{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 2 صوت - 2 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #18
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى
الشمس تطل، بين الفينة والفينة، على استحياء، وهذا الطقس الشبيه بالقصيدة العمودية المختلة الوزن يزعجني. أبحث عن متعة وقتية عبر سيجارة المارلبورو وشريط "زجل لبناني".

لائحة خضراء على الطريق تعلن عن وصولي إلى "فرايبورغ" (إيم بريسغاو). ترتسم في مخيلتي صورة الكاتدرائية القوطية والشوارع العتيقة الضيقة المبلطة النظيفة. أبتسم وأنا أتذكر حادثة قديمة وقعت لأحد "بلدياتي" مع هذه المدينة. فلقد حصل صاحبنا – قبل بضعة وعشرين عاماً - على "منحة دراسية" من الكنيسة كي يتابع تعليمه في جامعة فرايبورغ. أعطاه "الخوري" المسؤول عن المنحة يومها عنوان "السكن" الذي يوفر له النوم والطعام والشراب، وحجز له تذكرة سفر إلى "زوريخ"(سويسرا) موصياً إياه بقوله: من "مطار زوريخ" تستطيع أن تأخذ قطاراً يقلك إلى "فرايبورغ" خلال ساعتين، ثم تقصد هناك "منزل سانت جوستان" الكائن في "شارع جورا رقم 3" حيث يكون الكاهن " فونفيك" بانتظارك.

حفظ صاحبنا اسم "الكاهن" الألماني جيداً، واعتبر "الطريق" من التفاصيل. نزل في مطار "زوريخ" واشترى تذكرة إلى "فرايبورغ" وقضى الطريق مسحوراً بخضرة أوروبا ومياهها الوفيرة.
في "فرايبورغ"(إيم بيرسغاو) نزل في محطة القطار وركب "التاكسي" وأعطى السائق "العنوان الذي يحمله". لم يعرف السائق أين هو "منزل سانت جوستان" ولا أين يقع شارع "جورا" في المدينة. أصر صاحبنا على "صحة المعطيات" التي بحوزته، فسأل السائق زملاءه الذين أنكروا أن يكون هناك مثل هذا الشارع في المدينة، أو حتى مثل "منزل الطلبة" الذي يقصده.

وقع صاحبنا في حيص بيص، وضرب كفاً بكف، ولم يدر ماذا عليه أن يفعل بالضبط. حاول الاتصال بالكاهن الذي أعطاه العنوان فلم يلق جواباً. شتم الكنيسة ورجال الدين وشرع ينقم على العذراء و السيد المسيح فلم يحل مشكلته. أحس بالجوع، فتوجه إلى "كشك" صغير في الشارع كي يبتاع منه شيئاً يقيم أوده، وهناك عرف من البائعة سر مشكلته. فالبائعة أصرت على أن ينقدها "ماركات ألمانية"، وهو لم يكن يحمل إلا "فرنكات سويسرية". رضيت البائعة بمبلغ إضافي قليل، وتفاجأ صاحبنا بأنه في "المانيا"، هو الذي كان يظن نفسه بأنه ما زال في سويسرا. "ففرايبورغ" إسم تحمله مدينتان، واحدة تقع في سويسرا (بجانب العاصمة برن) والأخرى في "المانيا"، والاثنتان تبعدان عن "زوريخ" – تقريباً – نفس المسافة. وكان صاحبنا، على غير دراية منه، قد قصد المدينة الألمانية بدلاً من السويسرية. وكان عليه أن ينفق نصف ما يملكه من نقود كي يعود إلى "فرايبورغ" السويسرية.

******

"زين شعيب" يغني "عتابا". و"زين شعيب" عندي – مع أسعد سعيد وإدوار حرب – سيد من أبدعوا في هذا الفن الشعبي الذي يعتمد على الجناس. أتذكر "جبران خليل جبران" في مقالته:"قفوا قليلاً كي أريكم أبناء لبناني" حيث يعرج على ذكر هؤلاء الزجالين الذين يمسكون الحرف والصورة، بتلقائية ونزق، فيخرجون لوحات وأفكار هي آية في السحر والجمال والعذوبة والحلاوة والطلاوة.

