{myadvertisements[zone_1]}
ما هي أسباب القول بتحريف الكتاب المقدس ؟ وما هو إنجيل المسيح ؟ هل نزل عليه ، أم كُتب عنه ؟
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #15
ما هي أسباب القول بتحريف الكتاب المقدس ؟ وما هو إنجيل المسيح ؟ هل نزل عليه ، أم كُتب عنه ؟
إنجيل واحد أم أربعة أناجيل ؟
الإنجيل ونوع الوحي فيه


1 – معنى الإنجيل :
يتصور البعض أن الإنجيل نزل على المسيح من السماء بنفس الطريقة والكيفية التي يعتقونها في القرآن ، أي نزل به جبريل من السماء على قلبه في آيات وسور " لفظاً ومعنى " !! أو بطرق الوحي المتنوعة ، ويزعمون أن هذا الإنجيل هو إنجيل واحد ؛ إنجيل المسيح (عيسى) ! وأنه مفقود !! وأن الأناجيل الأربعة وبقية العهد الجديد ما هي إلا أحاديث للمسيح وسيّر ذاتية له كُتبت بأقلام البشر ، من تأليف تلاميذه أو غيرهم ، وليس وحي منزل من السماء ، وبالتالي فلا يعتد بها !! وهذه الأقوال تعبر عن عدم فهم لشخص المسيح وطبيعة رسالته ، وسوء فهم لكلمة إنجيل ذاتها .
فقد وردت كلمة " إنجيل " في العهد الجديد 19 مرة وفي معظمها (14 مرة) تعني " إنجيل المسيح " : " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " (مر1:1) ، " فان الله الذي اعبده بروحي في إنجيل ابنه (المسيح) شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم " (رو9:1) ، " إذا جئت إليكم سأجيء في ملء بركة إنجيل المسيح " (رو29:15) ، " وأنا ابشر اجعل إنجيل المسيح بلا نفقة حتى لم استعمل سلطاني في الإنجيل " (1كو18:9) ، " ولكن لما جئت إلى ترواس لأجل إنجيل المسيح " (2كو12:2) ، " إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله " (2كو4:4) ، " وصلنا إليكم أيضا في إنجيل المسيح " (2كو14:10) ، " تيموثاوس أخانا وخادم الله والعامل معنا في إنجيل المسيح " (1تس2:3) ، و " إنجيل ربنا يسوع المسيح " (2تس8:1) ، " أكملت التبشير بإنجيل المسيح " (رو19:15) ، "عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح " (في27:1) .
ويقول أيضا " إنجيل مجد الله المبارك " (1تي11:1) . و " إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضا إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس " (أف13:1) . و " إنجيل السلام " (أف15:6) . و" إنجيل الله " (1تس8:2؛ 1بط17:4) .
وقد وردت كلمة الإنجيل معرفة 30 مرة وكلها تعني جوهر كرازة وعمل المسيح والبشارة به أو الكرازة بعمل الخلاص الذي تم فيه ، فالمسيح نفسه ، شخصه وعمله وتعليمه هو جوهر الإنجيل ، هو الإنجيل عملياً .
وكلمة " إنجيل " في اللغة اليونانية هي " إيوانجليون – εύαγγελιον - euangelion" وتعنى بصورة عامة " الأخبار السارة " أو " البشارة المفرحة "(1) good News. وقد أخذت كما هي تقريباً في اللاتينية والقبطية " إيفانجليون – evangelion " وبنفس المعنى ويرادفها في اللغة العبرية " بشارة " أو " بشرى " وقد وردت في العهد القديم ست مرات بمعنى البشارة أو البشرى بأخبار سارة(2) أو المكافأة على أخبار سارة . ويرادفها في اللغة العربية أيضاً " بشارة " كما تنطق أيضاً " إنجيل "(3).
وتعنى كلمة " إنجيل " في العهد الجديد بصفة عامة " إنجيل المسيح " وتعني بصفة خاصة في الأناجيل الأربعة " بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت " (مت23:4) ، " بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) ملكوت الله " (مر14:1) الذي جاء في شخص وكرازة المسيح . فالمسيح هو ملك هذا الملكوت والمبشر والكارز به أيضاً :
" وكان يسوع يطوف كل الجليل ويُعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب " (مت23:4؛35:9) ، وأعد تلاميذه للكرازة بهذا الملكوت وقال لهم " ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم " (مت14:24) ، والكلمة المترجمة " بشارة " في هذه الآيات هي " إيوانجليون - εύαγγελιον – euangelion " ، أي " إنجيل الملكوت " كما ترجمت " بشارة " و " إنجيل " في آية واحدة :
" جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον – euangelion) ملكوت الله . ويقول قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله. فتولوا وآمنوا بالإنجيل (εύαγγελιον – euangelion) " (مر14:1) .
هذا " الإنجيل " أو هذه " البشارة " هو " إنجيل المسيح " وقد تكررت عبارة " إنجيل المسيح " و" إنجيل ربنا يسوع المسيح " و " إنجيل أبنه " أي ابن الله ، المسيح ، كما بينّا أعلاه ، 14 مرة في الكلام عن الإنجيل ، الذي هو إنجيل المسيح:
إذا فالإنجيل ليس مجرد رسالة حملها المسيح إلى العالم بعد أن نزلت عليه من السماء سواء عن طريق الروح القدس أو بواسطة ملاك أو في حلم أو في رؤيا أو بوسيلة أخرى كما حدث مع أنبياء العهد القديم " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة " (عب1:1) ، وإنما هو شخص وعمل وتعليم المسيح نفسه ، كما يقول الإنجيل نفسه " جميع ما أبتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه " (أع1:1و2) ، فالمسيح هو ذاته الرسالة ، محورها وجوهرها ، هدفها وغايتها ، كما أنه هو أيضاً حاملها وباعثها ومقدمها إلى العالم .
كما أن الإنجيل ليس نصوصاً نزلت على المسيح من السماء ، وليس وحياً أوحى إليه أو رؤيا رآها أو حلماً حلم به ، ولا هو رسالة سمائية نقلت إليه بواسطة ملاك من السماء ولا كان بينه وبين الله وسيط من أي جنس أو نوع ، إنما هو شخص المسيح ذاته ، عمله وتعليمه ، فهو نفسه كلمة الله النازل من السماء ، وكلمة الله هو الله الذي نزل من السماء في " ملء الزمان " (غل4:4) ، صورة الله غير المنظور والمعلن عن الذات الإلهية والإرادة الإلهية والتدبير الإلهي ، " الابن الوحيد الذي في حضن الآب " ، الله ناطقاً ، الله معلناً ، الله ظاهراً ، الله الظاهر في الجسد " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (1تى16:3) ، الإله المتجسد ،الابن الوحيد ، الإله الوحيد ، الله متجسداً وظاهراً ومتجلياً ومعلناً ، الله ناطقاً :
+ " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله . كل شئ به كان وبعيره لم يكن شئ مما كان 000 والكلمة صار (أتخذ) جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً " (يو1:1-3و14) .
