النقد البناء يكون حول فكرة موضوعية يمكن قياسها. فالدخول إلى النيات والمقاصد ليس من النقد البناء. منقول

﴿يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم﴾
السخرية: تعني الـهُزء بالآخرين


(f):Asmurf:

شكراً لجميع من شارك !!

أعتقد بأن الفرق بين المصطلحين يكمن في "الهزل والإضحاك" اللذين يخالطان"السخرية". بمعنى أن النقد "يسفّه ويذمّ" رأياً أو سلوكاً أو تصرفاً "بجدية وجفنين مقطبين"، بينما السخرية تفعل نفس الفعل من خلال "الهزل والإضحاك". من هنا، يعتمد "النقد" أكثر فأكثر على "العقل والمنطق" بينما تقلل "السخرية" من "جرعة العقل" وتحقن موضوعها بكثير من "المشاعر" و"القناعات العامة".

فرق آخر قد يعترضنا أحياناً، هو تحرّي "النقد" الوسطية والانصاف، بينما تعتمد "السخرية" على التعميم والتطرف في الحكم. فالنقد – عادة – ذو ألوان معتدلة فاقعة أحياناً (النقد الأكاديمي مثلاً)، بينما "ألوان السخرية" تكون غامقة بارزة ظاهرة للعيون.

فرق ثالث ... مع "النقد" تستطيع أن تجابه وتحاجج و"تشارع" الناقد ورأيه وأحكامه، ولكنك مع السخرية لن تستطيع شيئاً. صدقاً، تستطيع أن تدلي بدلوك وتحاول التوضيح، ولكن التوضيح لن يجدي نفعاً في الكثير من الأحيان.

لنقل أخيراً بأن "النقد والسخرية" يقفان على نفس الطريق من ناحية المبدأ، ولكن "أدواتهما الفنية وطرق معالجتهما" للأمر الذي يطرقانه مختلفة.

سؤال بعد هذا جميعه: هل نحرّم "السخرية" على الإطلاق؟ أولسنا بحاجة إلى "السخرية" أحياناً؟ أوليس "فن الكاريكاتير" مثلاً يعتمد على "السخرية"؟ هل نحرّمه مثلاً؟

واسلموا لي
العلماني

Arrayسؤال بعد هذا جميعه: هل نحرّم "السخرية" على الإطلاق؟ أولسنا بحاجة إلى "السخرية" أحياناً؟ أوليس "فن الكاريكاتير" مثلاً يعتمد على "السخرية"؟ هل نحرّمه مثلاً؟ [/quote]

السخرية ذات طابع فنّي "تصويري .. أدبي .. إلخ" .. بينما النقد فهو ذو طابع "أكاديمي" أو لنقل "فكري" ..
والفن .. لم يتمازج أو يتّحد يوماً مع "الفكر" .. الفن يكمن في المشاعر المتأجّجة من قلب الفنّان .. ومن مبالغاته المؤثّرة سواءً في طريقة نقل الحدث أو إضافة مكنوناته الداخليّة عليه .. ومن هنا أجد من الصعب أن نجعل السخرية والنقد في فسطاط واحد ..

حتّى "الطرفة" هي نوع من الفن .. أن تنجح في إضحاك من أمامك .. أن تبعث الارتباك في سلسلته الفكريّة .. أن تطلق مكنوناته الداخليّة بشكل مفاجئ نحو الخارج .. هو فنّ ما بعده فن ..


بالنسبة لي .. أعتبر جميع أنواع "الفن" مقدّسة .. خصوصاً إذا كانت تملك قيمة تهييجيّة كبيرة في عين أو أذن المتلقّي .. لذلك فإنّ المطالبة بوضع حدود للفن حتّى الهزلي منه .. أمر غير وارد بالنسبة لي .. حتّى لو كان هذا الفن يعرّض معتقداتي للأذيّة ..

بالنهاية .. حينما يصل المجتمع لمرحلة يفصل فيها بين "الفن" وبين "حياته الاجتماعيّة" .. فإنّه سيعرف متعة أن يضحك ويقهقه على "بلاويه" المنيّلة بستّين نيلة .. أعرف العديد من "الدينيّين" حتى .. المنفتحين فكرياً .. ممن يقهقهون حينما يسمعون "نكتة" أو "كاريكاتير" يتعرّض لمعتقداتهم..

أما كيف أضع لك خطّة على الأرض .. أجعل فيها مجتمعاتنا تتقبّل كريكاتورات "محمّد" كما يتقبّل الشعب الأمريكي كريكاتورات "عيسى" .. فهذا مما لا أملكه ..

خوليو

أستاذي
مرحبا (f)

أعتقد أنه يجدر التمييز بين السخرية من الإنسان وبين السخرية من مواقف هذا الإنسان. بين السخرية من فكر ثبت خطؤه تماماً وبين السخرية من قيم ومبادئ إنسانية لها احترامها عند الإنسان. كبار الكتاب الساخرين (برنارد شو، مارك توين ... مثلاً) كانوا يسخرون من مواقف الإنسان، وهم في الأساس مصنفون بين كتّاب ال Critic وليس تماماً sarcasm. وكإجابة متواضعة عن سؤالك يمكنني أن أقول: السخرية عندما تصل إلى مستوى الإهانة الشخصية فهي محرمة قطعاً! وكل قوانين العالم تكفل تحصيل حقك في حال تعرضت لهذه الإهانة. ويستوي في هذا الحي والميت، فإذا لم يسمح المرء لأحد أن يسخر مهيناً أباه المتوفى مثلاً، فإن أي ميت آخر له من يدافع عنه ويمنع عنه السخرية المهينة أكان قريبه أو صديقه أو معلمه أو نبيه.

والكاريكاتير ليس معتمداً على السخرية، بل يلجأ إليها، الكاريكاتير في الأساس يعتمد على ( المبالغة ) وهذا تعريفه الأكاديمي، وهناك فرق. فعندما يرسم فنان الكاريكاتير جمال عبد الناصر بأنف مبالغ به فهو لا يسخرو منه ولا يستهزئ، تلك صفة مميزة فيه وهو (يغالي) في إبرازها استناداً إلى صفة فنه الرئيسية (المبالغة).
إن السخرية مثلاً من بوش وصلت إلى حد الإهانة في الرسوم الكاريكاتورية، وسكوت بوش عن ذلك يعتبر ترفعاً منه فقط، وسكوته عن ذلك لا يعني أن إهانته بهذا الشكل حق للساخر.


الساخر الشجاع، والساخر الجبان ...
كمثال فقط، السخرية التي تعرض لها نبي الإسلام كلفت الدانمارك مبالغ طائلة، صحيح أن هذا لن يكسر اقتصاد دولة لكن رد الفعل من قبل المدافعين عن محمد لم يكن بالمستهان. وحتى أنت إذا أردت الدفاع عن السخرية فلا يمكنك أن تغمطهم حقهم بأي تصرف من شأنه أن يدفع الأذى الذي نال مقدساً بحسب اعتباراتهم. سقت هذا المثال لنميز بين السخرية الشجاعة التي تميز بها الكاريكاتير الدانيماركي، وبين السخرية الجبانة التي يتميز بها من اختبأ وراء شاشة كومبيوتره لا أحد يعرف ( قرعة أبوه منين) :D ... وراح يسخر مهيناً الناس فقط لأنه غير معروف أولاً، أما ثانياً وهو الأهم فهو يعتمد على أن المنصة التي يكتب منها تركت له الحبل على الغارب بحجة صرعت رأسنا وباتت كذبة معروفة اسمها ( حرية التعبير ). فيشعر أنه ( حر التعبير ) ويلجأ إلى أبشع الألفاظ وأقذعها لوصف مقدس مثلاً ... بينما في الحقيقة هو لا يجرؤ أن يجاهر ب 1 % من كلامه أمام الناس.
فإذا كان المقصود بالسخرية هو هذه الأخيرة، فهذه السخرية الجبانة هي ديدن المنتديات، ففي المنتديات الدينية يسخرون مهينين العلمانيين ويحقرونهم ويمسحون بهم الأرض، وفي المنتديات العلمانية يسخرون مهينين الدينيين ويحقرونهم ويمسحون بهم الأرض.

واعتماداً على الفقرة الأخيرة، لم هذا السؤال؟ :saint:
:redrose:

السخرية هدفها الانتقام
أما النقد فهدفه الإصلاح