أتذكر بأن "جبران" نفسه كان يحاول هذا الفن الشعبي الآسر ويطاوله ويترك لنا بعض قطع "أبو الزلف" الخالدة. وأتذكر بأن جميع أعضاء "الرابطة القلمية" كانوا يحاولون نظم الزجل في رحلاتهم و"مشاويرهم". هذا ما يحدثنا به "ميخائيل نعيمه" في "سبعون".

أغص قليلاً وأنا أسمع "زين شعيب".. فالرجل قد مات قبل شهور ثلاثة فلم يسمع بموته أحد، اللهم إلا بضعة كلمات قليلة نثرها بعض الصحفيين، في صفحات داخلية لجريدة محلية تخبر عن رحيل هذا العملاق الفذ الذي سحر، عبر عقود، قلوب وعقول مئات الآلاف من هواة الزجل اللبناني.

رأيت "زين شعيب" في "مونتريال" سنة 1990، ولم أجد أحداً حتى اليوم يستطيع أن يقول مع المتنبي:" أنام ملء جفوني عن شواردها" مثل هذا الرجل. فالقصيدة "تنهمر" في خاطر هذا الشاعر قبل أن تتدفق على لسانه بعفوية وسلاسة عجيبتين. الشعر عند "زين شعيب" مثل الضوء في الشمس والحرارة في النار والبرد في الجليد؛ جزء لا يتجزأ من كيان هذا الشاعر الفذ، لا يقيّد له الأوابد ولا يركب له السوانح ولا يجد في طلبه ولا يكد في أثره، بل تراه يأتيه منقاداً فينثال على شفتيه موسماً إثر موسم، كل منها حافل بالخير والعز والعطاء.

******

"ستراسبورغ" على مبعدة 56 كم، هكذا تقول اللائحة الزرقاء المنتصبة على جانب الطريق... تذكرت "العربية السعيدة" ...

رأيت اسم "آرابيا فيلكس" لأول مرة في "نادي الفكر العربي". ولكني ابتدأت بالتشوق لمعرفة "وميض" من خلال اللقاء معها في ساحة "لقاءات". بدت لي هذه الفتاة مختلفة جداً عن هذا الوجه "الفيمينستي" الذي تصر عليه. ربما كان انطباعي عن "الفيمينيستيات" خاطيء، ولكن الوجه المكفهر العابس والحديث الجاد اليابس و"الاسترجال" – كما يفهمه الذكر العربي – والنكد والجدل البيزنطي هو ما كان يحضر إلى ذهني كلما جيء باسم "الحركات النسوية" أمامي.

حقاً، كنت متعاطفاً مع النساء وحرياتهن ومساواتهن، ولكني لم أهضم يوماً الشطحات البعيدة في الموضوع، ولم أستسغ تلك "الحرب الجنسية" التي تشنها بعض "بنات حواء" بتطرف وحقد غريب. ولقد أثلج صدري وأنا أرى بأن "سيمون دي بوفوار" نفسها تأخذ في كتابها "الجنس الآخر (الثاني)" نفس المآخذ على بعض "متطرفات" الحركة النسوية، وترفض في مقدمة مؤلفها الذائع الصيت أطروحاتهن الغوغائية الهوجاء.

تابعت اللقاء مع "وميض" على صفحات النادي، وأنا ألمس خلف هذا الخطاب "الجندري" الجاد المناضل من أجل حقوق المرأة ومساواتها، نفساً طيبة رقيقة حساسة، ودماثة حلوة لطيفة. وبين هذا وذاك قدرة هائلة على نسج علاقات وتكوين صداقات وبناء شبكة اجتماعية عريضة.

استقر في وعيي وأنا أتابع اللقاء مع "وميض" بأنها تستطيع أن تكون سفيرة ممتازة للمرأة العربية. لوعيها بمشاكل النساء العربيات، وإيمانها بضرورة تعديل وضعهن، وقدرتها الخصبة على العمل الاجتماعي والتنظيمي، وعدم ركوبها الشطط في نظرتها إلى الرجل.....

ولكن "وميض"، عندما عرفتها أكثر، لم تكن هذا فقط ، أو قل بأن هذه الخصال ليست هي أكثر ما يعنيني في "وميض".

