اقتباس:  حسام راغب   كتب/كتبت  
خالد..

حكم ناصر مصر زهاء 16 عاما, أي منذ 54 حتى 70 ميلادي. وهذا لا يكفي لرجل. بعث على شعب رزح تحت استعمارات متتالية استمرت 7 آلاف سنة, وبطبيعة الحال, فالأمة التي كانت بين ضفتي النيل, لم تكن صالحة تماما للنهوض في مدة أقل من عقدين: وهنا المشكلة..

الأمة التي لا تنجب إلا عسكريا لإتمام نهضتها، لهي أمة خليقة بأن لا تنجب أبدا.
متى كان العسكريون رجال نهضة؟ او صناع سياسة؟
العسكري رجل تربى على كلمة حاضر سيدي، فلا يقال أن لديه مشروع نهضة.

"المادة" هي اساس التصنيع والتطور. والمادة البشرية في مصر لم تستوعب فلسفة الرجل لبناء وطن عصري صناعي متطور.  

المادة لم تكن ولن تكون أساس التصنيع والتطور، فأنت الذي تشكل المادة هي المشكلة لك، ولو كان لناصر نفس رايك لبرز سبب إخفاقه الذريع.
المادة هي محل التطوير والتصنيع وليس أساسه، العقل البشري هو الأساس لا غيره، والعقل البشري الناهض قادرا على أن يصنع من المادة العجماء كل شيء.

و بالرغم من ذلك الا أن الرجل صنع لمصر و للعرب ما لم و لن يصنعه أحد قبله أو بعده. أمم قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية. بنى السد العالي. أمم التعليم ليصبح متاحا للجميع, بعد أن كان التعليم متاحا لفئة واحدة فقط. ألغى الباشوية وأنشأ الاصلاح الزراعي في مصر وجعل من الفلاح مالكا لأرضه و يستفيد من ريعها..

كل ذلك هي أمور يمن بها المصريون على عبدالناصر أنهم سمحوا له أن يتمها، فالسلطان لهم أساسا، وحين يركب امرؤ على رقابهم فعليه جبرا ان يتم كل ما ذكرت دون منة منه عليهم، فهم قادرون على الحياة دونه، بل هم يمنون عليه إذ لا يقدر على الحكم دونهم.
أما إصلاحك الزراعي، فهو وإن كان قد بدأ بخطوات حسنة بنزع الأرض ممن لا يزرعها، إلا أنه نظرا لفوضى الثورة فقد نزع الأرض ممن يزرعها أيضا، وراينا فإذ مصر تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج، والويل لأمة هكذا حالها.
هذا ما فعله ناصر..

و ماذا فعل المصريين..

نهبوا ما يأتي من القناة. تكاسل المهندسين في الإشراف على السد العالي. زج الوزير ب 80 طفل في الفصل الواحد. قام أبو زبيبة السادات بإلغاء الإصلاح الزراعي ورد الأراضي للباشوات مرة أخرى..

المصريون هم من أتى بناصر، فإن كانوا فاسدين فلعمري من أي شيء صلح ناصر؟ وهل هو متساقط من الفضاء كالمن والسلوى عليهم؟ أم هو نابت طبيعيا من المصريين؟
ليس لناصر فضل على أي مصري، فهو منهم، وهم يمنون عليه أن سمحوا له أن يستبد بهم ست عشرة سنة عجافا.
وهو المسؤول وليس غيره، فما أكل من دونه حقوق الناس ولا ضيعها إلا بسلطانه وبإذنه، ولو كان راعيا للزمه النظر في ما يحصل خارج غرفة حكمه.
أما والحال أنه مستبد، ففخار يكسر بعضه، ولم يمارس مسؤولياته تاركا لأحمق أن يدير سلاح الجو المصري، ولفاسد أن يدير التعليم، ولرعديد أن يدير الجيش.
المسؤول الأول هو المسؤول الوحيد، فنحن نعرفه هو ولا نعرف من تحته، هو من عينهم، وهو وحده المسؤول عن فسادهم وخيرهم.
إن احسن من دون ناصر فله الحسنى وإن أساؤوا فله السوء، ولا يبرر له شيء لا لحب ولا لبغض. وحبك للشيء يعمي ويصم.

لذلك تجد أن القلة في مصر ناصريين. لأن الشعب المصري في جله من الفلاحين الكسبة, ليسوا مفكرين أو وطنيين. رغم أننا لاحظنا ذلك على الشعب التركي بعد أتاتورك. فقد تمسك الأتراك بفلسفة  مصطفى كمال, في الوقت الذي ضيع المصريين أول أمل عربي لتحريرهم..

لم يكن أبدا من متطلبات النهضة أن يغدو الشعب فلاسفة مفكرين، هوذا الثورة الفرنسية قد غيرت وجه الأرض وما زالت، وكان من أشعل زناد نارها، وأوقد عظيم شررها هم قلة من المفكرين والفلاسفة، بينما كانت العامة لا تفك الخط.
أما عن تركيا وأتاتورك، فلإن زعمت أن تركيا ناهضة فهي لعمري ليست إلا إستبدادية قمعية، لم يحبها أنت وأضرابك إلا لقمعها للدين على خلاف رأي شعبها.
ما تمسك أحد بفلسفة العسكرتاري التركي مصطفي كمال، على افتراض وجود فلسفة لديه، بل هو من تمسك بالحكم بقوة الجيش وأزيز المدافع، ونيران البنادق، وكذا قد صنع من أتى بعده.
وحكم يؤسس على استبداد لهو قمين أن يخرس أي نهضة، وأن يطفئ أي نور، وما بقاء تركيا إلا لحاجة كانت تعتمل في صدور أرباب الأطلسي لها. وهاهي ذي موضوعة على مشرحة العراق سواء بسواء، فإن نجحت أمريكا في ما تروم في العراق، لتشهدن في تركيا اياما عصيبة يصبح ما يعجبك من "نهضتها" أثرا بعد عين.

أنت و غيرك تعتقدون أن الثورة أتت بالخراب على مصر. و الحقيقة أن المتطفلين على الثورة هم اس الخراب و صناعه و قادته..

مصر خربانة قبل الثورة، إلا أنها كانت متحفزة للنهضة كأي بلد آخر، وكان شررهذه النهضة موجودا ومرئيا، فكان أن أتت الثورة على الثورة وامتصت عمل الناس ورغباتهم وأفرزته في شكل إستبداد "شرعي".
وسبب الخراب هو توسيد الأمر إلى غير أهله، والعسكريون ليسوا من أهل الحكم ولو أبيت، أهل الحكم هم من يختارهم الناس طبيعيا وبرضا بعيدا عن البنادق، ولو رفضت أنت اختيارهم.

نسمة..

:97:

راغب..