{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مؤتمر البعث والحصاد المُّر
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #9
مؤتمر البعث والحصاد المُّر
في مديح التباطؤ
2005/06/19

صبحي حديدي
يُنسب إلي الرئيس السوري بشار الأسد أنه، في خطبته المطوّلة التي اختتمت المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث، قال ما معناه: [SIZE=6]خيرٌ لنا أن نسير كالسلحفاة في الطريق الصحيح، من أن نقفز كالأرنب في الطريق الخاطيء.
:nocomment:

وقد يصعب علي المرء أن يفهم السبب في المفاضلة بين هاتين السرعتين تحديداً (إذْ ما الذي يمنع من العثور علي سرعة ثالثة في الطريق الصحيح؟)، سوي أنّ الأسد كان في نهاية المطاف يتكيء علي ثقافة كونية عريقة تمتدح التأنّي وتذمّ الاستعجال. وقد يصحّ القول إنّ للعرب باعاً أطول بعض الشيء في تنمية هذه الثقافة، لأسباب ليس هنا المقام المناسب لاستعراضها. والمرء يتذكّر الأمثال الشهيرة: مَن تأنّي أدرك ما تمنّي ، أو: في التأنّي السلامة وفي العجلة الندامة ، أو العجلة فرصة العَجَزة ...
والحال أنه تتوفّر اليوم حركة، وليس مجرّد عادات أو مأثورات ثقافية، تناهض العجلة والاستعجال والسرعة، وتدعو إلي التأنّي والتمهّل والتباطؤ، أخذت تنتشر في الغرب والدول المصنّعة المتقدّمة إجمالاً، حيث تكون سمة الزمان هي عصر السرعة . هذا بالطبع لا يعني أنّ للحركة مقرّاتها وفروعها وقياداتها، علي غرار الحركات العالمية البيئية، أو المناهضة للعولمة، أو الداعية إلي تقسيم أكثر عدلاً للثروات، وما إليها. غير أنّ اتساع نطاق موضوعاتها، وتكاثر المراكز المعبّرة عن أفكارها الأساسية، والتسهيلات الواسعة التي توفّرها شبكة الإنترنيت في الإتصال والتواصل، تبرّر إطلاق صفة الحركة علي مختلف هذه التيّارات المناهضة للسرعة.
هنالك نادي الكسل في اليابان، و الجمعية الأوروبية لإبطاء الزمن ، وتحالف إستردّ وقتك في أمريكا، و نادي الجنس البطيء في بريطانيا، وحتي كرنفال البطء في أوستراليا. وهنالك ما يشبه التخصّص أيضاً، مثل جمعية الطعام البطيء الإيطالية التي تدعوا إلي إحياء فكرة متمدّنة تقول إنّ ما نأكله ينبغي أن يكون جيّد الإعداد، يُطبخ بعناية فائقة، ويؤكل بأناة وتمهّل وتلذّذ . وهذه الجمعية أصدرت بيان تأسيس، مانيفستو، يوجز الفلسفة بأسرها: إنّ عصرنا، الذي بدأ وتطوّر تحت شارة الحضارة الصناعية، اخترع الآلة أوّلاً ثمّ اعتبرها بعدئذ نموذج حياة. نحن عبيد السرعة، وقد سقطنا صرعي الفيروس الخبيث ذاته: الحياة السريعة، التي تقوّض عاداتنا، وتخترق خصوصيّات بيوتنا، وتجبرنا علي التهام الطعام السريع .
علي صعيد المؤلفات، صدر في الآونة الأخيرة كتاب طريف للغاية، لكنه جادّ ولافت تماماً في الآن ذاته، للبريطاني كارل أونوريه، بعنوان في مديح التباطؤ: كيف تقوم حركة عالمية بتحدّي عبادة السرعة ، سرعان ما تُرجم إلي الفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والهولندية واليابانية والصربو ـ كرواتية والكورية والصينية والعبرية، وصدرت طبعاته الإنكليزية في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا. وهو يقع في 013 صفحات، حافلة بمعلومات وآراء وحكايات واقتباسات، فكرية وفلسفية وأدبية وتاريخية وعلمية، تبرّر علي هذا النحو أو ذاك مبدأ الكتاب: مديح التأنّي والتمهّل والبطء والتباطؤ!
وفصول الكتاب العشر تضع محاسن التباطؤ في حال من الموازنة المقارنة مع مساويء السرعة، في ظواهر الحياة اليومية في البيت والشارع والعمل والإجازة والفراش، وتخلص إلي نصح القاريء باعتماد القاعدة البسيطة التالية: كُنْ سريعاً حين يكون للسرعة معني، وكُن بطيئاً حين تقتضي الحال أن تتمهّل. إبحثْ عن العيش علي غرار ما يسمّيه الموسيقيون السرعة المناسبة Tempo giusto . لكن المؤلف يحذّرنا من مغبّة عبادة السرعة بذريعة أنّ مَن يحيا بإيقاع حياة سريع هو وحده العصري المتمدّن المدرك لقيمة الوقت. إننا نخلط بين الأجندة الحافلة والحياة الحافلة، يقول أونوريه، ومن السهل أن نقنع أنفسنا بأنّ رجلاً كثير الأشغال لا بدّ أن يكون شخصاً هاماً للغاية.
قبل هذا الكتاب كان جون دي غراف، المنسّق الأمريكي لتحالف إستردّ وقتك ، قد حرّر كتاباً ضخماً حمل اسم التحالف ذاته، وكتب مقالة مثيرة بعنوان وقت للخبز ووقت للورد ، ناقش فيها رمزَي/ قطبَي الحياة اليومية: الخبز دلالة الرزق والعمل، والورد دلالة الاستمتاع بمباهج الحياة. وأبدي دي غراف أسفه لأنّ تفسير البعض الرديء لمعني الوقت والسرعة جعل التركيز أشدّ علي طراز من الرفاهية تختصره إضافة الزبدة إلي الخبز، فكان أن تُركت الزهور تذبل تماماً...
وفي الحصيلة كان مسعي دي غراف، مثل أونوريه وعشرات الجمعيات التي تمتدح التباطؤ، هو البحث عن التوازن السليم بين أقصَيَيْ الإيقاع. وهذا يعيدني إلي بشار الأسد، وغياب التوازن بسبب إغلاق أفق الإصلاحات علي سرعتَين لا ثالثة لهما: زحف السلاحف أو قفز الأرانب. ولكن... ما المشكلة في اعتماد إيقاع الحمام مثلاً، الذي امتدح مشيته إبن حزم الأندلسي: كأنما مشيها مشي الحمامة، لا كدّ يُعاب ولا بطء به باس؟ أو ربما ذلك التوازن الذي قال به أحمد فارس الشدياق: فالذي به بطء، كالذي به عجل؟
أم أنّ الإصلاح الذي يريده الرئيس السوري من نوع يأتي ولا يأتي: أبطأ من غراب نوح، كما تقول العرب؟

06-20-2005, 03:49 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-12-2005, 12:30 PM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-12-2005, 01:24 PM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة أمجد - 06-12-2005, 01:35 PM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-13-2005, 12:48 AM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-13-2005, 08:12 AM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-13-2005, 04:14 PM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة AlMufakker - 06-13-2005, 04:18 PM,
مؤتمر البعث والحصاد المُّر - بواسطة بسام الخوري - 06-20-2005, 03:49 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Lightbulb قيادة حزب البعث العربي الأشتراكي في القطر السوري - بيــان حــول احــداث القصيــر زحل بن شمسين 0 430 06-11-2013, 06:35 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  حزب "البعث" غير المأسوف عليه .... العلماني 1 694 02-26-2012, 04:07 AM
آخر رد: vodka
  طوفان في بلاد البعث The Holy Man 39 11,358 03-31-2011, 05:40 PM
آخر رد: The Holy Man
  أخيراً.. آمنت بعقيدة البعث وليد غالب 5 1,667 07-30-2010, 01:42 PM
آخر رد: حنيفا على الفطرة
  في الماورائيات: الموت - القبر- البعث..!! حسام راغب 9 2,935 12-06-2008, 12:08 AM
آخر رد: المتنبي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS