(06-14-2010, 08:31 PM)عاشق الكلمه كتب: ...........................
..................
ولاهموم تؤرقنا من مثل الكد والكدح لتأمين لقمه العيش وتوفير فرص العمل حتى لا ندفع بالناس دفعا الى الانتحار , بعدها نتفرغ ونحن جالسون فى الصالونات الثقافيه الفارهه وأمامنا كل مالذ وطاب من المأكولات والمشروبات للنبش فى التاريخ والبحث عن أسباب خراب مصر واعمار مدينه رسول الله , وربما حصلنا على الدكتوراه فى ذلك .
الزملاء ..
سأتوقف هنا قليلآ لنعرف ما هو المناخ الذي نبدد فيه جهدنا .
1- مخلصا لعادة مصرية شعبية يتحقنا عاشق الكلمه بتعبير "ساخر" ينتمي لمحمد هنيدي و غيره من فلاسفة المقاهي ، ويرى أن صديقه عباس الأبيض هو راوية التاريخ الحقيقي !!.
2- يرى الزميل أن نتوقف عن الحوارات الفكرية و التاريخية و أن نقتصر على مناقشة مشاكل الحياة اليومية ، لأن الحياة صعبة و تدعوا لليأس و الإنتحار !.
3- يرى أن بهجت يناقش مشاكل لماضي السحيق ،و أن دراسة الماضي لا تجدي شيئا !.
4- يخلط عاشق الكلمه بين القضايا الفكرية و الدينية ،و يرى ان 80% من موضوعات بهجت تناقش الدين الإسلامي و تنتقده !.
بداية لي تعليقات سريعة على الشكل قبل الدخول في المضمون – هذا لو كان هناك مضمون ما -.
1- لمذا لا يحتفظ عاشق بصديقه عباس الأبيض ليوم أسود ، بدلآ من استهلاكه في سرد تاريخ أمة أو أم الأخ عباس لا فرق ، فهو غالبا لن يكون قادرآ على اكثر من ذلك ؟!.
2- بالقطع هذه الموضوعات التي أطرحها لا تناسب إنسانا يعاني من مشاكل ملحة و على وشك الإنتحار ، لا هذه الموضوعات ولا غيرها ، مثل هذا البائس عليه أن يبذل كل جهوده في التغلب على مشاكله ،و إذا أراد التسرية ففي المقاهي متسع للبائسين ،و لكن بالطبع لن يلائمه التحاور مع مثففين .
3- طالما الموضوعات التي أطرحها لا تلائم عاشق الكلمه ، فلم يفرض نفسه عليها ، لماذا لا يتجاهلها و يحصر نشاطه في الموضوعات التي تنشر من الصحف اليومية .
4- هل من الذوق أن أشارك في شريط لزميل فأدعوا الأخرين إلى تجاهله ، هل (الجليطة ) شيء مختلف ؟.
5- هل لاحظ عاشق الكلمة عدد المشاركات و القراءات في الموضوعات التي طرحها بهجت – مع لغتها الإصطلاحية و صعوبتها – وهل قارن شعبيتها بنظائرها حتى المنقولة عن كبار الكتاب ،وهل فكر لو أنه طرح مثل تلك الموضوعات الفكرية كم سيكون عدد من يهتم بها ؟.
6- يخلط عاشق الكلمة بشكل عجيب غريب بين القضايا الفكرية ، التي يمكن أن تتناول قضايا مثل الأصولية الدينية كظاهرة حضارية و ثقافية ،و بين القضايا الدينية .
7- لا يستطيع عاشق التفرقة بين دراسة التاريخ ،و بين توظيفه في إطار قضية ثقافية او حضارية ، كما فعلت في هذا الشريط ، رغم ان دراسة التاريخ في حد ذاته عمل ثقافي و حضاري كبير ، فالبشر لا يعيشون على بطونهم فقط ، تلك هي الحيوانات .
أعتقد أن مشكلة عاشق الكلمه هي تواضع ثقافته العامة ، لهذا يشعر بغربة و عصبية عندما يقتحم حوارات فكرية ربما لا تلائمه من البداية ، و هو لا شعوريا يقنع نفسه بأن طرح القضايا الفكرية و الثقافية إضاعة للوقت وهذا خطأ كما سأوضحه الآن .
