تجسد الآب
قبل أن ندخل فى تفاصيل هذه النقطة الشائكة - كما يقول البعض - يا حبذا لو جهزنا لأنفسنا أرضية منبسطة , تسهل علينا بحث نقطة تجسد الآب التى أثبتتها كلمة الله , و لكننا نحاول أن نهرب منها .
لقد اعتدنا أن نسمع و ان نقرأ عن تجسد كائن واحد فى اللاهوت الإلهى ألا وهو الابن وبسبب كثرة تعودنا هذا , اعتادت أدمغتنا أيضا أن تفهم أن هذا التجسد هو للإبن وحده دون أن يكون للآب أو للروح القدس أى نصيب فى هذا الأمر , و فاتنا أننا و نحن نؤمن ونجاهر بتجسد الابن , فاتنا أننا أيضا نؤمن بتجسد الىب و بتجسد الروح القدس أيضا و ذلك لأننا نؤمن بإله واحد و هذا الغله الواحد غير منقسم و لا يقبل الإنقسام أو التجزئة و لذلك فعندما تجسد الإبن كان الآب الواحد - مع الابن و الروح القدس - متجسدا معه , و كان الروح القدس الواحد مع الآب و الابن متجسدا مع الابن , لأنهم بثلاثتهم إله واحد و ليسوا ثلاثة آلهة أما إذا قلنا أن الإبن لما تجسد , تجسد وحده نكون قد وقعنا فى خطأين كبيرين دون أن نقصد :
أولهما : أن ذات الله البسيطة التى لا تنقسم ولا تقبل التجزئة قد انقسمت و تجزات بحيث أن أحد ثلاثتها قام بعمل لم يشترك فيه الاثنان الآخران .
ثانيهما : أن التجسد هو للإبن وحده و لا يوجد أى تجسد للآب أو للروح القدس كما للإبن .
إن هذين الخطاين يقودانا إلى خطا ثالث و هو أمر و أدهى فبينما نحن ننكر تجسد الآب و تجسد الروح القدس نعلن بدون قصد منا أن المسيحية تؤمن بإله منقسم فى تصرفاته أو تؤمن بثلاثة آلهة و ليس بإله واحد و لكل واحد من هذه الثلاثة تصرف مستقل عن الآخر و لا يشاركه فيه الأمر الذى لن تقوم له قائمة عنما نحاول أن نثبته من كلمة الله .
ثم لحساب من يكون رفضى كسامع أو كقارئ لنقطة تجسد الىب أو تجسد الروح القدس ؟ إنها بكل يقين تكون لحساب جهلى و وتعصبى لما اعتدت سماعه و قراءته و ليس لحساب البحث و التأمل و الصلاة , إذا حين يتجسد الإبن يتجسد معه الآب و الروح القدس و حين يتجسد الىب يتجسد معه الإبن والروح القدس أيضا و حين يتجسد الروح القدس يتجسد معه الآب و الإبن أيضا وعلى هذا لندخل فى موضوع تجسد الآب :
ظهر الله الىب فى صور كثيرة , هذه الحقيقة البسيطة يستطيع أى قارئ أن يجدها فى كلمة الله وحده دون توجيه و إن كان هذا الظهور يبدو غريبا على البعض فهذا راجع إلى ما تعودناه لا إلى ما درسناه فقد اعتدنا أن نخص الله الإبن وحده بالتجسد من العذراء مريم و نقف بينما الحقيقة على خلاف ذلك .
يعلم كل قارئ لكلمة الله تمام العلم أن الكائن الإلهى البارز فى العهد القديم هو الله الآب فإذا كان هذا صحيحا إذا الله الآب هو الذى كان " ماشيا " فى الجنة ( تك 3 : 8 ) لأن حركات المشى نفسها ليست من فعل الروح , على إعتبار أن الله روح بل هى من فعل الجسد على إعتبار ان الآب أخذ جسدا و مشى به فى الجنة , أما إذا رفضنا كعادتنا هذه الحقيقة البدائية إذا لنسأل :
أ-كيف سمع آدم وحواء صوت الرب الإله ماشيا ؟ ( 3 : 10 )أى أن الله كان لمشيه صوتا .
ب- فى اى اتجاه اختبأ آدم و امرأته وسط شجر الجنة ؟ ألا يدل هذا على أنهما لمحا مشى الرب من اتجاه معين فاختبأ فى الاتجاه المضاد ظنا منهما انهما يستطيعا الاختباء من الرب ظ
ج- هذا الحديث الذى جرى بين الله و آدم و بين الله و حواء و بين الله والحية هل كان مجرد صوت آت من اتجاه معين أم صوت خارج من فم يتكلم ؟ و إذا قلنا أن الله كان فى روحه يتكلم لآدم فكيف فهمت الحية قول الرب لها ؟
كل هذه الاسئلة ليس لها ى نظرنا سوى جواب واحد وهو ان الله كان فى صورة إنسان .
2- حدث فى تك 18 : 29 أن ".. ظهر .. الرب ( لابرام ) .. وهو جالس فى باب الخيمة .. فرفع ( إبرام ) عينيه و نظر و إذا ثلاثة رجال واقفون لديه .." و كان هؤلاء ال3 , الله و ملاكين , أما الملاكان فقد أكملا طريقهما و ذهبا إلى لوط فى تك 19 : 1 فمن يكون الرجل الثالث ؟
فى 18 : 14 قال أحد الرجال " هل يستحيل على الرب شئ ..."
17 : " فقال الرب هل أخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله "
: 20 " قال الرب إن صراخ سدوم و عمورة قد كثر و خطيتهم قد عظمت جدا "
25 : عرف إبراهيم شخصية المتكلم معه فقال له " .. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلا " ؟
27 : قال إبراهيم " .. قد شرعت أن أكلم المولى و أنا تراب , رماد "
30 : قال إبراهيم " .. لا يسخط المولى فأتكلم .. "
فمن يكون هذا الرجل الذى الذى أجرى هذا الحديث مع إبراهيم ؟ هل هو غير الله فى صورة إنسان ؟
3- فى تك 32 : 22 - 29 جرت مصارعة بين يعقوب و بين "إنسان "
فمن يكون هذا الإنسان الذى يملك تغيير اسم يعقوب ثم يقول له " .. جاهدت مع الله و الناس و قدرت "
و يعقب يعقوب على هذا الحادث و يقول " ..نظرت الله وجها لوجه و نجيت نفسى " فمن يكون هذا الإنسان إلا الله فى صورة إنسان
4- فى خر # : 2-8 تجسد جديد على تفكيرنا , عليقة أى شجيرة تشتعل بالنار و مع ذلك لا تحترق فاجتذب هذا المنظر انتباه موسى و عندئذ ماذا سمع , لنقرأ و نقتنع :
: 4 " .. رأى الرب أنه مال لينظر .. "
ناداه الله من وسط العليقة .. "
6 : الذى فى وسط العليقة قال " .. أنا إله أبيك إله إبراهيم و إله اسحق و إله يعقوب .. " .
7 :"فقال الرب إنى قد رأيت مذلة شعبى الذى فى مصر .." .8 : " .. نزلت لأنقذهم .. "
فمن يكون هذا الشخص ؟ أليس هو الله الآب فى شكل إنسان ؟
و إلا فليحكم القارئ .
5 -خر 13 : 21 " ... كان الرب يسير أمامهم نهارا فى عمود سحاب وليهديهم فى الطريق و ليلا فى عمود نار ليضئ لهم .. " .
14 : 19 " .. انتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل و سار وراءهم و انتقل عمودالسحاب من أمامهم ووقف وراءهم " .
24 : " ..الرب أشرف على عسكر المصريين فى عمود النار و السحاب و ازعج عسكر المصريين " .
من يا ترى هذا الشخص الذى كان فى عمود السحاب و عمود النار ؟ و من هو الذى أشرف على عسكر المصريين فى عمود النار و السحاب ؟ أليس هو الله ؟
من هذه النصوص الكتابية يتبين لنا - على قدر فهمنا - أن الله الآب فى العهد القديم تجسد فى عدة صور منها الإنسان و العليقة و عمود السحاب و عمود النار .
من كتاب " الله واحد فى ثالوث "
تحياتى