أي نوع من التسلية , سواء كان فرديا او مشتركا مع آخرين , يساعد علي طرد الفكر أيضا.
المهم انك لا تترك الفكر ينفرد بك أو تنفرد به .
عملية تشتيت الفكر أو إحلال فكر آخر محله , أو شغل الذهن عنه بعمل , أو تسلية أو حديث أو كتابة أو قراءة أو صلاة كل ذلك يضعف الفكر أو يطرده أو ينسيك إياه.
كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معاه :
قد يأتيك مثلا فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك , لأنك طالما تبقي داخلك أسباب الغضب فلابد أن ترجع عليك الأفكار مهما طردتها .
فان كان الفكر سببه قراءة معينة أو سماع لأشياء من الناس أو عثرة من الحواس أو مشكلة تشغلك , حاول أن تتوقي كل هذا أو تجد لها حلا , وهكذا تمنع سبب الفكر .
كذلك إن أتاك فكر كبرياء أو مجد باطل , لسبب معين يدعوك إلي هذا , فعليك أن تحارب هذه الكبرياء داخل قلبك بطريقة روحية , فان انتصرت عليها ستفارقك أفكارها....
وهكذا تتبع طريقة التصريف الروحي مع كل خطية تحاربك أفكارها .
وفي كل ذلك تحتاج إلي السرعة , وعدم التساهل مع الفكر :
إن طردت الفكر بسرعة فسيضعف أمامك , أما إن أعطيته فرصة فسيقوي , وتضعف أنت في مقاومته , إذ قد تنضم إليه أفكار أخري تزداد فروعه , كما انه قد ينتقل من العقل إلي القلب فيتحول إلي رغبة أو شهوة .
واحترس من خداع محبة الاستطلاع :
قد يستبقي الإنسان الفكر , بحجة انه يريد أن يعرف ماذا تكون نهايته , والي أي طريق يتجه بنوع من حب الاستطلاع !!
كثير من الأفكار أنت تعرف جيدا نهايتها وان لم تعرف فعلي الأقل تستطيع أن تستنتج من طريقة بدايتها , ثم ما منفعة حب الاستطلاع إن أدي إلي ضياعك ؟!
هناك طريقة أخري وهي الرد علي الفكر :
والقديس مار اوغريس وضع طريقة للرد علي الفكر بآيات الكتاب , فكل خطية تحارب الإنسان, يضع أمامها آية ترد عليها وتسكنها , وفي التجربة علي الجبل رد السيد المسيح علي الشيطان بالآيات .
ولكن هناك أفكار تحتاج إلي طرد سريع وليس إلي مناقشة , إذ قد تكون المناقشة مدعاة إلي تثبيت الفكر بالأكثر وإطالة مدة إقامته , كما قد تتسبب في تشعب الفكر .
إن جاءتك الأفكار يجب أن تصدها بسرعة , لا تتراخ ولا تتماهل , ولا تنتظر لتري إلي أين يصل بك الفكر ولا تتفاوض مع الفكر وتأخذ وتعطي معه , لأنك كلما تستبقي الفكر عندك , كلما يأخذ قوة ويكون له سلطان عليك , أما في بدء مجيئه فيكون ضعيفا يسهل عليك طرده .
إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وإفراز والي معونة :
هناك أشخاص خبيرون بالفكر وطريقة مقاتلته , كما قال بولس الرسول " لأننا لا نجهل حيله " والذي ليست له خبرة عليه أن يسأل مرشدا روحيا .
وعلي العموم فان المعونة الإلهية تأتي بالصلاة والتضرع وتساعد الإنسان علي التخلص من الأفكار.
الرب قادر أن يطرد الشيطان وكل أفكاره الرديئة .
|