اقتباس: Romeo كتب/كتبت
يسوق الانجيل قصة احياء السيد المسيح لولد ميت كدليل على أن السيد المسيح هو الأبن و انه الاقنوم الثاني و ....الخ من هذا الكلام
القرآن يسوق أن المسيح عيسى ابن مريم احيى الموتى بإذن الله كدليل على إعجاز نبوته
لست هنا لاناقش فيما إذا كانت القصص صحيحة أم لا و لكن لاناقش العبرة من هذه المعجزة
الزميل Romeo المحترم.
الغاية من إرسال الرسل هي تذكير الناس بربهم وأن هناك حياة أخرى بعد الموت يحاسب الله فيها خلقه فيعاقب الكافر ويكافئ الشاكر.
وكل رسول آتاه الله البينات التي تثبت صدقه ، فالذي يكذب بالساعة
ما كذب بها إلا لأنه يستبعد أن تعود الحياة إلى جسد صار عظاما وترابا.
الآية الشافية المفحمة والبرهان المبين المقنع لمن ينكر الساعة هي التي تجعل حجته داحضة ، وبما أن حجة المكذب بالساعة هي اعتقاده أن الميت لا يحيا فإن الآية التي تجعله يعلم أن الساعة حق
هي معجزة إحياء الموتى.
والمسيح عليه السلام آتاه الله تلك البينة ، فهو علم للساعة = إحياءه الموتى بإذن الله هي أعظم برهان يعلم به الملحد أن الساعة حق لا ريب فيه.
فإذا زل الناس بعدما جاءتهم بينة علم الساعة فهل توجد بينة أخرى
أعظم يقينا من معجزة إحياء الموتى يهتدي بها الناس إلى الإيمان من جديد بالساعة؟
بما أن معجزة إحياء الموتى هي ذروة الآيات الحسية فإن البينة المتوقع أن يأتي بها رسول بعد المسيح ينبغي أن تكون بينة عقلية تتجلى فيها حكمة الله ، والحكمة تدرك بالعلم .
إذن فمن الحكمة أن يؤتي الله المرسل إليهم الوسيلة التي يدركون بها البينة المحكمة ، والوسيلة لإدراك البينة المحكمة هي العلم،
وفعلا إن أول ما أنزل الله من قرآن هو : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
،خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ،اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ،الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
هذه الآيات هي أول ما نزل من القرآن ، ولقد جاء ترتيبها في المصحف بعد سورة التين التي ختمت بقوله تعالى :أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ.؟
إنه ترتيب محكم، فكيف يدرك الإنسان حكمة أحكم الحاكمين إذا لم يؤته الله العلم الذي يدرك به ذلك!!
يا أيها الزميل روميو ، أضرب لك مثلا :
لوأنك أتيت بآلة ميكانيكية لعامل تريده أن يشتغل عليها ، وشرحت له بطريقة مبسطة جدا كيفية تشغيلها ثم عدت بعد قليل لتجده نسي كل التعليمات ، فكيف إذا أتيت بآلة إليكترونية !!
إذا كان هذا العامل لم يحسن استعمال الآلة الميكانيكية وهي أبسط من الآلة الإلكترونية فكيف يعلم تشغيل الآلة الإلكترونية !!؟
ما هو التصرف الحكيم في مثل هذا الموقف؟
لا شك أن التصرف الحكيم هو أن تسلم الآلة الإلكترونية الجديدة لعامل آخر له دراية بعلم الإلكترونيات وتعطيه كتاب الكاتلوج ليتبع تعليماته.
أما العامل الأول فستبعثه ليتعلم علم الإلكترونيات حتى إذا بلغ المستوى العلمي الذي يؤهله عندئذ يمكنه فهم تشغيل الآلة.
كذلك أمر الله ،آتى الكتاب أمة أخرى تحسن فهم بينة الحكمة ، وآتاهم العلم الذي يدركون به حكمة الله في الأمر، أما الذين لم يحسنوا فهم بينة إحياء الموتى وهي أبسط بينة لإدراك علم أن الساعة حق فقد زلوا من بعد جاءتهم البينات،
هؤلاء هم الأولى أن يؤتيهم العلم الدنيوي ليدركوا به حكمة الله في الخلق. ومتى وصلت البشرية إلى المستوى الذي يؤهلها لإدراك البينة عندئذ يريهم الله آياته فيتبين لهم أنه الحق.