اقتباس: الكاتب: نبيل فياض
[SIZE=6]من كل ما سبق, يمكن القول, ان الاخوان المسلمين, في افضل الاحوال, لا يشكلون اكثر من عشرة بالمئة من مجمل التركيبة السكانية للسوريين. ولا يحق لهم بالتالي تقديم انفسهم, باي شكل, كممثلين حصريين لهذا الشعب.
*
عشرة بالمائة كثير جدا لو كان يعقل هذا الفياض!
عشرة بالمئة تعني أن في الساحة السورية قرابة المليوني إخواني سوري! وهذا وهم كبير لا يجرؤ الإخوان على ادعاء عشره، بل كثير عليهم في الظروف الحالية أن يضموا عشر معشاره، أي عشرين ألف منتسب ناشط.
لكن آفة الفياض لم تبدأ من هنا!
والحقيقة أن النتيجة الصحيحة ينبغي أن تعتمد على معلومات موثقة وتحليلات عميقة، ونبيل فياض "خطف الكبة من تم الماعون" ثم راح يتفذلك في تحليلها بطريقة ساذجة حتى وصل إلى نتيجة لو قلناها لكنا أكذب منه ومن أسياده!
أما "الكباية" التي خطفها فهي فهم أعوج ظن أنه اقتبسه من المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسليمن، ومفاده أن أهل السنة يشكلون 85% من سكان القطر! وهي دعوى عريضة لا يمكن لمتابع موضوعي أن يزعمها!
ولكن الذي قلناه أن 85% من شعبنا مسلمون لا سنة، ونحن نعلم أن أهل السنة هم أكبر المذهبيات الإسلامية لكن هذا لا ينفي وجود ما بين 7-10% من العلوية، وحوالي 3% دروز وحوالي 1.5% إسماعيلية وحوالي 0.5% جعفرية، فضلا عن طوائف مسيحية تبلغ نسبتها بين 10-14% من سكان القطر...
إذن نسبة الخمسة وثمانين لطوائف المسلمين مجتمعة، وإن كانت أغلبيتها المطلقة للسنة حيث تبلغ نسبتهم قرابة الـ 85% من مجموع المذاهب الإسلامية أيضا، بينما لا تقل نسبتهم بالنسبة لسكان القطر بكل مذهبياته عن الـ 70%
هذا من حيث المعلومة ابتداء، فأين وجد نبيل فياض ما زعمه من أننا نقول بأن أهل السنة يبلغون 85% من السكان؟!!
ومعلومته المفتراة الأخرى هي قوله: (يمثلون رأي الغالبية الساحقة للشعب السوري, باعتبارهم الممثلين الحصريين للسنة, الذين هم الغالبية الساحقة من الشعب السوري)!!!
أين هذا مما ورد في مشروعنا السياسي في الباب الأول، ص20: (
وقيام جماعة إسلامية من هذا النوع، لا يعني سلب الإسلام من الآخرين، ولا تجريدهم منه، كما لا يعني الاستئثار في تمثيله والتحدث باسمه، ومصادرة حق الآخرين في القيام بأمره، مادامت حركتهم ضمن دائرة الخطاب الإسلامي العام، وعلى أسس المنهج الإسلامي القويم. وكان التأكيد على أن قيام الحركة إنما هو صورة من صور الاستجابة لقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون ) وقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ).).
وأتحدى نبيل فياض وغيره أن يأتينا من برامج الإخوان أو خطاباتهم العامة أو تصريحاتهم الرسمية أو الإعلامية ما يشي بأنهم يزعمون تمثيلهم الحصري لأهل السنة، بله أن يمثلوا المسلمين قاطبة!!
والمسألة الأخيرة التي أود تأكيدها أننا لسنا بدلاء عن أحد، ولا نسعى لنكون ذلك، ولقد عانى شعبنا جميعا معنا من كابوس الاستفراد والشمولية، والعاقل من اتعظ بغيره، وبالتالي فقيادتنا هي التي طرحت منذ أمد شعار: (شركاء لا بدلاء)
على أنه للتطمين أكثر فإنني أؤكد أن القيادة الإخوانية تتبنى نهجا براجماتيا منضبطا بخصوص تسلم السلطة، فهي تعلم ما يقوله الزميل حسان حسون، من ان المشاركة في سلطة ما بعد البعث يعني الاستعمال لمرة واحدة ثم الرمي بالزبالة! وهم يعلمون بكل واقعية ضرورة إنضاج ملكاتهم وكوادرهم في العمل السياسي والعام قبل أن يخوضوا غماره، فتجربة الحزب الشمولي هدت المعارضة وجعلتها جميعا بلا تجارب ديمقراطية كافية، ولأجل هذا فأقسم بالله العظيم أن الإخوان ليس في نواياهم أن يحكموا سورية الآن حتى ولو قدر -تنزلا- أن السلطة سلمت لهم على طبق من ذهب، أقول هذا من موقع صلة ما بقيادتهم وأعني ما أقول، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يسعون حثيثا لنيل سائر حقوقهم السياسية ومنها حقهم في الترشح للمجالس النيابية والتصويت والنشاط...
