{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #11
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
[CENTER]الزميل نبيل شكرا للمتابعة والتفاعل وآمل أن تنجح هذه المحاضرات برسم صورة مكتملة ومبسطة للمادية بشقيها الجدلية والتاريخية.
تقبل تحياتي
10-28-2006, 03:47 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #12
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
[CENTER]قوانين المادية الجدلية (الديالكتيك)(*)
Dialectical Materialism {Diamat} Laws

[/CENTER]




قلنا سابقا أن المادية الجدلية {Diamat} هي ذلك العلم الفلسفي الذي ينطلق من أولوية المادة مستخدما قوانين الجدل المادي لفهم الوجود وتطوره ، إذن فالمادية الجدلية تعتمد على جملة من القوانين الناظمة التي تمثل أداة التحليل في هذه الفلسفة.

بداية لنتعرف على مفهوم القانون ؛ القانون (LAW) : علاقة سببية تحكم متغيرين أو أكثر ، تقرر أنه بوقوع السبب تقع النتيجة . مثلا ظاهرة أو قانون غليان الماء : يصبح الماء في حالة الغليان على درجة حرارة 100 مئوي ، هذا معناه أنه إذا وقع الشرط وهو وصول درجة الحرارة إلى 100 درجة مئوية فإن الماء بالضرورة سيكون في حالة الغليان.

نلاحظ ان القانون يتسم بالثبات وبالإضطراد واستمرار حدوثه أي التكرار ، وإلا فإنه ليس قانونا ، بناء عليه إذا لم يصل الماء في كل الاحوال إلى الغليان على درجة حرارة 100 مئوي فهذا معناه أن هذه الفرضية :"الماء يغلي على درجة حرارة 100 مئوي" ليست قانونا .

من الجدير بالذكر والإهتمام والإنتباه أنه لا سبيل لوصف شيء بأنه علم إن لم يكن مبني على قوانين معينة قابلة للإثبات ، وتبعا للقوانين ودرجة دقتها تكون درجة دقة العلم الذي هي موضوع له ، وتعتمد درجة دقة القانون على إمكانية عزل الظواهر موضوعة القياس فيه وكلما كان بالإمكان عزل الظواهر موضوعة البحث كلما كانت القوانين المكتشفة أدق وأسلم والعكس بالعكس (*)، نجد مثلا القوانين الكيميائية من أدق القوانين العلمية على الإطلاق حيث يتسنى للباحث أن يعزل موضوع دراسته من مواد في تفالاعته مما يعطيه نتائج يقينية تماما ، إلا أن هناك الكثير من العلوم التي لا يتسنى فيها عزل الظواهر موضوعة الدراسة والخروج بعلاقات قانونية دقيقة مئة في المئة ؛ مثلا في علم الأدوية لو أردنا إثبات أثر دواء معين على عضو من أعضاء الجسم كالبنكرياس مثلا فإننا لا نستطيع عزل بنكرياس الإنسان عن بقية المؤثرات وقياس أثر دواء معين أو مادة معينة عليه ، لهذا فإن نسبة الدقة التي تخرج باستعمال التجربة وعلم الإحصاء يستحيل أن تصل إلى مئة في المئة وفي العادة إن كانت النتائج أعلى من نسبة معينة نعتبر أننا حصلنا على نتيجة علمية أو علاقة قانونية تبعا لكل حقل من الحقول.

في حالة دراسة التاريخ والعلوم الإجتماعية تصبح المسالة أعقد لأن القوانين التي نصل إليها نصل إليها في مجتمع بشري تمثل العناصر الداخلة في عملية التأثير في العنصر الذي نقيس له عدد لا متناهي مما يجعل حصر الظاهرة موضوعة القياس والإختبار أمر في منتهى التعقيد، كذلك فإن القوانين والعلاقات الناتجة أيضا أقل دقة وعرضة للتبدل الدائم وإعادة التقييم .

لا بد أن نعي هذا جيدا حتى نتمكن فيما بعد من نقد المادية التاريخية في ضوء وعينا لهذه الحقيقة ومعرفتنا للظروف الموضوعية التي في ظلها نتجت قراءة ماركس المادية للتاريخ* .

بناء على ما تقدم من الممكن أن نقسم القوانين إلى ثلاثة مجموعات هي:

أ القوانين الجزئية (Micro Laws) وهي مجموعة القوانين التي تختص بدراسة الجزء الأصغر في العلم الذي نحن بصدده ؛ مثلا في الكيمياء العنصر أو الذرة أو حتلى الجزيئ أو الإلكترون وما يجري عليها ويتصل بها من خواص وعلاقات ، في الإقتصاد الوحدة الإقتصادية الأصغر الفرد مثلا أو المشروع الإقتصادي الخاص أو الشركة.

ب- القوانين العلمية العامة(General Scientific laws)).

ج- القوانين الكلية (Macro laws) : وهي القوانين الكلية الناظمة للوجود وتطوره كوحدة متكاملة بالتالي هذه القوانين تنطبق على الوجود بكليته مثل قانون الزمن.

المادية الجدلية {Diamat} كفلسفة علمية تستند إلى ثلاثة قوانين أساسية هي:


[CENTER]أولا :
قانون وحدة وصراع الأضداد.

ثانيا :
قانون التراكمات الكمية تؤدي إلى تغير نوعي عند بلوغها الحد المعياري اللازم لحدوثه.

ثالثا:
قانون نفي النفي.
[/CENTER]

[CENTER](5-1) قانون وحدة وصراع الأضداد

مضمون قانون وحدة وصراع الأضداد بإختصار وتكثيف شديد هو أنه لا توجد في الوجود ظاهرة إلا وتحمل في داخلها بذرة فنائها ، إن أضداد الظاهرة تتواجد معها في داخلها وتنبع من من ذاتها ، فالتناقضات دوما تعيش معا والأصل في الطبائع التضاد الداخلي ، لذلك فإن النقائض تعيش معا .

عندما نقول الشيء يحمل في داخله بذرة فنائه ، نعنيه من حيث هو حقيقة ملموسة يعيها الإنسان ، نرى هذا في الشواهد الموجودة لا يوجد في وجودنا المادي شيء يبقى إلا ما لا نهاية كما هو فمهما استغرق فناؤه تبدله او تغيره من زمن لا يمكن أن يبقى على حالة واحدة إلى ما لا نهاية الأشياء موجودة في الطبيعة في حالة تضاد وتناقض داخلي هذا التناقض هو محفزها للتغيير.

يقول إنجلز:


[QUOTE]طبيعة كلها من اصغر الاشياء إلى اكبرها، من حبة الرمل إلى الشمس، من البروتيستا إلى الانسان، هي في حالة دائمة من النشوء والزوال، في حالة تغير متواصل، في حالة حركة وتغير لا يتوقفان.(1

مثال إجتماعي :

مثال آخر:
داخل الجسم السياسي لأي مجتمع تيارات تتصارع هناك يمين رأسمالي وهناك يسار اشتراكي هناك حركة محافظة دينية وهناك حركات أخرى وكذلك نظم أو نخب حاكمة تبعا لطبيعة المجتمع الداخلية هذه الحركات السياسية معا تشكل وحدة واحدة وهي في حالة صراع هذا الصراع بينها هو محرك التغير الذي يطرأ على المنظومة السياسية لهذا المجتمع.

النتيجة الأكيدة ان أنتفاء هذه الطبيعة عن الظواهر معناه أنها فقدت حالة الصراع الداخلي أو سقط التضاد الداخلي وصارت منسجمة وبالتالي فإنها كنتيجة ستتوقف عن التطور وتأخذ شكلا ثابتا لا يتغير لإنتفاء تضادها الداخلي ، التاريخ يشير دوما إلى أنه طالما استمر الوجود البشري فحالة التضاد الداخلي الذي هو طبيعة الأشياء والوجود مستمر ودافع باستمرار إلى التطور بشكل لا نهائي.

قانون وحدة وصراع الأضداد يمكن ان نلمحه في كل مظاهر حياتنا بشكل عام ، في علاقتنا مع أسرنا في علاقتنا مع أي ظاهرة جمعية نعيشها حتى في داخل انفسنا وتفكيرنا.

قد يفهم من الصراع للوهلة الأولى الذي تتواجد فيه الأضداد أنه حالة متشنجة ، في الواقع الصراع الذي تتواجد فيه الأضداد يأخذ عدة مستويات ودرجات من الصراع ، تجد مثلا على مستوى التعبير السياسي المعارض هناك مستوى الرفض والحديث بسرية متناهية أو في الصحف او الاحزاب وهناك مستوى الثورة أيضا أو مستوى العنف الدموي ، لهذا قد يكون الصراع تناحريا كالصراع بين الوطنيين والإستعمار ، و الماء والنار ، والحب والبغض ، الديموقراطية والديكتاتورية، الحار والبارد........الخ
وهناك صراع غير تناحري: الرجل والمرأة ، و الأب والإبن ، الصيف والشتاء ........الخ
إذن الصراع الذي يحاول فيه ضد إلغاء الآخر هو صراع تناحري أما الصراع الذي لا يلغي فيه ضد الآخر فهو صراع غير تناحري.
وقد تمر الأضداد بمراحل فتنتقل من الصراع غير التناحري إلى الصراع التناحري مثلا صراع الاحزاب مع الملكية قد يمر من الصراع غير التناحري الذي تبحث فيه الاحزاب عن دور ومشاركة سياسية ومستوى من التطبيق الديموقراطي إلى الصراع التناحري عندما تعلن الثورة على النظام الملكي لتحويله إلى نظام جمهوري مثلا.

لا يمكننا بطبيعة الحال أن نفهم قانون وحدة وصراع الأضداد ؛ أهميته وفعاليته ودوره بشكل صحيح ، إلا عندما نتعرف على بقية قوانين المادية الجدلية مما يمكننا من وضعه وفهمه في مكانه الصحيح.

هذا الفهم لطبيعة الأشياء المستمد من فهم طبيعة الوجود المادي على اسس علمية

مثال آخر:
نراه في حالة اجتماعية من إنحطاط الخلق العام لدى الناس تفشي الفساد والرشوة والدعارة .........الخ محلل مثالي قد يجيب السبب هو في التربية السيئة أو في البعد عن الدين رغم أن هذه الأسباب هي ذاتها نتائجا قبل أن تكون أسباب أما المحلل المادي الديالكتيكي فيجيب السبب تدني مستوى دخل الفرد وحدة التفاوت الطبقي وانعدام فرص العمل والنمو الإقتصادي!

كتب ستالين في كراسه حول المادية الديالكتيكية : [/SIZE][QUOTE]ان المعالم الاساسية للاسلوب الديالكتيكي الماركسي هي كما يلي:

أ) على العكس من الميتافيزيق، لا يعتبر الديالكتيك الطبيعة تراكما عرضيا من الاشياء، أو الظواهر، لا ترتبط احداها بالاخرى، أو منعزلة ومستقلة احداها عن الاخرى، بل يعتبرها كيانا كليا مرتبطا ارتباطا لا ينفصم تكون فيه الاشياء والظواهر مرتبطة ارتباطا عضويا وتعتمد احداها على الاخرى وتقرر احداها الاخرى. (2

بهذا تقرر المادية وحدة الأضداد معا من وحي الوجود المادي الطبيعي.

ثم يضيف :

[QUOTE]ب) وعليه فان الاسلوب الديالكتيكي يعتبر انه لا يمكن فهم اية ظاهرة طبيعية اذا اخذت بذاتها، منعزلة عن الظواهر المحيطة بها، إلى حد ان اية ظاهرة في اي مجال من الطبيعة قد تصبح عديمة المعنى لنا اذا لم تدرس بالترابط مع الظروف المحيطة بها، بل بالانفصال عنها، وانه على العكس من ذلك يمكن تفهم اية ظاهرة وتوضيحها اذا درست في ارتباطها الذي لا تنفصم عراه مع الظواهر المحيطة بها، كظاهرة تقررها الظروف والظواهر المحيطة بها. (3

وهذا ينسجم مع ما سبق وذكرناه من أن الظواهر لا يجب أن تدرس معزولة عن ما حولها وداخل معها في تركيب الوحدة الكونية ، إن الظاهرة المفردة يستحيل عزلها عن المحيط وإن جاز هذا العزل فهو من قبيل التجزيء في البحث أما إغفال عضوية العلاقة بالعالم المادي المحيط فسيؤدي حتما إلى نتائج مغلوطة للتحليل ، هل يمكن مثلا أن ندرس الإنسان بمعزل عن الغذاء؟

يواصل ستالين في كراسه:

[QUOTE]ج) على العكس من الميتافيزيق، يعتبر الديالكتيك ان الطبيعة ليست في حالة سكون وعدم حركة وجمود وعدم تغير، بل في حالة حركة دائمة وتغير مستمر، حالة تجدد وتطور مستمرين، حيث ينشأ شيء ما جديد ومتطور على الدوام وشيء متفسخ وزائل على الدوام.
وعليه فان الاسلوب الديالكتيكي يتطلب دراسة الظواهر ليس فقط من وجهة نظر علاقاتها المتبادلة واعتماد بعضها على البعض، بل كذلك من وجهة نظر حركتها وتغيرها وتطورها، من وجهة نظر نشوئها وزوالها. (4
وهذا تقرير لكون الأشياء دائما في حالة وحدة وتضاد في آن معا ولولا هذا التضاد كما سبق وبينا لما حصل التطور ، التطور لا يات من عدم وفكرته لا تولد من فراغ لولا التضاد هذا لما حصل التطور فالسكون عدو التغيير والتغيير هو نتيجة للتضاد الجدلي الذي هو بناء الأشياء.

سأتوسع لاحقا في بيان بطلان الفروض المثالية التي تجعل من التغيير إسقاط فكري على واقع مادي .
نكتفي بهذا القدر حول قانون وحدة وصراع الأضداد الذي نراه كافيا كتقديم تعريفي به، وإلى الحلقة القادمة حول قانون التغيرات الكمية تؤدي لتغير نوعي عند بلوغها المعيار اللازم لحدوثه.


[CENTER](يتبع)
[/CENTER]

(*)مصطلح المادية الجدلية dialectical materialism لم يستخدم من قبل ماركس أول من استعمل المصطلح هو جوزيف ديتزغن dialectical materialism الذي كان على اتصال بكارل ماركس ونقله إلى الإشتراكية الروسية جورجي بيخانوف Georgi Plekhanov بينما استخدم انجلز مصطلح materialist dialectic أي الجدل المادي وليس المادية الجدلية في كتابه : جدل الطبيعة Dialectics of Nature الذي اصدره بعد وفات ماركس عام 1883 . للمزيد راجع كتابات بليخانوف

(*) لهذا نلاحظ انه بتقدم فروع المعرفة والعلوم يزداد التخصص أكثر ، أي أن الجزء الذي يختص بدراسته الإنسان أكاديميا يزداد صغرا ، مثلا بعد ان كانت كلية القانون والإقتصاد معا في لية واحدة أصبح اليوم هناك مئات الأقسام العلمية المتفرعة منها يكفي ان نشير إلى وجود أكثر من مئة تخصص في علم الإدارة وحده.

(*) سنفرد بحثا مستقلا لنقد المادية التاريخية في وقت لاحق.

(*) مندل، جريجور يوهان(Gregore Johann Mendel) عالم نمساوي الأصل يعتبر مؤسس علم الوراثة.

(1) إنجلز، فردريك، ديالكتيك الطبيعة Dialectics of Nature

(2)ستالين، جوزيف ، (1938)، كراس المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية ، إصدارات دار التقدم.

(3) نفس المصدر

(4) نفس المصدر
10-28-2006, 04:14 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #13
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة

قلنا أن جوهر الديالكتيك أو الجدل هو قانونه الاول وحدة وصراع الأضداد ؛ ذلك أن الظواهر كما بينا تشتمل على حالة من الصراع بين الأشياء ونقائضها المختلفة ، أن هذا الصراع قد يأخذ شكل لا تناحري أو يصل إلى مستوى التناحر حين يحاول ضد إلغاء الآخر بالقوة وتماما .

السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يحصل التطور الآن؟ كيف تتفاعل هذه الأضداد؟
هل التغير طفرة؟ تأتي هكذا صدفة؟ أم طفرة لها ما يبررها؟

في الواقع المادي لو كانت الحالة حالة استقرار لا صراع أضداد لكان التغيير مجرد طفرة غير مبررة ، شيء ينتج عن لاشيء هو شيء غير منطقي وغير مبرر فشجرة التفاح لو طرحت موزا مثلا لكانت هذه معجزة أليس كذلك؟
لماذا معجزة لأنها تخالف ما نسميه بالتفسير البسيط بالمنطق، لكن ما هو هذا الذي نسميه منطق؟
لقد استقينا هذا المنطق من قوانين الطبيعة من مشاهداتنا وما علمتنا إياه العلوم والمعارف المادية إننا حتى لو كنا في قمة التسليم المثالي فلن نتقبل رؤية انسان يطير امامنا كحدث طبيعي ومنطقي ، لن نستطيع أن لا نندهش ونحاول ان نفسر ما نراه كيف ولماذا حدث!



