أفيقوا أيها الأغبياء فأنتم لستم أتراك
كلما استعرضت الدور (التركي/العثماني) على مدى التاريخ ، كلما شعرت بالأسى لهذا الدور الذي لم يجلب في يوم إلا الأذى على سوريا وشعبها هذا إذا لم نذكر المنطقة .
فإذا ما تغاضينا عن فترة الاحتلال العثماني التي دامت لأربعمئة عام كادت أن تمحي الهوية العربية عموماً والسورية خصوصاً ، والتي مارس أبشع الجرائم في حق شعوبنا المحتلة . فإن الفترة التركية المعاصرة لم تكن بأفضل حال منذ قيام الجمهورية الأتاتوركية .
فمن من السوريين لا يذكر الحصار السياسي التركي لسوريا عبر عقود خدمة للمصالح الغربية ؟
من من السوريين لا يذكر مشكلة مياه نهري الفرات ودجلة مع تركيا وسوء توزيع الحصص من قبل تركيا في حق سوريا والعراق ؟
من من السوريين لا يذكر المشكلة الكردية التركية التي صدر قسم منها إلى الداخل السوري ؟
من من السوريين لا يذكر التعاون العسكري الإسرائيلي التركي الذي لا زال قائماً حتى الآن ؟
من من السوريين لا يذكر لواء اسكندرون وما أدرانا ما لواء اسكندورن ؟
حتى أنني أسأل هل حركت تركيا جيشها عام 1998 من أجل عبد الله أوجلان فعلاً أم من أجل مشكلة لواء اسكندرون المزمنة ؟
كنت حتى فترة وجيزة أتسائل عن سبب التقارب السوري التركي (من الجهة السورية) في الفترة الأخيرة ، وهل هو ناتج عن التقاء مصالح ؟ ، أم عن محاولة إعادة التوازن لدور سوريا من خلال التحليق بجناح "تركي" وجناح "إيراني" في المنطقة ؟ ، أما أنه اتقاء لشر الأتراك الذي لم ينقطع عن السوريين يوماً من الأيام ؟.
لقد كان حافظ الأسد شخصاً مؤدلجاً مهما اختلفت الآراء حوله ، مهما كرهناه أو أحببناه ، مهما اتفقنا معه أو اختلفنا ... وبالتالي كان أي مراقب لطبيعة العلاقات السورية التركية في عهده سيعرف أنه لا يمكن أن يحصل تقارب حقيقي مع الأتراك نتيجة التاريخ الذي سكن حافظ الأسد نحو الأتراك كما سكن كل أبناء جيله .
ذهب حافظ الأسد وذهب التاريخ معه ، وأتى تاريخ جديد ومروحة من الظروف و المصالح الجديدة التي حتمت على النظام في سوريا التقارب مع تركيا ... ليس أولها الانفتاح التركي نحو الجنوب ومحاولته استعادة المجد المندثر ، وليس آخرها محاولة سوريا فك الطوق المفروض عليها من الغرب .
في غمرة هذا التقارب كم كنت أسمع من المعارضة السورية ، عن موضوع تخلي النظام السوري عن لواء اسكندرون للأتراك ... حتى خيل لي أن المتكلمين أحرص على هذا البلد من النظام .
إلى أن حدثت الواقعة التي جعلتني أخرج عن صمتي اليوم وأقول أن "الكثير" من رموز المعارضة السورية ليست بياعة شعارات كغيرها وحسب ، بل وتتقن ممارسة العهر أكثر ممن ترميهم به !!.
وهنا اسمحوا لي أن أتحدث عن اجتماع الإخوان المسلمين وبعض رموز المعارضة السورية في أنقرة . لأقول للذين اجتمعوا في تركيا هل من المعقول أن تطبلوا وتزمروا صباح مساء عن لواء اسكندرون وكيف تخلى عنه النظام ، لتهرعون بعدها إلى أنقرة نفسها التي سلبت منا لواء اسكندرون عند أول عظمة ترميها لكم من أجل دور مرتقب لكم ولها في التغيير القادم !!.
ولو قسنا الأمور على مقياس عهركم الذي تمارسونه ، هل نستطيع أن نفهم أن حديثكم في الليل عن الجولان المحتل وكيف أن النظام لم يطلق طلقة على الجبهة منذ عام 1974 ، سيمحوه نهار استلامكم الحكم في سوريا لنجد بعدها أنكم أمناء على المصالح الإسرائيلية أكثر من غيركم .
السؤال المطروح والملّح ، من بمن سنبدل ؟
وهل يستحق هذا الاستبدال فعلاً دمائنا ودموعنا "كسوريين" يتوقون للحرية ؟
ولمن لقن هذه الطفلة التي سمعتموها وللشعب العربي "السوري" السعيد بالدور التركي (القديم الجديد) أقول ... لست مقنعاً بمطالبتك للحرية وأنت لا تدرك معنى الحرية ، ولا زلت تعتبر تحت ضغط أدلجة التاريخ باسم الدين أن نسل السلطان عبد الحميد على مر التاريخ الذي أنتج أربعمئة عام من القهر باسم الإسلام والسفربرلك والسادس من أيار واغتصاب لواء اسكندرون ، جدير بأن يكون منقذك لأنه قال كلمة يقصد من وراءها حصد دور سياسي يحقق مصالحه أولاً وأخيراً في الفترة المقبلة !!..
وإلى أن نصبح سوريين ، سأقول لكم تصبحون على حرية .