وبكل وضوح وشفافية فإن هناك أياد خفية تضخم من حجم الإخوان وفعاليتهم والآثار الخوارقية التي يصنعها مجرد قراءة بيان لهم في منتدى محاصر! والبديل الذي يمثلونه لكل فراغ سلطوي ووو!!!!
نحن يا جماعة أقل من أن نكون 10% من التركيبة السكانية، وأقل من أن نصنع كل تلك المعجزات، ولكننا شريحة من هذا الشعب تحمل همه وألمه وآماله، ونتطلع مع الجميع لمستقبل أفضل لوطننا، وندعو لدولة حديثة تقوم على أساس المواطنة والمساواة والعدل والحرية، ونريد أن نأخذ دورنا في تدوير عجلة التنمية التي بدأت بعد جمود طويل تمضي القهقرى لا أماما!!
نمد أيدينا للجميع بما فيهم خصومنا أنفسهم، ولا نفكر مجرد تفكير بقانون اجتثاث للبعث، لأننا جربنا قانون البعث 49 الذي دعا لسحلنا واستئصالنا وحكم بالإعدام على مجرد انتمائنا!
وجربنا تربيته الغوغائية التي علم فيها البراعم النضرة في طوابير المدارس كيف تقسم على السحق والإبادة الجماعية لبعض شركائها في الوطن!!
نعترف بضعف أدائنا الديمقراطي نسبيا، وإن كنا نقارن أنفسنا إقليميا فنجد أنفسنا الحزب الوحيد الذي دار على كرسيه الأول سبعة من القادة خلال عشرين سنة! وهم: الدكتور الطبيب حسن هويدي، والشيخ المحدث عبد الفتاح أبو غدة، والأستاذ عدنان سعد الدين، والمحامي علي صدر الدين البيانوني والأستاذ نعسان العرواني، والدكتور منير الغضبان، والأستاذ أديب الجاجة.
فهل رأيتم في منطقتنا حزبا ليبراليا أو اشتراكيا، قوميا أو فئويا، يمينيا أو يساريا، معارضا أو مواليا، يملك مثل هذا الحراك في رأس هرمه؟!
ومع هذا فنحن نعترف بقصور التجربة لأننا نتطلع للأفضل، ولا نستحيي من أن نتعلم من أعدائنا، ولقد يعلم الكثيرون أن مشروعنا السياسي انتخبناه من لجان قاعدية، ثم جمعناه في لجنة صياغة مركزية، ثم عرضناه على أهل الرأي والمشورة والخبرة من الاتجاهات الإسلامية واليسارية والليبرالية، بل وسربنا بعض نسخه للنظام نفسه عبر بعض الممثليات قبل أن نعلنه في مؤتمرنا الصحفي، وقد أفدنا من تصحيحات كثيرة وردت إلينا وأنضجت فكرتنا، بعضها كان من موالين للبعث ونظامه!
يبقى أن موضوع أمريكا والتعامل معها لا يزال خطا أحمر لدى قيادة الجماعة وقواعدها، وإن كانت هناك آراء شاذة في أوساطهم، منها صوتي الشخصي، الذي يدعو للتعامل البراجماتي المنضبط، استفادة من ظرف لم نخطط له، ونحن في النهاية كمعارضة لا نطالب بتحرير وطننا بأيدي الخارج، ولا نستقوي على الوطن بالخارج، إنما نستقوي بالوطن والمواطن على مواجهة مخططات الغير، ومنها ذلك الدعم السخي الذي كان يبذله الغرب لدعم النظام الشمولي المستبد بطرق مباشرة وغير مباشرة. فإذا اقتضت إرادة الله أن يسلط الظالمين على الظالمين، وأن يرفع الغرب دعمه عن نظامنا، فكلنا ثقة بأن الطوفان الشعبي يكفي وحده لاقتلاع جذور الاستبداد بدون دبابة أمريكية، ما كفت دعمها الأول عن تلك النظم السخيفة والتي تفتقد لكل سند شعبي، وما تجربة لبنان بغائبة عنا، وأرجو ألا أكون حالما.
واسلموا لود واحترام(f)