لا يمكن أن تحدث التحولات الكيفية في الطبيعة، بصورة واضحة في كل حالة معينة، الا بإضافة كمية من المادة أو الحركة أو ازالتها أو من الطاقة كما يقولون. (1)



لو زرعنا بذرة التفاح في البيئة الملائمة فتطورت إلى شجرة ثم طرحت تفاحا لما شكل هذا بالنسبة لنا شيء غير منطقي .
إننا قادرون بالوسائل المتاحة لنا معرفيا على ما نسميه تفسير تغير الظواهر ، العلم يقوم اساسا على المشاهدة والقياس ، فنحن نعلم أن الماء لا يتبخر إلا على درجة حرارة 100 مئوي ، علمتنا العلوم الطبيعية أن التغيرات لا تخضع للتفاسير المثالية بل لقوانين مادية بحتة ، فالمطر لا يهطل إلا إذا تحققت الشروط الموضوعية لهطول المطر ، ما هي هذه الشروط الموضوعية؟

هذه هي تماما التغيرات الكمية التي تؤدي لتغيير نوعي في الطبيعة عند بلوغها للمعيار اللازم لحدوث التغيير.

تراكم الامور مع بقاء الحالة على ما هي عليه هو تغير كمي ؛ مثلا في حالة الغيمة المتشكلة من البخار تظل التغيرات الكمية تتراكم أي تستمر الأبخرة بالتصاعد والتجمع في الغيم ولا يحدث التغير النوعي إلا عندما تتراكم هذه المتغيرات الكمية للحد اللازم لحدوث تغير نوعي أي للحد اللازم من اشباع الغيمة بالابخرة لهطول المطر.

وقس على ذلك فنمو الطفل تغيير كمي بينما بلوغه تغير نوعي فإذا حدثت في جسم الطفل التغيرات النوعية وتراكمت فلا بد أن يحصل هذا التغيير النوعي أي أن يبلغ عندما تصل تغيرات جسمه الفسيولوجية التي تراكمت المستوى الذي يصبح معه بلوغه حقيقة مؤكدة .

يمكن أن نعيد صياغة هذا بطريقة أخرى فنقول إن تراكمت التغيرات الكمية الضرورية لحدوث التغيير النوعي فإن حدوثه يصبح أمرا حتميا .

إرتفاع درجة حرارة الماء هو تغيير كمي فالماء طوال عملية ارتفاع درجة حرارته يتعرض لتغيير كمي هو الارتفاع التدريجي في حرارته لكن هذا يظل تغيير كمي لماذا تغير كمي ؟ لأن الماء لازال في الحالة السائلة ، أما عند بلوغ الماء لدرجة حرارة 100 مئوي فالماء الآن بدأ التغيير النوعي لأنه بدأ يتبخر وهو حتما سيتبخر عند هذه الدرجة .

إذن في هذه الحالة أمامنا التعريفات التالية:
التغيير الكمي : ارتفاع درجة حرارة الماء ، نظل نصف التغير بأنه كمي طالما لم يحدث تغير في حالة المادة.
التغير النوعي او الكيفي: تحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية تبخر الماء.
المعيار اللازم لحدوث التغيير: هو درجة حرارة 100 مئوي أو صفر مئوي للماء وهو الحد او المعيار الذي يصبح عنده تغير نوع الماء مسألة حتمية إلى بخار أو ثلج.
حتمية التحول :وهي منطوق القانون أي أن تحول الماء من سائل إلى بخار على درجة حرارة مئة مئوي هو أمر حتمي.

مع انجلز في تفسير الطبيعة نجد :


في الفيزياء ... يشكل كل تغير تحولا من الكمية إلى الكيفية، نتيجة لتغير كمي من شكل معين من الحركة، اما ان تكون كامنة في الجسم، أو موجهة له. فعلى سبيل المثال، ان درجة حرارة الماء ليس لها في البداية تأثير على الحالة السائلة، ولكن حين ترتفع درجة حرارة الماء السائل أو تنخفض، تحل لحظة حيث تتغير هذه الحالة من التماسك وينقلب الماء إلى بخار في الحالة الاولى والى ثلج في الحالة الثانية ... يلزم حد ادنى من التيار ليجعل سلك البلاتينيوم يتوهج. كل معدن له درجة حرارة انصهار، كل سائل له درجة حرارة انجماد ودرجة غليان معينة تحت ضغط جوي معين، وبقدر ما نستطيع بالوسائل المتوفرة تحت تصرفنا بلوغ درجات الحرارة المطلوبة. واخيرا، كل غاز له النقطة الحرجة التي عندها، تحت الضغط والتبريد المناسب، يمكن تحويله إلى حالة السيولة. ان ما يعرف بالدرجات الثابتة في الفيزياء (الدرجة التي تتحول بها حالة معينة إلى حالة اخرى) هي في اغلب الاحيان تعبير عن النقاط العقدية التي يؤدي (التغيير) الكمي فيها، زيادة أو نقصان الحركة إلى تغير كيفي في حالة الجسم المعين، تتحول نتيجة لها الكمية إلى كيفية......................يمكن تسمية الكيمياء علم التغيرات الكيفية التي تحدث في الاجسام نتيجة لتغيرات التركيب الكمي. كان هذا معلوما لدى هيغل ... خذوا مثلا الاكسيجين، اذا احتوت الجزيئة على ثلاث ذرات بدلا من ذرتين في الجزيئة الاعتيادية، نحصل على الاوزون وهو جسم متميز جدا في الرائحة والتفاعل عن الاكسيجين العادي. وماذا يمكن القول عن الخواص المختلفة التي يتحذ فيها الاكسيجين مع النيتروجين أو الكبريت وكل مركب منها يشكل جسما مختلفا كيفيا عن الاجسام الاخرى؟.(2)



يرد انجلز على اعتباطية التفكير الطفري عند دوهرينغ يقول :


هذا هو بالضبط خط قياس العلاقات الهيغلية الحرجة التي فيها، في نقاط حرجة معينة، تؤدي الزيادة أو النقصان الكمي البحت إلى طفرة كيفية، فمثلا، في حالة الماء الذي يسخن أو يبرد، حيث تشكل نقطة الغليان ونقطة الانجماد النقطتاه اللتان فيها، تحت ضغط جوي اعتيادي، الطفرة إلى حالة تكتلية جديدة، والتي فيها نتيجة لذلك تتحول الكمية إلى كيفية. (3)



كيف يمكن أن نميز التغير النوعي عن التغير الكمي ، فلا شك ومن واقع رؤيتنا للمادة أن حالة التغير هي مسلمة علمية الاشياء في حالة تغير مستمر لكن كيف نميز بين التغير الكمي والتغير النوعي ؟
معيار التميز بين التغيرات الكمية والكيفية في الواقع هو أن التغير الكمي هو تغير مستمر أي يتسم بالاستمرارية ولا ينقطع إلا بحدوث التغير النوعي أو الكيفي نمو الجنين في بطن امه هو تغير كمي يتراكم لكن ولادته هي تغير نوعي كيفي فقد تحول من جنين إلى طفل مولود، إن التغير النوعي أو الكيفي هو تغير طفري يحدث كطفرة مباغتة مفاجئة تؤدي تماما إلى تغير جذري في النوع والتغير الكيفي أو النوعي أيضا ليس فعلا مستمرا بل يحدث مرة واحدة دفعة واحدة عند بلوغ التراكمات الكمية للمعيار الضروري أو شرط حدوث هذه الطفرة ، أو عندما يصبح حدوث هذه الطفرة حتميا ، يقول ستالين:


لا تعتبر الجدلية، على عكس الميتافيزيقا، عملية النمو على أنها مجرد عملية نماء لا تؤدي بها التحولات الكمية إلى تحولات كيفية بل على أنها عملية نمو ينتقل من التحولات الكمية الضئيلة الكامنة إلى تحولات ظاهرة أساسية هي التحولات الكيفية. وليست هذه التحولات الكيفية تدريجية بل هي تحولات سريعة مباغتة، تحدث بواسطة قفزات من حالة لأخرى. وليست هذه التحولات عارضة بل هي ضرورية لأنها ثمرة تحولات كمية تدريجية لا نشعر بها. (4)



مثال إجتماعي :

