عزيزي عدنان

ما طرحته أنت هو مجموعة أسماء . وطرحك لها يدل على أنك تنطلق من مجموعة من المسلمات :

المسلمة الأولى : أن من ذكرت أفكارهم واضحة ومعروفة ومتفق عليها .
المسلمة الثانية : أن ارتباطهم ببعض وتشابكهم تحت لواء فكر واحد ، أمر مسلم ومفروغ منه .
المسلمة الثالثة : أن مفهوم " الإرهاب " أمر متفق عليه ومفروغ منه .

طرحك لتلك الإسماء يدل على انطلاقك من هذه المسلمات . وسؤالي أنا يدور حول تلك المسلمات ، لا على هذه الاسماء .

أنا لا أريد حوارا سياسي ، ينطلق مما ورثته وسائل الإعلام في خلفياتنا العقلية . أنا أريد أن تصف لي هذه المسطرة ، التي تستطيع من خلالها أن تصنف هذا بأنه " سني متطرف " وذاك " سني محافظ " .

هل هو التحكم والهوى ؟
أم أنك تنطلق من أسس معرفية واضحة جدا ؟

إن كان الأول ، فالحوار لاغ . وإن كان الثاني ، فأرجوا أن تشاركني تلك الأسس المعرفية وتوضحها لي .

وهنا سأضرب لك مثالا : متى نعرف أن هذا الشخص معتزلي ؟

المعتزلة لا يتفقون في كل شيء ، فنحن نعلم أن تصور الإله عند النظام ، يختلف عند أبا الهذيل العلاف . بل إن القاضي عبد الجبار يحكي فروقا كثيرة بين الجبائيين وهما اب وابن .

مع كل هذه الفروق ، إلا أننا لا نتورع في ضمهم كلهم في إطار واحد يحمل اسم المعتزلة . لماذا ؟

لأنهم يتفقون على الأصول الخمسة التي وضعها إمامهم الاول واصل بن عطاء . وهي : التوحيد ، العدل ، المنزلة بين المنزلتين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الوعد والوعيد .

هناك متكلم شيعي قديم ، اسمه هشام بن الحكم . عاش في مطلع القرن الهجري الثاني ، كان في بداية عهده جهميا ، ثم تحول على يد ابن أخيه إلى المذهب الشيعي . وكانت لها نقاشات متنوعة مع المعتزلة ، خصوصا أبا الهذيل العلاف . يروى أنه أول من استدل بأن إمامة علي بن أبي طالب كانت بـ"النص الجلي" . هذا الشخص كان يؤمن بالتوحيد والعدل – كما أنها أصول معروف من أصول المذهب الشيعي – إلا أننا لا يمكننا أن نقول عنه أنه معتزلي ، وذلك لأنه يؤمن بالإمامة ، وهي الأمر الذي يحدد إنتماء الشخص للتشيع .

هذه مسطرة دقيقة ، تجعلنا نصنف كتابات محمد عبده في مطلع هذا القرن بأن فيها تحول للإعتزال ، وكتابات محمد عمارة الأولى وأحمد أمين بأن فيها شيئا من هذا الاعتزال. كما نلمس من تعليقات الطهطاوي على الدستور الفرنسي شيئا من الميل للإعتزال. لذلك جرى الحديث عن " المعتزلة الجدد " .


أنت الآن : ما هي مسطرتك التي – من خلالها – تصنف هذا وذاك بأنه " سني متطرف " ؟

وأذكرك مرة أخرى ، أنا لا أريده نقاشا طائفيا أو سياسيا .