اقتباس: بهجت كتب/كتبت
الدعوة الغامضة .
هناك غموض متعمد في الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية ، فالمنادون بتطبيق الشريعة يعلقونه بشروط هي عين الاستحالة
أي غموض ؟؟
كما هو واضح أمامنا ، انقسم الداعون إلى تطبيق الشريعة قسمين :
1- "الإرهابيون" ، وهؤلاء خرجوا يَحرقون ويُحرقون ويَقتلون ويُقتلون ويفجرون ورئيس الجمهورية يذبحون والجيش يخترقون وما لا يفعل يفعلون .
2- "المعتدلون" ، وهؤلاء يتظاهرون في الشوارع رافعين "كتاب الله" (حسب ظنهم ) وشعارهم : "الإسلام هو الحل" ، وأقنومهم الرابع : مصحف وسيف ، ويكتبون على الحوائط والسيارات والأرصفة والأكشاك الخشبية : "القرآن دستورنا" .
فبأي معنى هم غامضون ؟
وماذا تريدهم أن يفعلوا ـ بعد ذلك ـ ليكونوا أقل غموضا ؟
أخر مَن يمكن وصف دعوتهم ومطالبهم بالغموض هم المنادون بتطبيق الشريعة الإسلامية .
أما الغموض الحقيقي فيوجد في المعسكر العلماني بمختلف أطيافه ، انظر مثلا لهذا العلماني الذي يعارض تطبيق الشريعة الإسلامية لأنه ـ غالبا بين أسباب أخرى ـ لا يؤمن بمصدرها الإلهي ولكنه لا يجرؤ أبدا أن يكون واضحا فيلجأ إلى نوع من اللف والدوران فيدعي ـ مثلا ـ أن الخليفة عمر بن الخطاب أوقف العمل بالشريعة ، يريد أن يجعلها سابقة يؤسس عليها رفضه لحكم الشريعة .
الإسلاميون ليسوا كهذا العلماني ولا يبادلونه الحيرة والغموض وموقفهم من علمانيته (واترك جانبا إلحاده) معلن واضح لا لبس فيه .
وعن نفسي لم أسمع باي فريق إسلامي يضع شروطا فضلا عن أن تكون شروطا "هي عين الاستحالة" لتطبيق الشريعة ، كلهم يريدونها هنا والآن .
اقتباس: يطمئنون العامة أن الحدود لن تطبق قبل تحقيق مجتمع الرخاء و العدل
أي عامة هؤلاء الذين يطمئنهم عدم تطبيق الشريعة الإسلامية ؟؟
وهل ترى أي سبب لالتفاف قطاعات واسعة من العامة حول الإسلاميين إلا شوقا لتطبيق الشريعة ؟
وطالما أن "العامة" يجدون في عدم تطبيق الشريعة أو تأجيل تطبيقها داعيا للطمأنينية فلماذا أصلا يراهنون على الجماعات الإسلامية بهذا الشكل الذي تظهره نتائج الانتخابات الأخيرة ؟؟
الغريب أنك بعد عدة سطور قليلة تقول :
اقتباس:كانت تجارة الوهم و الهاء الجماهير وراء الغاية التي ابتغتها النظم العربية من تعديل مواد الدساتير لتشمل ما يؤكد أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
يعني "النظم العربية" (كناية عن النظام المصري) ألهت الجماهير وباعت لها الوهم الذي هو مادة دستورية تجعل الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع ، والجماهير ـ بدورها ـ اتلهت على عنيها واشترت الوهم ، وبهذا نكون أمام حالتين :
جماهير يتم نفاقهما وتلهيتها بمادة دستورية تعتمد الشريعة مصدراً للتشريع
وعامة يتم طمأنتهم بـ...............عدم تطبيق الشريعة إلا بشروط مستحيلة
ثنائية تجريدية تحتاج لمن يهبط بها قليلا إلى أسفل ويضخ في شراينها بعضا من السائل الحمر .
اقتباس: الشريعة و الفقه .
يخلط دعاة التطبيق بين الفقه وهو المنتج البشري بلا مراء و الشريعة التي هي ما شرعه الله عن طريق الوحي و المفترض أن تكون مفصحة عن إرادة الله و مراده من عباده ، وهذا فارق نوعي حاسم تقلب دعاوى التطبيق رأسا على عقب
صحيح أن الفقه منتج بشري ، ولكنه مشيد بالكامل على المقدس الغير بشري ، إنزال الحكم على الواقع يحتاج إلى جهد بشري وسيط ، وكذلك استنباط أحكام جديدة ، لكن هذا الجهد البشري لا يخرج أبدا عن الإطار العام للمقدس ، وحين يخرج تجده متهافتا يسهل دحضه .
في بعض الحالات وحيث يكون المقدس ملتبسا بعض الشيء يكون ثمة براح متسع أمام الجهد البشري ، مثلا عقوبة الزاني المحصن التي لا توجد بخصوصها آية واحدة في القرآن لكن هناك مرويات عن آية منسوخة وشهادات على تطبيق الرسول لحد الرجم المزعوم ، وهذا الالتباس يتيح مساحة أكبر للعنصر البشري وإن كان لا يبعده مليمتر عن الإطار المقدس ، لكن ليست كل أحكام الشريعة ولا معظمها ولا ربعها ولا خمسها على هذا النحو .
اقتباس:، فبينما يعتقد المبرمجون أصوليا أن هناك قوانين إلهية معدة لا ينقصهم سوى تطبيقها كي يكتسبوا سعادة الدنيا و الآخرة ، تبدوا الحقيقة مغايرة تماما فكل ما لدينا فوضى تشريعية من الأحكام الفقهية المتناقضة .
للأسف ، ما يعتقده "المبرمجون أصوليا" صحيح
انظر إلى هذه الآية مثلا :
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) (المائدة)
وهذه الآية :
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) (النساء)
وهذه :
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) (البقرة)
وهذه :
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) (النساء)
ومثل ذلك الكثير من الآيات البينات التى لا تحتاج لأكثر من تلميذ ثانوي لكي يفهم الأحكام الواردة فيها ، أما التطبيق فيحتاج لبعض التكييف والضبط وهذا ما يفعله الفقه ، والمعنى أن الأحكام موجودة في المصدر المقدس وما يفعله الفقه هو أن يقدم ما يشبه "لائحة تنفيذية" لهذه الأحكام ، وحين يغيب الحكم عن المصدر المقدس يتولى الفقه استنباطها قياساً على معطيات نفس المصدر .
هناك شريعة ، هذه حقيقة لا مراء فيها ، ويبقى الفهم والتطبيق البشريين يحتملان مساحة من المرونة أو التشدد .
اقتباس:و يدلنا التاريخ أن العرب حين خاطبهم النص العقابي كانوا متواجدين حضاريا خارج نطاق زمانهم بألوف السنين
أخيرا اتفقتَ في شيء مع خصومك الإسلاميين ، هم أيضا يقولون عن عرب ما قبل الإسلام أشياءً مثل هذه وألعن منها وأضل ، ويقولونه تمهيدا لطرحة ما يلي بصيغة التعجب : كيف لهؤالاء العرب أن يتحولوا في بضع سنين إلى اصحاب رسالة وغزاة للعالم وبناة امبراطوريات من الحجم الثقيل ؟
اقتباس:الأصول التاريخية للشريعة الإسلامية .
ورث الإسلام العديد من ثقافة عرب الجزيرة ، واستعار العديد من الأنظمة التي كانت سائدة بينهم في شتى المجالات التعبدية و الاجتماعية و السياسية
ماشي ، وإن كانت النزاهة تقتضي أن تحيلنا إلى المرجع الذي اقتبستَ منه هذه المعلومات ، سيد القمني أو الشيخ خليل عبدالكريم مثلا ، وخصوصا وأنت تتحدث عن "الأصول" وما أدراك ما الأصول ووعورة الطريق إليها .
عموما مازلنا في انتظار "الأساطير المؤسسة" .........لعل وعسى .