عابد الهوى قد كان طلب إلينا أن نجيبه عن نقطة فنقطة، وأن لا ننتقل من نقطة حتى نفرغ من أختها، وإنا إذ نخالف هذا نكون قد أسأنا إلى أنفسنا أمام القراء الكرام وغير الكرام، وقد نسي هذا المسكين أن هذا الأمر هو من فعله ولا زال يفعله لا نحن، وإليكم أيها القراء بعض ما فعله هذا العابد للهوى مذ وضع رجله في هذا الموضوع وحتى يومنا هذا. إليكم ما وقع فيه من تناقضات عجيبة ومصائب كبيرة، لم يعتذر عنها ولن يعتذر، فما عرف عن عباد الهوى اعتذار عن الخطأ أو ندم، والذي صنيعهم أقرب ما يكون من صنيع حبيبهم إبليس، إذ يقول الله تعالى حاكيا عن حاله لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام: (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، وهذا كلامنا نوجهه للقراء إن كان ثمة من بقي ليقرأ في هذا الموضوع الذي هو في حقيقة الأمر في عرف أهل الاصطلاح موضوع، بعد أن تبين أن حجج عباد الهوى واهيات، لا تزيد عن وصف الواصف لها بأنها مجرد ترهات:
أولا: قد طرح عابد الهوى هذا تسع مداخلات في يوم واحد، بل في ساعة واحدة، بل وفي أقل من عشر دقائق، وطرح فيها من الأفكار الغريبة العجيبة ما لا يحتملها إنسان ولا يحملها بحال من الأحوال قبان، ومن ذلك:
http://www.nadyelfikr.net/index.php?showtopic=45819&st=0
1- قوله في كتب الروايات أن بعض القوم يسميها "السنة" ولم يبين لنا حتى يومنا هذا من هؤلاء البعض الذين يصفون كتب الروايات هكذا على الإطلاق بأنها كتب سنة!
2- تعريفه السنة بأنها ما ثبت بالدليل القطعي اليقيني، ومن ثم نص على أن الآحاد إنما هو في حكم الظن والاحتمال، وعليه فهو على تعريفه هذا لا يكون سنة بحال من الأحوال، وهذا ما لا يوافقه عليه عاقل من العقلاء، ذلك أن السنة جلها ثابتة بالآحاد الظني لا بالتواتر القطعي.
3- ادعاؤه الباطل الذي لم يعتذر عنه حتى يومنا هذا رغم طلبنا اللحوح منه بهذا الخصوص مرات ومرات، ادعاؤه أن التدوين لما يصفه بالتعليم الشفهي قد بدأ في القرن الثالث الهجري، فذكر الكتب الستة، وهو بهذا يخلط بين التدوين والتصنيف، بل لا يعرف أن من المصنفات ما كتب قبل هذا الزمن بقرن تام، والتدوين كان قبله بزمن وزمان، وجئنا إليه نسأله عن وفاة الإمام مالك صاحب الموطأ فلم يجب، وسألناه عن وفاة معمر صاحب الجامع فلم ينبس ببنت شفة، ونحن مع هذا نهادنه ونسالمه، وهو يستغبي القراء ويظننا عنده من الجاهلين فيطالبنا بالاعتذار إذ نصفه بأنه عابد هوى وهو أشد وأنكى من هذا الوصف بكثير!
4- تدليسه الواضح الفاضح، في إدخاله كلامه ذاك المُحرَف، في كلام ذاك الموقع الحديثي الذي أضاف لنا رابطه ليغرنا بدقته وأمانته، وذلك في قوله: "وهذا النوع يمثل السنة العملية لرسولنا"، وهذا ما لم يقله ذاك الموقع أبدا، بل هو ادعاء باطل من صاحبنا أدخله في كلام أولئك القوم، وقد طالبناه بالاعتذار عن هذا الفعل الأثيم في المداخلة 148 ولكنه أبدا لم يعتذر وحتى يومنا هذا.
5- خطؤه الشنيع الآثم في اعتبار المتواتر المعنوي بأنه العملي، وجعله العملي بأشكاله متواترا معنويا، وهذا لا يصح بحال، ذلك أن من المتواتر المعنوي ما ليس بعملي كحديث: (إنما الأعمال بالنيات) فإن معناه قد تواتر في الحديث الشريف، في مواضع عديدة وبألفاظ مختلفة تحمل ذات المعنى، وليس هو من العملي ولكن من النظري، كما وقد يكون بعض العملي ليس بمتواتر أصلا، فالخلاف في كيفية الصلاة من مثل وضع اليدين والإسبال، ورفع اليدين عند التكبير، وعند الإحرام وفي الانتقال، وقراءة الفاتحة خلف الإمام وجهره بالبسملة وتركها عند بعض العلماء، فالخلاف في كل ذاك كبير لا يسع العاقل أن يقول إن ذاك متواتر رغم أنه عملي، وهذا من أخطائه الشنيعات التي بنى عليها بنيانه الفاسد، الذي لا أجد في حاله أجمل من الوصف الذي وصف رب العزة في القرآن الكريم حيث قال: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين). اللهم فعليك بالقوم هؤلاء الباغين المعتدين، الذين يؤسسون لطعن الدين، قاصدين في صنيعهم تقديس الهوى الذي أهلك الشيطان ومن غوى.
6- خطؤه الشنيع الأثيم، وتدليسه الفادح الخطير، إذ يأوي لنقد متون الحديث، وفق منطق إبليس اللعين: (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) والذي هو بفعله هذا ينحدر إلى مرحلة في الهوى خطيرة، نهايتها آخر المطاف شنيعة، وتعديه الآثم الجلي في حق علماء الحديث ومحاولاته التقليل من شأنهم وقدرهم لهو أشنع وأخطر وأعظم، إذ يقول: "ويخطئ البعض عندما يعتقد أنه إذا صح السند صح المتن بالتالي" ولا أدري من هؤلاء البعض، ولا أدري من هذا الذي يستحق أن تتكلم عليه، وهو في الحقيقة لا وجود له بين أهل الحديث، فإن في السند شروطا وفي المتن كذا عندنا نحن المسلمين، فلا يصح حديث عندنا أمة الإسلام إلا بعد تحقق تلك الشروط وانطباقها، وحيث تنطبق من عالم جليل إمام كبير، كالبخاري، يسلم له أهل زمانه من رجالات الحديث، انطباق تلك الشروط والقوانين، فإن أحدا من جهلة هذا الزمان لا يحق له الطعن في تلك الأحاديث العظام، بل الرأي أن طعن الجاهل فسق وفجور، بل وضلال وبغي وثبور، فإن الرويبضة أسوأ على أمة الإسلام لعلهم من إبليس ذات نفسه بجلالة قدره عند أهله، رجال الحديث لما يحكمون على حديث بأنه صحيح فإنما يعنون سلامة المتن والسند لا السند وحده فلا تخلط يا فتى.
7- جهله في فهم مصطلحات علماء الحديث، بل جهله وربي الفاضح الكبير، في فهم علم الحديث، الذي جعله الله تعالى حجة على العالمين، لا يُجّهل أهله إلا من كان الله تعالى أضله، فتراه يأتي إلى مصطلحات من مثل: "إسناده حسن" أو "إسناده صحيح" أو "رجاله ثقات" ليقول إنهم أهل الحديث بهذه المصطلحات يصححون الحديث، وقد جهل هذا الكائن العجيب أن الحديث الصحيح من شروطه سلامة السند قبل المتن، من الشذوذ والعلة، وهذان أمران لا يتوقفان على عدالة الرجال وضبطهم بحال من الأحوال، ومن فساد قوله وادعائه الباطل الذي اعتاده منهجا من أول طرحه وحتى يومنا هذا قوله في مداخلته الثانية التي ما بينها وبين الأولى أكثر من دقيقتين اثنتين: "فهذا الحديث -يعني حديث رد الشمس لعلي- صححه الطحاوي، والقاضي عياض في "الشفا" والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج8، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ج9". وهذا الكلام فاسد من أوله وحتى آخره وفيه ما فيه من كل أنواع الفساد التي لا تخطر على قلب إنسان، وأهم ما فيه الجهل مع الكذب والتدليس، فإن أحدا من هؤلاء الذين ذكر لم يصحح الحديث، بل جهل بعضهم بعض الرجال كما عند الهيثمي -والبعض للتبعيض- وحسن بعض آخر الإسناد دون تصحيح الحديث أو حتى القول بحسنه كما عند ابن حجر، وبعضهم ما ذكر شيئا عن صحة إسناده ولا غيره، ومع هذا يدعي صاحبنا تصحيحه للأثر وتحسينه!
8- اعتماده على أصل فاسد باطل، في آخر مداخلته الثانية ومع بداية الثالثة، يقرن بينه وبين اختبار قد جرى لأحد الصحابة العظام، زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فتراه يأتي على هذا الأثر -رد الشمس لعلي- الذي ما صححه من ذكر إلا في وهمه وخياله وادعاء شيطانه، ليجعله أساسا يقرن بينه وبين ما وقع لأبي موسى مع ابن الخطاب عمر، وهذا جهل فاضح وإثم كبير واضح، لا يخفى وربي على عاقل، فذاك أثر لا نعرف سلامته وهذا نجزم بصحته، وذاك قد ثبت لنا أن في إسناده ما قد يخل به من تشيع ونحوه، وهذا لم يثبت به شيء من هذا القبيل أبدا.
9- خطؤه الشنيع وإثمه الكبير، في جعله تثبت عمر من كلام أبي موسى لأجل أن راويه كان رجلا واحدا، وقد نسي هذا المسكين أن هذا الأمر ما كان ليطلب إلا ممن جُهل ضبطهم في الرواية وما عُرف حفظهم للحديث، وإلا فإن عمر ما كان ليطلب على كلام أبي بكر أو عثمان أو علي مثلا حجة أو برهانا، ذلك أنه يعرف ضبطهم ويثق في حفظهم، وعلى هذا فلا علاقة لرواية الرجل الواحد بما ذكرت، بل الأمر لا يعدو كونه اختبار معرفة لضبط الراوي والذي من بعده يقبل الأثر وإن كان نقله بعدها وحده.
10- فهمه القاصر الضعيف، لمصطلحات أهل الحديث، ومن ذلك تسمية الغريب عنده بالآحاد والآحاد بالغريب، والغريب أو الفرد من غير ما تفصيل هو ما يرويه شخص واحد، ولكن الآحاد قد يرويه عشرة وقد يرويه أكثر، ولكنه يظل آحادا في عرف أهل الحديث إن لم يجمع شروط المتواتر، الذي على رأسها: ما أحال العادة العقلية تواطؤ نقلته على الكذب.
وغير هذا كثير ولكن الكسل لا يسعفني في بيانه.