لماذا أرفض وجود كائن خارجي خالق للكون - 4
قبل أن أكمل الموضوع،أود أن أشكر الصديق العزيز ugarit ، وأوجه لك الكلام يا زميلي العزيز لأخبرك أن مداخلتك جاءت مهمة جداً ،كما توقعتها فعلاً ، لقد قلت الكثير مما أود قوله في كلمات مختصرة، سأعود ، ثم أعود إلى نقاطك على امتداد موضوعي بشكل وأسلوب آخر. وإذا وجدت لديك أي شيء تريد قوله لاحقاً ، فلا تتردد من فضلك. ولا تضع في حسبانك اعتبارات خاطئة من نوعية "يخيب ظنك" وغيرها، أرحب بكل مداخلاتك ومداخلات بقية الزملاء.
فأنا أكتب هذا الموضوع وأنا مثلكم تماماً : أعزل، لا أحمل في يدي شيئاً سوى قلم ، ولا أحمل في عقلي شيئاً سوى الإعتراف بالجهل ، ولا بين جنبيّ شيئاً غير وجدان ينبض بالحياة.
وشكرا للعزيز حسن سلمان على كلماته الجميلة وعلى أنه تكلف الوقت لكي يكتبها(f)
[line][ne]
What is the Matrix? - 1
إن الفكرة المحورية في مباديء برمجة الـ OOP تقوم على عنصرين :
أ - الصنف Class
ب- الشيء Object
على الرغم من أن "المعلم" الذي تلقيت عنه مباديء الـ OOP في مركز تدريب مايكروسوفت كان من أفضل من رأيتهم في حياتي من أساتذة. إلا أنه لم يكن يملك الوقت ليخبرني عن أصل ونشأة "الصنف Class " ، ولا شركة مايكروسوفت تملك الوقت أو المال لتخبر الطالب عن جذور الفكرة ومن أين جاءت، وكيف أخذها علم الحاسب الآلي ليكون منها أحدث ثوراته في عالم البرمجة.
ولا لوم على المعلم ، ولا على شركة مايكروسوفت.فالطريق بالفعل طويل شائك ، وأخطبوطي متشابك إلى درجة لا تسمح لأخصائي في البرمجة أن يتتبع أثره حتى يصل به ذلك إلى الغوص في أعماق التاريخ والفلسفة والدين والفيزياء والبيولوجي وعلم النفس ونظم المعلومات.
إلا أن الرغبة في أن "أكون" هي التي دفعتني لكي أعرف المزيد، ودراستي في علم المكتبات والمعلومات ، الذي تناول مفهوم "التصنيف Classification " واستعمال الجزء الأيمن من
مخي لتركيب وتربيط وإيصال ما تلقاه الجزء الأيسر محللاً مفتتاً متناثراً. محاولاً بذلك أن أحصل على صورة أكبر عن اللغز الذي وجدت نفسي أمامه كإله جديد.
عندما ذهب سقراط أو كما تقول
الرواية التاريخية أن صديقه ذهب ليسأل الأوراكل في مدينة دلفي عن أحكم الناس على الأرض، فأجابته أنه سقراط.
وعندما أخبر سقراط بذلك ، قال أن الأوراكل وضعته في حيلة منطقية ظاهرها التناقض Paradox .
لأنه كان يعتقد أنه أجهل الناس على الأرض وأنه لا يعرف شيئاً. فقرر سقراط أن يحاول البحث عن حل لهذا التناقض، وذهب ليزور الكثير من الحكماء والعلماء ويناقشهم. وفي النهاية اكتشف سقراط أن جميعهم كان يظن نفسه حكيماً ويعرف الكثير، بينما كشفت له الأسئلة التي طرحها عليهم
بطريقته السقراطية أن جميعهم كان لديه القليل فقط من المعرفة، وأنهم لم يكونوا حكماء على الإطلاق، ولم يكونوا يعرفون ذلك.
واستنتج سقراط أخيراً أن كلام الأوراكل صحيح، لأنه كان الوحيد فيهم الذي يعرف أنه لا يعرف شيئاً.
لقد كانت محاولة الإنسان أن "يعرف" ملازمة له منذ أن وجد على الأرض.
وكان تصنيف الكائنات والأشياء من حوله من أقدم المحاولات الفكرية وأكثرها أهمية بالنسبة له ليتعرف على العالم، ويحصر الموجودات، وبالتالي يصنفها، ثم يصنف على أساسها المعرفة.
وحتى أقدم النقابات في العالم، قامت على محاولة تصنيف العلوم والموجودات، وكانت من أهمها
اتحاد المكتبيين البريطانيين .
وبعدما أعدم سقراط، أكمل أفلاطون المسيرة ، وهو الذي لاحظ التشابه بين بعض الموجودات ، واختلاف بعضها الآخر عن بعض. فجمع المتشابهات في صنف واحد بناء على خصائصها وصفاتها، ثم حاول أن يعرف أين يوجد ذلك الصنف الأساسي الذي يجمعها كلها ؟ وهو ما أدى به ، كونه أيضاً تلميذ لسقراط أن يتبنى فلسفة مثالية في الوجود، فقال بأن الأشياء الأساسية ، وهو ما يصطلح عليه في الفلسفة بالكليات
Universals موجودة خارج العالم، خارج الزمان والمكان في عالم مستقل بذاته اسمه "عالم المثل" وأن عالم المثل هذا هو العالم الموجود وجوداً حقيقياً.
فالأشياء توجد وجوداً فعلياً
Particular ( أي داخل المكان والزمان)، أما "الكليات" فلا توجد وجوداً فعلياً بل توجد خارج الزمان والمكان.
ويقول ولترستيس في كتابه "فلسفة هيجل" من ترجمة "أ.د إمام عبد الفتاح إمام" في شرح فلسفة أفلاطون في الكليات Universals :
Array
فالحصان البني موجود فعلاً ، وكذلك الحصان الأبيض، والحصان الأسود، وحصان السبق، وحصان العربة، ولكن أين هو الحصان الكلي؟، أو الحصان بصفة عامة..؟.
إن معنى وجود الشيء وجوداً فعلياً هو أن يوجد في زمان معين ومكان محدد ، ولو أننا بحثنا في كل زمان ومكان فلن نعثر على الحصان الكلي الذي ليس فرداً جزئياً، أي ليس بني اللون أو أبيض، أو أسود، أو حصان سبق، أو حصان عربة، ولكنه الحصان بصفة عامة، أو الحصان فحسب.
وعلى ذلك فإن الكلي لا يوجد في زمان ولا مكان. وحين نقول عن شيء إنه لا يوجد في زمان ولا في مكان، فكأننا نقول "إنه لا يوجد وجوداً فعلياً"، ونستطيع أن نشرح هذه الفكرة بعبارة أخرى فنقول: إن وجود الأشياء وجوداً فعلياً يعني أنه فرد بذاته، فرد جزئي، فالوجود الفعلي هو الجزئي، ولكن الكلي هو - على وجه الدقة - ما ليس فرداً جزئياً ، ومن ثم فإن الكلي لا يوجد وجوداً فعلياً. والأشياء في العالم عبارة عن "نسخ" من الكليات أو المثل، فالحصان الجزئي "نسخة" Instance من مثال الحصان.
[/quote]
ثم جاء بعده تلميذه أرسطو ليرفض هذا الطرح المثالي المتطرف ، و الذي اصطلح على تسميته في الفلسفة "بالحقيقية الأفلاطونية"
Platonic realism . ويقول كما يشرح ولترستيس في نفس المرجع :
Array
إلا أن أرسطو رفض أن يكون لهذه الصورة أو المثل أو الكليات وجود خاص في عالم مستقل، وذهب إلى أنها توجد - إن كان لا بد لنا من استخدام كلمة "توجد" - في الأشياء وحدها. وتساءل أرسطو: ما الشيء الذي يمكن أن نقول عنه إن له وجوداً خاصاً بذاته؟ ليس هو الصور أو الكليات، لأن هذه عبارة عن محمولات Predicates .
فمثال الإنسان هو نفسه محمول مثله مثل كلمة "إنسانية" ، والكلي هو محمول مشترك بين جميع الأشياء البيضاء. وليس للمحمولات وجود خاص منعزل عن الأشياء التي تصفها.
[/quote]
وهكذا يمكن أن نقول إن أرسطو ذهب إلى منحى "وسطي" في "حقيقية الكليات" ، وهو ما اصطلح على تسميته "بالوسطية الحقيقية"
Moderate realism .
كانت نتيجة توجه أرسطو هذا وتحويله نظره من الأعلى حيث كان ينظر أفلاطون ، إلى الأسفل حيث الأرض والحياة والوجود الفعلي ، أنه قدم شيئاً ملموساً للبشرية وخاصة في المشكلة التي حاول الإنسان حلها منذ القدم وهي مشكلة التصنيف ، فوضع أرسطو
تصنيفاً للكائنات الحية . وكان هذا التصنيف
أول تصنيف علمي يقدمه شخص للبشرية.
أما النتيجة الأخرى لهذا الخلاف، فكانت نشأة مشكلة فلسفية اصطلح على تسميتها بـ "مشكلة الكليات"
Problem of Universals . والتي ذهبت فيها المدارس الفلسفية إلى عدة اتجاهات. يقابل اتجاه "حقيقية الكليات" الذي جاء به أفلاطون بشكله المتطرف ، وأرسطو بشكله الوسطي، اتجاه آخر يسمى بمذهب "الإسمانية"
Nominalism ، وكما يترجمها قاموس "المورد" الذي وضعه "منير البعلبكي "
Array
"الإسمانية" : مذهب فلسفي يقول بأن المفاهيم المجرد، أو الكليات ليس لها وجود حقيقي، وأنها مجرد أسماء ليس غير.
[/quote]
وهذه المدرسة أيضاً تحمل عدة اتجاهات، منها الوسطي الذي يسمى "المفهومية"
Conceptualism والذي يقول بأن الكليات Universals توجد فقط في عقل من يفكر بها. وليس لها وجود مستقل خارجي عن العقل.
نتج عن مذهب "الإسمانية" القول بأن الكليات لا توجد وأن الذي يوجد هو الأشياء الجزئية فقط، وأننا نتعرف على الأشياء المتماثلة عن طريق معرفة "التشابه" فيما بينها ، وأدى هذا إلى نشوء مشكلة فلسفية بين المذهبين "الإسمانية" و "الحقيقية". مفادها أننا لو سلمنا بصحة المذهب الإسماني فعلينا على أقل تقدير أن نقول بوجود مستقل لكلية واحدة فقط هي "المشابهة" Resemblance .
وأما المدرسة التي ذهبت إلى الحد الأقصى في "الإسمانية" فهي مذهب يسمى بـ "المشابهة الإسمانية" Resemblance Nominalism ، وهي المدرسة التي نفت حتى مجرد وجود مستقل لكلية "المشابهة" وقالت بدلا من ذلك بأننا نتعرف على مشابهة شيء بشيء عن طريق "إنشاء" مشابهة في كل مرة نقارن فيها شيئاً بآخر. فكل عملية مشابهة هي جزئية وتوجد وجوداً فعلياً، ولا وجود لكلية تسمى "المشابهة" بشكل عام.
وهو ما اعترض عليه الفيلسوف "برتراند راسل"
Bertrand Russel والذي تبنى موقفاً يتبع المدرسة "الواقعية Realism " وكان اعتراضه يقول بأن القول بهذا يؤدي إلى نشوء سلسلة من "اللانهائيات" التي تفسد حجة "المشابهة الإسمانية".
غير أن ردوداً من أتباع تلك المدرسة على حجة برتراند راسل أفادت بأن هذه الحجة لا تنشيء مشكلة. وتقول موسوعة الويكيبيديا أن هذه الردود لها من الثبات والقوة ما يجعلها تدحض اعتراض راسل :
Array
Resemblance nominalists believe that 'cat' applies to both cats because Fluffy and Kitzler resemble an exemplar cat closely enough to be classed together with it as members of its kind, or that they differ from each other (and other cats) quite less than they differ from other things, and this warrants classing them together.[9] Some resemblance nominalists will concede that the resemblance relation is itself a universal, but is the only universal necessary. This betrays the spirit of nominalism[citation needed]. Others argue that each resemblance relation is a particular, and is a resemblance relation simply in virtue of its resemblance to other resemblance relations. This generates an infinite regress, but many agree that it is not vicious.[10]
[line][ne]
http://en.wikipedia.org/wiki/Nominalism#Va...s_of_nominalism
[/quote]
وتم تأليف كتاب هام صدر عن "أكسفورد" Oxford وألفه البروفيسور والفيلسوف الأرجنتيني
Rodriguez-Pereyra, Gonzalo والذي يعد من أكثر من واجهوا مدرسة "حقيقية الكليات" وله عدة مؤلفات في الرد عليها.
وعنوان الكتاب Resemblance Nominalism
http://www.oxfordscholarship.com/oso/publi...243778/toc.html
ويقول ملخصه من على موقع أوكسفورد :
Array
Abstract: This book develops Resemblance Nominalism as a solution to the Problem of Universals. It argues that the Problem of Universals is a problem about the truthmakers of sentences attributing sparse, lowest determinate properties to particulars. According to Resemblance Nominalism, neither universals nor tropes exist, and what makes true that a certain particular has a certain (sparse, lowest determinate) property has to do with it resembling certain other particulars. The book develops answers and solutions to many objections and difficulties faced by Resemblance Nominalism: Russell's infinite regress, the coextension difficulty, the imperfect community difficulty, the companionship difficulty, and others. The book argues, on methodological considerations, that Resemblance Nominalism is the best solution to the Problem of Universals.
[/quote]
ولا زلت أحاول العثور عليه حتى الآن، لكي أعرف الرد على المشكلات التي تواجه هذا الإتجاه وأفهمها جيداً، ولم أستطع أن آتي به، وفي الوقت الذي أستطيع فيه ذلك، سأقوم بتوفيره للتحميل لكي يستفيد منه الجميع. لأنني أميل إلى هذا الإتجاه كما هو واضح من عرضي له، غير أني لا زلت بحاجة إلى المزيد من الإطلاع والتعرف عليه، وهذا الكتاب بالتأكيد، حال توفره، سوف يساعدني ويساعد آخرين على ذلك.
أحد الذين تبنوا مذهب "الإسمانية" وتطرف فيه إلى أقصى حد هو الأسقف والفيلسوف "جورج باركلي"
George Barkeley ، وقد أدى به هذا إلى استنتاج مذهب "الذاتية المثالية"
Subjective Idealism والتي تقول أن كل شخص يدرك كل شيء بشكل مختلف عن الآخر، ولا أحد يستطيع أن يدرك شيئاً كما هو موجود حقيقة. وبالتالي فالذهن الإنساني لا يمكن أن يدرك العالم أبداً كما هو موجود حقيقة، ولا بد أن يكون هناك ذهن يدرك الحقيقة، وله يد تتدخل في كل شيء وفي كل الأوقات بشكل مباشر ، وهذا الذهن هو "الله"، وبالتالي فالعالم الذي ندركه ونعيشه ليس إلا وهماً وحلماً ، والذهن الإلهي هو الحق الوحيد، وهو موجود في كل مكان وكل زمان غير منفصل عن الكون.
وهو تطور للفكر الذي حمله بعض فلاسفة الأفلاطونية المحدثة
Neoplatonists مثل القديس أوغسطين والذي قال بأن "الكليات" توجد حقيقة في عقل الإله
Mind of God
وعلى الرغم من الإتجاه الذي انتهى إليه باركلي، والذي لا يتفق معه فيه الآخرون من أتباع مذهب " المشابهة الإسمانية" Resemblance Nominalism أو حتى المدارس الأخرى من "الإسمانية" Nominalism .
ولكن النتيجة التي وصل إليها باركلي ، أدت إلى اصطدامه الشديد مع من حاول أن يقول أن "الكل" منفصل عن الزمان والمكان، خارج عنه، وهو ما يعني اصطدامه مع إسحق نيوتن Isaac Newton
الذي كان معاصراً له، والذي أدت استنتاجاته إلى الثنائية الفاصلة بين الروح والجسد، والتي نتجت عن قوله بأن الله خلق العالم كما صنع الساعاتي ساعته، ثم أتم الخلق على أكمل وجه وصعد فوق الزمان والمكان، واستوى على العرش، واستراح وكف يده عن كل شيء، وبقي مشاهداً بعد أن وضع منتجه الجديد قيد العمل لا يتدخل في عمله ذلك ، فلا تجد في خلقه من ثغرة أو "فطور" كما في سورة الملك :
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)
وكما جاء في تكوين التوراة :
31 و رأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً و كان مساء و كان صباح يوماً سادساَ
2: 1 فأكملت السماوات و الأرض و كل جندها
2: 2 و فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل
2: 3 و بارك الله اليوم السابع و قدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً
وهذا ما أدى إلى نشأة ثنائية الروح والجسد في الفكر الحديث، حيث تم فصلهما عن بعضهما تعسفياً، وأصبح الصراع واضحاً بينهما، فالنفس أمارة بالسوء، والروح تعمل ضد الجسد والجسد ضد الروح.
غضب باركلي من نيوتن وكتب رسالة اسمها "رسالة في التحليل موجهة إلى الرياضي الكافر"
The Analyst. A Discource addressed to an Infidel Methematican
وهو ما فتح موضوعاً جدلياً هاماً استمر لقرون طويلة من عصر البشرية ولا زال مستمراً حتى عصرنا الحديث.
ملحوظة: احتوت هذه المداخلة على صور أكثر مما ظهر فيها.
والسبب على ما يبدو، أن النادي لا يسمح بإدخال أكثر من صورتين في مشاركة واحدة.
هناك صورة لنيوتن. موجودة ضمن محتوى المداخلة، لم تظهر.
إذا أمكن أن تسمح إدارة النادي بظهور خمس صور ضمن مداخلة واحدة فسوف يكون هذا أفضل.
مع الشكر مقدماً
وللموضوع بقية...
أراكم بعد حين