الثورة ؛ انتقال الشعب من التفاعل السياسي الطبيعي إلى حالة الثورة هو تغيير كيفي ، نحن هنا أمام تحول طفري لا يأتي هذا التحول الطفري من فراغ ، بل لقد تراكمت تغيرات كمية كثيرة اسهمت في تأجيج غضب الشعب وصولا إلى الحد الذي تحول في الشعب من حالة الهدوء النسبي أو اللاثورة إلى حالة الثورة فالثورة هي التغير الكيفي الطفري الذي حدث هنا عندما بلغت التراكمات الكمية التي هي عملية اغضاب الشعب وشعوره بالظلم و....الخ ، إننا نمارس نوعا من التحليل الديالكتيكي عندما نرى أن البيئة الشعبية استعدت للتحول النوعي الكيفي ، نحن نتوقع ثورة نتوقع حدوث تلك الطفرة نقول مثلا بهذه الجريمة الثورة حتما ستحدث ، إننا هنا نرى أن التراكمات الكمية قد بلغة الذروة لقد بلغت المعيار وفق رؤيتنا فتوقعنا حدوث الطفرة الثورة حتما ستحصل.(*)

كما نلاحظ سواء من تلحيلنا للظواهر الطبيعية أو الظواهر الإجتماعية الطفرة تأتي نتيجة بلوغ معيار ، أو نتيجة توفر الشرط الموضوعي لحصولها ، لكن هذا المعيار لا يتم بلوغه بغتة بل يتم حدوث الطفرة بغتة وهناك فارق بين بلوغ الطفرة بحيث تصبح حتمية وبين حدوث الطفرة عملية بلوغها يحتاج تراكم تدريجي بينما حدوثها هو حدث مفاجئ سريع، فالمادة مثلا لا بد ان تتعرض لتغير نوعي يتراكم ويتراكم إلى أن يبلغ المعيار اللازم لحدوث الطفرة أي التغير النوعي او الكيفي ، فالماء مثلا لا يبلغ درجة حرارة الغليان هكذا فجأة لا بد أن ترتفع درجة حرارته تدريجيا ، مهم جدا أن ننتبه لتراكم التغير الكمي.

لماذا تأخذ التغيرات هذه الطبيعة ؟

هذا سؤال هام واجابته تعيدنا مرة أخرى لطبيعة صراع الأضداد ، بمعنى أن هناك من يقاوم التغير على حالة المادة ، هذا الذي يقاوم هو الحالة السائدة التي تصارعها أضدادها والأضداد نوعان أضداد تدفع بالاتجاه الإيجابي للتغير(وهو التبخر في مثالنا) وأضداد تدفع بالاتجاه السلبي للتغير ، مثلا قلنا أن الماء وهو يتعرض لارتفاع الحرارة هو في حالة السيولة، فالسيولة هنا هي الحالة السائدة ، هناك ضد يرفع درجة الحرارة جزيئات المادة تبدأ بالحركة تحت تأثير الحرارة تريد أن تنطلق بخارا لكن المادة تقاوم التغير تحافظ على شكلها السائد السيولة وقد يكون هناك ضد سلبي مثل درجة حرارة الجو نفسه لنفرض أن درجة حرارة الجو هي صفر مئوي إن هذه الحرارة ضد سلبي في حالتنا يشد المادة نحو التجمد لا التبخر ولا السيولة ما الذي سيحدث للمادة بالضبط هنا؟

ما سيحدث هو صراع جدلي بين هذه الأضداد طالما حافظت المادة وهي الماء هنا على حرارتها بين المؤثرات فوق صفر وتحت 100 مئوي ستبقى في حالة السيولة لو تراكم التغير بأحد الاتجاهين بحيث نجح في إيصال المادة إلى حد المعياري اللازم فحتما سيحصل التغير النوعي او الكيفي ستحدث الطفرة ؛ لو تراكم ارتفاع درجة حرارة الماء حتى بلغ 100 درجة حتما سيتبخر الماء بالغليان ، ولو كان مؤثر التبريد أشد أي كان أقوى من مقاومة حالة المادة الأصلية السائدة وأقوى من المؤثر الرافع للحرارة بحيث نجح في مراكمة انخفاض درجة حرارة المادة لتصل إلى درجة 0 مئوي فالماء حتما سيتحول إلى ثلج.

لماذا التراكم إذن ؟ التراكم لإن صراع الأضداد ووجودها معا يجعل واحدها يقاوم الآخر وبالتالي فإن دفع ضد ما للتغير يأتي كعملية تراكم تدريجي إلى أن يصل الأمر للمعيار وبالتالي فإن التغير يصبح حتمي وتتحول المادة لشكل جديد.

في مثالنا الاجتماعي وتحت حالة استعمارية نجد هناك الحالة المهيمنة السائدة هي الاستعمار والقوى المحلية المتحالفة معه ، هناك قوى كلاسيكية رجعية تود العودة لنظام ملكي مثلا قبل الاستعمار وهناك قوى أخرى تقدمية تريد الإستقلال وتكوين الدولة الوطنية الجمهورية مثلا ، هذه القوى معا أضداد تتواجد في حالة من الصراع ، الإستعمار والقوى المتحالفة معه حالة سائدة تريد أن تحافظ على ما هو قائم ، والقوى الرجعية الملكية تريد إعادة الحالة لما كانت عليه قبل الاستعمار ، والقوى التقدمية تريد استقلالا في دولة عصرية ، النقيضين يتصارعان مع الحالة السائدة لتغيرها والكل يريد ان يراكم تغيرات كمية من أجل تحقيق تغير نوعي في الحالة السائدة تغيرها طفريا إلى شكل جديد ، تظل القوى التقدمية مثلا في حالة نضال تخلق وعيا وتحفز الجماهير وتواصل العمل النضالي خالقة حالة من التراكم الكمي باتجاه بلوغ المعيار تكثف من هذا التغير الكمي إلى أن يصل الأمر لحد ثوري معين لا يعود الاستعمار قادرا على الاستمرار معه في الحفاظ على ما هو سائد وبالتالي يحدث التغير الكيفي النوعي ويحصل الاستقلال ، لكن يظل السؤال الملح علينا هنا:

هل التغير الناتج هذا الوليد الجديد الحالة السائدة الجديدة هي تماما إرادة الضد الذي دفع باتجاه التراكم؟ هذا سؤال سيجيبنا عليه القانون الثالث للجدل المادي قانون نفي النفي.


(يتبع)

-------------------------------------------------------

(1)انجلز، فردريك ، ديالكتيك الطبيعة، ص 70.
(2)انجلز، فردريك ، ديالكتيك الطبيعة.
(3) انجلز، فردريك ، ضد دوهرينغ.
(4) ستالين، جزيف، المادية الجدلية والمادية التاريخية، ص 5.
(*) أرجو الانتباه لتحديد المصطلحات في سياقها ؛ لدينا ما سنعود إليه بشرح أوفى لذا لا بد ان ننتبه إلى مقاصد المصطلحات الأساسية : مادة ، وعي ، أضداد ، صراع أضداد ، صراع تناحري ، صراع لا تناحري ، تغير كمي ، تغير نوعي أو كيفي ، معيار ن بلوغ المعيار ، حدوث الطفرة ، حتمية التغير.
10-31-2006, 12:01 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #14
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة

[CENTER] (7) قوانين المادية الجدلية .....(3) قانون نفي النفي

The Negation of the Negation



استذكار ومراجعة :

ذكرنا فيما سبق أن المادية الديالكتيكية تنطلق من أن جوهر التطور نابع من قانون وحدة و صراع الاضداد

ان التطور هو صراع الاضداد(1)


وبينا مضمون القانون الثاني حيث أن صراع الاضداد وهي في حالة الوحدة يؤدي لتغيرات كمية مع استمرار الحالة المهيمنة طالما إلى أن تتراكم هذه التغيرات هذه التغيرات الكمية لتبلغ حد المعيار اللازم لحدوث التغير النوعي ، وأن هذه التغير النوعي الناجم عن بلوغ التغيرات الكمية المتراكمة لحد المعيار يحدث على شكل طفرة مفاجئة ، لكن ما لم يتوضح معنا حتى الآن هو كيف يكون شكل النتيجة ؛ أي كيف يكون شكل الظاهرة أو المادة بعد حدوث التغير النوعي كيف يتحدد هذا الشكل؟
إن التطور كحركة ليس حركة صاعدة رأسيا بشكل خطي ، هذا يجعل قراءة النماذج التطورية مسألة معقدة وهو تماما ما كان يجعل القدرة على قراءة التطور نفسه مسألة غير ممكنة لأن هذا التطور لا يأخذ شكل الحتميات المتسلسلة البسيطة بل المعقدة التركيب ، فإنجاز كل خطوة نحو الامام يتخلله أحيانا كثيرة خطوات جزئية معاكسة لا تجعل النمط المدروس قابل للخضوع لرؤية تطورية حتمية متسلسلة وبسيطة.
إن الأضداد التي هي محتوى الظاهرة تتواجد داخل الظاهرة بشكل معين ، إن الظاهرة هي الشكل الذي تتموضع فيه الاضداد بكيفية معينة، ما معنى هذا؟
معناه أن هذه الكيفية التي تتواجد فيها الأضداد معا هي التي تحدد شكل الظاهرة ، لننتبه \"الكيفية\" التي تتواجد فيها الأضداد معا ، نظريا نقول إذن ما يلي:
الظاهرة : هي مجموعة أضداد تتواجد معا بشكل معين يعطي الظاهرة معناها.
المدرسة هي عبارة عن مبان مقسمة لصفوف وإدارة فيها مواد تعليمية وتلاميذ وكنتين ومدرسين ولها مواعيد عمل ومواقيت للحصص............الخ هذه العناصر معا تتركب لتكون ظاهرة هي المدرسة .