+ " ويدعى اسمه كلمة الله " ( رؤ13:19) .
+ " بالمسيح قوة الله وحكمة الله " (1كو24:1) .
+ " المسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله " (1كو30:1) .
+ " المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم " (كو3:2) .
+ " المسيح الذي هو صورة الله " (2كو4:4) .
+ " الذي هو صورة الله غير المنظور " (كو15:1) .
+ " الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته " (عب3:1) .
+ وكما يقول هو عن نفسه " وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء " (يو13:3) ، " لأني قد نزلت من السماء " (يو38:6) ، " أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء " (يو51:6) .
وقال عنه القديس بولس بالروح " الذي نزل هو الذي صعد أيضا فوق جميع السماوات لكي يملا الكل " (اف10:4) .
+ " ولما جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه مولوداً من امرأة " (غل4:4) .
+ " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون مساوياً لله . لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس . وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع 000 " (في5:2و6) .
+ " لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني 000 لأن هذه مشيئة الذي أرسلني إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير 000 ليس أن أحداً رأى الآب إلا الذي من الله . هذا قد رأى الآب . الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية " (يو38:6و46و47) .
والإنجيل أيضاً هو " البشارة المفرحة " والخبر السار" good News المقدم للعالم كله في شخص المسيح النازل من السماء ليقدم الخلاص والفداء للعالم أجمع ولينقذ البشرية من الهلاك الأبدي : " أنا قد جئت نوراً للعالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة 000 لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم " (يو46:12و47) ، " أذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها . من آمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدان " (مر16:16و17) ، " ويكرز ببشارة (إنجيل - εύαγγελιον – euangelion) الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم " (مت14:24) .
والخلاصة هي أن كلمة إنجيل سواء في الأناجيل الأربعة أو في كل العهد الجديد أو في المسيحية بصفة عامة تعنى كما عبر القديس لوقا الإنجيلي بالروح القدس " جميع ما أبتدأ يسوع يفعله ويُعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه " (أع1:1و2) .
والرب يسوع المسيح نفسه يوحد بين ذاته وبين الإنجيل ويعتبر أن ما له هو ما للإنجيل وما للإنجيل هو له ، فيقول " من يهلك نفسه من أجلى ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " (مر35:8) ، " لأجلى ولأجل الإنجيل " (مر29:10) . وعندما سكبت امرأة الطيب على رأسه قال " حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر بما فعلته المرأة تذكاراً لها " (مت13:26؛مر9:14) . الإنجيل إذا هو شخص وعمل وتعليم الرب يسوع المسيح ، فهو ذاته الرسالة النازلة من السماء وهو أيضاً الرسول الذي قدم الرسالة بذاته وفي ذاته . هو نفسه جوهر هذه الرسالة ومضمونها " أنا هو الطريق والحق والحياة . ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي . لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبى أيضاً . ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه 000 الذي رآني فقد رأى الآب 000 أنا في الآب والآب في " (يو6:14-10) .
2 - الوحي الإلهي والمسيح :
الإنجيل ، كما بيّنا ليس هو رسالة أو نصوص دينية نزلت على المسيح من السماء كما يتصور الأخوة المسلمين أو كما هو الحال في أسفار أنبياء العهد القديم والذين أعلن الله عن ذاته وأرسل رسالاته إلى الأرض بواسطتهم وعن طريقهم وذلك بطرق الوحي الإلهي المتنوعة مثل الرؤى والأحلام والتكلم مع بعض الأنبياء ، ولكن كلمنا الله به وفيه ، المسيح ، ابنه ، ومن خلاله مباشرة " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة . كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شئ الذي به أيضاً عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب1:1-3) .
ولأن المسيح هو كلمة الله الذاتي النازل من السماء فهو يختلف عن جميع الأنبياء الذين حملوا رسالات السماء إلى البشرية ، والفرق بينه وبينهم هو الفرق بين " ابن الله " وخدام الله وعبيده ورسله وهذا ما قاله المسيح نفسه في مثل الكرم والكرامين الأردياء " كان إنسان رب البيت غرس كرماً وأحاطه بسياج 000 وسلمه إلى كرامين وسافر . ولما قرب وقت الأثمار أرسل عبيده إلى الكرامين ليأخذوا أثماره . فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضاً وقتلوا بعضاً ورجموا بعضا. ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين اكثر من الأولين . ففعلوا بهم كذلك . فأخيرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني قائلاً يهابون أبني . وأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه . فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه" (مت33:21-39) .
والرب يسوع المسيح ، هنا ، يصف الله الآب بـ " صاحب الكرم " ويصف الأنبياء " بالعبيد " وقادة إسرائيل " بالكرامين الأردياء " ويصف نفسه بـ " الابن ، أبنه ، أبني ، الوارث ، أي أبن الله " . ولأنه الابن ، الابن الوحيد ، فقد كانت رسالته مختلفة عن جميع الأنبياء ، وكان شخصه هو ، هدف وغاية رسالات الأنبياء ، وكما كان هو غاية إعلانات السماء والإعلان السمائى الأخير ، والذي فيه تجلى الله على الأرض ظهر في الجسد ، فقد كان الإنجيل ، إنجيله ، إنجيل المسيح ، هو محور وجوهر وخلاصة وختام الوحي الإلهي والنبوة " فإن شهادة يسوع هي روح النبوة " (رؤ10:19) .
3 – كيف كانت الكرازة بالإنجيل ؟
اختار الرب يسوع المسيح من بين المؤمنين به مجموعة من التلاميذ سماهم رسلاً وتلمذهم على يديه ليكونوا شهودا له ولأعماله وأقواله وليحملوا رسالته (الإنجيل) لجميع الأمم . اختارهم ودعاهم هو نفسه بحسب إرادته ومشورته الإلهية وعلمه السابق ، دون أن يسعوا هم لذلك ودون أن يكون لهم أي دخل في هذا الاختيار " أجابهم يسوع أليس أني أنا اخترتكم الأثني عشر وواحد منكم شيطان " (يو70:6) ، " ليس انتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم . لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي " (يو16:15) ، " أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم " (يو15:16) . وتلمذهم على يديه حوالي ثلاث سنوات ونصف عاشوا فيها معه وتعايشوا معه بصورة كاملة ، فقد تركوا كل شيء وتبعوه ، أكلوا معه وشربوا ، دخلوا معه وخرجوا ، وكان هو ، وليس سواه ، بالنسبة لهم القدوة والمثال " احملوا نيري عليكم وتعلموا مني . لأني وديع ومتواضع القلب . فتجدوا راحة لنفوسكم " (مت29:11) ، رأوا كل أعماله بعيونهم وسمعوا كل ما قال وعلم ولمسوه بأيديهم ، وسماهم بالقطيع الصغير (لو23:12) ، وكان يعرفهم حتى قبل أن يوجدوا في أرحام أمهاتهم كقوله لهم " أنا أعلم الذين اخترتهم " (يو18:13) ، وكقول القديس بولس " الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته " (غل15:1) . وكشف لهم أسرار ملكوت السموات " وقال لهم لأنه قد أعطي لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات " (11:13) ، وكشف لهم عن حقيقة ذاته باعتباره ابن الله الحي ، الابن الوحيد الذي في حضن الآب وتجلى لهم بمجد على الجبل ، وكشف لهم كل ما سيحدث له من آلام وصلب وقيامة وحتى صعوده .
ولأعدادهم لهذه المهمة الإلهية السامية ، مهمة نشر إنجيل الملكوت زودهم بالسلطان الرسولي وفسر لهم كل ما تنبأ به عنه جميع أنبياء العهد القديم ووعدهم بالروح القدس ليحل عليهم ويسكن فيهم فيقودهم ويذكرهم بكل ما عمله وعلمه الرب ويعلمهم أمورا جديدة ، ويرشدهم للحق . فقد كان الرسل هم شهود العيان الذين سمعوه ورأوه ولمسوه وكان معهم شاهدان آخران نبوات العهد القديم والروح القد الذي يشهد فيهم وبهم ومن خلالهم :
(1) فقد ظل يظهر لهم بعد قيامته مدة أربعين يوماً كشف لهم فيها الأمور المختصة بملكوت السموات (أع3:1) ، وشرح لهم كل ما سبق أن تنبأ به الأنبياء وكتب عنه في جميع أسفار العهد القديم " ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب " (لو27:24) .
(2) وأعطاهم سلطاناً ليصنعوا الآيات والقوات والعجائب ، وقبل صعوده مباشرة أرسلهم ليشهدوا له في العالم أجمع وليكرزوا بالإنجيل في المسكونة كلها " وقال لهم اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " (مر15:16) ، " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به . وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر " (مت19:28و20) .
(3) وكان قد وعدهم ، في الليلة الأخيرة قبل الصليب ، بأن يرسل لهم الروح القدس ليمكث فيهم ومعهم إلى الأبد ويعلمهم كل شيء ويذكرهم بكل ما عمله وعلمه الرب يسوع المسيح ويخبرهم بالأمور الآتية ويرشدهم إلى جميع الحق :
+ " وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد . روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه . وأما انتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم " (يو16:14و17) .
+ " وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم " (يو26:14) .
+ " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي . وتشهدون انتم أيضا لأنكم معي من الابتداء " (يو26:15).
+ " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق 000 ويخبركم بأمور آتية " (يو13:16) .
+ كما يتكلم على لسانهم " أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون . لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به . لأن لستم انتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم " (مت19:10و20) .
+ " بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس " (مر11:13) .
+ " لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه " (لو12:12) .
+ " لأني أنا أعطيكم فماً وحكمةً لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها " (لو15:21) .
ثم أكد عليهم بعد قيامته أن يبدءوا البشارة بالإنجيل بعد أن يحل الروح القدس عليهم وليس قبل ذلك " وها أنا أرسل إليكم موعد أبي . فأقيموا في مدينة أورشليم إلى ان تلبسوا قوة من الأعالي " (لو49:24) ، وقبل صعوده مباشرة قال لهم " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض " (أع8:1) .
وبعد حلول الروح القدس عليهم حمل تلاميذ المسيح ورسله الإنجيل ، البشارة السارة والخبر المفرح للعالم كله وكان الروح القدس يعمل فيهم وبهم ويوجههم ويقودهم ويرشدهم ويتكلم على لسانهم وبفمهم ؛ " فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة " (أع29:8) ، " وبينما بطرس متفكر في الرؤيا قال له الروح " (أع19:10) ، " فقال لي الروح أن اذهب " (أع12:11) ، " وأشار بالروح " (أع28:11) ، " لم يدعهم الروح " (أع7:16) ، " كان بولس منحصرا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع " (اع15:22) ، " كان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب " ، (أع25:18) . ويستخدم القديس يوحنا في سفر الرؤيا عبارات " كنت في الروح في يوم الرب " (رؤ10:1) ، " من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس " (رؤ17:2) ، " صرت في الروح " (رؤ2:4) ، " يقول الروح " (رؤ13:14) ، " فمضى بي بالروح " (رؤ3:17) ، " وذهب بي بالروح " (رؤ10:21) .
وهكذا كرز التلاميذ وبشروا بالإنجيل للمسكونة كلها يقودهم الروح القدس ، وكانوا خير شهودا له " فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك " (أع32:2) ‎، " ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك " (أع15:3) ، " ‎ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه " (أع32:5) ، " ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم .الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة " (أع39:10) ‎.
وكان جوهر رسالتهم وشهادتهم ، كما يقول القديس يوحنا ، هو " الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة . فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا . الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا . وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح 000 ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا " (1يو1:1-4) ، وكما يشهد القديس بطرس قائلاً " لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته . لأنه اخذ من الله الآب كرامة ومجدا إذ اقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به . ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلا من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس " (2بط16:1-18) .