عندما يصادف إنسانا مريضا يشكو من أعراض مرضية فهناك 3 مستويات للتعامل معه ، و يتوقف ذلك على مدى تعليم هذا الإنسان و فهمه للمشاكل الطبية ، فلو كان مجرد إنسان بسيط التعليم أو أمي ، فسوف لا يدرك سوى المظاهر المرضية مثل ارتفاع درجة الحرارة و الرشح , ... ،و بالتالي سيجلس بجوار المريض على رصيف الشارع يلطم خده و يكرر شكواه ربما بصوت أعلى ، ربما ينقل تلك الظواهر إلى غيره ،و يستمر في البكاء و العويل و لعن المسؤولين ، هذا ما يعرفه عاشق و يطالبنا به كأفضل وسيلة لإستخدام اللغة والأداء ، هذا أيضا ما يفعله كتاب المدونات الشعبية الشائعة ،و عدد كبير من المشاركين في النادي ، نقل مقالات الصحف و أخبارها و اللت و العجن فيها ،و إعادة إنتاج الصحف على صفحات النت ، هذا نشاط يناسب البعض و لكنه متدني القيمة ، رغم ان كثيرون ممن يفعلون ذلك يعرضون انفسهم كمناضلين لا يشق لهم غبار . هناك مستوى آخر في التعامل ، يقوم به طبيب حديث الخبرة و التخرج ، فهو يربط تلك الأعراض و يشخص المرض ،و يقدم " روشتة " علاج ، تلك مرحلة متقدمة بالفعل ،وهذا ما يقوم به البعض بالفعل من الزملاء الأكثر تميزا و يملكون فكرا سياسيا أو إجتماعيا أو خبرة ما ، كما أن هناك أيضا المروجون الحزبيون و النشطاء الذين يسوقون رؤية أحزابهم و جماعاتهم ،و بالتالي يقدمون حلولآ عامة قد لا تلائم حالة بذاتها .
يبقى أداء ثالث هو أداء الخبير ، الذي يقوم بالتحليلات و الدراسات ،و الوصول إلى الأسباب الكامنة وراء ظهور المرض بالأساس و أسلوب مقاومته و منعه ، و هذا وحده هو أكثر الأنشطة المجدية لأنه يذهب إلى الصميم ، وهذا ما يراه عاشق نوعا من الترف ، فلا صوت يعلو فوق صوت الشكوى و السباب !.
ما أقوله الآن هو ما يحدث بالفعل في العالم كله عند التعامل مع أي مشكلة ، بل حتى لمنع ظهور المشاكل بالأساس . هناك مستوى شعبي يثرثر حول المشاكل و يستدعي عباس الأبيض لفهمها ، كما يطالبنا المفكر عاشق الكلمه ، و حتى في مراكز الحضارة في الغرب هناك صحف التابلويد و هناك قنوات تلفزيونية في أمريكا لا تختلف كثيرا عن تلك المصرية من حيث تفاهتها و تخبطها ، يبقى هناك مستوى أعلى يخاطب المثقفين و القراء الجادين و ذوي الإختصاص مثل مجلات النيوزويك و الفيجارو و التايم و شبكة سي إن إن , ... ، هذا المستوى يعادل أرقى ما هو متاح في مجتمعاتنا العربية من مجلات متخصصة مثل السياسة الدولية و الأهرام الإقتصادي و ... ، يبقى مستوى ثالث ينتج الأفكار بشكل منهجي أكاديمي ، فيما يسمى الthink tanks ، و هي التي تنتج الأفكار الأساسية التي تقود المجتمع ،و تخاطب النخب السياسية و العلمية و الإقتصادية ، و لا يوجد لدينا ما يقابلها للأسف .هذا المستوى يناقش القضايا الفكرية و الثقافية الأساسية للوصول إلى رؤى و آليات جديدة .
عندما تظهر مشاكل جديدة أو امراض غير معروفة ، لا يبدأ المتحضرون في التعامل معها بشكل عفوي كما تعتقد يا سيد عاشق حتى يكونوا " حلوين " زيك ،و لكنهم يفكرون فيها بعمق و بإستخدام أساليب منهجية للبحث و الدراسة ، عندما يفعلون ذلك لا يمارسون ترفا بل عملآ غاية في الجدية ، إن الباحث الذي يطور علاجا في معمل مكيف الهواء بينما المريض يحتضر على بابه ليس قاسيا ، و لكنه إنسان مسؤول يعلم أنه لا يملك شيئا لذلك البائس ،و لن يفيده أن يجلس بجواره أو يكتب مدونة ،و لكنه يبحث عن علاج لغيره من المرضى .
لا أقول أننا جميعا مؤهلون للمستوى الثالث ولا حتى الثاني ، بل حتى المواساة ستكون مفيدة لمن لا يقدر على غيرها ، و لكن عليه أن يعرف قدراته ولا يطالب الاخرين بالجلوس جواره للطم الخدود !.
إنني يا عاشق الكلمه غير مهتم بالدين نهائيا ولا بالقضايا الدينية سواء سلبا أو إيجايا ، بل أرى تلك الموضوعات دليل على التدني الفكري ، لهذا لن تجد لي موضوعا واحدآ في الساحة الدينية ، و لكني أزعم أنه خلال سنوات طويلة من الإهتمامات الثقافية أصبحت مثل الطبيب ،و اني بروح المسؤولية أعالج المرض حيث يكون لا كما يعجبني . طرحت كثيرآ رؤيتي ان مشكلتنا في مصر و العالم العربي هي مشكلة ثقافية و حضارية أكثر منها مشاكل مادية . هي مشكلة في عقل و إدراك العرب و المصريين ، مما يجعل أدائهم هزيلآ و مؤسفا و دون أي مستوى . هل يعقل أن يكون المصريون دون مستوى شعوب جنوب الصحراء على سلم التنمية ، هل يعقل ألا يستطيع 200 مليون عربي التصدي ل3 أو 4 مليون إسرائيلي ، يحتلون مكانا لا يرى على الخريطة ؟، هل يعقل ألا يستطيع المصريون ان يوفروا لانفسهم الطعام ولا التعليم ليصبحوا أحد اكبر مستودعات الأمية في العالم ؟، هل يوجد عقلاء يحلون مشاكل التخلف بمزيد من التخلف ، فلا يجدون سوى إرتداء النقاب استجابة لتحدى غزو الفضاء و الطاقة النووية ؟، هل من يفعل ذلك يكون عقله سليما و تفكيره صحيحا ؟، ألا يدل ذلك على وجود مشكلة كبرى علي القادرين مواجهتها .
مشكلة مصر كما أراها - و يراها كبار المفكرين في مصر و في العالم - هي وجود تناقض صارخ بين الموروثات الدينية و الثقافة السائدة في مصر و بين الحداثة ، و تلك هي مشكلة الأصولية التي أكافحها كغيري من التنويرين المصريين . إني لست سعيدآ بأن نحصر جهودنا في مكافحة المرض و غيرنا يصنع الصحة و الحضارة ، لست سعيدآ بالحديث عن أخطار التخلف الحضاري ،و نظائري في الهند و الصين يناقشون قضايا التكنولوجيا الرخيصة ،و تطبيقات نظرية الكوانتم ، لست سعيدآ و أنا أضيع وقتي بين مرضى لا يدركون مرضهم ،و يمكن أن ينقلوا لي كآبتهم في أي وقت ،و غيري يكتب تجاربه و نجاحاته في الإدارة و قيادة الرجال ، لست سعيدآ و انا أقضي معظم وقتي في الحوار مع شتامين باسم ربهم العدواني ،و غيري يتحاور مع أصحاء يقدرهم و يقدرونه .
أنت تقيم موضوعاتي و تراها دينية !،ما شاء الله .. و الله مهزلة كاملة .. أنا أجزم أنك لا تقرأها ولو قرأتها لن تفهمها ،ولو حاولت فهمها ستسيء فهمها ، و يصبح جهلك بها أفضل .أنت ترى شريطا مثل " العقل الأسير" دينيا !!، هل تعلم أني قبل طرح مجموعة الموضوعات التي من ضمنها هذا الشريط ،و التي شملت موضوعات مثل " قبل الطوفان" و " بحار الكراهية - الكراهية المقدسة " و " سجن الهوية ., ضد التقسيمات المتسامية" . راجعت مجموعة من الكتب لم تقرأها طول عمرك كله ،ولم يكن منها كتابا دينيا واحدآ .
.....................
بوضوح و صراحة أراها ضرورية ..
لن أترفع عن التحاور مع أي زميل يحترم الحوار و مستواه ،و يبذل جهدا حقيقيا في ردوده فلا نهبط بالجهد المبذول إلى مستوى عباس الأبيض صديق عاشق الكلام الفارغ .
البديل هو التجاهل كما أفعل كثيرا مع مداخلات لا تستحق حتى عناء قرائتها .
آملآ ألا يضطرني احد مستقبلآ لهذا الموقف وهو مالا أحب ولا أريد .