ماذا لو تغير تركيب الأضداد الكونة للظاهرة أي ظاهرة ، إنها أشبه بأحجيات تراكيب الجزيئات الكيميائية H2O جزيء ماء لكنه ليس H3O ولا HO وهو أيضا ليس H2+Oولا H+H+O
جزيء الماء هو تماما H2O

قد نسأل وهنا يجب أن نسأل كيف ولماذا يتغيرمادام تركيب الظاهرة ثابت؟

سؤال منطقي وفي مكانه هذه الظاهرة الجزئية بدورها هي اضداد أيضا في تركيب ظواهر أكبر فجزيء الماء مثلا يدخل في كل شيء تقريبا ما من ظاهرة من جسم الانسان للماء ......الخ إلا وتجد فيها جزيء الماء. الوجود كله هو أكبر ظاهرة ثم نستطيع أن نواصل تتبع سلاسل الظواهر بدون توقف ، لكن ما نلحظه من دراستنا لهذه الظاهرة كليا وجزئيا أنها ليست ثابتة ليست في حالة سكون ، هذا ما هدى الانسان للتتبع القوانين واشتقاقها لأنه يريد فهم حركة وصيرورة المادة، لقد فهم الانسان إذن أن الظواهر الأصل فيها اللاسكون الحركة الدائمة ثم اكتشف أن هذه الحركة الدائمة ليست اعتباطا بل هي نتاج صراع داخلي لأضداد فبدأ عملية اكتشاف قوانين هذا الصراع على مستويات المادة المختلفة .

النتيجة تراكم المعارف الانسانية ، تراكم العلوم بالذات وعلى وجه الخصوص ، إلا أنه كان لدينا حصيلة علمية ضخمة من القوانين تفسر جزئيات الظواهر وصيرورتها ، أما في دراسة الظواهر الكلية المجتمع والتاريخ بقيت نظرية المعرفة تخضع التفاسير الفلسفية أو الدينية المنفصلة عن حركة العلوم.
من هنا تنبع أهمية المادية الجدلية إنها محاولة علمنة فهم الوجود وبالذات المجتمع وحركة التاريخ.
لاحظنا قانون وحدة وصراع الأضداد ، قانون يعمل في كل الظواهر إن حركة الظواهر هذه لا تفسر إلا بفهمنا لمكونات الظاهرة اي الأضداد الداخلة في التركيب ومن ثم فهمنا الجيد للكيفية التي تترتب بها الظواهر لتكون الظاهرة في هذا الشكل وبالتالي نستطيع أن نحدد التغيرات الكمية ومن ملاحظتنا لأن هذه التغيرات الكمية تتراكم تبعا لقوة الصراع وطبيعة الظاهرة عرفنا بأنها تنتج تحول كيفي – نوعي عند حد معين ، أي أن الظاهرة كلها تأخذ شكلا جديدا تماما تعود الأضداد لتتركب فيها بكيفيات جديدة وبالتالي فالظاهرة تأخذ شكلا جديدا فالغاز ليس هو الماء والماء ليس هو الجليد .

تبقى إذن حركة تطور الظاهرة ، ما المقصود بحركة تطور الظاهرة؟
هذا تماما ما يبين عنه قانون نفي النفي.


(3) قانون نفي النفي


يفيدنا قانون نفي النفي أولا بأن حركة التطور ليست حركة خطية بل حركة لولبية وإن كانت هذه الحركة اللولبية لها محور رأسي يتجه للأمام وأعلى دوما في سلم التطور


إن تصور حركة التطور الصحيح ليس كحركة خطية وإنما كحركة لوبية ؛ حيث الظاهرة في حركتها تعود إلى النقطة التي انطلقت منها لكن في مستوى أعلى(2)



من أين يأتي القول بالحركة اللولبية للتطور الظواهري؟

إن حركة التطور هي عبارة عن سلسلة تناقضات (series of contradictions)حيث يتم تجاوز المراحل إلى مراحل جديدة لكن المراحل مثل الحلقات تتداخل إن فصل كل حلقة على حدا مسألة شبه مستحيلة!
إن باستطاعتنا تميز الحلقة من خلال ذلك التركيب الذي تهيمن عليه تشكيلة معينة لكننا لا نسطيع الزعم أن الحلقة مستقلة تماما لا عن الحلقة التي تسبقها في السلسلة ولا عن الحلقة التي تليها ، مع ذلك هذا لا يمنع أنها هي حلقة لوحدها.

إننا لو ركزنا انتبهنا على إحدا الحلقات نجدها متداخلة مع حلقة سابقة وحلقة لاحقة ، هذا تماما هو شكل الظاهرة وهي تحوي في رحمها نقائضها ، من الصعب أن يتضح هذا أمامنا إذن ولو أردنا القياس على مثال عملي إجتماعي أخذنا أي تشكيلة إجتماعية إقتصادية الإقطاع كمثال:

في الحالة الإقطاعية النموذج السائد في الظاهرة الإجتماعية هو نموذج الإنتاج الإقطاعي طبقة أرستقراطية صغيرة مالكة للأرض الزراعية التي هي عصب عملية الانتاج مزارعين أقنان يمثلون الاغلبية لكن هناك أيضا عبيد من مخلفات مرحلة أسبق وهناك نشاط تجاري يتبرعم وبداية لصناعة المنيفاتورة لكن هذا لا يمنع أن الوصف الذي ينطبق على التشكيلة هو أنها الإقطاع لأن هذا هو النمط المهيمن على التشكيلة.

إن الانتقال الذي يتم من مرحلة لأخرى هو عملية نفي للمرحلة السابقة لكنه نفي ديالكتيكي (نفي جدلي) إن ظاهرة التحول من نمط الانتاج الإقطاعي لنمط الإنتاج الرأسمالي هي عملية نفي ديالكتيكي لأن التغيرات التي راحت تتكرس ببروز النمط التجاري وتراكم الرأسمال التجاري وبداية الصناعة راح يحول معه النمط تدريجيا لصالح الانتاج الرأسمالي ضد النمط الانتاج الاقطاعي إنه وهو يهيمن – أي النمط الرأسمالي- يقوم بعملية نفي للنمط السابق وهو الإقطاعي ، وما أن يدخل المجتمع النمط الرأسمالي حتى يتحول شكل الظاهرة التي هي التشكيلة الاجتماعية الإقتصادية هنا ويسود الشكل الانتاج الرأسمالي إلا أن هذا لا يمنع أن نجد على ضفافه نمط إنتاج إقطاعي هو من مخلفات أسلوب الإنتاج السابق لكنه لا يمثل ظاهرة مهيمنة.

لماذا نقول نفي جدلي؟

نقول نفي جدلي لأن الحالة المهيمنة السابقة تتحول إلى ضد سلبي في شكل الظاهرة الجديد والضد الإيجابي في الظاهرة السابقة صار حالة مهيمنة وولد ضد إيجابي جديد من رحم شكل الظاهرة الجديدة.

لنحاول تطبيق ذلك على النمط الذي اخترناه الإقطاع
حسب المخطط (أ) إقطاع - (ب) رأسمالية - (ج) شيوعية

كل منها يحتوي لو اردنا تبسيط الأضداد:

(1) ضد سلبي (2) حالة مهيمنة (3) ضد إيجابي

شكل سلسلة الحلقات:

إقطاع === رأسمالية === شيوعية

الحلقات كما في الترتيب السابق من خلال النقائض التي في داخلها:

(أ)(1) شكل انتاجي عبودي (2) طبقة ارستقراطية تملك الأرض الزراعية المنتجة (3) ولادة الصناعة

(ب) (1)بقايا طبقة استقراطية تملك مساحات ارض واسعة(2) طبقة برجوازية تملك رأس المال الصناعي المنتج الرئيسي (3)خميرة ثورية بروليتارية ونقابات مناضلة

(ج) (2) الملكية العامة لوسائل الانتاج

لاحظ التحولات التي تحدث بالانتقال من حلقة لأخرى ، كلما كان التوجه تطوريا من حلقة لأخرى خرج النقيض السلبي الذي يشد للخلف أي يختفي من الوجود تماما ، الحالة المهيمنة في الحلقة الأولى تصبح ضد سلبي في الثانية والضد الإيجابي في الحلقة الاولى يصبح حالة مهيمنة في الحلقة الثانية ومن طبيعته هو ينتج ضده الإيجابي وهكذا دواليك هذا طبعا تبسيط شديد للمسألة لكنه يعطي تصورا أوليا جيدا.

