تلك مقالة مهمة من نوافكو بهذا الخصوص :
يسوق رجال الدين لتبرير وجود الدين، و الذي يعتبر مصدر رزقهم الوحيد، فكرة ساذجة منطقيا لكنها فعالة عمليا. تقول الفكرة: لو لم يكن هناك الله و ثواب و عقاب فما الذي يلزم الإنسان بأن يكون اخلاقي و خير؟ لاحظ، الإفتراض هنا ان الخوف و الطمع هما ما يدفع الإنسان لعمل الخير او اجتناب الشر. يعني الإنسان بالنسبة لهم شرير بالفطرة لذلك لا بد من ترويضه بالقوة. الإنسان من منظور هؤلاء مثل الحيوان المتوحش، اي لا فرق بينه و بين الأسود و القردة في حديقة الحيوان. و بمناسبة ذكر القردة يهزأ رجال الدين بنظرية داروين التي لا يفهمونها كونها تربط بين الإنسان و القرد و هم يصفون الإنسان بأسوء من ذلك.
الإنسان بطبعه طيب. انها الأديان التي تحوله الى كائن شرير يجلب الضرر لنفسه و لغيره. الدين هو الذي يطلب من الإنسان قتل اخيه الإنسان لأنه غير رأيه. الدين هو الذي يهدم الأسرة و يخلق اطفال الشوارع عن طريق العهر الشرعي المسمى زواج المسيار و المتعة. الدين هو الذي يهين المرأة بالسماح للرجل بضربها و اهانة كرامتها اذا لم تمتثل لأوامره. في الفقرات القادمة سوف ابين ان نظرية داروين تفسر لنا و بدقة ان الإنسان طيب بالفطرة و الغريزة و ان الأديان و العقائد هي التي تجعل من الإنسان كائن شرير و غير اخلاقي.
داروين و التفسير العلمي للأخلاق
تقوم الأديان على فكرة ضبط السلوك الإجتماعي عن طريق التهديد بالعذاب الأبدي بواسطة كائن افتراضي خارق للطبيعة. لو تمعنا جيدا بمفهوم التعذيب و العذاب فسوف نجد انه يقتصرعلى الإنسان فقط اذ لا يوجد اي كائن آخر في التاريخ يستخدم العنف و الألم ضد كائن ينتمي الى فصيلته او اي فصيلة اخرى من اجل ايقاع الألم فقط. و لو فحصنا تاريخ البشرية فسنجد ان التعذيب كله كان بسبب العقيدة سواء كانت دين او فكر سياسي او انتماء عرقي او ثقافي. متى سمعتم بإنسان يؤلم آخر ليأكله؟ نادر جدا. هذا لا يحدث مع الحيوانات الأخرى فالأسد لا يعض الغزال و يمزقه اربا الا لكون الغزال طعاما بالنسبة له لا يستطيع العيش بدونه و الا لتركه و شأنه. لاحظ، الأسود لا تؤذي الطيور الصغيرة و الحشرات لأنها لا تعتبر طعاما بالنسبة لها، بينما المسلم لن يتردد في قتل الغراب ليس لكونه طعام بل لمجرد أن رسوله امره بذلك! اقرأوا الحديث التالي من صحيح النسائي:
أخبرني عبد الرحمن بن خالد الرقي القطان، قال حدثنا حجاج، قال ابن جريح أخبرني أن عائشة قالت قال النبي صلعم: "خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحل و الحرم الكلب العقور و الغراب و الحدأة و العقرب و الفأرة."
اذن من منظور اخلاقي اسلامي الغراب فاسق و يجب قتله و نفس الشيء ينطبق على الحدأة! البهائم في الإسلام فاسقة! يعني الغراب و الحدأة يعاقران الخمر و يلعبان الميسر و يمارسان الزنا لذلك وجب قتلهم! هذه هي الأخلاق في الإسلام. طبعا في الواقع هذه ليست معايير اخلاقية على الإطلاق انما مجرد مزاج محمد البدائي و المتأثر بتطير العرب من بعض الكائنات و نسب قيم الخير و الشر لها. حتى البريعصي (الوزغه) لم يسلم منه.
هل التعذيب أخلاقي؟ اذن لماذا تستخدمه الأديان؟
استخدم الإنسان التعذيب كجزء من عملية تنظيم السلوك الإجتماعي و فرض السلطة لكن هناك مشكلة بيولوجية في ذلك. لو استمر الإنسان و بشكل واسع في استخدام التعذيب و القتل لقضى على الفصيلة برمتها مع الزمن. فالتعذيب له كلفة بيولوجية عالية على الفصيلة متى ما كان الوسيلة الوحيدة لتنظيم السلوك الإجتماعي و استخدم في كل صغيرة و كبيرة. هنا جائت الأديان بدورها كبروكسي غير مباشر للتعذيب. كيف؟
الإنسان اسقط نزعته لإستخدام العذاب و الثواب على كائن آخر له خصائص خارقة و لا يمكن رؤيته او التعامل معه الا من خلال رسل او مراسلين. طبعا هذا لا يعني ان التعذيب اختفى مع ظهور الأديان. بالعكس، فمعظم التعذيب في تاريخ البشرية في الألفين سنه الماضية كان مرتبط بالدين. ما اضافه الدين هو انه جعل التعذيب مقنن و محصور بفئات معينة تسمى مرات هراطقة و مرات اخرى كفار او مرتدين او عاصين و يعتمد حجم التعذيب على مقدار الخطر الذي يشكله المعذب على عقيدة الإله الخارق التي يهيمن عليها من يمسك زمام السلطة. اما من يطيع رجال الدين فعذابه نفسي عن طريق الشعور بالذنب و الخوف من المجهول.
يقول الكثير من العلماء مثل روبرت هند و مايكل شيرمر و مارك هاوزر و غيرهم ان مفهوما الخير و الشر و رديفيهما الجيد والسيء لهم جذور داروينيه. كيف؟ تقوم نظرية داروين للنشوء و الإرتقاء على مبدأ "الإختيار الطبيعي". بإختصار، الإختيار الطبيعي يعني ان الطبيعة سوف تكافئ الكائنات التي تتأقلم معها بمنحها فرصة البقاء، لذلك الكائن الناجح يكون مدفوع بغريزة البقاء فلا يقوم بأي سلوكيات تهدد بقائه و يندفع للقيام بسلوكيات تعزز بقائه. هذه الأخيرة اسهل تفسيرا من التي قبلها، فالإنسان يأكل و يشرب و يمارس الجنس من اجل البقاء و هذا مبرمج فيه على شكل غرائز تكونت مع مرور الوقت و المحاولة و الخطأ فأصبحت شعور تلقائي لا يحتاج الى التفكير (مثل الجوع و الإثارة الجنسية). فمن لم يأكل اجداده بشكل مناسب ليس موجود بيننا اليوم لكي يفسر لنا لماذا لم يأكل اجداده بشكل مناسب. الطبيعة تكفلت به عن طريق القضاء على تسلسله الجيني. اذا كنت تقرأ هذه الكلمات إعتبر نفسك محظوظا فأجدادك اكلوا و مارسوا الجنس بشكل حاز على رضا الطبيعة فكافأتهم بوجودك.
الأكثر تعقيدا هي السلوكيات التي نمتنع عنها. لماذا يمتنع الإنسان عن القيام ببعض السلوكيات على الرغم من انه قادر عليها و ما علاقة الطبيعة بالموضوع؟ اسأل نفسك: كيف تشعر عندما ترى طفل جريح و يبكي بغض النظر عن هوية الطفل او انتمائه؟ هل تقول لنفسك: "لحظه، سوف ارجع الى القرآن لكي يقول لي كيف يجب ان اشعر في مثل هذه الحالات؟" الجواب هو طبعا كلا، سوف تشعر غريزيا و بسرعة بالتعاطف و الألم لحال هذا الطفل. حتى بالعامية نقول "قلبي عورني (اوجعني) لحال هذا الطفل." لاحظ، حتى التعبير يشير الى عضو بيولوجي في بدنك.
لا، هذا ليس الدين، هذه غريزة البقاء عندك. بيولوجيا، هذا الطفل هو طفلك لأنه ينتمي الى نفس حقل الجينات الذي تنتمي اليه انت، فأي تهديد لبقاءه هو تهديد محتمل لبقائك انت. غريزيا، جسدك يستجيب للموقف دون تفكير و هذا ما يفسر نزعة انقاذ الغريق حتى و ان لم تكن سباح ماهر. جهازك العصبي لا يقوى على تحمل مشاهدة انسان يغرق. لن تستطيع مقاومة هذه الغريزة لأنها جزءا منك فغرقه هو غرقك بالنسبة لجهازك العصبي. طبعا هذا التأثير سوف يكون اقوى متى ما كان الغريق مرتبط بك جينيا بشكل مباشر كأن يكون ابنك او بنتك. هنا سوف تقفز في الماء حتى و ان كنت لا تعرف السباحة.
اما اذا كنت من النوع الذي يتلذذ بمشاهدة انسان يموت امامه فإنت سايكوباث و هكذا اصنف جميع المسلمين الذين يذهبون الى حفلات إعدام المجرمين في قصرنايف مصورين الحدث بتلفوناتهم المحمولة. اخلاقيا لا فرق بين هؤلاء و المجرم المعدوم، كلها مسألة ظروف و فرص سانحة و دوافع. كل واحده من هؤلاء المحجبات و المنقبات الذين يزغردون لموت المعدوم لا تمانع اخلاقيا من قتل خادمتها او حرقها بماء النار متى ما سمحت الظروف و توافرت الدوافع. لذلك الإنسان الأخلاقي يمتنع عن الذهاب الى حفلات الإعدام و لا يتردد في انقاذ انسان يغرق بينما الإنسان المتدين يفعل العكس متى ما كان الغريق كافر و لا يوجد ثواب مرتقب من قبل الكائن الخارق المسمى الله.
الأديان تفسد الأخلاق
المقزز بالموضوع ان الأديان جاءت و عكست الغريزة الإنسانية الصافية فجعلت المسلم يتلذذ بموت اليهودي و السني يبتهج بقتل الشيعي و هكذا خلقت كراهية مكتسبه بفضل الدين. بإختصار، الأديان افسدت الإنسان اخلاقيا و ليس العكس. هل سمعتم بملحد فجر نفسه وسط سوق الخضار قاتلا معه ثلاثين مسلم؟ لا بل هل سمعتم بملحد آذى اي انسان جسديا لأي سبب؟ و رجاء لا يقفز احدكم و يذكر اسم ستالين و هتلر و موسوليني فالعقائد الفاشية هي مجرد اديان بشكل آخر و لا علاقة لها بالإلحاد.
الخلاصة
الأخلاق من المنظور الديني هي اتباع تعاليم الدين فقط لا غير فإذا كان دينك يدعوا الى قتل المرتد فإن قتلك لإنسان بريء يعتبر عمل اخلاقي و سوف تكافئ عليه من الكائن الخارق المدعو الله. طبعا هذه انتهازية شريرة و ليست اخلاق فالدين يستغل الإنسان لقتل اخيه الإنسان لإرضاء رجال الدين و ليس لمن يسمى الله اي علاقه بالموضوع لأنه ببساطة غير موجود. الله هو مجرد اداة يستغلها رجال الدين للتحكم في سلوك البشر و الا بذمتكم هل يحتاج الله لمحمد العوضي ليوصل رسالته الأخلاقية للبشر؟ هل هذا المعتوه هو افضل ما عند الله؟ اين علماء هارفارد و اوكسفورد و ستانفورد؟ لماذا يختار الله حثالة المجتمع ليكونوا ممثلين له؟ الجواب: انها المادة و الوجاهة! سبب انجذاب الحثالة للعمل الديني المنظم هو المردود المادي و المعنوي المتمثل بالشهرة و الإرتقاء بالمكانة الإجتماعية من لا شيء، فالكل يناديك شيخ و انت لا تصلح حتى أن تكون كاشير في السوبر ماركت الذي تذيع رسالتك امامه.
نوافكو
http://nawafco.blogspot.com/2007/10/blog-post.html