على العكس تماماً يا صديق رحمة ، الموقف الإسرائيلي يتمنى بقاء نظام الأسد في حالة أسفرت الثورة عن مجيئ حركات ثورية أو مدنية قد تبدأ بحملة سياسية ودوبلوماسية وقد تكون عسكرية لإستعادة الجولان من إسرائيل ، لأن الإخوان مثلاً لو وصلوا لسدة الحكم أو شكلوا النظام الجديد فإن علاقته مع حماس مثلاً لن تكون علاقة مصالح كما هي العلاقة الآن بل ستكون علاقة مبدأية وثيقة شديدة الوثوق .

الموقف الإسرائيلي من الثورة والنظام السوري متنوع ولا يمكن الإعتماد عليه ، هناك من يفضل نظام الأسد لأسباب إستراتيجية ، وهناك من يفضل اسقاطه كذلك ، فلا يمكن التعويل على رأي واحد في إسرائيل ، لأن إسرائيل دولة متنوعة فيها أقصى اليمين وفيها أقصى اليسار ، فنتنياهو الآن في الحكم وغداً تأتي ليفني ولكل منهما موقف مختلف - إعلامياً على الأقل - من عمليات السلام ومن المفاوضات ومن التحركات العربية .

يقول إيفي ايتام أحد جنرالات الجيش الإسرائيلي المتقاعدين ووزير الإسكان السابق عن الثورة السورية " النظام السوري الحالي هو أفضل صيغة حكم بالنسبة لـ"إسرائيل""، معتبراً أنه على الرغم من المواقف العدائية تجاه "إسرائيل" التي يحافظ عليها النظام السوري، إلا أنه يبقى أفضل من كل الخيارات الأخرى التي يمكن أن تحل مكانه في حال سقط " مع أن ايتام وساعر ويوسي كانا من أكثر النخب الإسرائيلية مهاجمة للنظام السوري سابقاً ، وفي ذلك يقول جدعون ساعر وزير التعليم في اسرائيل " التجربة العملية قد دلت على أن النظام السوري هو الأكثر التزاماً باتفاقات وقف إطلاق النار والهدنة، لقد التزم السوريون ووفوا بتعهداتهم بشأن تأمين الحدود المشتركة، لم يكن من الفراغ أن يسمح الهدوء بتعاظم البناء في المستوطنات اليهودية على هضبة الجولان، والذي أدى إلى تضاعف عدد المستوطنين فيها عدة مرات خلال أكثر من ثلاثة عقود " ، هذه المواقف أجملها الصحفي الفلسطيني صالح النعامي في مقال موثق له " هنا " ، كذلك علقت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها بأن اسرائيل تصلي لبقاء حكم الأسد .

بإختصار لا يمكن أخذ موقف إسرائيلي ما ونسيان باقي المواقف التي تعارضه ، فإسرائيل ممجوجة بحجم المحللين والمفكرين والخبراء والسياسيين ، وكل واحد منهم له رأي مخالف عن رأي سابقه ، وهذه ميزة تحسب لإسرائيل وإن كنا نعاديها ، فمثلاً تجد من يعتبر أبو مازن حمامة السلام المناسبة لإسرائيل والشريك الحقيقي في المفاوضات وتجد أيضاً من يعتبره أحد أخطر المفاوضين عليها على المستوى البعيد ، وكذلك تجد من يتحدث عن خطر حماس ومن يتحدث عن عدم خطرها ، هذه أمور معروفة لأصحاب الشأن .

من وجهة نظري ، النفس الثوري الذي أمد الثورة السورية الآن في جمهورية الخوف - هي الدولة العربية الوحيدة برفقة الجزائر والتي يوجد بها الاف المفقودين - سيصل للجولان عاجلاً أم آجلاً ، وأي نظام جديد لن تختلف سياسته الخارجية المتعلقة بالمقاومة ودعمها عن سياسة سابقه ، بل ربما تزداد وتتخذ شكل المبدأية وليس شكل المصالحية .

موقف الثورة من حزب الله كان بسبب موقف حزب الله من الثورة السورية ، فالحزب من وجهة نظري حاول أن يضبط تصريحاته رسمياً من الثورة ، إلا أن موقف إعلامه وأنصاره وكتابه من الثورة كان سلبياً جداً ، كما قال الإمام علي " ما أضمر أحدكم شيئاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه، وصفحات وجهه "

ولذلك أتمنى أن يبقى الحزب صامتاً بشكل كامل سواء إعلامياً أو رسمياً عما يحدث في سوريا ، فهي على الأقل ليست مشكلته ، وأن يحتفظ بخط الرجعة ، فأستغرب من حزب ذكي ومحنك كما عملتنا التجارب أن يتورط سلبياً في أحداث سوريا بهذا الشكل .