يركز إنجلز كثيرا على قانون نفي النفي في رده على دوهرين من خلال الأمثلة الطبيعية ربما من اوضحها ما سرده في عالم الحشرات عن الفراش :


إن عملية خروج الشرنقة من البويضة هي عملية نفي لمرحلة البويضة ، ثم تبدأ مرحلة تراكم كمي جديدة إلى ان تنضج الفراشة جنسيا وتصبح مؤهلة للتزاوج فيتم التزاوج لتضع البيض وتموت نافية النفي(3)



هكذا فعملية التطور هي سلسلة لامتناهية من نفي النفي ، الذي ليس رجوعا للوراء وإنما نفي إيجابي لأن إتجاه المحصلة له دوما للأمام وأعلى أي إتجاه تطوري.


[CENTER](يتبع)



(1) لينين، فلاديمير إيليتش ، مختارات، الطبعة الانجليزية، م 11 ص 81 - 82.

(2)Sewell, Rob, 2002, What is dialectical materialism? - A study guide with questions, extracts and suggested reading

(3) إنجلز، فريدريك ، ضد دوهرين ، سبق ذكره
11-10-2006, 06:47 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
EBLA غير متصل
Moderator
*****

المشاركات: 2,256
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #15
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
:97:
وشكرٌ لجهودك الطيبة.
11-14-2006, 11:14 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #16
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
[CENTER]العفو سيدي ، وشكرا للمرور والإهتمام.
عمر
11-16-2006, 06:25 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #17
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
[CENTER][U]ثامناً: المادية التاريخية : مقدمة

أميل دوما إلى رفض التسوية بين الماركسية والمادية الجدلية ، بل أكثر من ذلك إني أعتبر الماركسية هي تطبيق كارل ماركس للمادية الجدلية كمنهاج فلسفي معلمن في دراسة التاريخ.

الحقيقة أني أمج الخلط الذي تمتد جذوره التاريخية عميقا بين ماركس الباحث والمفكر العظيم من ناحية وبين عمله الموسوعي من ناحية أخرى ، وأجدني مضطرا هنا للحظة إلى التوقف عن متابعة دور الشارح المحايد للكشف عن جانب من رؤيتي للمسألة ليس بدافع النقد بل بدافع التقسيم المنهجي العلمي.


كيف ذلك؟
إن أكبر جريمة إرتكبها الماركسيون للأسف هي تحويل عمل كارل ماركس إلى عقيدة وقوالب جامدة ونصوص حرفية مقدسة ، يا لها من مهمة!
لقد جعلوا الماركسية ديانة!

تحتم علي الامانة العلمية أن أميز مبدئيا بين شقي النظرية الشق الذي تمثله المادية الجدلية والتي هي إكتشاف لقوانين الجدل المادي الناظم للوجود من ناحية والشق الذي طبق فيه كارل ماركس المادية الجدلية كعلم فلسفي في دراسة التاريخ والمجتمع والإقتصاد.
إني هنا أدعوكم للتفكير في سؤال منهجي : هل المنهج العلمي ونتاج تطبيقه شيء واحد؟
إن هذا سيمثل منارة أساسية لاستشراف مستقبل مختلف للمادية الجدلية وللماديات التاريخية الناجمة عن توظيفها في الدراسة والتحليل.

إن المنهج العلمي الفلسفي في مساق دراستنا هذه هو تماما المادية الجدلية وقوانينها أما المادية التاريخية (الماركسية إن جاز التعبير) فهي نتاج تطبيق ماركس للمنهج المادي الجدلي في دراسة وتحليل التاريخ والمجتمع وتطورهما ، وإن الخلط الاعتباطي بينهما ليس في مصلحة كليهما ، ولعل ما هو أخطر من هذا إنضمام التطبيق الميداني (التجربة) إلى المادية الجدلية والتاريخية كذلك ، بإختصار أصبحت التجربة السوفيتية مثلا هي نفسها المادية التاريخية الماركسية وهي نفسها المادية الجدلية ، هذا يفضي بنا إلى خطأ معرفي قاتل فالقوانين العلمية ليست هي نفسها الدراسات التي أستعملت هذه القوانين ؛لأن توظيف القوانين قد لا يكون دقيقا أو قد لا يشتمل على كل عناصر التجربة التي يجب ضبطها معا ، كما أن هذه الدراسات أيضا ليست هي نفسها التجارب التي أجريت إستنادا لتلك الدراسات ؛لأن للتطبيق خصوصيته وظروفه التي لا تتطابق كذلك والدراسة أو القوانين بالضرورة.

في هذا المستوى سنكتفي بهذه الإشارات وربما نعود لاحقا في محاضرة أكثر تفصيلا حول هذه القضية.

[CENTER][U]
ما هي المادية التاريخية؟

ليس أفضل من المقولة التالية لماركس كمدخل للمادية التاريخية :


[QUOTE]it is not the consciousness of men that determines their existence, but, on the contrary, their social existence that determines their consciousness.
sor:Contribution to the Critique of Political Econom



هذا معناه: ليس وعي البشر ما يقرر وجودهم ، بل عكس ذلك ؛ وجود البشر الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم. (ترجمة فيها شيء من التصرف وحرفيا : إنه ليس وعي الرجال الذي يقرر وجودهم، لكن ، على العكس، وجودهم الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم)

إن ماركس يقول لنا هنا تماما ما نقوله نحن بكثرة \"الإنسان إبن البيئة التي يعيش فيها\"
تماما ، إن ذلك صحيح ، لقد أتى ماركس بالفكرة ابتداء من مباحث المادية الجدلية إنها أساسا قضية اولوية المادة على الوعي ، وهنا تأخذ بعدا اكثر تعقيدا ، لقد بينا سابقا أن الوعي مظهر من مظاهر المادة هل يمكن أن يدعي أحد اليوم أن هناك إمكانية حدوث وعي بدون مادة؟

أليس التفكير عملية وجودية مادية ؟

لكن مهلا ، المسألة هنا تبدو اكثر تعقيدا كما قلنا ، فنحن لا نتكلم هنا عن وعي بسيط وعي فرد لكننا نتكلم عن وعي عام ، نتكلم عن الوعي كظاهرة عامة .

هيغل الفيلسوف المثالي الشهير عرف الإنسان كموجود أو مخلوق عاقل أو مفكر ، لكن هذا ليس المسالة نحن نعرف ان الإنسان عاقل كذلك الحيوان عاقل ، نعم الحيوان يملك القدرة على الإدراك ولديه مخ وأنت عندما تنظر إلى هذه المخلوقات وهي تمارس حيلها للإشباع رغباتها المختلفة كالجنس والطعام لا تشك لحظة واحدة بأنها مخلوقات عاقلة ، لهذا فالملفت في حالة الإنسان ليس التفكير نفسه بل هو كيف طور قدرته على التفكير ؟!
لماذا لم يتطور مثلا مجتمع الأسود أو القطط ......الخ؟

