نموذج حى من الزمن الجميل قبل اعتلاء المتعصب شنوده للكرسى الباباوى يوضح كيف كانت تسير الأمور بين المسيحيين والمسلمين فى مصر :
فريدة الشوباشى لـ«المصرى اليوم»: لم أعش طفولتى وبدأت العمل فى سن ٩ سنوات من أجل أسرتى
تنطلق كلماتها مجيبة عن أسئلتك دونما توقف للتفكير أو المراوغة أو تقليل صدمتك من الإجابة، تتجاوز فى الحديث حدود الزمان والمكان فتستشهد بوقائع من الحاضر والماضى لتثبت لك صحة وجهة نظرها، ليس لديها حقائق مسلمة فالصواب والخطأ يظلان على حالهما إلى أن يثبت عكسهما، وحياتها أكبر دليل على ما تؤمن به من مبادئ ترفض التنازل عنها أو التفاوض عليها لأى من كان، وهو ما تبرره بالقول: «لم أرد طيلة حياتى إلا أن أكون أنا، لا أدعى أننى الأصح ولكننى لم أفعل إلا ما آمنت به، وقد دفعت ثمن هذا أكثر من مرة»،
هكذا هى فريدة الشوباشى التى لم تعش طفولتها لأنها عرفت طريق العمل للمساعدة فى الإنفاق على الأسرة منذ كان عمرها ٩ سنوات، وهى التى أصرت على الزواج بيسارى مسلم ابن ذوات رغم معارضة أسرتها المسيحية، وفى غياب الزوج فى المعتقل، أقنعها الخليفة «عمر بن الخطاب» بجوهر الإسلام بعد زواجها بخمس سنوات، فأسلمت من دون ضجة، تقول أننا نعيش عصر التقزم فى كل شىء، بعد أن حلت أسماء لا محل لها من المصداقية والموهبة، بدل أخرى عظيمة أثرت حياة المصريين والعالم.
وهكذا ما بين الماضى والحاضر كان الحديث مع «المصرى اليوم»، فإلى نص الحوار.
■ يعرفك الناس ككاتبة ومقدمة برامج تؤمن بالفكر الناصرى، وتكسبك لغتك الفرنسية المميزة بعض ملامح الأرستقراطية، ولكن من هى فريدة الشوباشى؟
- أنا ناصرية النزعة والهوى عن قناعة لا عن تحيز، أما لغتى الفرنسية فقد تعلمتها بسبب دراستى فى إحدى مدارس الراهبات فى حلوان فى الأربعينيات، فقد ولدت فى العام ١٩٣٨ فى أسرة مسيحية تعود جذورها لمركز «القوصية» فى صعيد مصر، كان والدى يمتلك عدداً من السيارات تعمل لنقل الركاب بين حلوان والمعصرة، وفى يوم تغيرت معالم حياتنا بعد انقلاب إحدى تلك السيارات بمن فيها من ركاب فى حادث على جسر المعصرة، بسبب الحمولة الزائدة فى السيارة، ونتج عن الحادث إصابة جميع الركاب بعاهات، وأقيمت دعاوى قضائية ضد أبى مالك السيارة، فلم يكن أمامه سوى بيع كل ما يملك من سيارات حتى مصاغ أمى وأثاث البيت، لسداد التعويضات. انحدر بنا الحال بشدة لدرجة أن أبى فكر فى إخراجى من المدرسة، إلا أن جدى لأمى أصر على التكفل بنفقات دراستى لأننى كنت طالبة مميزة.
لم أكن أدرك وقتها سبب التميز، ولكن كان الله قد منحنى نعمة الذاكرة البصرية، فأنا لا أقرأ الدرس سوى مرة واحدة ويدخل عقلى دون أن يخرج منه. فتفوقت من دون مجهود يذكر، وكنت دائما الأولى، وبدأت وأنا فى عمر ٩ سنوات إعطاء البنات الأصغر دروس فى اللغة الفرنسية، مقابل ٥٠ قرش فى الشهر. لم أعش طفولتى.
وكان الطلب يزداد على كل يوم لدرجة أننى وعمرى ١٤ سنة كنت أعطى الدروس بالساعة ووصل أجرى وقتها ٨٠ قرشاً، كنت أعطيها كلها لأمى ومن هنا تولد لدى الإحساس المبكر بالمسؤولية. كنت أخرج من المدرسة وأؤجر عجلة بالمجان من محل بجوار المنزل مقابل مساعدتى لابنة «العجلاتى» فى دروسها، آخذ العجلة وألف بها على بيوت البنات لإعطائهن الدروس.
لم يصبنى فى أى لحظة إحساس النقص أمام بنات البهوات والبشوات والأجانب ممن كن معى فى المدرسة، منحنى الإحساس بالمسؤولية والتفوق نوعاً من التوازن النفسى، فلم أشعر برغبتى فى شىء.
وظللت على هذا الحال حتى وصلت لمرحلة تعادل الإعدادية الآن، وقتها كان أخى بحاجة للالتحاق بمعهد «الدون بوسكو» الإيطالى، فخرجت من المدرسة لألتحق بالعمل فى شركة أسمنت «بورتلاند» السويسرية فى حلوان. وقتها كان عمرى ١٦ سنة وكانوا بحاجة لموظفى حسابات يجيدون الفرنسية فتم تعيينى براتب ٢٠ جنيها عام ١٩٥٧، وكان مبلغاً لم نحلم به فى المنزل وقتها.
■ لم تفكرى فى إكمال تعليمك وأنت تعملين؟
- كان العمل فى الشركة يستغرق كل وقتى، وبخاصة أنهم اختارونى لتعلم الكمبيوتر، وقتها كان حجمه غرفة كاملة، وكان حدثاً ولكن ساعدتنى ذاكرتى البصرية فى استيعاب علومه وبدأت فى تدريب زملائى على العمل عليه، وانتقل معى تميزى الدراسى لشركة الأسمنت. ومن هنا تعرفت على زوجى الراحل على الشوباشى الذى كان قد قرر العمل هو الآخر فى نفس الشركة رغم دراسته بكلية الحقوق، وثراء عائلته، ولكنه كان ماركسياً يؤمن بالطبقة العاملة والعدالة الاجتماعية فرفض أن تنفق أسرته عليه. كان على جذاباً تلفت وسامته أنظار كل العاملات فى الشركة، ولكنه بالنسبة لى كان مجرد زميل ثم صديق. لم يكن يخطر ببالى أن أتزوج وقتها من مسلم.
■ إذاً كيف حدث الزواج بينكما وكيف أقنعت أسرتك به؟
- كانت الصداقة تتوطد بيننا، وكانت الثقافة الدعامة الرئيسية فى علاقتنا وساعدتنى لغتى الفرنسية فى قراءة الكثير من أعمال كبار الأدباء الفرنسيين. حتى وقع العدوان الثلاثى ووجدت على يخبرنى بتطوعه مع الفدائيين فى منطقة «طويحر». فزاد إعجابى به، بعدها وجدته يرسل لى خطابات يحكى لى فيها عما يفعله هناك. وبعد عودته زادت مساحة التقارب بيننا حتى كان يوم صحبنى فيه على فى رحلة عودتى للمنزل بعد انتهاء العمل. وقال لى: «هل تعلمين أننى مُعجب بك؟
فأجبته: وأنا أيضاً. فأضاف:» وهل تعلمين أن هذا الإعجاب من الممكن أن يتطور إلى حب؟ فرددت: نعم. فقال لى: إذاً أنا أحبك. فأجبته: وأنا أيضاً. كانت تلك اللحظة أسعد لحظات الحياة، لدرجة أننى تركت على وأسرعت إلى المنزل وأخبرت أمى ببساطة، فقامت الدنيا ولم تقعد يومها. وأخذت علقة ساخنة من أمى التى ضربتنى ضرباً مبرحاً، لا من باب أننى مسيحية وهو مسلم، ولكن من باب الخوف من المعايرة فى المجتمع وبين أفراد الأسرة.
■ ولماذا لا تكون من باب التعصب لدين. وهذا أمر طبيعى لدى المسلمين والمسيحيين؟
- لم يكن الأمر كذلك، لأن ثقافة المجتمع وثقافتنا فى البيت كانت ثقافة إسلامية. رغم المسيحية التى ندين بها، فلم نأكل فى رمضان على سبيل المثال إلا مع أذان المغرب مع الجيران، وفى العيد تعمل أمى الكعك وتشترى لنا ملابس العيد، حتى عندما كانت تدعى لى أو تدعو علىّ، كانت تنتظر الأذان وتقول «بحق ده الأدان»، المجتمع أيضاً لم يكن متزمتاً ومتعصباً، ففى فصلى بالمدرسة كان هناك ثلاث بنات يحملن اسم «فريدة» ويفرق بينهن اللقب الذى يعبر عن الديانة، فواحدة ينتهى باسم «ليشع»، وأخرى بـ«عبدالله»، وثالثة بـ«جورج».
وتلك هى عبقرية مصر أن تجتمع بها الديانات الثلاث. وأذكر أن أبى قال لى إن عائلتنا الصعيدية ستعايره لو تزوجت على، فأجبته أنه ما باليد حيلة لأننى لو تزوجت رجلاً آخر وقلبى مُعلق بعلى، فسأكون خائنة فى نظر نفسى، وهو ما أرفضه». فضربتنى أمى علقة ساخنة أخرى تركت آثارها فى وجهى، وأخبرتنى أننى «سأترك العمل فى نهاية الشهر وأرتبط بنصف إكليل مع شاب تقدم لى وقتها».
فذهبت فى اليوم التالى للشركة وشاهد علىّ آثار الضرب على وجهى فتأثر وطلب منى تحديد موقفى فى الحال، إن كنت أقبله كزوج، فوافقت ورتبنا كل شىء، وبعد عدة أيام تركت رسالة لأسرتى فى المنزل أخبرهم أننى ذهبت لأتزوج «على»، فباتوا أمام أمر واقع ولكن كانت لديهم قناعة بفشل زواجى للفارق الطبقى بين عائلتى المتوسطة وعائلته الأرستقراطية، ولكونه مسلماً وأنا مسيحية، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث. على العكس تقاربنا أنا وعلى بعد الزواج صرنا روحاً واحدة.
لذا فوجئت فى أحد الأيام بعد نحو ١٠ أشهر من الزواج، وأثناء خروجى من البيت بمن يكمّم فمى ويحملنى فى سيارة وتوجهت بى لمكان لا أعرفه، ووجدت نفسى أمام أسرتى وحاولوا إقناعى بطلب الطلاق من على فرفضت، وحاولوا نزع الدبلة من يدى فتمسكت بها بعنف، فأخرجوا مسدساً ووضعوه فى رأسى وهددونى بالقتل، فتشبثت بموقفى، ورفضت حتى التظاهر بقبول رأيهم، تلك هى قناعاتى ألا أفعل شيئاً إلا وأنا مؤمنة به مهما كانت النتيجة. فأخذونى على منزلنا وحبسونى فى غرفتى، وكانت الوحيدة المتعاطفة معى شقيقتى التى أخذت ورقة كتبتها لعلى أخبره فيها عن مكانى وأعطتها لأحد أصدقائه لتوصيلها له. فجاء على بقوة من الشرطة وأخذونا جميعا على القسم حيث وقعت أسرتى على تعهد بعدم التعرض لى.
■ وكيف جاء قرارك باعتناق الإسلام؟
- كان على قد اُعتقل فى عام ١٩٥٩ بتهمة الانتماء لتنظيم سرى، وكنت أكتب له رسائلى بالفرنسية التى لا أعرف غيرها لغة للكتابة، وفجأة قررت سلطات المعتقل عدم استقبال المعتقلين خطابات بغير العربية. فطلب منى على إكمال تعليمى، وهذا ما حدث كنت أعمل وأزور على فى سجن الواحات وأذاكر، وحصلت على الإعدادية ثم الثانوية العامة والتحقت بكلية الحقوق.
لم يكن لدى أى مشاعر ضد أو مع الإسلام، لكن فى عام ١٩٦٤ كان الأستاذ سلام مدكور يدرس لنا أصول الفقه الذى تعامل مع عقلى وقناعاتى كما ملكتنى شخصية عمر بن الخطاب وطريقة حكمه وعدالته ونظرته للحياة.
فقررت اعتناق الإسلام دون تدخل من أحد، ولا يعنى إسلامى انتقاصاً للمسيحية ولكننى وجدت فى الإسلام إجابات لأمور كنت أفكر فيها منذ صغرى. مثل مبدأ إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر» الذى طُردت بسببه فى المدرسة لأننى قلت للراهبة رأيى فيه لأننى لا أسمح لأحد من الأساس أن يضربنى، وإذا ضربنى لابد أن آخذ حقى.
وفى اعتقادى أن الديانات الثلاث جاءت لتكمل بعضها البعض، لأن كل ديانة نزلت على البشرية لتسن شرائع الله بالتدريج وتقود الإنسان إلى علاقة مميزة مع الله. ولم يؤثر إسلامى على مواطنتى أو جيناتى ولا أسمح لأحد بالمزايدة على إيمانى. أنا أحب أن أكون ذاتى ولا أسعى لمكاسب من وراء ما أؤمن به، بمعنى أننى ما زلت أعلن ولائى لعبد الناصر دون طمع فى مكسب، كذلك جاء اعتناقى للإسلام، كنت فى المسيحية أقول «أبانا الذى فى السماء» والآن أقول «بسم الله الرحمن الرحيم».
■ بمناسبة الحديث عن عبدالناصر، ألم تشعرى بالغضب منه بعد اعتقال زوجك؟
- طبعاً كنت أشعر أنه اغتصب حرية علىّ وحرمنى منه، ولكن كان اعتقاله بالنسبة لى مبرراً، لأنه كان عضواً فى تنظيم سرى، وأنا قلت هذا الكلام لعلى. غضبت من عبدالناصر لحبس زوجى ولكننى كنت أراه كسلطة على حق.
كان الشيوعيون يتكلمون عن أمور لا علاقة لها بالواقع، وناصر كان يمنحنا المشروع القومى والحلم، لقد زاد إدراكى لعظمة ناصر بعدما شاهدت حالة الكراهية الشديدة التى يُكنها له الإعلام الغربى عبر إذاعاته التى تابعتها ففكرت أنه لا يمكن للغرب أن يكره شخصاً إلا إذا كان هذا الشخص يعمل ضد مصالحه، فأصبحت ناصرية يوم ٩ يونيو ٦٧ عقب خطاب التنحى، كان الغرب يتحدث عن انتهاء ناصر وتركه السلطة وكأنه قرار غربى، فقلت: «لا مع ملايين المصريين» لنقول «لا للغرب».
ناصر كان فى قلب الهزيمة ولم يترك منزله ولم يهرب ولم يختبئ فى حفرة ولم يكن عميلاً فى يوم من الأيام. هناك لحظات تخلق الزعماء. توقعوا فى الغرب أن يثور الناس ويسقطوا ناصر ويحاكموه، ولكن خابت توقعاتهم مع خطاب التنحى، جرينا جميعاً للشارع نردد هتافاً واحداً لخص علاقة الشعب بناصر «إحنا الشعب أصحاب الحق أول مرة نقولك لأ».
■ ولماذا تركت مصر وسافرت لفرنسا مع زوجك؟
- قرر على السفر سنة ١٩٧٢ لباريس، كان يشعر أنه لن يتواءم مع نظام السادات. وأعطانى دكتور زهير جرانة أستاذ القانون الجنائى، وكانت زوجته عمة على، رسالة لدكتور محمود أبو عافية أستاذ القانون الدولى فى باريس للعمل معه فى مكتبه، ولكن لحظى قتل الرجل فى حادث سقوط الطائرة المصرية التى كانت عائدة من ليبيا وكان على متنها المذيعة سلوى حجازى وأطلقت عليها إسرائيل صاروخ لتنفجر فى الجو.
فشعرت أن الحياة تغلق فى وجهى كل الأبواب، إلا أن أحد أصدقاء على الفلسطينى كان يعرف المستشار الإعلامى للسفارة العراقية فى باريس، فأخذنى له لأعمل كمترجمة للصحف فى السفارة.
وكان على قد عرف طريقه لإذاعة مونت كارلو كمترجم، ثم انتقل لوكالة الأنباء الفرنسية، فقدمنى أنا للإذاعة بعد تركه لها فقبلونى واصفين حنجرتى بأنها مميزة كان ذلك فى نهاية عام ١٩٧٣.
وخلال عملى بمونت كارلو أصررت على مواقفى مثل تمسكى بنطق الجيم كما هى بلا تعطيش كما ننطقها فى مصر، ورفضى عمل لقاءات مع أى مسؤول إسرائيلى لأنهم قتلة رغم معاهدة السلام، كما كنت أرفض تكرار مصطلحات صدرها لنا الاحتلال، ومنها «الحزام الأمنى» وكنت أصر على قول «الشريط الحدودى الذى تحتله إسرائيل فى جنوب لبنان»، ورفضت عمل حوار مع شيمون بيريز. وهو ما عرضنى للمساءلة أكثر من مرة وحدثت معى الكثير من الضغوط انتهت بقرار تركى الإذاعة فى منتصف التسعينيات ولكننى كنت أنا لا أفعل إلا ما أؤمن به.
■ عاصرت عهوداً كثيرة كيف تصفين ما نحن فيه الآن؟
- نحن فى عصر التقزم فى كل شىء، الأسماء العظيمة التى عايشناها حل محلها أسماء ليس لها مصداقية أو رصيد أو علم. يكلموننا بلسان الحكومة، وكأنهم لا يرون حال الناس لا يفكرون فى آدميتهم حتى فى أبسط الأمور، كما يحدث عند مرور موكب أى مسؤول يغلقون الشوارع على من فيها دون الوضع فى الاعتبار مرض أو حاجة أى بنى آدم لدخول الحمام وكأننا لسنا مثلهم وكل يوم يتسع نطاق المبرر الأمنى الذى يبررون به فعلتهم حتى فقد معناه، وأخشى مجىء اليوم الذى يجبروننا على المكوث فى بيوتنا من أجل أن يتجولوا بحرية فى الشوارع! هم لا يعبرون إلا عن مصالحهم ومصالح السلطة.
■ أليس النظام إفراز المجتمع؟
- تقصدين أن المجتمع لم يعد فيه سوى هؤلاء؟ لا طبعاً لأن ما حدث على مدى سنوات طويلة هو إقصاء إجبارى للنخبة المثقفة سياسيا وأدبياً واقتصاديا، ابتعدوا من مقدمة الصورة فتلاشوا واختفوا. قدمنا المتطرفين دينياً وفتحنا لهم الباب كبديل للشيوعيين فزاد الإرهاب الفكرى الذى أصابنا بالتخلف وبروز النعرة الطائفية.
ومن قال لك إنك غير مسلم؟ ولماذا لم تفكر فى مشاعر أكثر من ٤ ملايين مسيحى يشعرون بالتمييز فى بلد تتزايد فيه الأمية؟ بات لدينا نعرة دينية وطائفية لا فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله.
والأمريكان استغلوا تلك النعرة المميزة للشخصية العربية، يرددون لنا بين الحين والآخر عبارات من نوعية «الإسلام هو الخطر القادم» أو«خطر المد الإسلامى»، وهم يعرفون أن هذه أكاذيب هم من اختلقها حتى نستشعر خطرنا عليهم، وهذا وهم لأننا لا نمتلك مقومات التهديد بل على العكس فنحن نستورد منهم كل شىء بدءاً من حبة القمح التى يملأها السوس، انتهاءً بالأجهزة والأدوية.
فقدنا كل ما كنا ننتجه وبعناه فى الخصخصة وزادت الطامة، فلم نعد نزرع شيئاً، وما لدينا من رجال أعمال ليسوا سوى وسطاء يحملون لقب وكلاء لشركات عالمية، إذا كيف نكون مصدر تهديد للغرب؟ بات الدين لدينا مجرد طقوس خارجية نؤديها بلا إحساس لمعنى جوهرها الحقيقي. وتعصب كل صاحب دين لدينه بلا فهم حقيقى لمعناه غير واع أنه لا يمكن أن نستولى على حقيقة الله فى نفوسنا. وغير مدركين لحقيقة الخطر المتربص بنا دوليا لتفتيتنا وتحويلنا لدويلات لتحقيق أمن إسرائيل فى المقام الأول.
ونحن مشغولون فى القمامة وأنبوبة البوتاجاز، الرئيس فى أمريكا يُحاسب كل ٤ سنوات بتجديد الانتخابات ونحن كلما شكونا من شىء وجدنا من يقول لنا هذه أفعال عبدالناصر!
يا أخى ناصر مات من ٤٠ سنة، هو ناصر باع المصانع ، ولا مسؤول عن تدهور التعليم والصحة والأخلاق بين الناس؟ نحن بحاجة لإصلاح حقيقى قبل أن تغرق السفينة.
-------------------------------------
حوار مع الكاتبه فريده الشوباشى عن شهر رمضان " فيديو"
http://www.almasryalyoum.com/multimedia/...8%B4%D9%8A