عزيزي،
إي، سمعت يابانية هامسة :) - غير مرة!
و لا يوجد فيها ما تتحدث عنه، بل بالعكس؛ اليابانية مقاطعها صافية تماماً لأنها ـ كما أخبرتك ـ تقوم على المورا.
ربما أنت تقصد الصينية أو الكورية، و هما شيء مختلف كلية عن اليابانية التي تنفرد وحدها في عائلة اللغات الجابونيك المنعزلة عن بقية اللغات (لا سيما الإندو-أوروبية) بشكل يثير اهتمام علماء اللسانيات لليوم.
اقتباس:لعربية تحتوي على "الألف والواو والياء" – كحروف علة – فقط، وأنت تعتبر هذا "قصوراً" وأنا لا أجد في هذا إلا كل الجمال. فهذه الأحرف| الأصوات الثلاثة هي "أساسية" وما عداها تبع وفروع لها. ولعل الفرنسية تتيح لنا التعرف على هذه "التبعية" من خلال مثالين اثنين هما "حرف العلة O" وحرف العلة "إيه A" عندما يلفظ كذلك.
(...)
الألف والواو والياء هي حروف علة "أساسية" كافية وافية شافية تجعل الكلام ممكناً وتقيم أود اللغة بدون مساعد. ولعل العربية أثبتت أنها تستطيع أن تعتمد على هذه الحروف وحدها في صياغة لغة هي من أوسع اللغات في العالم وأكثرها ثراء.
طيب، اسمع لشوف :)
الديفثونغ، أو ما تسميه أنت حروف العلة الفرعية، تختلف قليلاً عن أنصاف حروف العلة semivowels الموجودة في العربية (الحركات)، و التي ـ لو أنك تعتبر اللغة الجيدة هي التي لا تملك غير حروف العلة الثلاث ’الأصلية‘ تلك ـ يشكل مجرد وجودها في العربية نسفاً لنظريتك بالكامل، و لكنّا نقدس الروسية التي لا تملك أنصاف حروف علة، و تترك مدة مدّ حرف العلة لتقدير المتحدث.
دعك طبعاً من أن افتراضك بأن الـ’ا‘ و الـ’و‘ و الـ’ي‘ هي حروف العلة الأساسية و الباقي خس، و هو افتراض اعتباطي تماماً و يجعل كل علوم الصوتيات و الـIPA و غيرها و غيرها تتساءل عن جدواها طالما العلماني يرى غير ما تراه.. صعبة كتير، عزيزي.
دعنا نأخذ نماذجك عن الـA و الـO*
حرف A في الفوتيطيقا له مجموعة من طرق النطق.
ـ أمامي شبه مفتوح غير مستدير: [
اسمع |
اقرأ في ويكيبيديا]
ـ أمامي مفتوح غير مستدير: [
اسمع |
اقرأ في ويكيبيديا]
ـ خلفي مفتوح غير مستدير: [
اسمع |
اقرأ في ويكيبيديا]
فأيها تستخدم العربية؟
جرّب أن تنطق ’الله‘، ’رمال‘، ’حيوان‘، ’قادر‘. هل تتشابه؟
العربية تستخدم الـA الثالثة بشكل كبير في حالة سبقها حرف تفخيم، و كذلك في لفظ الجلالة، و غيرها من المناسبات، بينما تلجأ إلى مزيج من الثالثة و الأولى معظم الوقت.
الـA المعيارية العربية تكون معظم الوقت ’وسطية مفتوحة غير مستديرة‘، نرمز لها في الـIPA بـ /aː/ (ألف كاملة طبعاً و ليس الهمزة).
قولك، عزيزي، لماذا ظهر لنا أكثر من ألف في العربية لو كانت حروف علتها ’ثلاثاً صافية أساسية‘؟
طيب، كيف تنطق فرعون [و في رواية، ’ميشيل عَوْن‘ :D]؟ و هذا النطق الناشئ عن تسلسلية حرف مرقق صعب المراس كالعين تسبقه راء مفخمة، و النصف حرف علة (الفتحة)، و الواو الموقوفة، و النون الساكنة التي تكاد تقترب من الفيلار نازال ŋ؟
و كل هذا في اللهجة الفصحى المعيارية وحدها طبعاً.
(بالمناسبة، اليابانية بها صوت A واحد فقط، و هو الثاني في القائمة أعلاه.)
اقتباس:الفرنسيون يتوصلون عادة للفظ حرف O من خلال حرفين آخرين هما AU أو من خلال ثلاثة حروف علة متتابعة هي EAU. وهم يتوصلون الى لفظ حرف "إيه A" من خلال ضم "الآ الفرنسية" إلى "الإي" AI.
لاحظ معي كذلك بأن الإنكليزية تستعمل طريقة "غير مباشرة" للدلالة على حرف "إيه"، من خلال ضمه إلى "الآي" أحياناً أو إتباع الحرف الذي يليه بحرف E (كما نرى كثيراً في نهاية الكلمة).
أنت تتحدث عن تدوين الحروف يا عزيزي، و هذا لا دخل له بالصوتيات. لو تتحدث عن أن اللغة الصحيحة هي التي يتطابق فيها الملفوظ و المكتوب، فستقع في مفارقة عندما تنظر إلى ’هذا‘ و ’لكن‘.
(للأمانة العلمية، و طالما تصر على وضع اليابانية في المقارنة باعتبارها لغة شجار جراء، اليابانية أيضاً تميل إلى عدم نطق الفونيم i [معادل للياء] عند وقوعه بين ساكنين (في الغالب يكون المقطع الأول ki أو shi). ليست قاعدة مرسّخة، لكن يتم استخدامها في نطق اليابانية المعيارية و معظم اللهجات بشكل تفضيلي.)
الوسيلة المعيارية السليمة للمقارنة بين أصوات اللغات المختلفة هي الأبجدية الصوتية الدولية IPA. غير هذا تكون المقاربة غير علمية لعدم توحيد الوحدات كما ترى.
اقتباس: العربية بحروف علتها القليلة وحركتها المكملة وقانونها الأسمى (منع التقاء الساكنين) تجعل الكلام يأتي عذباً مطواعاً ليناً مرناً مع موسيقى داخلية تجعل الوزن قريباً وفي متناول يد كل مرهف يمتلك شيئاً من أذن موسيقية. ولعل هذا ما جعل بحور الشعر 16 بحراً أساسياً غير المجزوء والمقطوع وما شاكلها، وغير "أوزاالتفعيلة" بجميع مقاماتها.
و هذه البحور، عزيزي، تنطبق على كل اللغات الأخرى التي تملك خصائص الإغفال أو الدمج. يمكنك النظم على البحور و التفعيلات بالعبرية أو حتى الانكليزية، و كل ما عليك هو توحيد الوحدات بأن تكتب ما يُنطق بحروف عربية. مثلاً، هذه تصلح إلى حد ما (لاحظ أنها مكتوبة قبل قرنين من دون نية أن تخضع للتفعيلة العربية طبعاً.)
My garden-plot I have not kept;
Faded and all-forsaken,
There I weep as I have never wept:
Oh it was summer when I slept,
ما غا دن بلت اي هف نت كب ت
في ددن دو فو سي كن
ذي اي وي بزي هف نفا وب ت
ؤو وِت وز سما ون اي سلب ت
22 23 22 22 1
23 22 22
22 23 23 2 1
22 23 22 3 1
يمكنك تقطيعها بالطريقة التقليدية و تجرب.
هذا مقطع من A Daughter of Eve تبع كريستينا روزيتّي من القرن التاسع عشر بالمناسبة، مع تغيير أول كلمة من السطر الثالث. ما بالك إذاً لو جلس شخص متمكن من اللغة و يتقن العروض و قرر كتابة قصيدة باللغة العلوجية على بحر عربي؟
خطابك يا عزيزي بعده في نطاق النظرة النخبوية للعنصرية الشوفينية العربية، ولا يراوح الملاحظات الشخصية الاعتباطية غير المستندة إلى دراسات مقارنة في الصوتيات أو اللغويات بشكل عام. و عن جد لا أجد أي اختلاف بينه و بين من يقول أن العربية افضل لغات الأرض لأن القرآن نزل بها :duh:
اقتباس:ملاحظة (بالنسبة للموضوع): "نادي العربية الفكري" هو ناد يعرض افكاراً تخص "اللغة العربية"، و"نادي الفكر العربي" هو ناد يعرض أعضاؤه لجميع الأفكار من خلال قاسم مشترك واحد وحيد هو "العربية" (وهذه الفكرة ليست جديدة بتاتاً، فهي من صميم بناء النادي).
’العربي‘ في ’نادي الفكر العربي‘ هي صفة للفكر، و ليس اللغة. يعني Arab Thought و ليس Arabic Thought. بمعنى آخر، هي تصف الوحدة الأنثروبولوجية التي تعود إلى المنطقة الجيوبوليتيكية العربية و تتشارك جذورها هناك.
الأمر يشبه بالضبط الفارق بين نادي الفكر الفرنسي و نادي الفكر الفرانكوفوني.
اقتباس: بل لعله يتوجب علينا أن نعود إلى "نظرية العوامل" التي خرجت إلى النور بشكل متكامل مع "سيبويه" ونعيد النظر فيها من جديد.
سأثقل عليك، عزيزي، لكن هل يمكنك أن تحدثني أكثر عن هذه النظرية؟ (f)
و اسلم بدورك :)
ــ
* مصطلحات جنسية :D
---
حجي، تسلم (f)