عبد الرحمن الراشد
الشكر لكل النسوة السعوديات اللاتي وقعن عريضة يطالبن بإقعاد النساء في بيوتهن، ومنعهن من العمل والقيادة، وربما الدراسة. فهن يعبرن بالفعل عن رأيهن ويمارسن هذا الحق من خلال خطاب احتجاجي وقعن عليه.
والملفت ان بعض من وقع يعمل، وتخرج من اعلى الرتب العلمية، ومارس كل المطلوب رفضه، وتمتع بمنافع لم تصل اليها معظم النساء بعد، مثل الدراسات العليا والوظائف المهمة. ومع هذا نقول: إن شئن الا تعمل المرأة فمن حق كل واحدة ان ترفع صوتها بذلك، «لا نريد الدراسة، ولا العمل، ولا القيادة، بل نريد ان نجلس في بيوتنا نعتني بأطفالنا». وردا عليهن يوجد حلان: الأول سؤال بقية النساء ان كن ضد الدراسة والعمل والقيادة، والحل الآخر، ترك الخيار لكل امرأة تقرر لنفسها ان تجلس في البيت او ان تخرج وتعمل.
اثناء مطالبات السود في اميركا بحقوقهم المدنية، كالسيدة التي رفضت ان تجلس في الاماكن الخلفية المخصصة للسود في الحافلات، وجد سود يخرجون ويصرحون بأن المواطن الاميركي الأسود سعيد في مكانه، ويؤمنون بان لكل فرد موقعه الطبيعي في المجتمع، وان دعاة الحقوق ليسوا الا حفنة من الشيوعيين تحركهم اطراف خارجية. العم توم وأمثاله لم ينجحوا في وقف التغيير الطبيعي الذي لا علاقة له بموقف سياسي او مواقف فكرية ، بل هي حاجة طبيعية لأي انسان، ولا تستطيع فئة مهما علا صوتها وسوطها منعه الى الأبد.
في الرياض نفسها كانت المرأة تبيع في السوق مع الرجال لعقود، ولم يكن يعترض احد من المحافظين، وكانت المرأة تطرق الابواب كبائعة في الاحياء الشعبية ، ولم تغلق البيوت في وجههن، وكانت النساء يركبن الحمير والخيول ألف سنة ، ولم يقل احد ماذا إذا عثرت الدابة وسقطت المرأة وانكشفت عورتها.
معظم طالبات العمل، والعمل لمن لا يدري متاح وليس ممنوعا، يفعلن ذلك بحكم المسؤولية المعيشية ايضا، فالمرأة تمثل اليوم رقما مهما في تأمين الدخل للمنزل وإعاشة اطفالها مع زوجها الذي لا يفي راتبه حاجات عائلته. اي ان الدعوة ليست ترفا، الا عند من وقعن على العريضة، واللاتي لا بد انهن يتمتعن بما لا تعرفه السيدة السعودية العادية من خدمات ومداخيل مالية. وخير رد على احتجاج جبهة الرفض النسائية، وهي اعجوبة ستدخل التاريخ ولا شك، مشاهدة عشرات الآلاف من الفتيات خريجات المعاهد والجامعات اللاتي يقفن في طابور التوظيف. فالفارق شاسع جدا بين قلة ترفض وكثرة تريد.
وخطاب النسوة يشير الى حقيقتين جديدتين: واحدة ان القلة الرافضة تفتح الباب للتعرف على رأي الشريحة الكبيرة الأخرى الصامتة، والثانية ان الاستعانة بالمرأة الرافضة تكتيك آخر من الرجال الذين كانوا يتولون بأنفسهم قول لا بالوكالة ، حتى صارت وكالة لا يكفيها التوقيع.
المصدر