تحقق الحيوانات دورة حياة ثابتة ، إنك لو راقبت عشرين جيل من الأسود لن تجد أي تغيير في حياتها ، إن الفارق الجذري بين مجتمع الأسود ومجتمع الإنسان هو أن مجتمع الإنسان يتطور.
قد تبدو الملاحظة جانبية أو غير هامة لكن هذا ليس صحيحا لو أمعنا النظر قليلا ؛ إن تطور هذا الإنسان في وعيه وتفكيره ومعتقداته وانظمته .......الخ تأتي تماما من تطويره لأسلوب معيشته وتغذيته لنفسه .
مجتمع الأسود لديه طريقة واحدة في الحصول على غذائه أنه يصيد الفرائس بأسلوب ثابت منذ ملاين السنين ، هل تحصل أنت اليوم على غذاءك من مطاردت الفرائس البرية مستخدما قدميك ويديك في الجري خلفها والأمساك بها ومخالبك وأنيابك لتمزيق لحمها؟
كيف أصبحت تحصل على طعامك من خلال برمجة الكمبيوتر مثلا؟!
عزيزي إنك بحاجة إلى العمل لتكسب غذاءك ، لكن ألا تلاحظ معي ان عملك هذا يصبح له أثر في الوجود ؟
إن عملك هذا يصنع الآخرين كما أن عمل الآخرين يصنعك.
عمل الإنسان منذ كنا نحن البشر من أجل تحصيل احتياجات حياة الإنسان هو الذي طور وجود النوع البشري ، الآن يمكن ان نقول إتضحت الفكرة التي يريد ماركس ان يوصلها بشكل أفضل إذن:\" ليس وعي البشر ما يقرر وجودهم ، بل عكس ذلك ؛ وجود البشر الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم.\"
أنك عزيزي مبرمج الكمبيوتر لم تولد في مجتمع أسود مثلا يكرر حلقة معاش مغلقة ثابتة إنك تعيش حياة هي نتاج تراكم عمل الإنسان عبر القرون ، هل يزعجك أن تكتشف الآن أنك نتيجة ؟ إعلم إذن أنك سبب أيضا لأن عملك الذي تمارسه اليوم هو الآخر جزء من تطور يسهم في صناعة حياتك وحياة الآتين بعدك.
يقول إنجلز:

T[QUOTE]he hand is not only the organ of labor; it is also the product of labor.\"


هذا يعني : اليد ليست فقط عضو العمل بل هي أيضا نتيجة (او منتج) العمل.

نحن نستمتع بتقدير ذواتنا ، الإنسان كائن نرجسي جدا ، من الصعب أن يقبل الإنسان بسهولة بحقيقة مكانه في التاريخ ، من يستطيع ان يقنع الاسكندر المقدوني أو جمال عبد الناصر بأنه لم يغير مجرى التاريخ؟! يخيل لي احيانا أن أقناع بائع الجرائد الذي ألتقيه كل صباح بهذه الحقيقة ليس امرا سهلا على الإطلاق ، تخيل إذن كيف يمكن أن اقنع شاعر بأنه ليس من صنع القصيدة لوحده وأن جهده الإبداعي العظيم ليس إلا جزء ميكروسكوبي بالقياس إلى ما تحتويه القصيدة لغة ومعنا وحتى فكرا.

إن اللغة نفسها نتاج تطور ، وعاء الفكر أو عملته إن جاز لنا التعبير، ما دمنا اتفقنا بأن العمل كان حاجة من أجل البقاء والحاجة ام الإختراع ، فهل من الصعب علينا أن نتخيل كم كان مستحيلا تطور العمل بدون اللغة ، ألم تنشا اللغة نفسها من أصوات بدائية ذات دلالات يحتاجها الإنسان الاول العامل في جاعة صيد تتعاون معا في هذا الصيد؟

مرة اخرى الحيوان أيضا لديه لغة تواصلية صوتية ووحده الانسان هو الذي طورها لأنه الوحيد الذي طور اساليب عمله وكل ما يرتبط بها أي أنه طور كل حياته وانماطها وبالتالي تطور مع هذا فكره ولغته.....الخ . العمل تماما هو العمل إذن الذي يميز الإنسان عن الحيوان.

إن للإنسان تاريخ ، هذا التطور الذي جذره الابتدائي هو أن الانسان مخلوق عامل وبالتالي متطور تحت ضغط وإلحاح حاجاته اللا منتهية ، هذا التاريخ المؤلم في كثير من مفاصله جوهر تطوره وحركته هو سعي الإنسان المحموم نحو المزيد والمزيد من الانتاج ، إن تاريخ الإنسان في حقيقته هو تاريخ تطور إنتاجية عمل هذا الإنسان.

تطور إنتاجية عمل الإنسان هذه تخضع هي الأخرى لقوانين الجدل المادي التي سبق أن تناولناها بالشرح ، نحن نميز في تاريخنا البشري أساليب إنتاج ولدينا المعلومات الكافية لنعرف عبر العصور كيف كان الإنسان ينتج غذاءه وكساءه ومسكنه ، كيف ينتج حاجاته ، لدينا القدرة على ان نتصور معا مراحل تاريخية محددة تبعا لنمط الانتاج السائد ، نعرف أن هناك انماط قادرين على تميزها: اسلوب انتاج يهيمن على المجتمع ، المجتمع كله ينتظم بناء على هذا الأسلوب ، لأننا ونحن نقرأ ظروف المجتمع في تلك الفترة نلاحظ أن له سمات محددة تجعله مختلف جذريا عن مجتمع له أسلوب إنتاج مختلف قبلا أو بعدا ، بالتأكيد سنرجع لهذا بالتفصيل.

بما أن التاريخ هو حركة تطور إنتاجية الإنسان ويتميز بأنه قابل للتميز كمراحل لكل منها أسلوب إنتاج يميزها ، فإن في أسلوب الإنتاج هذا علاقات إنتاج تحدد دور الجماعات داخل هذا الأسلوب بمعنى آخر إن المجتمع ينقسم بناء على أسلوب الإنتاج إلى جماعات لكل منها دوره في أسلوب الإنتاج هذا ، ويتحدد دور كل منها داخله وبناء عليه ، إن كل جماعة من هذه الجماعات تسمى طبقة.


[CENTER](يتبع)

11-17-2006, 05:17 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #18
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة

مرحباً بالزميل عمر

أريد أن أبدي بعض الملاحظات الصغير على بحثك الأكاديمي الجميل .

إنني أتفق معك على أن موضوع المادية الجدلية عالي الدقة ولكن المادية التاريخية ليست كذلك .

ولكن يجب أن نوسع مفهوم الجدل ونجعله تأثير متبادل وتغذية عكسية دينامية .

أما أن :
ليس وعي البشر ما يقرر وجودهم ، بل عكس ذلك ؛ وجود البشر الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم.

في رأي أن هناك جدل وتأثير متبادل بين الوجود المادي والفكر والوعي , يؤدي لتطور الإثنين معاً.

وبالنسبة :
لماذا لم يتطور مثلا مجتمع الأسود أو القطط ......الخ؟
تحقق الحيوانات دورة حياة ثابتة ، إنك لو راقبت عشرين جيل من الأسود لن تجد أي تغيير في حياتها ، إن الفارق الجذري بين مجتمع الأسود ومجتمع الإنسان هو أن مجتمع الإنسان يتطور.

أن مجتمع الأسود وكافة الكائنات الحية تتطور, والفرق في سرعة زمن هذا التطور .
فأسماك القرش لم تتطور منذ 40 مليون سنة وهذا لأن الظروف والبيئة التي تتعرض لها لم تتغير بشكل يؤدي إلى تطورها , وبالنسبة لمجتمع الأسود هو يتطور ولكن ببطء وحسب تغير الأوضاع والظروف .


وبالنسبة :
إن تاريخ الإنسان في حقيقته هو تاريخ تطور إنتاجية عمل هذا الإنسان.
في رأي هذا غير كافي فهناك الكثير من العوامل الهامة الأخرى
التي تكون تاريخ الإنسان .

وبالنسبة :
إن أكبر جريمة إرتكبها الماركسيون للأسف هي تحويل عمل كارل ماركس إلى عقيدة وقوالب جامدة ونصوص حرفية مقدسة ، يا لها من مهمة!.

إن هذا يحدث في كافة المجالات الفكرية والعقائدية, وهذا يحدث في مجال العلوم أيضاً , قتقدس أقوال أينشتين وغيره .

تحياتي

11-21-2006, 10:40 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #19
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
اقتباس:  نبيل حاجي نائف   كتب/كتبت  
 
مرحباً بالزميل عمر

أريد أن أبدي بعض الملاحظات الصغير على بحثك الأكاديمي الجميل .

إنني أتفق معك على أن موضوع المادية الجدلية عالي الدقة ولكن المادية التاريخية ليست كذلك .

ولكن يجب أن نوسع مفهوم الجدل ونجعله تأثير متبادل وتغذية عكسية دينامية .

أما أن :
ليس وعي البشر ما يقرر وجودهم ، بل عكس ذلك ؛ وجود البشر الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم.

في رأي أن هناك جدل وتأثير متبادل بين الوجود المادي والفكر والوعي , يؤدي لتطور الإثنين معاً.

وبالنسبة :
لماذا لم يتطور مثلا مجتمع الأسود أو القطط ......الخ؟
تحقق الحيوانات دورة حياة ثابتة ، إنك لو راقبت عشرين جيل من الأسود لن تجد أي تغيير في حياتها ، إن الفارق الجذري بين مجتمع الأسود ومجتمع الإنسان هو أن مجتمع الإنسان يتطور.

أن مجتمع الأسود وكافة الكائنات الحية تتطور, والفرق في سرعة زمن هذا التطور .  
فأسماك القرش لم تتطور منذ 40 مليون سنة وهذا لأن الظروف والبيئة التي تتعرض لها لم تتغير بشكل يؤدي إلى تطورها , وبالنسبة لمجتمع الأسود هو يتطور ولكن ببطء وحسب تغير الأوضاع والظروف .


وبالنسبة :
إن تاريخ الإنسان في حقيقته هو تاريخ تطور إنتاجية عمل هذا الإنسان.
في رأي هذا غير كافي فهناك الكثير من العوامل الهامة الأخرى  
التي تكون تاريخ الإنسان .

وبالنسبة :
إن أكبر جريمة إرتكبها الماركسيون للأسف هي تحويل عمل كارل ماركس إلى عقيدة وقوالب جامدة ونصوص حرفية مقدسة ، يا لها من مهمة!.

إن هذا يحدث في كافة المجالات الفكرية والعقائدية, وهذا يحدث في مجال العلوم أيضاً , قتقدس أقوال أينشتين وغيره .

تحياتي  


الفلسفة المادية لا تنفي العلاقة بين الواقع المادي والفكر على الإطلاق وإنما تقرر أن محدد الوعي ومستواه هو الواقع المادي بمعنى أننا عندما ننظر إلى الواقع المادي ونحلل وضعه يمكن أن نعرف مستوى الفكر المتلائم مع هذا الواقع ، هنا ليس المقصود إلغاء جدل الفكر والواقع بل تكريسه إلا أن المادية كفلسفة تنفي تماما أن يتحقق ويهيمن مستوى وعي معين في بيئة مادية غير مناسبة أو أقل تطورا والعكس ، وأما حالات التجاذب التي تلمس مثلا بين حناياها وجود هذه الطفرات فهي تعبيرات احتكاكية مرحلية بمعنى أنك تجد عوالق فكرية متخلفة في نمط انتاج أكثر تطورا كما تجد علائق فكرية أكثر تقدما على النمط السائد وهذا جزء من التركيب الداخلي المتناقض للظاهرة الإجتماعية أو التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية .
إلا أني اتفق معك تماما إلا أن المادية التاريخية بلا شك يعتريها النقص والاستنتاج الخاطئ في مرحلة التنبؤ التي قام بها ماركس في مستوى التحول نحو الشيوعية وهذا ما سنناقشها لاحقا.
تحياتي وللحوار بقايا
12-07-2006, 07:34 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Waleed غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 959
الانضمام: May 2005
مشاركة: #20
المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقدمة حول ماهية الفلسفة
اقتباس: عمر أبو رصاع كتب/كتبت
[quote] نبيل حاجي نائف كتب/كتبت
إنني أتفق معك على أن موضوع المادية الجدلية عالي الدقة ولكن المادية التاريخية ليست كذلك .

إلا أني اتفق معك تماما إلا أن المادية التاريخية بلا شك يعتريها النقص والاستنتاج الخاطئ في مرحلة التنبؤ التي قام بها ماركس في مستوى التحول نحو الشيوعية وهذا ما سنناقشها لاحقا.
تحياتي وللحوار بقايا

السادة الزملاء المحترمين / عمر أبو رصاع و نبيل حاجي
أتفق معكم بالكامل في عدم دقة المادية التاريخية و بوجه خاص - كما أوضح السيد عمر - في النتائج التنبؤية للنظرية.
و إن كنت أميل لتصنيف أعمال ماركس لجزئين:
1. المادية الجدلية:
و أميل لتصنيفها في إطار الفلسفة و ليس العلوم - حيث أن المادية الجدلية تبقى نظرة عامة للحياة و الكون - و إن كانت ترتكز على خلفية أو إطار عام علمي - إلا أنها لا تصنف بحال من ضمن العلوم.
فالمادية الجدلية هي حال من إستوعب و تشرب العلوم الطبيعية و وقف على خلفية معرفية علمية ثم تبنى وجهة نظر عامة للحياة تعتمد على ذلك.
إلا أنه و على عكس العلوم - فالمادية الجدلية - هي مجرد تعميمات - و نظرية بغير نتائج يمكن أن تعول عليها (نتائج تخضع للقياس و التجريب). و مفاهيم مثل التغيرات الكمية و النوعية و القضية و النفي و نفي النفي .. إلخ - في المادية الجدلية و على عكس المادية التاريخية - تبقى شديدة الضعف و النسبية أو غير ذات جدوى على أفضل حال.
و تعتبر مجرد تعميم قسري لحالة دراسية علمية في علوم الإجتماع و الإقتصاد - إستخدمت فيها أدوات بحث من مصطلحات و تأطير (تكميم) مادة البحث - على مادة بحث غير ذات صلة.
و قد يبدوا هذا جليا أكثر في كتابات أنجلز. حيث التعميمات تصل لدرجة السذاجة.
2. المادية التاريخية:
و أميل لتصنيفها ضمن العلوم الإجتماعية و الإقتصادية. و هذا من حيث المنهج و المضمون. بل و أميل لإسباغ نسبة عالية من الدقة عليها - قياسا على ما سبقها من محاولات في مجال العلوم الإجتماعية - بالرغم من فشل تنبؤاتها. و الذي يرجع لعدة عوامل:
أ- مثل كل نظريات نهاية التاريخ - فالتنبؤ بشكل إجتماعي محدد و نهائي سواء على أساس إقتصادي أو أخلاقي أو غيره يبقى عملية غير دقيقة - إلى الآن على الأقل - نظرا لتحييد و تثبيت عامل أساسي - إن لم يكن أهم عامل مؤثر و هو المعرفة (المتحرك أبدا و بشكل مطرد السرعة). و بخاصة بعد التقدم العلمي. فبالرغم من الثبوت النسبي لهذا العامل لأزمان طويلة - إلا أن التقدم في العلوم الطبيعية و غيرها - قد عجل من سرعة الحركة و التطور لهذا العامل مما يجعل من تثبيته خطيئة علمية - حيث أننا قد لا نبالغ حال تقريرنا أن عامل المعرفة بات المؤثر الأساسي في عوامل أخرى مثل الإقتصاد بل و الأخلاق. و من هنا فتحييد عامل المعرفة لصالح أي عامل آخر - تعتبر المعرفة أهم مؤثر فيه - هو فرض عاري من الدقة.
ب- تبقى الحساسية الكبرى في النظريات الإجتماعية - كون موضوع البحث هو كائن حي و واعي و ليس مادة صماء. بل و يمكننا أن ندعي أن من أسباب فشل نبوءات نظرية مثل المادية التاريخية - يرجع لجزء منه في قوة و صرامة تلك النظرية و ليس العكس. حيث أن مادة البحث - و هي المجتمع الإنساني قد إستوعب تلك القوة بجدية و إتخذ نبوءاتها كتحذير شديد اللهجة و عدل من بنياته على هذا الأساس. و غير خفي على الجميع كم الأثر الهائل الذي أحدثته الماركسية في المجتمعات - ليس فقط من إتبع الشيوعية - لكن و بشكل أكبر في تلك المجتمعات ذات التوجه الرأسمالي شديد التوحش حينئذ.
و يمكن تشبيه هذا التأثير المتبادل - بمحاولات تحديد مكان إلكترون في الفضاء حول الذرة و في وقت محدد - فمجرد محاولة تحديد مكان هذا الإلكترون يتطلب إطلاق فوتون من الضوء عليه - و الذي بدوره سوف يعطي الإلكترون طاقة كافية لتغيير مكانه الذي كنا نرجوا تحديده.

لصاحب الشريط القيم و ضيوفه المحترمين كل تقدير و إحترام ,,

12-09-2006, 01:28 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  “تدريس الفلسفة للأطفال” أم “التفلسف معهم وإياهم؟” محمد بلال أشمل 0 547 12-05-2013, 02:25 PM
آخر رد: محمد بلال أشمل
  السوبر فلسفة : تزاوج الفلسفة والعلوم حسن عجمي 0 1,712 02-20-2012, 01:35 AM
آخر رد: حسن عجمي
  ماهية الكون والميتافيزياء طريف سردست 0 1,466 02-04-2012, 12:24 AM
آخر رد: طريف سردست
  إشكالية المعرفة في الفلسفة رشيد عوبدة 0 2,819 08-16-2011, 07:57 AM
آخر رد: رشيد عوبدة
  لماذا الفلسفة ؟ يونس عاشور 2 4,540 01-11-2011, 11:59 AM
آخر رد: رشيد عوبدة

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS