الغالى الصديق mirage
اما عن كتاب محنة العقل فى الاسلام لمصطفى جحا فاهميته ترجع لاراء مؤلفه الشجاع فى التعبير عن رأيه فى القضايا الاسلامية بصرف النظر عن مدى موضوعية استدلاله , ويكفى الرجل فخرا انه دفع حياته ثمنا لما لمجرد ان قال رأيه فى الاسلام , فللاسف مجتمعاتنا المتخلفة لا تتحمل من يكشف عورتها وجهلهافتسفك دم من يخالفها
اما عن كتاب قس ونبى فهو يقدم عرضا عميقا لوجهة نظر كاتبه وملخصها ان هناك علاقة بين ما جاء به محمد وما كان سائدا فى الفكر الدينى السابق للاسلام وخاصة المعتقدات المسيحية
لذلك من الجيد ان تضع هذا الكتاب على السيرفر لمن اراد ان يقرأ فكرا جديدا لم يألفه
تقول :
--------
فى آخر بضعة صفحات من كتاب "قس ونبى"، ركز أبو موسى الحريرى على "إنجيل الأبيونيين"
والأبيونية هى طائفة من مهرطقى المسيحية كانت نصف يهودية/نصف مسيحية، ويستخدمون إنجيل واحد يشابه إنجيل "متى" ولكنه باللغة العبرانية
خلاصة "قس ونبى".. أن الإسلام هو النسخة المعربة من العقيدة الأبيونية..
أحتاج معلومات عن هذا الإنجيل يا سواح، ولا أعرف شخص أثق بنزاهته البحثية مثلك..
تكلم عنه أوسابيوس، وأوريجانوس، وإكليمندس السكندرى، وأبيفان، وجيروم.. وكان يستخدمه أغناطيوس الأنطاكى، وأوريجون، وإيريانوس
لكنى فشلت فى الحصول على معلومة تروى عطشى إلى محتوياته..
هذا الإنجيل مهم جدا.. إذ قد يفسر الكثير والكثير
فهو غنوصى (لا يؤمن بألوهية المسيح)
ويحدد "الصوم الكبير" للأبيونيين فى شهر رمضان.
وأشياء كثيرة مثيرة جداً..
يا ريت يا سواح لو تفيدنى بهذا الصدد، فأنت محرك بحث دينى يفوق الغوغل العظيم..
وأثق أنها مادة ستثير شغفك بشدة..
-------------
عزيزى اشكرك على ثقتك بى وبمجهودى البحثى وانا لا استحق كل هذا الثناء
وبناء على طلبك فان طلباتك اوامر
لقد قمت ببحث بعنوان ( مذهب الدوستية الغنوصي , وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )
وستجده فى نادى الفكر لو بحثت عن مشاركاتى
وقمت ايضا بنشره فى شبكة اللادينيين العرب
وهناك قام صديق وباحث جاد اسمه ( ابن الراوندى ) بعرض دراسة له مكملة لدراستى ركز فيها على جماعة الابيونيين وقام بالتعريف بهم ومعتقداتهم وتاريخهم
لذلك لاعطاء كل ذى حق حقه , واعترافا منى بعمق وموضوعية دراسته انقلها لك بحذافيرها , واعتقد انها ستروى ظمأك المعرفى لما فيها من عمق وحاسة نقدية حيادية
الرابط :
http://ladeeni.net/forum/viewtopic.php?t=1...7a8d73a04fff9b7
وانقل لك ما كتبه الاستاذ ابن الراوندى بدون اى تعليق او تعديل
-----------------------
الجذور الأبيونية لنفي ألوهية المسيح في الإسلام
بداية , احب أن أسجل هنا تقديري الخاص للبحث القيم جدا الذي تفضل به الزميل العزيز"سواح", والمعنون ب " مذهب الدوستية الغنوصي , وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم".
وأعتبر ان ما أطرحه في هذا المقال هو محاولة متواضعة لتكملة الصورة التي بدأها البحث السابق عن الجذور الفكرية للتصور القرآني عن "يسوع" المسيح ..
وانسجاما مع الفكرة الرئيسة للبحث السابق (والتي أوافق عليها تماما ), في كون محمد قد تأثر فيما زعمه في قرآنه عن "يسوع" بآراء سابقة عليه , مقتبسة بالأساس من آراء غنوصية سابقة على الإسلام بمئات السنين ..
أحببت ومن باب تدعيم تلك الفكرة , وبما يثري البحث أن أقتبس لكم جانبا مما سطره الباحث الراحل في التاريخ الإسلامي "خليل عبد الكريم " في كتابه القيم "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين" & الصادر بمصر عن " دار ميريت للنشر والمعلومات "
وباحثنا المشار إليه رجل ينتمي لتلك المدرسة الفكرية التي أنضوي تحت لوائها , والتي أحسب أن كاتب البحث السابق يشاركني كذلك في الإنتماء إليها ألا وهي "المادية التاريخية " والتي تنبذ التفسير اللاهوتي للتاريخ , القائم على إعتبار مسيرة التاريخ البشري هي نتاج للتدخل الإلهي على الأرض .
فعلى العكس من هذا النهج الغيبي , يفسر المنهج المادي التاريخي التاريخ البشري بالإستناد لعوامل مادية من داخله تمثل أسسا تحتية : " إقتصادية, جغرافية,..الخ" لبنائه الفوقي..
أو بعبارة "لابلاس" الشهيرة لنابليون عن الله : " أن لا حاجة به في نظامي " ..
فالأنظمة الإجتماعية والمادية لا تفسر إلا بما هو موضوعي قابل للبحث والتجريب بإنتمائه للواقع المحسوس ..
وعلى هذا الأساس وحده شيد العلم الحديث في شتى ميادينه ( ومنها التاريخ) أسس إنتصاره الوليد على الفكر الغيبي الأحفوري , المنتمي لعوالم قديمة بائدة كونت بالخرافة لا العلم نظرتها
لشتى ميادين الحياة..
يحدثنا الكاتب الراحل بإيجاز عن معالم منهجه المادي التاريخي في تناول التاريخ الإسلامي بكتابه القيم " قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية " قائلا :
" لنبتعد عن الأساطير ..ولنسلم بعجزنا عن دراسة الماورائيات دراسة موضوعية , ولنتحاشى
العواطف الفجة , والإجابات المعلبة..
بعد أن نفعل ما سبق يصبح المطمح واضحا ومحددا , وهو إعادة كتابة التاريخ العربي الإسلامي بمنهج علمي يتلمس الطريق إلى الحقائق الموضوعية الكامنة وراء الأحداث.."
وعلى هذا الأساس المادي التاريخي , وعبر العشرات من المصادر الموثقة , يقدم باحثنا رؤيته عما أسماه" فترة التكوين " لمحمد (التكوين الفكري) , والتي مثلت بنظر الباحث الأساس المعرفي الذي بنى عليه محمد دعوته , وتغطي هذه الفترة بنظر الباحث " الخمسة عشرة" عاما السابقة لدعوته منذ كان زوجا لخديجة بنت خويلد في الخامسة والعشرين من عمره ..
تلك الفترة التي يراها الباحث حاسمة في بناء ثقافة محمد بالتوراة والإنجيل , والتي كان لقريب زوجته , المسمى " ورقة بن نوفل" دورا كبيرا ومهما في بنائها !
وهو الرجل الذي تبحر في علمه بالتوراة والإنجيل ..
ويرى باحثنا أن محمدا قد تأثر بأفكار ورقة هذا ,والذي آمن بوحدانية مجردة بالله , وبأن المسيح لم يكن إلا نبيا , فأنكر بذلك تماما ألوهية المسيح …
والنظرة السابقة عن ألوهية المسيح بنظر الباحث أخذها ورقة عن طائفة من اليهود المتنصرين إستوطنت التخوم الشمالية لشبه جزيرة العرب , وجنوب الشام , حملت فكرها نقلا عن إحدى الجماعات الغنوصية المسماة بالأبيونيين ..
فمن هم الأبيونيين ؟
يحدثنا د. رمسيس عوض في كتابه " الهرطقة في الغرب" عن هذه الفرقة كإحدى الفرق التي ظهرت في القرن الأول الميلادي ضمن من أسمتهم الكنيسة بالهراطقة , قائلا:
" الأبيونية _ وهي كلمة عبرانية معناها الفقير أو المسكين _ حركة قريبة الشبه بالتهويدية( إحدى حركات الهرطقة في القرن الأول الميلادي) من حيث استمساكها بدرجات متفاوتة بالتعاليم الموسوية , انتشرت في فلسطين والمناطق المجاورة مثل قبرص وآسيا الصغرى حتى وصلت إلى روما . وبالرغم من أن معظم أتباعها من اليهود فقد اتبعها عدد من الأمم ( أي من غير اليهود) . ظهرت الهرطقة الأبيونية في أيام المسيحية الأولى لكنها لم تصبح مذهبا له أتباعه ومريدوه إلا في أيام حكم الإمبراطور "تراجان" (52 _117 م).
واستمرت في البقاء حتى القرن الرابع الميلادي فيما يقول المؤرخون أو نحو منتصف القرن الخامس الميلادي فيما يقول الأنبا " جريجوريوس"…
…ويقسم الباحثون "الأبيونية " إلى ثلاثة أنواع :
1- الأبيونية الفريسية المتطرفة .
2- الأبيونية المعتدلة
3- الأبيونية الأسينية.
نبدأ بالنوع الفريسي المتطرف فنقول أنه أكثر الأنواع الثلاثة شيوعا واستمساكا على نحو حرفي بالشريعة الموسوية. أنكر المسيحيون الأبيونيون عذرية مريم واعتقدوا أن المسيح بشر
لا يختلف عن موسى وداود وأنه ثمرة علاقة جسدية ربطت مريم بيوسف , وحافظوا على السبت وسائر نظم اليهود ورفضوا الإعتراف بالأناجيل الأربعة باستثناء نسخة عبرية شائهة
وممسوخة من إنجيل "متى" لم يعد لها وجود الآن .كما أنهم أنكروا ألوهية المسيح وذهبوا إلى
أنه مجرد إنسان هبط عليه الروح القدس عند تعميده في طفولته على هيئة حمامة وأن هذا الروح القدس تركه وقت الصلب …
… يقول الأنبا "جريجوريوس" في كتابه " علم اللاهوت المقارن" إن الأبيونيين الفريسيين
اتسموا بالتزمت وأنكروا لاهوت المسيح " ولم يعترفوا بوجوده الإلهي قبل التجسد ورفضوا
أن يعتبروه اللوجوس أو كلمة الله وحكمته , كما أنكروا ميلاده المعجزي من العذراء .."..
… وقد حملت جماعة الأبيونيين الفريسيين حملة شعواء على القديس "بولس" وأنكروا رسوليته بسبب استماتته للحيلولة دون تهويد المسيحية أو احتوائها في إطار الشريعة الموسوية…
…وعلى الرغم من هرطقة الأبيونيين الفريسيين فقد أدى واحد منهم واسمه "سيماكوس" خدمة جليلة للعالم المسيحي نحو نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث بترجمة العهد القديم إلى اليونانية. وهي ثالث ترجمة قيض لها الظهور في تاريخ المسيحية بعد ترجمة كل من اكويلا
وثيوديون له .ويمتدح العلامة "جيروم" الذي عاش في القرن الرابع الميلادي ترجمة "سيماكوس"اليونانية بمقارنتها بالترجمتين الأخريين..
… والجدير بالذكر أن ترجمة سيماكوس تركت أعمق الأثر في "جيروم" أثناء إضطلاعه بترجمة الكتاب المقدس إلى اللاتينية…
…. أما النوع الثاني من الأبيونيين فيسميه الأنبا " جريجوريوس" الأبيونيين المعتدلين الذين
استمروا حتى أيام القديس أيرنيموس "342_ 420م" ويتفق هذا النوع الأول من الأبيونيين
على أن يسوع هو المسيح المنتظر وعلى إنكار لاهوته …
… ويتساهل الأبيونيون المعتدلون فيذهبون إلى معجزة ميلاد المسيح من مريم العذراء…
… وقد انبثق من الأبيونية بنوعيها الأول والثاني نوع ثالث من الهرطقة يعرف بالأبيونية
الغنوصية أحيانا والأبيونية الأسينية أحيانا أخرى (نسبة إلى إيسين وهي جماعة سرية ظهرت
قبل المسيحية بنحو مئة وخمسين عاما) وتميل هذه الجماعة الأبيونية الثالثة إلى التأملات الصوفية وإلى الزهد والتقشف …
…وقد رفضت الأبيونية الغنوصية الجانب الأكبر من تاريخ اليهودية واعتبرته انحرافا عن صحيح العقيدة الموسوية.ولهذا نبذت الإيمان بالعهد القديم باستثناء الأجزاء الخمسة منه الموحى بها إلى موسى …
… وأيضا ذهبت الأبيونية الغنوصية إلى تقسيم الأنبياء إلى نوعين : أنبياء الحقيقة مثل آدم ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وقارون وموسى وأنبياء الفهم (وليس الحقيقة) مثل داوود وسليمان وأشعيا وأرميا. وإلى جانب إنكارهم فيما يبدو لبعث الأجساد ونشورها .
يرفض الأبيونيون الغنوصيون مذهب التثليث أي الإيمان بالآب والإبن والروح القدس .ولكنهم
آمنوا بنوع من الثنائية الغامضة فذهبوا إلى وجود قوتين إلهيتين تتمثل إحداهما في مبدأ ذكر هو إبن الله الذي اعتقدوا أنه تجسد في آدم أول الأمر ثم يسوع في آخر الأمر .وتتمثل الأخرى في الروح القدس . ويبدو أن هذه الجماعة مارست الإيوخارست (سرالمناولة) من الخبز الخالي من الخميرة والماء بدلا من الخمر التي درجت المناولة في المسيحية على استخدامه ..
… ويقول الأنبا "جريجوريوس " إذا كانت الأبيونية الفريسية قد ورثت تعاليمها من الكنيسة اليهودية فإن الأبيونية الأسينية هي ثمرة الخلط بين المسيحية والمذهب اليهودي الأسيني وبعض المباديء التصوفية الغنوسية والشرقية".
( إنتهى هذا الإقتباس المختصر بتصرف عن كتاب د. رمسيس عوض " الهرطقة في الغرب" )
ويقدم لنا الباحث "خليل عبد الكريم" هؤلاء الأبيونيين من عدة مصادر أخرى في كتابه السابق المشار إليه سابقا :
(" وأظهر ما تتميز به عقيدة هؤلاء الأبيونيين تمسكهم بالتوحيد المجرد , وإنكارهم دعوى تأليه المسيح واعتباره مجرد إنسان نبي والتزامهم بكتب موسى والأنبياء وما تقضي به من شعائر وفروض "/ عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية –حسني يوسف الأطير).
(" ومن بين اليهود الذين قبلوا المسيح وكان هناك من دخلوا في شركة كاملة مع إخوانهم الأممين ولم يدعوا أي امتياز لأنفسهم عنهم استنادا إلى الناموس ..وذلك بإصرارهم على ضرورة حفظ الناموس ..وعلى هذا فقد انتقلوا من كونهم حزبا في إطار الكنيسة إلى وضع شيعة خارجة عنها ونجدهم في نحو منتصف القرن الثاني وقد أصبحوا زمرة من الهراطقة ..
وبعد ذلك بوقت قصير صنفهم الكاتبون تحت اسم (الأبيونيين) ..ولقد أنكروا أن يكون بولس رسولا ولم يستخدموا سوى إنجيل متى بل وفي صورة مشوهة وكان ..رأيهم أن المسيح رجل عادي حبل به بالشكل العادي ولم يتميز سوى ببره وعطية الروح القدس السامية …ومن ناحية أخرى يتحدث العلامة "أوريجانوس " عن طائفتين من الأبيونيين ويوضح أن إحدى الطائفتين تنكر الحمل العذراوي بالمسيح , بينما تؤيد ذلك الطائفة الأخرى … واتخذوا لهم لقب الناصريين … وهم يتحدثون الآرامية , وكان لهم إنجيلهم الخاص و… استخدموا إنجيل متى … "/ موسوعة آباء الكنيسة- المجلد الأول – الهرطقات النابعة من اليهودية أولا الأبيونيون والناصريون ).
( " يمكننا وصف الأبيونيين عموما بأنهم المسيحيون من اليهود الذين عملوا على الإحتفاظ بقدر الإمكان على تعاليم العهد القديم ..ويقول "جيروم " من القرن الرابع إنه وجد في فلسطين
مسيحيين يعرفون باسم ناصريين وأبيونيين ولا نستطيع الجزم هل كانا مذهبين أو أنهما كانا
جناحين لمذهب واحد… وإنجيل الأبيونيين أو إنجيل الإثنى عشر رسولا كما كان يسمى يمثل
مع "إنجيل العبرانيين " … الروح المسيحية اليهودية … ويقول "إبيفانيوس" 376م أن الناصريين لديهم إنجيل متى في صورة أكمل في العبرية الآرامية"/ دائرة المعارف الكتابية الجزء الأول – وليم وهبة )
ويسلط الباحث مزيدا من الضوء على إختلاف الأبيونيين مع رؤية "بولس" الرسول , والقائل
بألوهية المسيح :
( "إن الفرقة البيونية تقول إن بولس مرتد وكانت تسلم بإنجيل متى , لكن كان هذا الإنجيل عندها مخالفا لهذا الإنجيل المنسوب إلى متى الموجود عند معتقدي بولس الآن في كثير من المواضع , ولم يكن البابان الأولان فيه . فهذان البابان وكذا كثير من المواضيع محرفة عند
هذه الفرقة … "/ إظهار الحق- الشيخ رحمت الله بن خليل الهندي –نقلا عن "عقائد النصارى
الموحدين" للأطير )
و لنلاحظ هنا بوجه خاص الجذور الأولى لفكرة التحريف كتهمة كانت تقذف بها بعض الفرق اليهودية/ المسيحية بعضها البعض , والتي تبناها "محمد" بعد ذلك على نطاق واسع..ولنتابع
إذا إقتباساتنا في السياق ذاته…
( " وكان كيرنثوس الذي عاصر الحواريين يؤكد أن الإصحاحيين الأولين في إنجيل متى , والمشتملين على قصة ميلاد يسوع لم يكونا أصلا في النسخة العبرانية , بل هما من إضافة
شيعة شاؤول (بولس) دعاة تأليه إبن مريم "/ عقائد النصارى الموحدين – الأطير )
فالإنجيل الخاص للأبيونيين إذا والمخالف لإنجيل "بولس" بحسب موسوعة آباء الكنيسة هو إنجيل "متى" , وهوالذي إعترض الأبيونيون على ما رأوه إضافات إليه من عمل بولس وشيعته بما يدعم وجهة نظر بولس في تأليه المسيح..
هذا الإنجيل الأبيوني الخاص هو ما يسمى بإنجيل العبرانيين ..وهو الذي تمسك به الأبيونيون
به كإنجيل خاص بهم مهملين باقي الأناجيل ..
( " وقد استكملوا فقط ما يدعى إنجيل العبرانيين ولم يبالوا كثيرا بالأسفار الأخرى" & " من المحتمل أن يكون إنجيل الناصريين هذا هو الأصل العبراني لإنجيل متى ثم طرأت عليه توسعة وتعديل"/ عقائد النصارى الموحدين/ الأطير)
ويضيف المؤلف نقلا عن الشيخ محمد الغزالي بحسب زعمه , عن الأبيونيين وما نشب بينهم
وبين بولس من صراع حول تأليه المسيح :
( وقد تعرضوا من فرقة بولس المغيرين لدين المسيح للإضطهاد ومن ثم فروا بدينهم خارج فلسطين بعد أن وسمهم شاؤول أو بولس وزمرته بالهرطقة , ومنهم الجماعة التي وصلت إلى جزيرة العرب وتلك التي إستوطنت حدود الشام التي على مشارفها )
ونخلص إذا من مجمل هذه الإقتباسات المطولة , إلى أن ما قد يفهم منها , أن جماعة " الأبيونيين" متعددة الآراء والفرق كانت في الأساس جماعة يهودية النزعة رأت في المسيحية إمتدادا لليهودية بما ينتج عنه أن المسيح لم يكن إلا بشرا و نبيا يهوديا في زمرة الأنبياء الإسرائيليين..
فلما إخترع "بولس " قصة ألوهية المسيح والتي مزج فيها عقائد الفداء السائدة بالمنطقة المتوسطية كالعقيدة الأوزيرية المصرية , وعقائد آلهة الفداء الأخرى "ميثهرا"& "تموز"& "ديونيسيوس"..الخ مزجها بالفلسفة اليونانية لاسيما فلسفة الكلمة واللوجوس الرواقية فأسس من ذلك كله إنطلاقا من واقعة صلب المسيح مفترضة الحدوث , أسس ديانة جديدة تتسق مع المزاج الهليني الذي تمتزج فيه ثقافات الشرق بالغرب , وترتكز على الميراث اليهودي المقدس , وتنافس عقائد الفداء المماثلة ..
رأى الأبيونيون في ذلك إنتقاصا من اليهودية ذاتها , بتأسيس دين مستقل عنها فنشبت بينهم
وبين "بولس" وحزبه (الذي قدر له الإنتصار المؤثر فيما بعد بعدة مئات من السنين بديانته
المسيحية الجديدة"يهودية الجذر" على عقائد الفداء الأخرى , ليصنف مخالفوها في زمرة الهراطقة!) نشبت بينهم صراعات قادت هؤلاء " الأبيونيين" إلى شمال الجزيرة العربية , وتخوم الشام المجاورة لها , وتركوا أثرا فكريا من بعدهم في نصارى هذه البقعة يتمثل في نفي ألوهية المسيح , وفي كونه محض رسول قد خلت من قبله الرسل ..
لننتقل بعد ذلك مع الباحث إلى "ورقة بن نوفل" ذلك الرجل النصراني العالم بالتوراة والإنجيل , وإبن عم زوجة محمد : "خديجة بنت خويلد" :
( " كان ورقة من هؤلاء الذين اعتنقوا النصرانية , وكان يعد من أعلم رجال مكة بالنصوص
المقدسة , ولقد عاش ما عاش مع رهبان الشام../" محمد رسول الله" _ناصر الدين آتيين دينييه
وسليمان بن إبراهيم )
(… حفظ من النصرانية ما حفظ ووعى من علم الأحبار والرهبان ما شاء الله أن يعي , ثم عاد بهذا كله إلى مكة فأقام فيها … / "على هامش السيرة" _طه حسين)
وأن خديجة ..كانت تزور إبن عمها ورقة بن نوفل , وكان قد تنصر وقرأ الكتب , وسمع من أهل التوراة والإنجيل … / " السيرة النبوية للندوي" ).
( ..ويكتب " يعني ورقة" من الإنجيل بالعربية ..لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتاب العبراني , فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي لتمكنه من الكتابين واللسانين ../ "فتح الباري"_ "إبن حجر العسقلاني" )
( "أن القس " يقصد ورقة بن نوفل" , قريب خديجة زوجة محمد" كان يؤوب إلى ما بقى من الرهبان على دين عيسى الذي لم يبدل , وهم الشيعة أو الفرقة النصرانية التي لم تزعم أن إبن
مريم إله يعبد مع الله , وهم النصارى الموحدون أو النصارى المتهودون أو الأبيونيون"/ نقلا عن "إبن حجرالعسقلاني" في كتابه "فتح الباري/ ج1).
وحينما علم "محمد" بوفاة "ورقة " :
("… قال ورقة : لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا
مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي , وفتر الوحي ..حتى حزن رسول الله..فيما بلغنا فغدا
من أهله مرارا لكي يتردى من شواهق جبال الحرم "/ السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين _ محب الدين أحمد الطبري )
… ولنطالع بعد ذلك مع الباحث جانبا مما جاء به محمد في قرآنه عن "يسوع" المسيح :
( "إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه"/ النساء 171 )
( " ما المسيح إبن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل "/ المائدة 75 )
( " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح إبن مريم " / المائدة 71&72 )
( " ذلك عيسى إبن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه" /مريم 23 )
( " قال إني عبد الله أتاني الكتاب , وجعلني نبيا "/ مريم 19 )
وأترك باحثنا "خليل عبد الكريم" وكتابه قليلا , لأنتقل سريعا ومؤقتا إلى الباحث:
"حسين العودات" في كتابه " الموت في الديانات المشرقية" , لنقف معه على أمر هام يخص المسيحية عموما بكل مذاهبها يتمثل في وجود كثيرين بشبه جزيرة العرب كانوا على علم بتلك الديانة, جلس محمد إلى بعضهم :
("… وكان في شبه الجزيرة العربية , آلاف العبيد والموالي على النصرانية , ولم تخل مدينة
أو قبيلة منهم , فكان في مكة وفي الطائف وفي يثرب وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب ,
رقيق نصراني , كان يقرأ ويكتب ويفسر للناس ما جاء في التوراة والأناجيل , ويقص عليهم
قصصا نصرانيا , ويتحدث إليهم عن النصرانية , ومنهم من تمكن من إقناع بعض العرب في
الدخول في النصرانية… " / المفصل في تاريخ العرب_ جواد علي )
("… حتى أن قريشا اتهمت الرسول في بدء دعوته بأنه يأخذها عن غلام أعجمي , وقال ابن
هشام في السيرة النبوية : وكان رسول الله.._فيما بلغني_ كثيرا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر , عبد لبني الحضرمي , فكانوا يقولون : والله ما يعلم محمد
كثيرا مما يأتي به إلا جبر النصراني … وفيه نزلت الآية القرآنية :" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ").. إنتهى الإقتباس
وتعليقي على منطق محمد في هذه الآية , ولماذا إذا كنت تجلس كثيرا إلى رجل لم تكن تفهم لغته تماما أو ربما بصعوبة ؟.. هل كنتما تستمعان بحديث لا تفهمان منه إلا القليل أو ربما
لا تفهمان شيئا على الإطلاق ..فتكتفيان بمتعة الصمت , وأن يتأمل كلاكما الآخر لمدد طويلة !!!!!!!!!
وفي السياق نفسه نعود للباحث " خليل عبد الكريم" وكتابه , لنعلم أن محمدا قد عرف أشخاصا , نصرانيين أبيونيين(؟!) ك: بحيرا وسرجيوس ونسطورس وانسطاس وعداس وميسرة وناصح , و أن الأخيران هما غلامان لزوجته خديجة !!!
وبعض هؤلاء الذين أوردهم الباحث إلتقاهم محمد في سفره للشام في تجارة زوجته خديجة !
وإن كان "خليل عبد الكريم" , في كتابه الذي إعتمدت عليه بشكل رئيس هنا , قد ذهب بشكل شبه صريح إلى أن " خديجة بنت خويلد" و إبن عمها " ورقة" قد أشرفا على إعداد محمد فكريا
فلا يسعني إلا أن أتحفظ بشدة حيال ذلك لإفتقاري لبرهان مقنع , وكاف على هذا القصد المزعوم؟! ..
ومن ذلك الحديث السابق يفهم أن ماورد بقرآن محمد , عن نفي ألوهية المسيح وبنوته لله
لم يكن من الصعب على محمد أن يعرفه أو أن يقول به في غياب وحي مزعوم وهو قريب الصلة جدا , برجل كورقة تأثر بهذه الفكرة التي قال بها النصارى الأبيونيين المعاصرين لهما آنذاك, أولئك الذين عرفهم ورقة عن قرب حين مكث بينهم في الشام يستمع إليهم ويحاورهم قبل أن يستقر بمكة , و هي الفكرةالتي تتفق كذلك مع ميل محمد للتوجه الحنفي اليهودي التوحيدي ,هذا التوحيدالذي يمثل الوجه العقائدي للحلم السياسي بدولة عربية قرشية موحدة..
ناهيك عن معرفة محمد بالتيارات الفكرية المسيحية الأخرى عبر أشخاص عديدين , بعضهم
كانوا من عبيد زوجته !!
والعجب كل العجب ممن يرون في ذلك الشأن الأرضي إعجازا , لا سبيل لعلم به إلا بوحي من السماء مجنح !!!!!
ولا يسعني في الختام إلا الإكتفاء بأن أرجح جدا أن محمدا بصفة عامة , لم يكن كما يزعم سدنة التدين المدرسي الإعلامي في عصرنا ,كان رجلا حوله جهله بالقراءة والكتابة إلى إنسان بلا ثقافة , معزول تماما عن أي معرفة , فلا يكون للوارد في قرآنه من مصدر أمامنا وفقا لتلك الرؤية إلا أن نقبل بإيمان أعمى بالوحي المزعوم كمصدر وحيد لتلك الثقافة …
لقد عرف محمد خلال حياته أناس كثيرون , كانوا على ثقافة واسعة بشتى ألوان التيارات الفكرية والدينية السائدة آنذاك , بعضهم كان من خاصة أهله وأقاربه كجده عبد المطلب المطلع على اليهودية وأحد كبار أتباع ومنظري التيار الحنفي , مرورا بقريب زوجته "خديجة" ورقة بن نوفل ( البطل المجهول لهذا المقال !!) , وصولا إلى أقطاب ثقافية مرموقة بمعايير هذا الزمان من شعراء وغيرهم من مفكرين نصارى وأحناف من أمثال : " قس بن ساعدة"
الذي قال عنه محمد بأنه يبعث يوم القيامة أمة وحده لما إستمع إليه قبل الإسلام , و"امية بن أبي الصلت" الذي كان محمد يستزيد من سماع شعره وقال عنه " أنه آمن شعره وكفر قلبه", حيث إعتقد أمية أنه بالنبوة أولى من محمد لما تميز به من علم غزير , ومات في الطائف ,قبل محمد بعامين كافرا بمحمد ودعوته !!
و"زيد بن عمرو بن نفيل "… و"زهير بن أبي سلمى" الخ…
ولنختتم كلامنا السابق بما تحدث به الباحث "حسين العودات" في كتابه المشار إليه سابقا
والذي يعبر عما أردت أفضل تعبير, يقول:
( … أن صلات العرب مع الأديان والتقافات العالمية كانت قائمة , بغض النظر عن عمق
درجتها , ولم يكن العرب في شبه جزيرتهم , بعيدين عن التيارات الثقافية والحضارية الإنسانية ومعطياتها , فمن سكن مكة أحاط بعلم العرب العاربة وأخبار أهل الكتاب , وكانوا يدخلون البلاد للتجارة فيعرفون أخبار الناس . وكذلك من سكن الحيرة وجاور الأعاجم علم
أخبارهم , وأيام حمير وسيرهم في البلاد , وكذلك من سكن الشام خبر بأخبار الروم وبني إسرائيل واليونان , ومن وقع بالبحرين وعمان فعنه أتت أخبار السند وفارس , ومن سكن اليمن علم أخبار الأمم جميعا , لأنه كان في ظل الملوك السيارة..
وإن أهمل المؤرخون العرب نسبيا , تأريخ حياة العرب الفكرية والدينية قبل الإسلام لضرورات الدعوة الإسلامية(!!!!!!!!!!!!!!!!!) , ولئن بالغ بعضهم في البحث عن سلبيات
تلك المرحلة والحديث عنها , فإن ذلك لا يلغي وجود ثقافة متعددة الجوانب , مطلعة على الثقافة الإنسانية بشكل أو آخر.. )
وكذلك :
( ..فإن ظهور الإسلام لم يكن قفزة في فراغ , لأن التطور الإقتصادي والإجتماعي والفكري العربي , وصل إلى مرحلة متقدمة قبيل ظهور الإسلام , كان بالإمكان معها إستيعاب رسالة الإسلام ..)
فما جاء به محمد بنظري هو محض دين وضعي بشري هو جماع لأديان عصره وثقافاته التي وعاها من يهودية , ومسيحية , وحنيفية , بل ووثنية أسطورية بعضها معاصر , وبعضها عتيق غابر في الأولين..و ليس زعمه بالأصل الإلهي الغيبي لدينه هذا إلا سنة في الأقدمين , يبطلها المنهج المادي التاريخي العلمي المعاصر والمحايد , وهو المنهج الذي تصر جموع المتدينين على تعطيله فقط حينما يتصل الأمر بدينها , وربما قبلته بفصام بارد حين تنظر لمعتقدات الآخرين , وتاريخها !!!!! .
أعتذر جدا للإطالة, مع خالص شكري لكل من تحمل عناء قراءة ما كتبت , ومرحبا بكل
نقد بناء من جميع زملائي المحترمين.
إبن الراوندي
---------------------------
وبعد ان اطلعت على هذه الراسة الجيدة قمت بالتعليق على الاستاذ ابن الراوندى
وها هو تعليقى ويحتوى على ما يثرى الموضوع :
-------------
الاستاذ الفاضل ابن الرواندى
ان دراستك ( عن الجذور الأبيونية لنفي ألوهية المسيح في الإسلام ) تعتبر اضافة جادة تتلاقى مع دراستنا عن مانى ودراستنا عن الفرقة الدوسيتية الغنوصية , والتى جميعها يشير الى حقيقة تاريخية لا يمكن انكارها , الا وهى ان التيارات الفكرية والعقائدية التى كانت تعج بها منطقة الشرق الاوسط تركت اثارها على المناخ الفكرى للجزيرة العربية , وتمثلت فى معتقدات الفرق اليهودية والفرق المسيحية المتعددة التى كانت تعيش فى هذه البقعة
اذا تتبعنا كل ما جاء عن عيسى ( يسوع ) فى الفكر الاسلامى خاصة القرآن , عن ميلاده وحياته ومعجزاته وانكار قتله وصلبه وانكار الوهيته , فان كل ما ذكره القرآن على انه وحى الهى لا ياتيه الباطل من بين يديه او خلفه , ما هو الا تلخيص وايجاز وانتقاء لعقائد مسيحية سبقت الاسلام بستة قرون , خلال هذه القرون ظهرت مذاهب متعددة اختلفت مع بعضها البعض فى طبيعة المسيح الانسانية والالهية وعلاقته بالله ,
هل هو مجرد انسان مثل باقى البشر ؟
هل هو الله متجسدا ؟
هل هو احد شخوص ( اقانيم ) الاله ؟
وان كان هو ابن الله فهل هو مساو ومعادل للاب ؟ أم انه اقل درجة ؟
وان كان هو كلمة الله ( اللوغوس ) فهل اللغوس هو نفسه الله ام انه اول مخلوقات الله والذى به خلق العالم والوجود ؟
وان كان هو الله او ابن الله فهل عندما صلب وقتل على الصليب صلب وقتل الجانب الانسانى فيه فقط ؟
وان كان الله ليس بجسد او مادة فهل كان جسد المسيح مجرد خيال وهمى ام انه جسد حقيقى ؟
اسئلة لا تنتهى , وكل سؤال يفتح المجال لاسئلة اخرى !!
ادت هذه الاسئلة لاختلاف المسيحيين الاوائل , فنتج عن ذلك مئات الفرق التى تنسب نفسها للمسيحية
وتنوعت ما بين فرق تستند على الفلسفة اليونانية
وفرق تستند على الافكار الغنوصية القديمة التى تسبق المسيحية تاريخيا
وفرق تسنتند على الفكر اليهودى البحت
وفرق مزجت بين هذا وذالك
وازاء هذا الخضم الذى لا ينتهى من الافكار والعقائد حاولت المجامع المسيحية بدءا من مجمع نيقية ان تصل لصيغة واحدة يتفق عليها كافة المسيحيين واعتبرت من يخالفها من الهراطقة
ومع ذلك تسللت افكار كثير من العقائد المخالفة الى كافة ارجاء اسيا واوروبا وافريقيا
ومن بين هذه الفرق كانت الفرقة الابيونية التى لم يعدم لها اتباع فى كل مكان وعبر قرون المسيحية الاولى
وقبل ظهور الاسلام كان لهذه الفرقة اتباع متواجدين فى شمال الجزيرة العربية وجنوب الشام
واتباع هذه الفرقة كان معظمهم من اليهود الذين اعتنقوا المسيحية وكانوا يقدسون العهد القديم وشرائعه مما جعلهم لا يميلون لتعاليم بولس الذى حط من شأن طقوس وشرائع التوراة فعلم انه لا قيمة للذبائح الحيوانية وتقديس يوم السبت وتقديس فرض الختان الخ
لذلك اعتبروه المضل الذى اضل المسيحية وحرف تعاليم المسيح ونادى بالوهيته
اما عن نظرتهم للمسيح فلم يروا فيه انه الله او احد اقانيمه وانما اعتبروه مجرد رسول ونبى مثله مثل موسى , اتاه الله المعجزات والعجائب
ولم يؤمنوا بالاناجيل المنسوبة لمتى ومرقص ولوقا ويوحنا ولا بالرسائل ولا بسفر الرؤيا , فهى فى نظرهم كتب محرفة ومضللة
وكان يطلق عليهم " الناصريين " بالاضافة للقبهم " الابيونيين "
وعندما نلخص ما اورده القرآن بخصوص المسيح نلاحظ مدى قبول الاسلام للمسيحية بصورتها الابيونية
فلقد اطلق على اتباع المسيح اسم " النصارى " وهى صيغة متقاربة من " الناصريين " اتباع المسيحية الابيونية
والمسيح ما هو الا رسول او نبى قد خلت من قبله الرسل , وهو نفس موقف الابيونية من المسيح
وانكر الاسلام الوهية المسيح انكارا مطلقا كما علم بذلك الابيونيين
وغيرها من الامور التى اسهب الاستاذ ابن الراوندى فى توضيحها
وما يهمنى الان هو السؤال الذى يجب ان يجيب عليه كل من يحترم عقله ويحترم التاريخ
هل ما جاء به محمد فى مثل هذه العقائد جديد ؟
وهل هو وحى السماء ؟
ام انه وافق على اراء احدى الفرق المسيحية التى رأى من وجهة نظره انها اقرب ما تكون للحقيقة , فنادى بمثل ما نادت على انه الحق ؟
واخيرا
لقد قدم الاستاذ ابن الرواندى الكثير من المراجع التى استند عليها فى التعريف بالابيونية والتى اثبت بها ان ما قالت به هذه الفرقة هو نفسه ما استراح له محمد فلخصه فى القرآن على انه تنزيل رب العالمين وانه الحق الذى لا ريب فيه والذى فيه يمترون
وزيادة فى التوثيق اضيف ما جاء فى بعض المراجع التى تتصف بمقدار كبير من المصداقية والتاريخية والتى تسهم بدورها فى تدعيم ما ذهب اليه الاستاذ ابن الراوندى فى بحثه , وهذا لمن اراد الاستزادة فى معرفة تاريخ هذه الفرقة ومعتقداتها
دائرة المعارف الكتابية تحت مادة : الابيونية
دائرة المعارف الكتابية
وهي مشتقة من كلمة معناها " المساكين " . وكان الأبيونيون مذهباً هرطوقياً كما جاء في أقوال الآباء الأولين . أما من جهة آرائهم - كما من جهة آراء أغلب المذاهب الهرطوقية في العصور الأولى - فكل ما نعلمه عنهم هو ما جاء بأقوال معارضيهم . ولم يكن هؤلاء المعارضون يعنون عناية كافية بالدراسة الدقيقة لآراء من هاجموهم . وتزداد الصعوبة بالنسبة للأبيونيين لوجود شك فيمن هم المقصودون بهذا الاسم ، فقد كان الاسم يطلق على جميع المسيحيين من اليهود بدون النظر إلى آرائهم ، وفي بعض الأحيان كان يطلق على طائفة قريبة من الغنوسيين الذين لم يعترفوا إلا بأصل بشري للرب يسوع المسيح .
ونوجد بعض الكتابات - مثل كتابات أكليمندس السكندري - جاء بها بعض أقوال الآباء عن آراء هذه الطائفة ، ولكن لوجود بعض الاختلافات في هذه الأقوال ، أصبح من العسير تحديد هذه الآراء على وجه الدقة . كما توجد بعض الكتب الأبوكريفية التي بها ما يشبه الأبيونية . وما وصلنا من إنجيل العبرانيين - وهو الإنجيل الوحيد الذي قبله الأبيونيون - يعطينا صورة عن آرائهم . ولم يصلنا من هذا الإنجيل إلا بعض المقتطفات المتفرقة التي لا نعلم مدى دقتها . كما يجب أن نذكر أنه لايمكن أن يستمر مذهب قروناً عديدة في ظروف متغيرة دون أن يتعرض لتطورات .
أولاً - أصل الاسم : يظن ترتليان وأبيفانيوس وغيرهم من الآباء أن هذا الاسم مشتق من اسم شخص اسمه أبيون أو أهبيون ، ولكن المرجح الآن أن هذا ليس صحيحاً ، فلا يوجد أي أثر أو ذكر لشخص بهذا الاسم ، ويبدو أن اسم الأبيونيين ومعناه " المساكين " مأخوذ عن أول التطويبات ( مت 5 : 3 ) على أساس أنهم امتداد - في العهد الجديــــــــــــــــــــد - " للمساكين والفقراء " الوارد ذكرهم في المزامير ( مثل مز 69 : 33 ، 70 : 5 ، 74 : 2 ) ، وشبيه بهذا اطلاق الجماعات البروتستنتية - قبل حركة الإصلاح ، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر في فرنسا - على أنفسهم اسم " الفقراء " ( أو " فقراء ليون ") . كما أن ما جاء برسالة يعقوب ( 2 : 5 ) " أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان … " قد يبرر المسيحيين من اليهود في إطلاق هذا الاسم على أنفسهم .
وقد مال البعض إلى اعتبار أن الاسم قد أطلقه عليهم معارضوهـــــــم للدلالة على " فقر آرائهم " .
ثانياً - مصادر المعرفة بآراء الأبيونيين : إن المراجع الرئيسية - كما سبق القول - هي ماجاء بكتابات إيريناوس وترتليان وهيبوليتس :
1- إيريناوس وترتليان وهيبوليتس : كان أهم ما يميز الأبيونيين ، في نظرهم :
(أ) وهو جانب سلبي - أنهم لم يفرقوا - مثلما كان يفعل غيرهم من الغنوسيين - بين الله الأسمى وبين خالق العالم - الديمرج - الذي كان يقول عنه الغنوسيون إنه إله اليهود ، بل كانوا يعتقدون أن " يهوه " هو الله الأسمى ، إله اليهود وخالق السموات والأرض .
(ب) وهو سلبي أيضاً ، أنهم أنكروا ولادة المسيح المعجزية ، وقالوا إنه كان ابن يوسف ومريم بالمفهوم العادي .
(ج) إنهم - مثل الكيرنثيين والكربوكراتيين - نادوا بأن قوة إلهية حلت على المسيح عند معموديته جزاء له على قداسته الكاملة . وتزعم إحدى هذه النظريات أن الروح القدس هو ابن الله الأزلي ، بينما تقول نظرية أخرى إن القوة التي حلت عليه هي الحكمة السماويـــــــــــة أي " الكلمة " ( اللوجوس ) ، وبفعل هذه القوة الإلهية صنع المعجزات وتكلم بحكمة تفوق حكمة البشر ، ولكن هذه القوة الإلهية فارقت يسوع على الصليب ، ولذلك صرخ : " إلهي إلهي لماذا تركتني ؟ " ( مت 27 : 46 ) ، ومع ذلك فإن هذه القوة الإلهية هي التي أقامته من الأموات وأصعدته إلى الأعالي .
2- أوريجانوس وجيروم : وكلاهما يقول إن الأبيونيين ترجموا كلمة " علمة " ( إش 7 : 14 المترجمة عذراء ) " " بسيدة صغيرة " . وهناك نقطة أخرى يذكرانها ، فيقول أوريجانوس إنه يوجد فريقان من الأبيونيين : أولهما ينكر ولادة الرب يسوع المعجزية ، وثانيهما يؤمن بها . أما جيروم في خطابه لأغسطينوس ، فلا يؤكد ذلك فحسب ، بل يفصـــل بينهما ، ويسمى الذين يؤمنون بالميلاد المعجزي بالناصريين ، ويسمى منكريها بالأبيونيين . ويتكلم أوريجانوس في كتابه الثاني ضد " سلوس " عن الأبيونيين ، وكأن الفرق الوحيد بينهم وبين سائر المسيحيين ، هو خضوعهم لناموس موسى ، وبذلك يدحضون الرأي القائل بأن اليهود باعتناقهم المسيحية قد تخلوا عن ناموس آبائهم . ويقول جيروم إن الأبيونيين كانوا يعتقدون أن المسيح سيملك ألف سنة باعتباره مسيا اليهود .
3-أبيفانيوس : وهو الكاتب الذي يعطينا أكبر قدر من المعلومات عن الأبيونيين . وهو يعتبرهم - من أول وهلة - هراطقة مع الناصريين ، ويجمع بينهم وبين الأسينيين . ويقول إنهم يستخدمون إنجيل متى بدون سلسلة نسب المسيح . ويفترض أن الأبيونيين ينتسبون لرجل اسمه " أبيون " له علاقة بالسامريين والأسينيين والكيرنثيين والكربوكراتيين ، ومع ذلك كانوا يدعون بأنهم مسيحيون . ويقول إنهم كانوا ينكرون ميلاد المسيح العذراوي ، ولكنهم يقرون بأن قوة سماوية حلت عليه عند المعمودية ، وهي نفس الحكمة السماوية التي أوحت للآباء ، وبمعنى ماسكنت فيهم ، وأن جسد المسيح - على نحو ما - كان جسد آدم ، وأن هذا الجسد صلب وقام ثانية . ولم يقبلوا إلا إنجيل متى في الصورة التي قبله بها الكيرنثيوس ( أي إنجيل العبرانيين ) ، مع كثير من الخرافات . ويقول أبيفانيوس إنهم كانوا يسمحون بالزواج مرتين وثلاث مرات إلى سبع مرات ، ومع أنهم سمحوا بالزواج ، إلا أنهم كانوا يحتقرون المرأة ويتهمون حواء بخلق الوثنية , وفي هذا يتفقون مع الأسينيين في رأيهم في الجنس . وبالإجمال من الصعب تكوين فكرة متكاملة عن الأبيونيين مما كتبه أبيفانيوس ، وإن كانت ثمة نقاط هامة فيما كتب .
4-الشهيد جستين : وإن كان الشهيد جستين لا يذكر الأبيونيين بالاسم في حواره مع تريفو اليهودي ، إلا أنه يذكر فريقين من المسيحيين اليهود :
(أ) الذين لا يحفظون الناموس فحسب ، بل يريدون أيضاً إلزام المؤمنين من الأمم بأن يتهودوا .
(ب) الذين هم أنفسهم يحفظون الناموس ، ولكن لهم شركة مع المؤمنين من الأمم غير المختونين .
ويبدو أن الفريق الأول كانوا صورة مبكرة لأبيونيين ، ولا ينسب لهم جستين أي انحرافات تعليمية .
ثالثاً - كتابات الأبيونيين : وأهم مصدر لمعرفتنا بها ، هو أبيفانيوس - كما سبق القول - وأهم هذه الكتابات : إنجيل العبرانيين والكتابات الكليمنتية ( المواعظ ، والإقرارات ) وصعود إشعياء وأناشيد سليمان . ويجب ملاحظة أن هذه الكتابات تمثل أراء الطوائف المختلفة من الأبيونيين ، وسننظر فيها بإيجاز :
1- إنجيل العبرانيين ( انظر الأبوكريفا : الأناجيل )
2- الكتابات الكليمنتية : وينسبها أبيفانيوس للأبيونيين ، وهي مصدر هام لمعرفة آرائهم . وقد وصلتنا كاملة في ثلاثة أو أربعة أشكال ، وهي : المواعظ والإقرارات مع صورتين مختصرتين لهما . ويبدو أنها جميعها تنقيح لمؤلف سابق اختفى . وأساسها جميعاً رواية دينية ، طعمت فيها مواعظ لبطرس ومحاوراته مع سيمون الساحر . وجاء فيها أن كليمنت كان شاباً رومانياً يتيماً ذا مكانة ، وكان يبحث عن ديانة ، فتقابل مع برنابا الذي بشره بالمسيح معلناً له أنـــــه " ابن الله " وأنه ظهر في اليهودية . وإذ أراد كليمنت أن يعرف أكثر عن يسوع ، سافر إلى قيصرية حيث تقابل مع بطرس ، ومن هناك رافق بطرس إلى مختلف الأماكن التي ذهب إليها متعقباً سيمون الساحر وفي أثناء رحلاته يتقابل مع أبيه وأخيه وأمه ، ومن هنا جــــــاءت " الإقرارات " . وتظهر الأبيونية في أحــاديث بطرس ، فالأفكار اللاهوتية فيها هي أساساً يهودية وأسينية ، ويبدو ذلك في المعاداة الشديدة للرسول بولس . وهي تحوي عناصر لا تتفق مع اليهودية القويمة ، فالمسيا يكاد يكون معادلاً للشيطان . و إذا استثنينا حديـــث برنابا ، فالرب يسوع يسمى باستـــــــــمرار " النبي " في المواعظ ، " والمعلم " في الإقرارات . ولا يذكر شيء عن ميلاده المعجزي أو أنه شخص سماوي ، ومع ذلك ففي " الإقرارات " لا يعتبر مجرد إنسان ، إذ يقال إنه " أخذ صورة جسد يهودي " ، وهو ما يتفق مع ماذكره عنهم أبيفانيوس من أنهم كانوا يعتقدون أن المسيح ظهر في جسد آدم . والرسول بطرس -الذي يصورونه مسيحياً مثالياً - لا يأكل إلا الأعشاب ، ويمارس الاغتسال كثيراً مثلما يفعل الأسينيون ، ويعلن بطرس في أحاديثه أن النبي الحقيقي : " يطفيء نيران المذابـــح ويبطل الحرب " ، وهي سمات أسينية ، ولكنه يقر الزواج ، على النقيض من الأسينيين كما يصفهم فيلو ويوسيفوس .
3- كتابات الرؤى : وأول هذه الكتابات - التي اكتشفت حديثاً - " صعود إشعياء " ، ويشير الكاتب إلى استشهاد بطرس في روما ، ولكنه لا يذكر بولس . ويبدو أن ماجاء به من وصف شيوخ ورعاة " يكره بعضهم بعضاً ويخربون القطيع " هو نظرة أحد المتهودين للكنيسة عندما سادت فيها تعاليم بولس . ومع ذلك نلاحظ حفاظهم على جلال الله وتعليم الثالوث أيضاً ، فقد جاء به : " فجميعهم يمجدون آب الكل وابنه الحبيب والروح القدس " . أما فيما يتعلق بشخص المسيح ، فإنه نزل في طبقات السموات المتتابعة إلى الأرض ليولد . كما يؤكد عذراوية مريم وأن الطفل ولد بدون ألم بطريقة معجزية . ونفس الفكرة عن ميلاد المسيح نجدها في أناشيد سليمان .
رابعاً - تاريخ الأبيونية :
1- الأبيونيون والأسينيون : تؤكد كل المراجع ، الرابطة الوثيقة بين الأبيونيـين والأسينيين ، رغم وجود اختلافات واضحة ، فالأبيونيون يقرون الزواج ، بينما يرفضه الأسينيون إذا أخذنا بآراء فيلو ويوسيفوس . ويبدو أن هذا الرفض لا يصدق إلا على فئة منهم كانت في عين جدي . كما أن بعض المتهودين - أي الأبيونيين - كانوا يمتنعون عن الزواج ( 1 تي 4 : 3 ) . ويبدو أن الأسينيين بمختلف مذاهبهم تحولوا إلى المسيحية عقب سقوط أورشليم وهروب الكنيسة إلى " بلا " ، وعندما انضموا إلى المسيحيين في المنفى ، بدأت خميرة البارسيين ( من أتباع زرادشت ) تعمل في الكنيسة هناك ، فأثمرت الأبيونية ، ولعل هذا هو المقصود من القول بأن " أبيون بدأ تعليمه في بلا " . وبناء على الأقوال الكتابية وبعض الرؤى القديمة غير القانونية ، يبدو أن الأبيونيين لم يكونوا هراطقة منذ البداية ، فيما يتعلق بالتعليم عن المسيح ، ولكنهم أقروا الالتزام بالناموس الطقسي ، ونادوا بأن المؤمنين من أصل أممي لا بد أن يختتنوا قبل أن يقبلوا في الكنيسة . ولكن إبطال الناموس كان يرتبط - في أقوال بولس - أشد الارتباط بلاهوت ربنا يسوع المسيح ، ولربما شعر البعض منهم أنه لكي يحتفظوا بآرائهم ، عليهم أن ينكروا لاهوته وحقيقة تجسده ، ولكن ظواهر حياته جعلت من المستحيل اعتباره مجرد إنسان ، ومن هنا جاء هذا الخلط من أن قوة إلهية - أيون - قد حلت عليه ، كما أنه إذا كان قد ولد ولادة معجزية ، ففي ذلك غض من عظمة موسى ، فلابد لهم إذاً من أن ينكروا الميلاد العذراوي . لم يظهر القول بأن المسيح لم يكن سوى إنسان إلا على يد ثيودوتس ، ولم يذهب كل المسيحيين من اليهود مذهب الأبيونيين ، بل احتفظ الناصريون بالتعليم القويم ، وفي نفس الوقت خضعوا لمطالب الناموس . والثنائية الموجودة في التعاليم الكليمنتية هي محاولة لتعليل قوة الشر في العالم وعمل الشيطان . والكتابات الكليمنتية تؤكد ما قاله الآباء من أن الأبيونيين لم يستخدموا سوى إنجيل متى بعد استبعاد الأصحاحات الثلاثة الأولى ، فهم يقتبسون منه أكثر من أي إنجيل آخر ، وإن كانوا قد اقتبسوا اقتباسات واضحة من الإنجيل الرابع . وتتجنب هذه الكتابات نسبة الألوهية للمسيح ، فهو المعلم والنبي ، ولا يدعي " ابن الله " إلا في الحديث المنسوب لبرنابا .
2- منظمة الأبيونيين : يبدو أن المسيحيين اليهود قد كونوا منظمة خاصة بهم منفصلة عن الكنيسة الجامعة ، وكانوا يسمون الأماكن التي يجتمعون فيها " مجامع " لا كنائس ، وإذا صحت روايات المواعظ الكليمنتية ، فإنهم قد كونوا لأنفسهم نظاماً أسقفياً كاملاً ، فالطقوس اليهودية الصارمة كانت تمنع اليهودي من الأكل مع غير اليهودي . وولائم المحبة في الكنيسة الأولى كانت تستوجب هذه الشركة ، وحيث وجد مسيحيون من الأمم ، كان الأبيونيون يمتنعون عن مشاركتهم ، ومن ثم لزم أن تكون لهم كنيسة منفصلة ليكون من الممكن أن يشترك كل المسيحيين من اليهود معاً في ولائم المحبة .
خامساً - تعاليم الكنيسة الأولى كما تبدو من خلال الأبيونية :
1- عقيدة الكنيسة الأولى في المسيح : يجب علينا في تناول هذا الموضوع أن ندرك أن الذين كتبوا في الأيام الأولى ضد الهراطقة ، كانوا يميلون إلى المغالاة في بيان وجوه الاختلاف بين الهراطقة والتعليم القويم . وفي نفس الوقت علينا أن ندرك الصعوبة النفسية في اعتبار شخص - تقابله يومياً وتراه يأكل وينام كباقي الناس - بأنه أكثر من إنسان ، إله . كانت هذه صعوبة أمام الجميع وبالأخص أمام اليهود . ورغم كل ذلك لم يستطع الأبيونيون - أمام كل الظواهر في حياة المسيح - أن يقولوا إنه كان مجرد إنسان ، فكان عليهم أن يزعموا أن قوة إلهية حلت عليه عند المعمودية ميزته عن سائر الناس . لقد كان الأبيونيون الأوائل يعتقدون أن المسيح شخص واحد كما كان يعتقد سائر المسيحيين ، ولكنهم شيئاً فشيئاً تحولوا إلى الاعتقاد بأنه كان فيه عنصر سماوي منفصل عن يسوع . وعلى العموم كان الأبيونيون يتمسكون - بصور ودرجات مختلفة - بعقيدة الثالوث ، وفي هذا دليل قوي على أنها كانت عقيدة الكنيسة على اتساعها .
2-تعليم بولس في الكنيسة الأولى : مما يستلفت النظر أن كاتب " المواعــــــظ " وكذلك كاتب " الإقرارات " يتجاهلان الرسول بولس ، بل لم يحاولا التشهير به - ولو تحت ستار سيمون الساحر ، كما يزعم البعض - بل لم يجسرا على إلصاق أي تهمة باسمه ، فلا بد أ