4 – كيف كتب الإنجيل ؟
أ – التسليم الشفوي والكرازة الشفوية :
سلم الرسل الأخبار السارة ، الإنجيل ، شفاهة عندما كانوا كل يوم بصفة عامة وكل سبت في مجامع اليهود وكل أحد في اجتماعات العبادة المسيحية بصفة خاصة يكرزون بالإنجيل ويعلمون الذين انضموا إلى المسيحية ويحفظونهم كل ما أوصى به الرب القائم من الأموات . واستمرت الكرازة الشفوية أكثر من عشرين سنة قبل أن يدون الإنجيل المكتوب معتمدة على شهادة الرسل شهود العيان وعمل الروح القدس فيهم وبهم ومعهم . وكان عدد شهود العيان ، المكون من الرسل الأثنى عشر وعلى رأسهم الأعمدة الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا " (غل9:2) ، ثم الرسل السبعين الذين عينهم الرب وأرسلهم أمام وجهه أثنين أثنين " (لو1:10) ، ثم جمهور التلاميذ الذين كانوا قد أتبعوه قبل الصلب والقيامة وعلى رأس هؤلاء مجموعة الأكثر من خمسمائة أخ الذين ظهر لهم الرب دفعة واحدة بعد القيامة (1كو15:6) ، يعتبر كبير جداً وشاهد حي أمين ولا حد لقيمته في الشهادة لكل ما عمله الرب وعلم به . وإلى جانب هؤلاء كان هناك عدد كبير يعد بالآلاف من الشعب ورؤساء الكهنة والكهنة والكتبة والفريسيين واللاويين وغيرهم من الذين استمعوا للرب وشاهدوا أعماله أثناء كرازته في الجليل واليهودية وأورشليم وبقية مدن فلسطين ، حيث تكلم الرب معهم وعمل أعماله لهم وأمام عيونهم ، كما قال لهم القديس بطرس في أول خطاباته وكرازته لهم بعد حلول الروح القدس ؛ أن المسيح تبرهن لكم وصنع معجزات " في وسطكم وأنتم تعلمون " (أع22:2) ، " الذي أسلمتموه أنتم " (أع13:3) ، " الذي صلبتموه أنتم " (أع10:4) ، " أنتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئاً من الجليل " (أع37:10) . هؤلاء آمن منهم بالمسيحية آلاف عديدة وصاروا شهوداً لما عمله وعلمه مسيحها وكان الروح القدس يعمل فيهم ويحفظهم كلمة الله .
ولأن تلاميذ المسيح ورسله حملوا وصايا الرب وتعاليمه ، وكانوا ، هم المستودع الأمين لها فقد تساوت وصاياهم وتعاليمهم مع تعاليم أنبياء العهد القديم ومع وصايا الرب نفسه لأنت وصيتهم هي وصيته وتعاليمه هي تعاليمه :
يقول بطرس "لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء والقديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص(3)"، ويقول يهوذا الرسول "أخو يعقوب"، "وأما أنتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقاً رسل ربنا يسوع المسيح(4)".
وهذا ما تعلمه وعلمه أيضا الأباء الرسوليين تلاميذ الرسل الذين تتلمذوا على أيديهم واستلموا منهم الأخبار السارة . يقول القديس أغناطيوس الأنطاكي تلميذ بطرس الرسول " أثبتوا إذاً على تعاليم الرب والرسل "(5). " ثابروا على الاتحاد بإلهنا يسوع المسيح وبالأسقف وبوصايا الرسل(6)" ، ويقول أكليمندس الروماني تلميذ بولس الرسول والذي يقول عنه القديس إريناؤس أنه " رأى الرسل القديسين وتشاور معهم(7)" ؛ " من أجلنا استلم الرسل الإنجيل من الرب يسوع المسيح ويسوع المسيح أرسل من الله (الآب)(8)"، ويقول بوليكاربوس الذي رافق الرسل خاصة القديس يوحنا الحبيب " فلنخدمه (المسيح) بخوف وتقوى كما يأمرنا هو والرسل الذين بشرونا بالإنجيل والأنبياء الذين أعلنوا لنا عن مجيء الرب(9)"، ويقول القديس إريناؤس أسقف ليون (120-202م) " إذ أن الرسل وضعوا في أيدي الكنيسة كل الأمور التي تخص الحق بغزارة وفيرة ، مثل رجل غنى (أكتنز ماله) في بنك ، لذلك فكل إنسان أيا كان يستطيع أن يسحب منها ماء الحياة(10)".
سلم الرسل لأعضاء الكنيسة ، وبصفة خاصة القادة ، ما تسلموه هم من الرب ونفذوا وصيته التي أوصاهم بها قبل صعوده مباشرة . وكان أسلوب الرسل في تسليم الأخبار السارة ، الإنجيل ، يعتمد على ثلاث أُسس هي :
1 - الكرازة " كيريجما – Kegrema" ، " أكرزوا بالإنجيل(11)" .
2 - التعليم " ديداكي – Didaky" ، " وعلموهم أن يحفظوا " .
3 - العبادة الليتورجية " ليتورجي – Liturgy "(50)، " اصنعوا هذا لذكرى(12)".

كان الرسل يكرزون للجميع بالإنجيل وينادون بالخلاص لكل البشرية وذلك بالتوبة ومغفرة الخطايا بالإيمان بالمسيح كالمخلص الوحيد الذي بذل نفسه على الصليب لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ؛ " توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس(13)"، " له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا(14)"، " وليس بأحد غيره الخلاص . لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص(15)".
كانت الخطوة الأولى بعد الكرازة هي الإيمان بالمسيح " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك(16)"، ثم المعمودية " من آمن واعتمد خلص(17)"، ثم التعليم " وعلموهم " . ثم الاندماج في العبادة الجماعية . وهذا ما حدث بعد حلول الروح القدس مباشرة لأول مجموعة آمنت بعد أول عظة للقديس بطرس : " فقبلوا كلامه بفرح (آمنوا) واعتمدوا 000 وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز (التناول) والصلوات(18)".
وكان المؤمنون بعد العماد يدخلون في اجتماعات التعليم أو التلمذة لكي يتعلموا عن طريق التلمذة " جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به(19)"، " وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به " . ومن ثم فقد دعي المسيحيين الأولين بالتلاميذ " وكانت كلمة الرب تنموا وعدد التلاميذ يتكاثر(20)".
وكان التلاميذ ، المؤمنون ، يعيشون هذا التعليم عملياً في العبادة الليتورجية بدأ من المعمودية التي هي ولادة روحية جديدة في المسيح وجواز المرور للدخول إلى ملكوت الله " إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله 000 إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله " ، وتقديس يوم الأحد الذي يذكر المؤمنين دائماً وعملياً بقيامة الرب من الموت ، ثم التناول من جسد الرب ودمه للاتحاد به والثبات فيه " من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأن فيه(21)" وليكون ذكرى عملية وحيه لآلامه وسفك دمه وتقديم جسده وموته لغفران الخطايا " فأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجئ(22)" .
" وفي أول الأسبوع (الأحد) كان التلاميذ (المسيحيون) في ترواس، مجتمعين ليكسروا خبزاً(23)"، "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم، اصنعوا هذا لذكرى. كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوا قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى(64)"، " كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح . الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح(24)".
سلم الرسل الكنيسة ما تسلموه هم من الرب " أنني سلمت إليكم ما تسلمته من الرب(25)"، وعلموا المؤمنين أن يحفظوا جميع وصايا وأعمال الرب بكل دقة وحرص أن يتمسكوا بكل حرف وكلمة وجملة وفقرة " تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته منى 00 أحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا(26)". وكان الروح القدس يحفظ الكلمة سواء بالنسبة للرسل أو لمن سلموهم الأخبار السارة والذين كانوا بدورهم يسلمونها لآخرين أكفاء " وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا(27)". وكان الرسول بولس يمتدح أهل كورنثوس لحفظهم وحفاظهم على ما تسلموه " فأمدحكم أيها الأخوة على أنكم تذكرونني في كل شئ وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم(28)"، ويشكر الله من أجل أهل روما لإطاعتهم التسليم الرسولي من القلب " فشكراً لله أنكم كنتم عبيداً للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم الذي تسلمتموها(29)" ، ويقول لأهل تسالونيكى " فأثبتوا إذاً أيها الأخوة وتمسكوا بالتقليد الذي تعلمتموه سواء بالكلام أم برسالتنا(30)"، ويقول القديس لوقا الإنجيلي بالروح أن ما سلمه الرسل للكنيسة كان مؤكداً عندهم " الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا من البدء معاينين (شهود عيان) وخداماً للكلمة(31)"، فقد كان المسيحيون الأولون يحفظون كل حرف وكل كلمة سلمت إليهم عن ظهر قلب ، وكانوا كيهود سابقين مدربين على الحفظ ، حفظ كلمة الله والتمسك بكل حرف فيها حتى الموت(32)، وكان الروح القدس الساكن فيهم يحفظ الكلمة فيهم ويذكرهم بها في كل وقت، كما لم يكونوا في الأيام الأولى للكرازة في حاجة لإنجيل مكتوب لأن وجود الرسل شهود المسيح على رأس الكنيسة ، على قيد الحياة ، كان هو الوثيقة الحية والصوت الحي للشهادة للمسيح ولكل ما عمله وعلمه ، وحتى بعد انتشار رسائل الرسل وتدوين الإنجيل ظل المؤمنون يلجأون للرسل لمعرفة المزيد عن المسيح ، يقول بابياس أسقف هيرابوليس (70-155م) والذي أستمع للقديس يوحنا وكان زميلاً لبوليكاريوس ، كما يقول إريناؤس أسقف ليون(33) : " وكلما أتى أحد ممن كان يتبع المشايخ سألته عن أقوالهم، عما قاله أندراوس أو بطرس ، عما قاله فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أي أحد آخر من تلاميذ الرب 000 لأنني لا أعتقد أن ما تحصل عليه من الكتب يفيدني بقدر ما يصل إلى من الصوت الحي ، الصوت الحي الدائم(34)".
كان الرسل يعينون قادة الكنائس ويسلمونهم التقليد ، التعليم ، الأخبار السارة ، الإنجيل ليسلموه بدورهم لآخرين : " وانتخبا لهم قسوساً في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به(35)"، " وإذ كانوا (بولس وسيلا وتيموثاوس) يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في أورشليم ليحفظوها(36)". " فقد أرسلنا يهوذا (برسابا) وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاهاً(37)".
هؤلاء المسيحيون الأولون حفظوا ما سمعوه بآذانهم وما شاهدوا بأعينهم وما سلمه لهم الرسل ، فقد صاروا لهم تلاميذاً ، وحافظوا عليه حتى الموت وكان الروح القدس يعمل فيهم وأيضا بهم . وكانوا كيهود سابقين مدربين على حفظ كلمة الله وحفظ تقليد آبائهم ومتعودين على ذلك جيداً .
وقد برهنت الدراسات التي قام بها أحد العلماء ويدعى جيرهارديسون
B. Gerhardsson (1961م) على أن معلمي اليهودية ، الربيين " كانوا يعلمون تلاميذهم ويحفظونهم تقاليد اليهودية في قوالب وأشكال معينة ومفردات تحفظ عن ظهر قلب ، وأنه كانت لديهم وسائل وطرق متعددة للمساعدة على الحفظ وتقوية الذاكرة . هذه الوسائل التعليمية التي اتبعوها جعلتهم يحفظون التقليد لمئات السنين شفوياً قبل أن يوضع في شكل مكتوب . ولأن تلاميذ المسيح ورسله كانوا من اليهود وكان معظم معلمي المسيحية الأولين من اليهود وكان بعضهم تلاميذاً ليوحنا المعمدان وكان بعضهم من الربيين أيضا ، ولذا فمن الطبيعي أن يستخدموا نفس الوسائل السائدة بينهم في التعليم المسيحي ونقل التسليم الرسوبي ، الإنجيل ، شفاهة.
وكان التقليد أو التسليم الرسولي المسيحي ، الإنجيل ، أسهل بكثير في حفظه شفوياً من التقليد اليهودي ، فقد كان شخص المسيح الحي الصاعد إلى السماء ، أعماله وأقواله وحياته أثناء التجسد ، هو هدف ومحور وجوهر وغاية الإنجيل ، وكان الروح القدس يعمل في الرسل شهود العيان الأحياء ، فكان التعليم المسيحي تعليماً حياً يقوم على شخص حي ورسل أحياء ومؤمنين شهود عيان للرب الحي والإنجيل الحي ، وذلك بعكس التعليم اليهودي الذي اعتمد على تحفيظ آيات التوراة وتقليد الآباء .
ولأن الرب يسوع المسيح كان يعلم الجموع بسلطان وليس كالكتبة والفريسيين ولأنه كلمة الله النازل من السماء وكلامه هو كلام الله وأعماله هي أعمال الله ، وقد آمن المسيحيون بذلك منذ البدء ، فقد كان كلامه ، هو كلام الله المقدس وقيمته لا حد لها وكان المؤمنون يقبلون كل كلمة بلهفة تفوق الوصف ويحفظونها عن ظهر قلب ويحافظون عليها حتى الموت ، وكان الروح القدس يعمل داخلهم ويحفظ كلمة الله في قلوبهم .
وقد برهنت الدراسات أيضاً على أنه كان هناك بعض المذكرات الصغيرة والملحوظات المكتوبة التي استخدمت في حفظ أقوال الرب وأعماله كالموعظة على الجبل والنبوّات التي تنبأ بها أنبياء العهد القديم وفسرها هو بنفسه لتلاميذه ، وبعض أعماله ومعجزاته ، ويشير القديس لوقا لمثل هذه الوثائق بقوله: " لأن كثيراً من الناس أخذوا يدونون رواية الأحداث التي جرت بيننا كما سلمها الذين كانوا من البدء شهود عيان للكلمة " (لو1:1) . هذه الملحوظات المكتوبة قد يرجع بعضها إلى ما قبل الصلب والقيامة .
وقد ساعدت أساليب الحفظ والوثائق (الملحوظات والمذكرات) المكتوبة على حظ الإنجيل الشفوي ووصوله إلى درجة كبيرة من الثبات قبل تدوين الإنجيل المكتوب بفترة طويلة . فقد كان التسليم الشفوي المحفوظ بعمل الروح القدس دقيق جداً والاعتناء بحفظه يفوق الوصف وكان للمذكرات المكتوبة قيمة عظمى سواء قبل تدوين الإنجيل أو عند التدوين .
ب – الحاجة إلى الإنجيل المكتوب :
كان المؤمنون الأولون في أورشليم يحفظون التسليم الرسولى بدقة شديدة ، وكان الكثير منهم شهود عيان لما عمله وعمله الرب يسوع المسيح ، وكان الرسل شهود العيان الموحى إليهم بالروح القدس موجودين في وسطهم يرجعون إليهم وقت الحاجة باعتبارهم المرجع الأول ووسطاء الروح القدس الذي كان يعمل فيهم وبهم ومن خلالهم. وعندما خرجت الكنيسة من فلسطين إلى عواصم الدول الكبرى مثل إنطاكية والإسكندرية وأثينا ومدن اليونان ومدن آسيا الصغرى الرئيسية وروما وقبرص ، كان الرسل أنفسهم على رأي هذه الكنائس وقد عينوا لهم مساعدين من تلاميذهم وخلفائهم والذين دعوا بعد ذلك بالآباء الرسوليين ، على رأس هذه الكنائس في حالة انتقالهم إلى أماكن أخرى ، ومن هؤلاء المساعدين الذين ذكروا في سفر الأعمال ورسائل القديس بولس والقديس بطرس ، لوقا الطبيب وتيمؤثاوس وتيطس وأكليمندس وفليمون وأنسيموس وسلوانس ونمفاس وتخيكس وأرسترخس… الخ(38). هؤلاء استلموا الإنجيل من الرسل شفاهة وحفظوه بكل دقة وقداسة وسلموه لآخرين مشهود لهم بالكفاءة والإيمان وهؤلاء سلموه لغيرهم وهكذا . يقول القديس بولس بالروح :
 " أمدحكم أيها الاخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم " (1كو2:11) .
 " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا " (1كو23:11) .
 " فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا " (1كو3:15) .
 " وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا " (في9:4) .
 " لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين " (1تس13:2) .
هذا التعليم أو التسليم كان يسلم من الرسل إلى تلاميذهم وتلاميذهم يسلمونه لآخرين وهكذا " وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا " (2تى2:2).
فقد كان الذين قبلوا الأسفار في البداية هم نفس الذين تسلموا ما جاء فيها من قبل شفوياً وكانوا يحفظون كل ما كتب فيها ككلمة الله ووحيه الإلهي بل واكثر مما كتب فيها ، حيث كرز رسل المسيح ونادوا لهم بالإنجيل وحفظوه لهم بأسلوب التعليم والتسليم الشفوي فلما دونت الأناجيل كان هؤلاء يحفظون كل ما دون فيها بل وأكثر مما دون فيها .
ولكن مع امتداد ملكوت الله وانتشار المسيحية في دول عديدة ومدن كثيرة وقرى لا حصر لها سواء بواسطة الرسل أو بواسطة تلاميذهم صار من المستحيل على الرسل أن يكونوا متواجدين في كل هذه الأماكن في وقت واحد ، حتى جاء الوقت الذي آمن فيه الآلف بالمسيحية ولم يروا الرسل في عصر الرسل ، بل وأصبح من دواعي سرور البعض وفخرهم أنهم شاهدوا الرسل واستمعوا إليهم وصار من دواعي فخر البعض الآخر أنهم تعلموا بواسطة تلاميذ الرسل بل ومن تلاميذ خلفاء الرسل ، كما يفتخر ايريناؤس أسقف ليون بأنه رأى وسمع بوليكاريوس تلميذ الرسل ، ويفتخر أكليمندس الإسكندري بأنه حفظ التقاليد التي تسلمها من الذين تعلموا على أيدي الآباء الرسوليين ، تلاميذ الرسل وخلفائهم . ولذا فقد صارت الحاجة إلى جمع الإنجيل وتدوينه ونشره في جميع الكنائس تزداد كل يوم بالتدريج حتى صارت ملحة جداً .
وكانت حاجة المؤمنين لمعرفة أكثر عن المسيح وتعليمه تزداد كل يوم وفي كل مكان ، وكان الرسل يرسلون مساعديهم حاملين الرسائل للإجابة عن هذه الاستفسارات ، بل وكان الكارزون بالإنجيل في كل مكان ، خاصة من الجيل الذي قاد الكنيسة وقام بعمل الكرازة من تلاميذ الرسل ، في حاجة إلى الإنجيل المكتوب ليؤازر كرازاتهم الشفوية وليتركوه للمؤمنين بعد رحيلهم سواء إلى أماكن أخرى أو إلى العالم الآخر وليكون المرجع الباقي والدائم والثابت لهم إلى المجيء الثاني .
كما كانت اجتماعات العبادة الأسبوعية والليتورجية والتي وجدت حيثما وجد المسيحيين في حاجة للإنجيل المكتوب للاستخدام الليتورجي والقراءة والتعليم والشرح والتفسير . وكان هناك العامل الأهم والذي كان من أهم الدوافع لتدوين الإنجيل وهو رحيل الرسل شهود العيان من هذا العالم إلى العالم الآخر فقد استشهدت الغالبية العظمى منهم في أوقات مبكرة فقطع هيرودس أغريباس رأس القديس يعقوب بن زبدى بالسيف (أع2:12) في السنوات الأولى للكرازة وأستشهد القديسين بطرس وبولس في روما بعد الصعود بحوالي عشرين سنة (سنة 67م) . على أية حال فقد كان من الطبيعي أن لا يبقى الرسل أحياء في هذا العالم إلى الأبد . ومن ثم فقد كانت عملية تدوين الإنجيل حتمية .
وكانت رسائل العهد الجديد ، عدا رسائل القديس يوحنا، هي أول ما كتب في العهد الجديد ، الإنجيل ، فقد كُتبت بوحي الروح القدس وأرسلت إلى كنائس مختلفة لتقرأها جميع الكنائس بالتبادل ، وذلك للإجابة على استفسارات الكنائس الناشئة ولشرح أمور طرأت نتيجة لنضج الكنائس نفسها واحتياجها إلى المزيد من المعرفة والمعلومات . وهذه الرسائل لم تكن مجرد رسائل شخصية عادية بل كانت موحى بها ورسالة المسيح نفسه لأنها تضم تعليمه قبل الصلب وحتى الصعود ، كما كانت تضم تعليمه الذي أعطاه لرسله بعد صعوده إلى السماء سواء مباشرة كالرب الجالس عن يمين العظمة في السموات أو بروحه القدوس .
ومن ضمن هذه الرسائل رسائل القديس بولس الرسول التي كتبها بالروح القدس ودون فيها تعليم الرب قبل الصعود وبعده وكان محتواها وجوهرها هو نفس محتوى وجوهر الإنجيل الشفوي والإنجيل المكتوب بعد ذلك . ويؤكد الرسول في كل كلمة وكل حرف أنه لا يقول ولا يُعلم ولا يكتب إلا وصايا وتعليم الرب ووحى الروح القدس . وبالرغم من أنه لم ينقل وصايا الرب بصورة حرفية إلا أنه نقل مضمونها وجوهرها بكل دقة وبحسب ما علمه وأوحى له الروح القدس
ج - تدوين الإنجيل :
كانت الفترة التي كرز فيها الرب يسوع المسيح والتي تبدأ من معموديته من يوحنا المعمدان إلى صعوده إلى السماء والتي تزيد عن ثلاث سنوات فترة غنية جداً وثرية بالتعاليم والوصايا والأعمال التي عملها والأحداث التي حدثت فيها . وكانت هذه التعاليم والأعمال والأحداث أكبر وأعظم من أن يكرز بكل ما قيل وحدث فيها جميع الرسل أو أن يضمها كتاب مهما كان حجمه ؛ يقول الإنجيل للقديس يوحنا " وأشياء آخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة " (يو25:21) . وكان على الرسل أن يختاروا من هذا الكم الهائل من التعاليم والأحداث ما يرشدهم إليه الروح القدس وما يقودهم للكرازة به ، وذلك بحسب ما يتلاءم مع احتياج البشرية للخروج من ظلمة هذا العالم والدخول إلى ملكوت الله وبحسب غاية وهدف الإنجيل ذاته الذي هو الإيمان بالرب يسوع المسيح كالفادي والطريق الوحيد إلى الحياة الأبدية . وهذا ما حدث تماماً عند تدوين الإنجيل المكتوب ؛ " وآيات أخرى كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتب في هذا الكتاب (الإنجيل للقديس يوحنا) . وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو30:20و31) .
وقد وجه الروح القدس الرسل للتركيز في كرازتهم بالأخبار السارة إلى اتجاهين ؛ الاتجاه الأول هو التركيز على قصة وأحداث وروايات الآلام والصلب والقيامة والصعود وشفاعة الرب الحي الدائمة في المؤمنين ومجيئه الثاني في مجد ليدين الأحياء والأموات ، وكانت هذه الأمور هي محور وجوهر وبؤرة الكرازة والإيمان ، والاتجاه الثاني هو تسليم أقوال الرب وتعليمه ووصاياه في ترتيب دقيق ومحكم ، وذلك بحسب إرشاد الروح القدس وتوجيهه وعنايته .
ونتيجة لتكرار نفس المواضيع سواء عند الكرازة لليهود في مجامعهم أيام السبت أو الكرازة للأمم في كل مكان ، وتكرارها أيضا في التعليم للمنضمين إلى المسيحية سواء في فلسطين أو في كل البلاد التي كرز فيها الرسل بالأخبار السارة ، الإنجيل ، فقد اتخذ التسليم الرسولى أشكالاً محددة وأنماط وقوالب ثابتة وصارت الخطوط العريضة لأقوال وأعمال وحياة الرب يسوع المسيح والتي كانت تكرر سواء في الكرازة أو التعليم كل يوم محفوظة ومحافظ عليها بدقة وقداسة تفوق الوصف .
وعند جمع الإنجيل وتدوينه أرشد الروح القدس الإنجيليين الأربعة وقادهم كما سبق أن وعد السيد " فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم " (يو26:14) ، وساقهم وحملهم لجمع وتسجيل وتدوين ما سبق أن وجههم إليه عند الكرازة الشفوية . فقد كان الرسل والإنجيليون سواء في حملهم للأخبار السارة والكرازة بها شفوياً أو عند كتابة الإنجيل هم رجال الروح القدس الذي عمل فيهم وبهم وقادهم وأرشدهم وعلمهم وذكرهم . وكما حافظ الروح القدس على كلمة الله، التسليم الرسولى ، أثناء الكرازة وسيطر على عملية التسليم والاستلام والحفظ ولم يترك شئ للصدفة ، حمل أيضا الإنجيليين وقادهم وساقهم وعلمهم وذكرهم بكل شئ قاله وعمله الرب يسوع المسيح . وكان على الرسل الإنجيليين عند كتابة الإنجيل وتدوينه أن يسجلوا ما سبق أن كرزوا به بنفس الخطوط والترتيب والتركيز على نفس التعاليم والمواضيع التي سبق أنت ركزوا عليها في الكرازة وحفظها المؤمنون عن ظهر قلب ، أن يضعوا في اعتبارهم التسليم الشفوي والاستعانة بالمذكرات والملحوظات المكتوبة لكي يختاروا منها بحسب توجيه الروح القدس وإرشاده مع الوضع في الاعتبار أن ثلاثة منهم كانوا من شهود العيان بدرجات متنوعة في صلتهم بالرب يسوع المسيح ؛ فقد كان القديس يوحنا أحد الثلاثة الذين كانوا قريبين من السيد والذين شاهدوا أخص أعماله التي لم يشاهدها غيرهم من بقية التلاميذ الاثنى عشر مثل التجلي والقرب منه في البستان ليلة القبض عليه (مت17و26) ، كما كان القديس يوحنا أيضا هو " التلميذ الذي كان يسوع يحبه 000 وهو أيضا الذي اتكأ على صدره وقت العشاء " (يو20:21) ، وكان القديس متى الذي هو أيضا " لاوى " أحد التلاميذ الإثنا عشر وحافظ شرائع العهد القديم ونبواته ، وكان القديس مرقس أحد الذين أتبعوا الرب وكان هناك ليلة القبض على السيد ، فهو الشاب الذي أمسكه الشبان وقتها وهرب منهم (مر51:14و52) بإجماع الدارسين ، وكانت أمه مريم إحدى تلميذات الرب وكان بيتها هو البيت الذي صنع فيه السيد العشاء الرباني لتلاميذه وكان مقر اجتماع الرسل في أورشليم (أع12:12) وأول كنيسة مسيحية في العالم كله وكان مساعداً للرسل في كرازتهم ، خاصة برنابا وبولس وبطرس (كو10:4؛1بط13:5) ، قبل أن ينطلق للكرازة في مصر وغيرها وكانت لديه الإمكانيات لكتابة وتدوين ما شاهده وسمعه بنفسه ، كشاهد عيان ، وأيضا ما سمعه من الشهود العيان الآخرين الذين استمع منهم جميعاً عندما كانوا يجتمعون في منزل والدته وأيضا عندما كرز مع القديس بطرس في روما والذي وصفه بابنه "مرقس أبني " (1بط13:5) .
أما القديس لوقا والذي كان رفيق القديس بولس ومساعده والعامل معه (كو14:4؛2تي11:4) فقد كان لديه فرصة للاستماع إلى جميع الرسل سواء في أورشليم أو قيصرية أو روما وكان زميلاً للقديس مرقس في الكرازة مع القديس بولس ، وكان لديه فرصة للاستماع لمريم العذراء ، وقد تسلم الأخبار السارة ، التسليم الرسولى من الرسل وعرف ما سبق أن دون من مذكرات وملحوظات ، ومن ثم فعندما دون وكتب الإنجيل الثالث استعان بما تسلمه شفاهة من الرسل وما سبق أن دون ، خاصة ما دونه الرسل أو مساعدوهم الآخرون ، وراجع كل شئ وتتبع كل شئ من الأول بتدقيق وحرص ، وفي كل الأحوال كان مسوقاً ومحمولاً بالروح القدس الذي قاده ووجهه وأرشده وحفظه وعصمه من الخطأ والزلل ، ويبدأ تدوين الإنجيل الثالث بقوله " لأن كثيراً من الناس أخذوا يدونون رواية الأحداث التي جرت بينا، كما نقلها (سلمها) إلينا الذين كانوا من البدء شهود عيان للكلمة وصاروا خداماً لها، رأيت أنا أيضا، بعدما تتبعت كل شئ من أصوله بتدقيق ، أن أكتبها 000 " (لو1:1-3).
كتب الإنجيليون الأربعة الإنجيل بأوجهه الأربعة محمولين ومسوقين من الروح القدس (2بط21:1) الذي أخضعوا أنفسهم تماماً لقيادته وإرشاده .
وكان هناك الإسهام الشخصي لكل إنجيلي وميله وحبه لجانب معين من جوانب حياة الرب وتعليمه مع الوضع في الاعتبار الناس الذين كتب لهم الإنجيل أولاً ؛ فقد كتب القديس متى الإنجيل الأول للمسيحيين من أصل يهودي ولليهود عامة ، وقد كان هو نفسه بحسب لقبه "لاوى" (مر14:2) من سبط لاوى الذي يحفظ ناموس موسى ، ومن ثم فقد ركز على الجانب المسياني في شخص المسيح باعتباره المسيح الآتي والملك الذي من نسل داود الذي يجلس على كرسيه ويقيم ملكوت السموات والذي تم فيه جميع ما تنبأ بع عنه أنبياء العهد القديم . وكتب القديس مرقس الإنجيل الثاني للمسيحيين من أصل روماني وللرومان عامة ، فركز على جانب القوة في شخص المسيح " ابن الله " وبدأ بالقول " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " (مر1:1) وابرز معجزاته أكثر من أقواله ودون الأحداث بصورة موجزة وسريعة وحيوية . وكتب القديس لوقا الإنجيل الثالث لليونانيين والمثقفين فركز على جانب الصديق والمحب والفادي والمخلص في شخص المسيح ، وكان أسلوبه هو أسلوب الطبيب المثقف والرسام البارع والمؤرخ المحقق والمدقق " تتبعت كل شئ من أصوله بتدقيق " (لو3:1) . وكتب القديس يوحنا الإنجيل الرابع بعد كتابة الأناجيل الثلاثة الأولى وانتشارها بفترة كافية ، فأطلع عليها وأضاف إليها في الإنجيل الذي دونه أحداث وأعمال وأقوال وتعاليم لم تدون فيها ، ولأنه كتب للمسيحيين عموماً وللمتقدمين في الإيمان بصفة خاصة فقد ركز على الجانب اللاهوتي في شخص السيد وبدأ بمقدمة تعلن وجوده الأزلي الأبدي " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " ، وخلقه لكل شئ "كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان . فيه كانت الحياة 000 " وتجسده في صورة إنسان وشكل العبد " والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " (يو1:1-3و14) ، كما ركز أيضا على الجوانب التي تبرز إنسانيته بعد التجسد ، وركز بصورة أكبر على هدف وغاية تجسده والذي تلخص في قول السيد " هكذا أحب الله العالم حتى بذل أب
05-18-2004, 05:19 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
ما هي أسباب القول بتحريف الكتاب المقدس ؟ وما هو إنجيل المسيح ؟ هل نزل عليه ، أم كُتب عنه ؟ - بواسطة الراعي - 05-18-2004, 05:19 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أسباب التفاؤل رضا البطاوى 0 271 07-16-2014, 10:44 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  أسباب التشاؤم رضا البطاوى 0 306 07-15-2014, 10:35 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  عمر مريم رضي الله عنها عندما أنجبت المسيح عليه السلام muslimah 108 25,601 05-19-2014, 11:54 PM
آخر رد: الوطن العربي
  خرافات الكتاب المقدس الجواهري 87 23,381 09-16-2013, 12:35 PM
آخر رد: ابانوب
  مقامات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم السيد مهدي 14 2,064 04-27-2013, 01:43 AM
آخر رد: السيد مهدي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS