الآيات من 27 إلى 40 من سورة المائدة تتكلم عن أحكام مشددة في حماية الناس من الجرائم التالية :
1 ـ القتل ، 2 ـ الحرابة ، 3 ـ السرقة
وجريمة الحرابة تجمع بين الأولى والثالثة،
جاء في تأملات سيد قطب ( في ظلال القرآن ) :
"وفي الآية السابقة قرن الله قتل النفس بالفساد في الأرض؛ وجعل كلاً منهما مبرراً للقتل ، واستثناء من صيانة حق الحياة؛ وتفظيع جريمة إزهاق الروح . .ذلك أن أمن الجماعة المسلمة في دار الإسلام ، وصيانة النظام العام الذي تستمتع في ظله بالأمان ، وتزاول نشاطها الخير في طمأنينة "
ثم يسرد ما ينتج عن المجتمع المسلم المتكامل النظام الرباني التشريعي وما يكفله من الحريات والحقوق ،
ويشرح بعدها ضرورة تطبيق حد السرقة لحماية نسيج المجتمع :
"من حق كل فرد في مثل هذا النظام أن يأمن على ماله الخاص ، وألا يباح هذا المال للسرقات أو لغير السرقات .
فإذا سرق السارق بعد ذلك كله . . إذا سرق وهو مكفي الحاجة ، متبين حرمة الجريمة ، غير محتاج لسلب ما في أيدي الآخرين ، لأن الآخرين لم يغصبوا أموالهم ولم يجمعوها من حرام . . إذا سرق في مثل هذه الأحوال . فإنه لا يسرق وله عذر . ولا ينبغي لأحد أن يرأف به متى ثبتت عليه الجريمة ."
ثم يبين لنا تفاصيل ما يستوجب القطع وكما يلي :
"فأما حين توجد شبهة من حاجة أو غيرها ، فالمبدأ العام في الإسلام هو درء الحدود بالشبهات . لذلك لم يقطع عمر - رضي الله عنه - في عام الرمادة ، حينما عمت المجاعة "
"ولم يقطع كذلك في حادثة خاصة؛ عندما سرق غلمان ابن حاطب بن أبي بلتعة ناقة من رجل من مزينة . فقد أمر بقطعهم؛ ولكن حين تبين له أن سيدهم يجيعهم ، درأ عنهم الحد؛ وغرم سيدهم ضعف ثمن الناقة تأديباً له . .
وهكذا ينبغي أن تفهم حدود الإسلام ، في ظل نظامه المتكامل؛ الذي يضع الضمانات للجميع لا لطبقة على حساب طبقة . . والذي يتخذ أسباب الوقاية قبل أن يتخذ أسباب العقوبة . والذي لا يعاقب إلا المعتدين بلا مبرر للاعتداء . ."
وبعد بيان هذه الحقيقة العامة نستطيع أن نأخذ في الحديث عن حد السرقة . .
السرقة هي أخذ مال الغير ، المحرّز ، خفية . . فلا بد أن يكون المأخوذ مالاً مقوّماً . . والحد المتفق عليه تقريباً بين فقهاء المسلمين للمال الذي يعد أخذه من حرزه خفية سرقة هو ما يعادل ربع دينار . . أي حوالي خمسة وعشرين قرشاً بنقدنا الحاضر . . ولا بد أن يكون هذا المال محرّزاً وأن يأخذه السارق من حرزه ، ويخرج به عنه . . فلا قطع مثلاً على المؤتمن على مال إذا سرقه .
والخادم المأذون له بدخول البيت لا يقطع فيما يسرق لانه ليس محرّزاً منه . ولا على المستعير إذا جحد العارية . ولا على الثمار في الحقل حتى يؤويها الجرين . ولا على المال خارج البيت أو الصندوق المعد لصيانته . . وهكذا . . ولا بد أن يكون هذا المال المحرّز للغير . . فلا قطع حين يسرق الشريك من مال شريكه لأن له فيه شركة فليس خالصاً للغير .
والذي يسرق من بيت مال المسلمين لا يقطع لأن له نصيباً فيه فليس خالصاً للغير كذلك . . والعقوبة في مثل هذه الحالات ليست هي القطع ، وإنما هي التعزير . . ( والتعزير عقوبة دون الحد ، بالجلد أو بالحبس أو بالتوبيخ أو بالموعظة في بعض الحالات التي يناسبها هذا حسب رأي القاضي والظروف المحيطة ) .
والقطع يكون لليد اليمنى إلى الرسغ . فإذا عاد كان القطع في الرجل اليسرى إلى الكعب وهذا هو القدر المتفق عليه في القطع . . ثم تختلف بعد ذلك آراء الفقهاء عند الثالثة والرابعة .
والشبهه تدرأ الحد . . فشبهة الجوع والحاجة تدرأ الحد . وشبهة الشركة في المال تدرأ الحد . ورجوع المعترف في اعترافه - إذا لم يكن هناك شهود - شبهة تدرأ الحد . ونكول الشهود شبهة . . وهكذا . .
ويختلف الفقهاء فيما يعدونه شبهة . فأبو حنيفة مثلاً يدرأ الحد في سرقة ما هو مباح الأصل - حتى بعد إحرازه - كسرقة الماء بعد إحرازه ، وسرقة الصيد بعد صيده ، لأن كليهما مباح الأصل . وإباحة الأصل تورث شبهة في بقائه مباحاً بعد إحرازه . والشركة العامة فيه تورث شبهة في بقاء الشركة بعد الإحراز . . بينما مالك والشافعي وأحمد لا يدرأون الحدّ في مثل هذه الحالة . ويدرأ أبو حنيفة الحدّ في سرقة كل ما يسارع إليه الفساد ، كالطعام الرطب والبقول واللحم والخبز وما أشبه ."
اقتباس: أليس الغرب الكافر الملحد الملعون حليف الأبالسة و الشياطين فهمان و متحضر اذ يفرض على المذنب في هكذا حالات حضور كورسات توعية و تأهيل و علاج سلوكي؟
الإنسان معرض لكل الحوادث وأخطرها الحروب والألغام ،
وما يجري على السارق يجري على المحارب ، والمريض بالسرطان والإيدز ، فكلها مقادير تجري على الإنسان لأن من أجراها ومن قدرها هو الله تعالى للتخفيف من الآثام والأخطاء عليه ولإصلاح المجتمع والكون والإنسان بحكمة وتدبير رباني لا نفهمه كما هو حال معظم سنن ونظريات الكون المتناهي،
الفرق أن الله تعالى يريد أن يطهر المجتمع المسلم،
اقتباس:من ناحية أخرى و أزفت: هل قطع اليد و تعقيد البني أدم نفسيا و اجتماعيا طيلة ما تبقى من حياته عقوبة بنائية أو تدميرية؟
أيهما أهون ؟
تعقيد السارق وعزله والإنفاق عليه من الدولة كعضو فاسد ؟
أو تركه ليسطو على ثمن دواء،
أو كسب عائلة فقيرة،
أو طعام أسرة،
أو رزق كادح كادٍ كالٍّ من عمل يده؟
أي تعقيد أبلغ من مريض مات قهراً وكمداً وحسرةً على كسب راح أو ثمن دواءٍ ينقذه بسبب نزوة شيطانية لسارق ميت الضمير والأخلاق؟