اقتباس: الملاحظ كتب/كتبت
القديس Abanoob ( كما رأيت البعض يناديك هنا )
انت تقول بأن المسيح ربك الذي تعبده ستبقى يده مثقوبة وجنبه مفتوح بجرح الحربة وجبهته دامية من علامات حبه التى لا تمحى بمرور الزمن
فهل عندك دليل على ما تقول ، أم هي إضافة حديثة وتصور جديد لربكم
برجاء التفضل بذكر الدليل على أن ربك سيبقى كذلك لا تمحى عنه هذه الإصابات بمرور الزمن. وبرجاء أن يكون الدليل مباشر بدون لف ودوران.
الزميل الملاحظ ..
إليك الدليل من إنجيل يوحنا الإصحاح العشرين أعداد 20 ، 27 ، 28 ، 29 والتفسير الآبائى لها :
"ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه،
ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب". (20)
بدخوله والأبواب مغلقة أكد لهم السيد المسيح أن جسده القائم من الأموات له طبيعة جديدة. والآن يؤكد لهم أنه ذات الجسد، إذ يحمل ذات جراحات الصليب، لكنه جسد مجيد.
تحدث المسيح القائم من الأموات بفمه، فأعطاهم سلامًا جديدًا فائقًا، وتحدث معهم بجراحاته التي في يديه وجنبه، فوهبهم فرحًا فريدًا بحضرته في وسطهم. أراهم يديه وجنبه ليطمئنوا أنه يسوع المصلوب نفسه بذات الجسد. لقد ترك آثار الجراحات شهادة حية لقيامته، وتبقى هذه الجراحات في الأبدية مصدر فرح ومجد، كعلامة حب إلهي عجيب لا ينقطع لخلاص البشرية. لقد وضع حجابًا على بهاء مجد جسده القائم من الأموات حتى يمكنهم معاينته والتحدث معه.
يبقى السيد المسيح يبسط يديه ويكشف عن جنبه ويحتضننا بحبه ويروينا من ينبوع دمه العجيب، فنعلم أنه مادام هو حي فنحن بصليبه أحياء. لن يقدر الموت أن يحطمنا! جراحات صليبه هي لغة الحب القادرة أن تنزع منا الخوف من العالم، وتهبنا فرحًا داخليًا فائقًا.
إنه دومًا يفتح بصيرتنا بجراحات صليبه، فندرك أننا لسنا نتمتع برؤيا فحسب، بل نتمتع بحضرته في وسطنا.
v بالتأكيد سيبقى كيان الأجسام القائمة من الأموات كما هو الآن، وإن كانت ستصير في مجدٍ سامٍ. لأن المخلص بعد نزوله إلى الجحيم كان له ذات الجسد الذي صُلب، إذ أَظهر للتلاميذ آثار المسامير في يديه والجراحات في جنبه.
إن أنكرنا هويّة جسده لأنه دخل والأبواب مغلقة، وأن هذا ليس من طبيعة الأجسام البشرية، يلزمنا إذن أن ننكر أيضًا أنه كان لبطرس وللرب جسدين حقيقيين لأنهما سارا على المياه، وهذا مخالف للطبيعة (مت 30:22).
القديس جيروم
ما هي سمات الجسد المُقام من الأموات؟
يماثل الجسد المقام من الأموات جسد السيد المسيح بعد قيامته، الذي خرج والحجر موضوع، ودخل العلية والأبواب مغلقة (يو 19:20-20)، إنه يعلو على الزمان والمكان والحدود المادية والحجب. أنه الجسد الأمثل في تعاونه مع النفس، لينطلق الإنسان نحو الله في شركةٍ مجيدةٍ مع رؤية ولقاء وجهًا لوجه! هذا لا يعني أنه جسد آخر غير الذي لنا، إنما هو بذاته لابسًا عدم الفساد (1 كو 53:15).
يُعالج القديس أغسطينوس هذه المشكلة "طبيعة الجسد المُقام" بحذر، إذ يقول: [على أي الأحوال، أيا كانت طبيعة الجسد الروحاني، ومهما كانت عظمة نعمته، أخشى أن أتحدث في هذا، لأننا لازلنا لا نحمل أية خبرة بخصوص هذه الحقيقة].
يتسم الجسد المُقام بالآتي:
1. يصير الجسد البشري بعد القيامة روحانيًا، لكن يُمكن التعرف عليه وتمييزه عن بقية الأجساد. أوضح القديس أن تعبير "الجسم السماوي" يلزم ألا يعني إنكار الطبيعة الجسمانية الحقة للجسم الروحي. [لا يعني "الجسد الروحاني" أنه ليس جسدًا بعد، وإنما كما أن "الجسد الحي" يعني "الحياة"… "الجسد الروحاني" يعني "جسدًا مطيعًا للروح"].
2. إنه ذات الجسد الذي لنا، لكنه سيتحول بالكامل إلى عدم الفساد. لا يحمل الجسد القادم ما في الجسد من نقائص أو عيوب [سيتحول تمامًا إلى الأفضل في وقت القيامة].
3. تبقى جراحات الاستشهاد فيه، لا كعيوبٍ خلقية بل كعلامات ظاهرة تكشف عن سرّ حب الشهداء الشديد للسيد المسيح. ستكون للمجد والكرامة، وليس كنقائصٍ وعيوبٍ في الجسد.
4. جسد ممجد يشبه جسد المسيح القائم من الأموات.
5. [إنه من الممكن والمعقول أننا سنرى السماوات الجديدة والأرض الجديدة، بطريقة بها أينما حوّلنا أعيننا نرى الله بأكثر وضوح، حاضرًا في كل مكان، مدبرًا كل المسكونة].
6. يقدم لنا مفهوم الجسد الروحاني أنه لا يعود يشغلنا عن التأمل في الله، ولا يكون عائقًا للنفس بل خاضعُا لها. فالأمر الهام جدًا في رأي القديس أغسطينوس أنه لن تكون بعد أية مقاومة بين النفس والجسد، فإن الجسد المُقام يتجاوب مع الروح. [نفس الجسد الذي يعذبنا حتى نبقى في الخطية، سيكون خاضعًا لنا في القيامة، ويكف عن أن يتعبنا بالعوائق التي يضعها لنا في طريقنا ونحن نحفظ شريعة الله والوصايا الإلهية].
في كتابه "مدينة الله" يقول بأكثر تدقيق: [سيخضع الجسم الروحاني للروح، لكنه يبقى جسمًا لا روحًا. كما في هذه الحياة تخضع الروح الجسدانية نفسها للجسد لكنها تبقى روحًا وليست جسدًا]. هكذا عوض الصراع بين النفس والجسد سيكون في الحياة العتيدة اتحاد كامل بطبيعة روحية لا يكون لدى الجسم أية ثورة ضد النفس. وكما يقول القديس أغسطينوس: [لماذا يُقال جسم روحي، أيها العزيز المحبوب، إلا لأنه لا يفشل في الخضوع للروح؟ سوف لا يكون فيك شيء في صراع معك، ولا يكون فيك تمرد عليك. لا يعود يوجد ما يرثيه الرسول بقوله: "الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد" (غلا 17:5)].
v لا بتدمير تركيب الخليقة ولا جوهرها. إنما فقط الشكل الخارجي لهذا العالم هو الذي يمضي، أي الحالات الناجمة عن السقوط. وعندما يمضى هذا الشكل الخارجي، يتجدد الإنسان ويزدهر في أصالة الحياة غير الفاسدة. لن يعود ممكنًا له أن يشيخ. وسوف تكون "سماء جديدة وأرض جديدة" (رؤ 1:21). في هذه السماء الجديدة والأرض الجديدة يسكن الإنسان جديدًا إلي الأبد، متحدثًا مع الله إلي الأبد.
القديس ايريناؤس
v إذًا قام ربنا بنفس الجسد الذي دُفن به. وقد أخذ المسيحيون وعدًا بالقيامة. نحن نأمل في قيامة مماثلة لقيامة ربنا التي سبقت كل إيماننا، لأن قيامته جاءت حتى تصير الأساس لإيماننا. ولكن لماذا؟ حتى إننا بعد القيامة لا نكون كما نحن الآن؟ قام ربنا يسوع المسيح بجسده وصعد إلى السماوات. حين كان المسيح بجسده على الأرض حمل في جسده الوظائف البشرية حتى يثبت أن ما دفن هو الذي قام. ولكن هل ستكون هناك حاجة للطعام في السماء؟ لأننا قرأنا أن ملائكة قد ظهروا على الأرض في هيئة رجال (تك 9:17)، جاءوا إلى إبراهيم، وأكلوا معه، والملاك الذي ظهر لطوبيا أكل معه. هل نقول إنهم أكلوا ظاهريًا وليس فعليًا؟ أليس أن إبراهيم ذبح عجلاً بالحقيقة، وعمل خبزًا، ووضعهما على المائدة؟ وقدم الطعام للملائكة فأكلوا؟ (تك 1:18-9)
القديس أغسطينوس
v الله المحب الرحوم أطلق بنفسه الجسد من أسره، وحرره من عبودية الهلاك، العبودية المرة المميتة، ومنحه الخلود في الأبدية. بذلك منح الجسد البشري عطية الأبدية المقدسة، فجعله خالدًا غير مائتٍ إلى الأبد.
القديس اكليمنضس الإسكندري
"ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا،
وأبصر يدي.
وهات يدك، وضعها في جنبي،
ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمنًا". (27)
v انظر إلى تعطف ربنا، كيف أنه من أجل نفسٍ واحدة أراهم ذاته وبه جراحاته، وجاء إليهم ليخلص الواحد.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v سيكون لنا بعد القيامة ذات الجسم والدم والعظام، فإن ما يُدان في الكتاب المقدس ليس طبيعة هذه الأمور، وإنما تصرفاتها.
القديس جيروم
"أجاب توما وقال له: ربي وإلهي". (28)
لم يكن توما شكاكًا بالصورة التي ظنها في نفسه، فإنه ما أن رأى الرب أمامه وسمع صوته حتى شعر بعدم الحاجة إلى لمس جراحات سيده، وأعلن في الحال إيمانه به، صارخًا: "ربي وإلهي". لعل مجرد رؤيته لسيده سحب قلبه للعالم بكل شيء، فأعلن له ما قاله للتلاميذ بأنه لن يؤمن ما لم يلمس جراحاته. عرف السيد ذلك دون أن يخبره أحد.
اختلفت الآراء، فالبعض يرى أن توما أعلن إيمانه ولم يلمس جراحات السيد، وآخرون يرون أنه أعلن إيمانه فعلاً، وفي طاعة لسيده لمس جراحاته، وإن كان لم يعد بعد محتاجًا إلى ذلك لكي يؤمن.
v لقد رأى الناسوت ولمسه، وأدرك اللاهوت الذي لن يُرى ولا يُمس.
القديس أغسطينوس
v كما أن الآب هو اللَّه والابن هو رب، هكذا أيضًا الابن هو اللَّه والآب هو رب.
القديس أمبروسيوس
"قال له يسوع: لأنك رأيتني يا توما آمنت،
طوبى للذين آمنوا ولم يروا". (29)
لم يقل له السيد: "لأنك لمست جراحاتي آمنت"، وإنما قال: "لأنك رأيتني"، فرؤيته للسيد المسيح جذبته للإيمان.
v الرب القادر أن يقوم دون أي أثر للجراحات احتفظ بآثار الجراحات حتى يلمسها الرسول الشاك، فتُشفى جراحات قلبه.
v عندما لمس التلميذ الشاك جراحات جسم سيده شُفيت جراحات عدم إيمانه. عدم إيمان توما كان أكثر نفعًا لإيماننا عن إيمان التلاميذ المؤمنين، لأنه إذ رجع إلى الإيمان بلمس يسوع، تحررت أذهاننا من كل شك، وصارت ثابتة في الإيمان.
البابا غريغوريوس (الكبير)
v لقد عرف الجراحات التي في قلوب تلاميذه، فلكي يشفيها احتفظ بآثار جراحات جسده.
v يمكن التأكيد بأن التلميذ لم يجسر أن يلمسه عندما قدم (السيد) نفسه لهذا الهدف، إذ لم يُكتب "فلمسه توما". ولكن سواء أكان ذلك بالرؤية فقط أو باللمس أيضًا رأى وآمن، فقد أعلن ما جاء بعد ذلك عن إيمان الأمم: "طوبى للذين آمنوا ولم يروا".
القديس أغسطينوس