زملائي الاعزاء ... بداية اشكركم جميعا على مروركم الكريم..

انا اوافق الزميل Waleed تماما في كل نقطة طرحها ...
فوظيفة العلم هي الملاحظة و البحث بدون كلل حتى و ان تبين فصور.. بل على العكس فان القصور في اي نظرية هو محفز وعامل جذب للعلماء ليأتوا و يدلوا بدلوهم ..

اقول هذا و انا ات من خلفية علمية مئة في المئة و خبرتي تشمل عدة سنوات من العمل في مختبرات علمية في الجامعة الامريكية في بيروت...

و لالخص موقفي بشكل عام ثم ارد على موضوع الثانية (التي هي منطقية جدا بالمناسبة -بل مبالغ فيها لمصلحتي) اقول:

نظريات النشوء و التطور (رغم ان التطور و التعديل ضمن الفصائل يحدث باستمرار) بشكلها الكلاسيكي هي نظريات بالية و غير منطقية و التمسك بها هو لاسباب عملانيةpractical reasons و شبه عقائدية فقط -اي ان لا خيار اخر امامنا و انا اتفهم ذلك -
و تستطيعوا ان تستنتجوا ذلك من استعدادنا جميعا لتبني فرضية قدوم الحياة من الفضاء عبر نيزك و رمي نظريات التخلق الطبيعي -التي طالما دوفع عنها - في الزبالة فورا ...

اكبر العلماء و الباحثين -و اغلب الذين تحدثت معهم شخصيا و هم ذوي سمعات عالمية- يظنون بينهم و بين نفسهم بان معرفتنا العلمية الحالية و النظريات التي نتبناها الان لا تفسر ما حدث بالضبط على كوكبنا و لكنهم يجيبونك بنظرة غريبة تدعوك الى التفكير "و لكن لا خيار اخر امامنا حاليا"
اي ان الموضوع هو فقط مجرد تبرير يقنعنا مرحليا او افتراض ان شئنا نتبناه لكي نستطيع ان نتابع بحثنا العلمي بطريقة موضوعية....

الامر شبيه عند دخولك المنزل و رؤيتك لمبة الانارة مكسورة.. فانت ملزم علميا بتبرير سبب كسرها او انكسارها قبل الشروع بتنظيف الزجاج و تركيب اخرى...
1. تستطيع ان تفترض ان احدا دخل في غيابك و كسرها (و هذا امر مرعب)
2. و تستطيع ان تفترض ان "الفولتاج" زاد عن حده فانفجرت (رغم ان طريقة توزع الزجاج المكسور قد لا توحي بذلك)
3.او تستطيع ان تقول هناك اسباب اخرى قد تظهر لاحقا بمزيد من التدقيق...
و لكنك و بعد تفكير عميق تدرك بانك لا تستطيع الا ان تتبنى الخيار الثاني لانه الاسهل اقناعا لزوجتك و تطمينا للاولاد و مشجعا لك لقي تقوم بمتابعة عملك في التنظيف (فيما زوجتك تتفرج!)


فاذا المسألة هي مجرد افتراضات مؤقتة علينا تبنيها لمتابعة العمل براحة بال...
و لكن المشكلة تبدأ عندما يتلقف بعض المفكرين تلك النظريات و الافتراضات و ينشرونها على الناس على انها حقائق مثبتة -فيما يكون اصحابها بأنفسهم غير راضين مئة بالمئة عنها-
و مما يزيد الطين بلة انه و في الاوساط العلمية يتم محاربة اي راي مشكك او معارض لهذا الاجماع الكاذب
.. فلا يستطيع اي عالم ان يعلن صراحة بانه يشكك في نظريات الصدفة لانه يعرف ان مصيره سيكون الازدراء و التجاهل من زملائه (الذين هم بينهم و بين انفسهم قد يعتقدون الامر نفسه)...

لنا ان نسأل ما البديل اذا؟
لا احد يطلب ان نجيب "الله عاوز دة" و "الله تدخل مباشرة و حل المشكلة" فتلك اجابات لن نضطر الى استخدامها ابدا تماما كما قال الزميل ًWaleed
و لكن الحل ليس بالتمسك و التسلح بنظريات غير صحيحة نشهرها بوجه كل من ينتقد قصور معرفتنا فقط لكي نسكته....
الهدف من مداخلتي ان اقول: نظرياتكم التي تتسلحون بها للاسف خاطئة, كفوا عن التبجح بها و لنتابع العمل للتوصل الى نظريات افضل (و لا تخافوا- لن نقترب من الدين او الميتافزيقيا)
في رأيي الشخصي هو انه علينا ان ندرك بان مستوى تقدمنا العلمي -على عكس الفخر و التبجح و التعالي لدينا- ما زال في مراحله الطفولية و علينا ان نعترف بذلك و متابعة البحث و التحري... و من يدري ربما في الالف سنة القادمة قد نصل الى مرحلة حيث يتوحد العلم و الميتافيزيقيا و تتجلى للبشرية امور هائلة و اجابات رائعة عن التساؤلات التي تعصف في نفس كل منا...

فقط قليل من التواضع و الاعتراف بالقصور...