******

رغم صوت الشريط الزجلي الذي أتابعه، فلقد قفز إلى أذني شبه ضجيج آت من عجلات السيارة. رأيت موقفاً معداً لراحة المسافرين فركنت سيارتي وشرعت أتفحصها. "لا شيء هناك ذو بال"، قلت لنفسي. غسلت وجهي وشربت بعض الماء البارد وألقيت نظرة متفحصة على الخارطة.

كنت ما أزال في ألمانيا، وعليّ بعد كيلومترات قليلة أن أترك الطريق السريع واتجه نحو الغرب إلى "ستراسبورغ" الفرنسية. أشعلت سيجارة وأدرت المحرك وعركت "أذن راديو السيارة" فتوقف عند "محطة جديدة" اسمها "راديو جوداييكا". تعوذت وحوقلت وقلت لنفسي: حتى هنا؟

تذكرت بأن "الجالية اليهودية" في هذه المنطقة لها أهميتها. أولم يقم الصهاينة مؤتمرهم الأول لتأسيس دولتهم في "بازل" سنة 1897؟
الراديو صهيوني مئة بالمئة، ويعرف كيف يضع السم في الدسم. كان هناك برنامج شبه تاريخي يحكي عن المصاعب التي واجهها "الحالوتسيم" (الاسرائيليون الأوائل) في استيطانهم لفلسطين. كان البرنامج يتحدث عن "الأرض الوعرة الخالية والفلاح اليهودي" الذي انتصر على صعوبة المكان، وأصبحت الأرض على يديه تنتج "حليباً وعسلاً". لم يكن هناك "دعاية رخيصة" أو لهجة "خطابية" - ألفناها نحن العرب في إعلامنا -. ولكن البرنامج كان يطوي الجمل والفقرات بلؤم وخبث واضحين. كان يحاول أن يكون موضوعياً في عرضه للتراث "الاسرائيلي الصهيوني"، ولكنه لم يفعل سوى التركيز على النقاط التي يريد، وترك الكثير من مفارق التاريخ الرئيسية خلفه، ولعلي خلال الدقائق المعدودة التي استمعت بها لهذا البرنامج، لم أسمع أي ذكر لعربي واحد يعيش على تلك الأرض في ذلك الزمن..

لم أستطع أن أتحمل أكثر. أخرست المذياع بقرف ورحت أقود سيارتي بتؤدة وأنا أنظر حولي جيداً. فلقد وصلت "ستراسبورغ" وعلي أن أهتدي إلى الفندق الذي كنت قد حجزته مسبقاً.

واسلموا لي
العلماني

يتبع ...في الأسبوع القادم ...
08-26-2005, 05:14 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة EBLA - 08-21-2005, 03:11 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة mass - 08-22-2005, 12:44 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة forat - 08-22-2005, 05:59 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة forat - 08-22-2005, 05:29 PM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة rayya - 08-25-2005, 12:48 PM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة العلماني - 08-26-2005, 05:14 PM
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة Deena - 08-28-2005, 01:42 PM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة MSouri - 09-08-2005, 12:00 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة MSouri - 09-08-2005, 12:54 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة MSouri - 09-10-2005, 10:07 AM,
في لقاء Arabia Felix ... وذكريات أخرى - بواسطة MSouri - 09-10-2005, 10:24 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  لقاء في المدينة تروتسكي 29 4,526 01-02-2014, 03:53 PM
آخر رد: Jerry
  يافا، حيفا، عكا والعلماني.. وأشياء أخرى Jerry 32 7,899 09-26-2012, 07:31 PM
آخر رد: العلماني
  مقاه زمان (في بيروت ... ولربما في أمكنة أخرى بعدها ) .... العلماني 2 1,165 06-07-2012, 02:29 PM
آخر رد: العلماني
  الجوكر و أنا و أمور أخرى NigHtMaRE 11 2,674 06-30-2011, 03:14 AM
آخر رد: الجوكر
  دعاء إفتتاح لقاء القمة العربية vodka 3 1,257 03-17-2011, 12:55 AM
آخر رد: بهاء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS